الترا تونس - فريق التحرير
أصدرت جمعية القضاة التونسيين بيانًا مطولًا يبين موقفها إثر الإعلان على الحركة القضائية للقضاة العدليين لسنة 2023 -2024، وهي الحركة الأولى بعد إجراءات الرئيس قيس سعيّد في 25 جويلية/يوليو 2021 وبعد حل المجلس الأعلى للقضاء وذكرت بأن "هذه الحركة القضائية تأتي بعد حجبها السنة الفارطة في سابقة تاريخية لم تحصل من قبل وفي خرق وعدم تقيد بالمرسوم عدد 11 لسنة 2022 الذي وضعه رئيس الجمهورية بنفسه.. وما نتج عن ذلك الحجب من تعطل مصالح المتقاضين وكل المتعاملين مع الشأن القضائي بشكل لافت بمفعول الشغورات الكبيرة التي لم يقع سدها ومن حرمان القضاة بموجب ذلك الحجب من حقهم في النقلة والترقية وإسناد الوظائف القضائية".
جمعية القضاة التونسيين: تمت المصادقة على جميع تعيينات وزيرة العدل وقراراتها دون مراجعة أو تعديل بالرغم من الإخلالات الكبيرة التي شابت تلك التعيينات على أكثر من وجه
وأضافت أن "الحركة القضائية 2023-2024 خرجت على كل إطار مؤسسي شفاف طبق الممارسات الفضلى لاستقلال القضاء وعدم تقيدها حتى بالمرسوم الرئاسي الذي تتنزل في إطاره"، وفق تقديرها، معددة الإخلالات التي شابتها من حيث الشكل والمضمون، وهنا ما ذكرته جمعية القضاة في هذا الباب:
- جمعية القضاة: الإخلالات التي شابت الحركة القضائية من حيث الشكل:
"شملت الحركة القضائية الصادرة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم الأربعاء 30 أوت/أغسطس 2023 عدد 1088 قاض وقاضية وهي تعتبر بذلك من أكبر الحركات القضائية عددياً إلا أنها شهدت عديد الإخلالات الشكلية يمكن حصرها في النقاط التالية:
1) الإعلام بالحركة القضائية من خلال نشرها مباشرة بأمر رئاسي بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عـ100ـدد الصادر بشكل خاص يوم الأربعاء 30 أوت 2023 دون أي إشارة أو ظهور مباشر أو غير مباشر للمجلس المؤقت للقضاء العدلي الذي أوكل له المرسوم عدد 11 لسنة 2022 في فصله 18 مهمة إعداد الحركة القضائية بما يجعل من رئيس الجمهورية هو صاحب القرار النهائي في الحركة القضائية حال أن ذلك المرسوم الذي أعده بنفسه لم يوكل له إلا سلطة الاعتراض على تسمية أو تعيين أو ترقية أو نقلة بناء على تقرير من وزير العدل (الفصل 19) ونشر الحركة بأمر في أجل سبعة أيام (الفصل 21).
2) عدم بيان رئاسة الجمهورية المصدرة للحركة القضائية للرأي العام ما حققته من إصلاح قضائي عبر الحركة القضائية باعتبار الحركة من الأدوات الأساسية في إدارة المحاكم ومرفق العدالة.
3) عدم شمول الحركة القضائية لأي قاض من القضاة المعفيين بموجب الأمر الرئاسي عدد 516 المؤرخ في 01 جوان/يونيو 2022 المتحصلين على أحكام باتة من المحكمة الإدارية منذ 09 أوت/أغسطس 2022 بتوقيف تنفيذ أمر الإعفاء الظالم الصادر ضدهم بما يؤكد إصرار السلطة على عدم الالتزام بالأحكام القضائية وبعلويتها وانتهاكها مبدأ سيادة القانون وانتهاجها نهج التسلط والانغلاق وعدم الإنصاف في التعاطي مع ملف القضاة المعفيين ظلمًا.
