15-يناير-2024
قضاة تونس أنس الحمادي

جمعية القضاة التونسيين: هناك تهديد خطير ومستمر للتوازن بين السلط ودولة القانون (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أصدرت جمعية القضاة التونسيين، الاثنين 15 جانفي/ يناير 2024، بيانًا أعلنت فيه أنّ "قضاة تونس يعملون في ظل أجواء من التوجس والترهيب تحت حد الإعفاء المباشر من رئيس الجمهورية والإيقافات والتجريد من المسؤوليات والنقل التعسفية من وزيرة العدل، وأن كل هذا يمثل تهديدًا خطيرًا ومستمرًا للحقوق والحريات وللتوازن بين السلط ودولة القانون" وفقها. 

  • جمعية القضاة التونسيين: ندعو إلى عدم الخضوع لأي ضغوطات أيًّا كان نوعها ومهما كانت الجهة التي صدرت عنها

وسجّلت الجمعية تواتر معلومات من داخل الوسط القضائي بإيقاف عدد من القضاة عن العمل في المدة الأخيرة من قضاة النيابة العمومية وقضاة التحقيق والمجلس شملت كذلك قضاة بالقطب الاقتصادي والمالي وبقطب الإرهاب دون وجود مؤاخذات تأديبية ضدهم أو توجيه تُهم جزائية عليهم، وفقها.

 

 

وأكدت الجمعية أن قرارات الإيقاف تلك صدرت رأسًا عن وزيرة العدل في ظل غياب مجلس القضاء العدلي "بما يرجح ويغذي المخاوف بأن قرارات إيقافهم قد تمت على خلفية أعمالهم وقراراتهم القضائية، وقد اقترن إيقاف بعض القضاة عن العمل من وزيرة العدل بقطع الأجر بما يعني إحالتهم على البطالة ووضعهم وعائلاتهم في حالة خطيرة من الحاجة المادية" حسب نص البيان.

جمعية القضاة التونسيين: قضاة تونس يعملون في ظل أجواء من التوجس والترهيب تحت حد الإعفاء المباشر من رئيس الجمهورية والإيقافات والتجريد من المسؤوليات والنقل التعسفية من وزيرة العدل

ودعت الجمعية كافة القضاة الذين شملتهم الإجراءات التعسفية الأخيرة من نُقل أو إيقاف عن العمل خارج أي ضمانات إلى الطعن في هذه القرارات لدى القضاء الإداري، مهيبة بكل القضاة العدليين والإداريين والماليين في "هذا السياق العصيب ورغم صعوبة الظرف واستفحال المحنة وغياب أي أفق لانفراجها" وفق وصفها، إلى التحصّن بأمانة رسالة القضاء والتمسك باستقلالهم وحيادهم ونزاهتهم في تطبيق القانون وحماية الحقوق والحريات دون الخضوع لأي ضغوطات أيًّا كان نوعها ومهما كانت الجهة التي صدرت عنها، وفق البيان الممضى من رئيس الجمعية أنس الحمادي.

 

 

وقالت جمعية القضاة التونسيين إنها تقف على "تواصل التدخل التسلطي والمباشر دون حدود لوزيرة العدل في شبه حركات جزئية متواصلة بتنحية رؤساء محاكم ونقلتهم تعسفًا وتعيين آخرين خارج كل ضمانات التقييم الموضوعي والمستقل للأداء القضائي والتنافس النزيه والشفاف على المسؤوليات القضائية".

جمعية القضاة التونسيين: قرارات إيقاف عدد من القضاة عن العمل مؤخرًا صدرت رأسًا عن وزيرة العدل بما يغذي المخاوف بأن قرارات إيقافهم تمت على خلفية أعمالهم وقراراتهم القضائية

ويتنزّل بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، في سياق تنبيهه إلى مواصلة رفض السلطة التنفيذية تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية بإرجاع القضاة الذين تم إعفاؤهم خارج ضمانات حق الدفاع والمواجهة "تنكيلًا بالمعزولين ظلمًا وفي رسالة إلى عموم القضاة بأنه ليس لهم أي ملاذ اليوم في صورة طالتهم القرارات الجائرة لرفع الظلم عن أنفسهم وعائلاتهم".

