في 4 جانفي/ يناير 2022، أكدت تلميذة تبلغ من العمر 8 سنوات في ولاية توزر أن امرأة استدرجتها وقامت بحقنها بمادة مجهولة وهو ما تسبب لها في حمى وحالة من الهلوسة ما أدى إلى تحويلها إلى المستشفى الجهوي وفتح بحث تحقيقي في الأمر.

لكن الحادثة لم تكن معزولة بل تكررت حوادث أخرى مشابهة في عدد من الولايات منها تونس العاصمة وقفصة وسيدي بوزيد والمهدية وسوسة وتطاوين وكلها تروي تقريبًا المعطيات نفسها: "استدراج تلاميذ وحقنهم من قبل أشخاص تدعي أنها ضمن فريق من وزارة الصحة  وأنهم يقومون بتطعيمهم ضد فيروس كورونا".

لا يتعلق الأمر بحادثة معزولة بل تكررت في عدة ولايات وكلها تروي تقريبًا المعطيات نفسها: "استدراج تلاميذ وحقنهم من قبل أشخاص تدعي أنها ضمن فريق من وزارة الصحة وأنهم يقومون بتطعيمهم ضد فيروس كورونا"

في الأثناء، لم تقدم المؤسسة الأمنية رسميًا ما يؤكد أو ينفي هذه الحوادث الغامضة والمتكررة، من الشمال إلى الجنوب والساحل التونسي، وهو ما جعل الخبر يتأرجح بين الحقيقة والإشاعة إلى أن صدر يوم السبت 29 جانفي/يناير 2022 بلاغ رسمي عن الحرس الوطني تضمن تنبيهًا إلى أولياء التلاميذ إلى وجود عملية استدراج لأبنائهم عبر مدهم بالحلوى أو ما شابه من أجل حقنهم بتعلة التطعيم ضد فيروس كورونا.

اقرأ/ي أيضًا: تحويل وجهة تلاميذ وحقنهم بمادة مجهولة: الحرس الوطني يقدم آخر التطورات

وأكد الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني حسام الجبابلي في تصريح لـ"الترا تونس" أن 7 حالات تم تسجيلها في عدد من الجهات حول استدراج أطفال أمام المدارس وحقنهم وأشار إلى أن قضايا عدلية تم فتحها في هذه الحالات.

وكان الحرس الوطني قد أعلن عن الحالات التالية في الفترة الزمنية من 24 إلى 28 جانفي/يناير 2022:

1/باشرت الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل بالقصر قفصة قضية عدلية موضوعها تحويل وجهة قاصر من خلال اعتراض سبيل فتاة قاصر ومحاولة حقنها ومدها بقطع حلوى بمحيط المدرسة الابتدائية بلالة.

2/باشر مركز الحرس الوطني بالهيشرية سيدي بوزيد قضية عدلية موضوعها تحويل وجهة قاصر من خلال اعتراض سبيل فتاة قاصر من طرف 3 أشخاص على متن سيارة يقومون بمطاردة التلاميذ لمحاولة حقنهم.

3/تم إعلام إقليم الحرس الوطني بتطاوين عن تواجد سيارة على متنها شخصان متواجدة بالقرب من المدرسة الابتدائية بالمزطورية، يقومان بإيهام التلاميذ بأنهما يقومان بتلاقيح بمقابل مادي.

الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني لـ"الترا تونس": 7 حالات تم تسجيلها في عدد من الجهات حول استدراج أطفال أمام المدارس وحقنهم وتم فتح قضايا عدلية في هذه الحالات

4/ باشر مركز الحرس الوطني بكركر المهدية قضية عدلية موضوعها تحويل وجهة قاصر وتتمثل الحادثة في اعتراض سبيل قاصر بمحيط المدرسة الابتدائية بكركر الجم من طرف رجل وامرأة على متن سيارة "ستافات" ذات ترقيم أجنبي وأوهماه أنهما فريق تابع لوزارة الصحة ويقومان بإجراء تلاقيح في الوسط المدرسي.

5/ باشر مركز الحرس الوطني بالسواسي قضية عدلية موضوعها محاولة التغرير بقاصر وتتمثل الحادثة في اعتراض سبيل التلاميذ بمحيط المدرسة الابتدائية بالكساسبة السواسي ومحاولة حقنهم مقابل قطع حلوى.