4) الاكتفاء في الإعلام بالحركة القضائية على الشكل الرسمي الجاف دون إرفاقها بتقرير يتضمن المعايير التي اعتمدتها والمنهجية التي اتبعتها والمحاور التي تناولتها وركزت عليها ضمن رؤية متكاملة لإصلاح القضاء وضمان استقلاله وحسن سيره وجعله في خدمة المتقاضي.
5) خرق الحركة لمبادئ الشفافية بعدم الإعلام عن سير أعمالها وإجراءاتها وتاريخ صدورها خاصة مع تواتر الأخبار عنها وعن مضمون قراراتها عبر بعض الأشخاص وبعض الصفحات على شبكة التواصل الاجتماعي وعن وجود بعض الصراعات حول عديد المناصب القضائية الهامة وما رافق ذلك من حملة تسريبات حول بعض الأسماء بعينها إما لتثبيتها في مواقعها أو للدفع نحو تغييرها.
6) انعدام كلي لمبادئ الحوكمة الرشيدة وتكافؤ الفرص بين جميع القضاة كانعدام المفاضلة الموضوعية بينهم بخلو الحركة من بيان المؤشرات المعتمدة لتحديد معايير الكفاءة والنزاهة والحياد والاستقلالية والخبرة في إسناد الخطط القضائية وكيفية تطبيق المعايير الدولية لاستقلال القضاء في دراسة طلبات التعيين والنقل والبت فيها طبق ما يقتضيه الفصل 15 من المرسوم عدد 11.
7) عدم الإعلان عن إجراءات الاعتراض على الحركة لا بصفة متزامنة مع صدورها ولا بصفة لاحقة وتذكير القضاة بآجاله ضمانا لحقوقهم خاصة مع تأخر صدور الحركة عن مواعيدها المعقولة وقربه من بداية السنة القضائية".
جمعية القضاة التونسيين: خلال الحركة القضائية تم منح أفضل الخطط وأماكن العمل لقضاة ممن وافقت أعمالهم توجيهات السلطة التنفيذية العلنية
- جمعية القضاة: الإخلالات التي شابت الحركة القضائية من حيث المضمون:
1) المساس بتركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي وبسلطة القرار داخله لفائدة السلطة التنفيذية: تضمنت الحركة القضائية على غير العادة وبصفة غير منتظرة بتاتًا قرارًا يتعلق بنقلة عضوين من أعضاء مجلس القضاء العدلي بالصفة وهما فتحي عرّوم وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب الذي تمت نقلته رئيسًا أولًا لمحكمة الاستئناف ببنزرت وأحمد الحافي رئيس المحكمة العقارية الذي سمي رئيس دائرة بمحكمة التعقيب في عملية استعراض للقوة واستهداف واضح يرمي إلى تجريدهما من عضوية المجلس المؤقت للقضاء العدلي وبالتبعية من عضوية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والحط من المسؤولية القضائية السامية التي كانا يضطلعان بها والتوجه لاستبدالهما بغيرهم من الأعضاء لمزيد تهميش هذا المجلس وضمان مطابقة قرارته لقرارات وزارة العدل ورئاسة الجمهورية في اتجاه مستقر.
2) المصادقة على جميع تعيينات وزيرة العدل وقراراتها دون مراجعة أو تعديل بالرغم من الإخلالات الكبيرة التي شابت تلك التعيينات على أكثر من وجه (تم تعدادها في بيان الجمعية المطوّل)
3) إعادة هندسة المشهد القضائي بالكامل وتجريف السلسلة الجزائية لصالح السلطة التنفيذية: (تم تعداد التفاصيل والمناصب والأسماء في بيان الجمعية المطوّل أيضًا)
كما اعتبرت جمعية القضاة أن الحركة القضائية "كرست عملية فرز ممنهجة على خلفية مدى التزام القضاة بالتحركات الرافضة لكل الاعتداءات التي طالت المؤسسة القضائية إذ نشهد من خلالها إغداقًا للخطط على الكثير من القضاة الذين ساندوا الوزارة في محاولات إفشال تحركات القضاة وعبروا بوضوح على صفحاتهم على فيسبوك على مساندتهم لمسار السلطة وعلى استعدائهم لجمعية القضاة إذ تم إسنادهم الخطط بمحكمة الاستئناف بتونس في خرق فاضح لقواعد الأقدمية، وفي مقابل كل ذلك تم تجميد نقل وترقيات من ساند تحركات القضاة والتزم بها".