  • جمعية القضاة التونسيين: تفاقم تدهور أوضاع القضاء والقضاة في تونس

ولفتت جمعية القضاة التونسيين، إلى "تفاقم تدهور أوضاع القضاء والقضاة في هذه الظروف بنزع كل ضمانات الاستقلال والأمان القضائي عنهم وضغط الخطاب السياسي عليهم.."، مشيرة بالخصوص إلى أن "انخرام إدارة العدالة في المسارات المهنية للقضاة في ظل التعتيم التام على ما يحصل ضدّهم خارج أي رقابة مؤسسية ومجتمعية، قد كان من التداعيات الفادحة والفورية للنزول بالقضاء من موقع السلطة المستقلة طبق أحكام دستور 27 جانفي/يناير 2014 إلى وضع الوظيفة والمرفق التابع للسلطة التنفيذية.." وفق البيان.

جمعية القضاة التونسيين: ندعو كافة القضاة الذين شملتهم الإجراءات التعسفية الأخيرة من نُقل أو إيقاف عن العمل خارج أي ضمانات، إلى الطعن في هذه القرارات لدى القضاء الإداري

ولاحظت الجمعية أنّه تمّ بموجب الحركة القضائية لسنة 2023-2024، المساس بتركيبة المجلس المؤقت للقضاء العدلي بنقلة اثنين من أعضائه في مخالفة لأحكام القانون وأحكام المرسوم عدد 11 لسنة 2022 الذي وضعه رئيس الجمهورية بنفسه.

وذكّرت الجمعية في هذا الصدد، بأن المساس بتركيبة المجلس المؤقت للقضاء العدلي "لم يكن إلا تمهيدًا لتعطيل أعماله وشلها وهو ما تحقق فعليًا بإحالة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب على التقاعد منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وعلى إثره وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية الأمر الذي أدى إلى وضعية فراغ مؤسسي في القضاء العدلي حالت دون البت في اعتراضات القضاة على تلك الحركة القضائية وتجاوز الإخلالات الحاصلة فيها وسد عديد الشغورات بالمحاكم في سابقة لم يعرفها القضاء التونسي طوال تاريخه".

جمعية القضاة التونسيين: عدم إرجاع القضاة المعفيين بعد إنصافهم من المحكمة الإدارية، يأتي كرسالة إلى عموم القضاة بأنه ليس لهم أي ملاذ اليوم في صورة طالتهم القرارات الجائرة

وقد عبّرت الجمعية عن أن "التمشي الذي انتهجته السلطة منذ اتخاذ التدابير الاستثنائية لا يتعلق مطلقًا بإصلاح القضاء مثلما وقع الترويج له، بل اندرج ضمن مشروع سلطوي يهدف لإرساء القضاء الوظيفة التابع كليًا للسلطة السياسية وذلك عبر هدر كل ضمانات الاستقلالية الشخصية للقضاة وإلغاء كل ضمانات الاستقلالية الهيكلية والمؤسسية عبر تنصيب مجلس تابع وخاضع للسلطة السياسية والفشل في وضع خطة متكاملة للنهوض بالأوضاع المادية للمحاكم وبنيتها التحتية وتجهيزاتها وتفاقم الحالة المزرية لمرفق العدالة من اكتظاظ وتراكم أحجام العمل التي لم يُحقق بشأنها أي إصلاح مما أبّد المعاناة اليومية للمتقاضين والإطار القضائي.

 

 

جدير بالذكر أن جمعية القضاة التونسيين كانت قد قادت سلسلة من التحركات الاحتجاجية والإضرابات في جوان/يونيو 2022، على خلفية إصدار الرئيس التونسي قيس سعيّد الأمر الرئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022 يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (المجلة الرسمية).

وعلى الرغم من أنّ المحكمة الإدارية كانت قد قضت، في 10 أوت/أغسطس 2022، بإيقاف تنفيذ قرارات إعفاء 49 قاضيًا من بين 57 صدر في حقهم قرار العزل من قبل قيس سعيّد، إلّا أن حكم المحكمة الإدارية لم يُفعّل إلى يومنا هذا وسط انتقادات واسعة في الداخل والخارج.