6/باشر مركز الحرس الوطني بهرقلة قضية عدلية موضوعها تحويل وجهة قاصر من خلال اعتراض سبيل التلاميذ بمحيط المدرسة الابتدائية بهرقلة ومحاولة حقنهم.

وأكد الجبابلي، خلال حديثه لـ"الترا تونس" أن "المدارس هي من ضمن النسيج الأمني وقد تم تشديد المراقبة أمام كل المدارس بمختلف الجهات"، وفقه، داعيًا الأولياء إلى تحذير أبنائهم ودعوتهم إلى عدم التواصل مع الغرباء أو أخذ الحلوى أو أي أمور أخرى منهم.

كما أشار إلى أن الأبحاث متواصلة وقد تم تحديد الأوصاف لعدد من الذين قاموا بهذه العمليات وهناك عدد من الإيقافات في صفوفهم وهم في مرحلة البحث والتحقيق، وإلى أن الوحدات الأمنية تتعامل بشكل جدي مع كل البلاغات المقدمة من طرف الأولياء في هذا الموضوع.

الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني لـ"الترا تونس":  تم تحديد الأوصاف لعدد من الذين قاموا بهذه العمليات وهناك إيقافات ونحن في مرحلة البحث والتحقيق

اقرأ/ي أيضًا: حقن تلاميذ بمادة مجهولة أمام المدارس.. مندوب حماية الطفولة يكشف آخر المستجدات

من جانب آخر، أشار المندوب العام للطفولة مهيار حمادي، في تصريح لـ"الترا تونس" إلى أن النتائج الأولية للتحاليل المجراة على الأطفال الذين تقدموا بشكايات حول حقنهم لمواد مجهولة، لم تثبت وجود أي مواد خطيرة في أجسامهم، مبيناً أن هناك تحاليل أخرى جرثومية أكثر عمقًا لم تظهر نتائجها بعد.

وشدد مهيار حمادي على أن وزارة المرأة توفر الرعاية النفسية للأطفال، الذين تعرضوا لهذه الحوادث وكذلك لإحدى الأمهات بعد أن أصيبت بانهيار نفسي على إثر ما حدث لابنتها.

وتسعى وزارة المرأة والأسرة والطفولة، بحسب المندوب العام مهيار حمادي، إلى توعية الأطفال عبر النوادي وتنبيههم إلى الانتباه وعدم الانسياق وراء أي استدراج.

المندوب العام للطفولة لـ"الترا تونس": النتائج الأولية للتحاليل المجراة على الأطفال لم تثبت وجود أي مواد خطيرة وهناك تحاليل أخرى جرثومية أكثر عمقًا لم تظهر نتائجها بعد

وعلى صعيد آخر، دعا المندوب العام للطفولة الإعلام إلى الحذر خلال التعامل مع هذا الموضوع وذلك تجنبًا للهلع وتأثيره على الأطفال والأولياء على حد سواء. 

وأشار محدث "الترا تونس" إلى أن تضخيم هذه الحوادث وتداولها إعلاميًا من شأنه أن يزيد في ارتفاع عددها شأنها شأن حالات الانتحار مثلاً، وفق تقديره. 

المندوب العام للطفولة لـ"الترا تونس": وزارة المرأة توفر الرعاية النفسية للأطفال، الذين تعرضوا لهذه الحوادث وكذلك لإحدى الأمهات بعد أن أصيبت بانهيار نفسي 

وفي سياق متصل، اعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني  في تصريح لـ"الترا تونس" أن بلاغ الحرس الوطني هو تأكيد على وجود هذا العمل الإجرامي، داعيًا الأمن إلى ضرورة الكشف عن هذه العصابة وتقديمها للعدالة. 

واعتبر محدثنا أن المسؤولية لا تقتصر على الأولياء بتنبيه أبنائهم بل هي أكبر من ذلك وأن ما يحدث من شأنه أن يدخل الرعب في صفوف العائلة التونسية ولابد من الإسراع من أجل الإيقاع بهذه العصابة، وفق تقديره.

اقرأ/ي أيضًا:

ارتفاع عدد الأطفال الذين تم حقنهم بمواد مجهولة إلى 7.. والأبحاث متواصلة

حقن أطفال بمواد مشبوهة: ضبط شخصين يُشتبه في تورطهما قرب مدرسة بتطاوين