اعتبرت جمعية القضاة أن الحركة القضائية "كرست عملية فرز ممنهجة على خلفية مدى التزام القضاة بالتحركات الرافضة للاعتداءات التي طالت المؤسسة القضائية ومن ذلك إغداق الخطط على الكثير من القضاة الذين ساندوا الوزارة في محاولات إفشال تحركات القضاة"
وتابعت، في ذات البيان، أنه تم منح أفضل الخطط وأماكن العمل لقضاة ممن وافقت أعمالهم توجيهات السلطة التنفيذية العلنية من ذلك إسناد منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ومنصب عميد قضاة التحقيق، وهما من أخطر المناصب القضائية وأهمها، بداية من 29 ماي/أيار 2023 إلى قاضيين ينتميان إلى الفوج 11 لم يلتحقا بالقضاء إلا في 16/09/2000 وبالرتبة الثالثة إلا بداية من 16/19/2018 على حساب غيرهما من قضاة الأفواج السابقة كلها في تمييز واضح وجلي ينطبق بدوره على الترقيات والتعيينات بالتفقدية العامة بوزارة العدل وعلى عديد التعيينات الأخرى التي شملت المسؤوليات الأولى بكل من محاكم أريانة ومنوبة وزغوان وكل التسميات تقريبًا وعلى وجه الخصوص بدائرة قضاء محكمة الاستئناف بنابل..".
- جمعية القضاة: الحركة القضائية تستهدف القضاة المدافعين عن استقلال القضاء والمسؤولين القضائيين المستقلين
أكدت جمعية القضاة التونسيين، في بيانها، أن "السلطة عمدت من خلال الحركة القضائية 2023-2024 إلى القيام بحملة نقل واسعة استهدفت من خلالها مجموعة كبيرة من القضاة المعروفين بمواقفهم الجريئة ونشاطهم العلني في الدفاع عن استقلال القضاء وعن القضاة المعفيين وعدد من المسؤولين القضائيين المعروفين باستقلال قرارهم القضائي كما استهدفت بعض القضاة بشكل خاص وعددت التفاصيل والأسماء في ذات البيان المذكور أعلاه.
جمعية القضاة التونسيين: "السلطة عمدت من خلال الحركة القضائية 2023-2024 إلى القيام بحملة نقل واسعة استهدفت من خلالها مجموعة كبيرة من القضاة المعروفين بمواقفهم الجريئة ونشاطهم العلني في الدفاع عن استقلال القضاء وعن القضاة المعفيين"
واعتبرت أن "الحركة القضائية الأخيرة كشفت عن استهداف السلطة لجمعية القضاة التونسيين بشكل واضح من خلال تسليط العقوبات الجماعية على رموزها التاريخية ومسؤوليها الحاليين من أعضاء مكتبها التنفيذي وهيئتها الإدارية وعدد كبير من نشطائها ومنخرطيها بغاية إسكاتهم وترهيبهم وثنيهم عن مواصلة مواقفهم وتحركاتهم المدافعة عن مقومات القضاء المستقل وضماناته المهدورة وعن حقوق المواطنين وحرياتهم وقد تبين ذلك جليًا من خلال استعادة ممارسات النظام الدكتاتوري بالاعتماد على النقل التعسفية وعدم الاستجابة إلى طلبات النقل المستحقة والحرمان من الخطط القضائية المشروعة" مع تعداد الأمثلة في هذا السياق.
- جمعية القضاة: الحركة حوّلت التفقدية من تفقدية عامة بوزارة العدل إلى تفقدية وزيرة العدل:
اعتبرت جمعية القضاة، في بيانها المذكور، أن "الحركة الأخيرة تمثل أيضًا عطاء بلا حدود وسخاء منقطع النظير على عدد من القضاة على مستوى التفقدية العامة بوزارة العدل التي تم إعادة تشكيلها بالكامل إذ بالإضافة إلى تسمية متفقدة عامة على رأس التفقدية وفي شكل ترقية مباشرة من وزيرة العدل بناء على العلاقة الشخصية التي تربطها بها ودون احترام الإجراءات القانونية وفي مخالفة صريحة للصلاحيات الممنوحة لوزير العدل ودون أي نوع من أنواع التناظر أو المفاضلة الموضوعية بالرغم من تعلق تلك التسمية بأحد أهم المناصب القضائية وأخطرها فقد تم إضافة إلى ذلك إدخال تغييرات كبيرة وعميقة على الإطار القضائي للتفقدية بإبعاد المتفقد العام المساعد منها بعد تجميد نشاطه خلال الأشهر الماضية إثر خلافات كبيرة بينه وبين وزيرة العدل ونقلة أربعة متفقدين مع متفقد مساعد وتعويضهم بمتفقدين جدد تم اختيارهم بعناية مع إبعاد المتفقد المساعد في شكل عقوبة إلى محكمة الاستئناف بسيدي بوزيد وفي مقابل ذلك تم الاستبقاء على ثلاثة متفقدين ومتفقد مساعد مع إسنادهم ترقيات استثنائية وغير مسبوقة بتسمية المتفقدين الثلاثة بخطة متفقد عام مساعد بما يعادل رتبة رئيس دائرة بمحكمة التعقيب وتسمية المتفقد المساعد بخطة متفقد بما يعادل رتبة رئيس دائرة بمحكمة الاستئناف دون الحصول على الأقدمية اللازمة في عملية انتقاء وتمييز واضحة وفي تجاوز مفضوح لأفواج وأفواج من القضاة ممن يسبقونهم في الرتبة والأقدمية بسنوات وسنوات لتُحكم بذلك وزيرة العدل قبضتها بالكامل على جهاز التفقدية بتسمية وترقية من أبدوا فروض الولاء والطاعة الكاملة لها وانخرطوا معها في مظلمة تكوين الملفات وتلفيق التهم والافتراءات وإثارة التتبعات الواهية ضد عديد القضاة المعفيين والمباشرين ليتحول بذلك هذا الجهاز من تفقدية عامة بوزارة العدل إلى تفقدية وزيرة العدل"، وفق الجمعية.
جمعية القضاة: "الحركة القضائية الأخيرة كشفت عن استهداف السلطة للجمعية بشكل واضح من خلال تسليط العقوبات الجماعية على رموزها التاريخية ومسؤوليها بغاية إسكاتهم وترهيبهم"
- جمعية القضاة: الحركة القضائية تستبق تركيز المحكمة الدستورية وتهيئ لتسمية أعضائها من القضاة العدليين
أكدت جمعية القضاة التونسيين أن "تركيبة المحكمة الدستورية وعضويتها كانت حاضرة وبقوة في ذهن معد الحركة ويتبين ذلك من الحركية الكبيرة التي شهدتها محكمة التعقيب على مستوى رؤساء دوائرها خروجًا ودخولاً إذ بالإضافة إلى حالات الإحالة على التقاعد بموجب رفض طلب التمديد، غادر المحكمة سبعة رؤساء دوائر ممن تزيد أقدميتهم فيها عن أربع سنوات في حين التحق بها مؤخرًا 11 رئيس دائرة جديد في عملية انتقاء واضحة وعلى المقاس من خلال توظيف عملية التسمية بخطة رئيس دائرة بمحكمة التعقيب والتجريد منها طبق خيارات السلطة السياسية وتصورها لتركيبة المحكمة الدستورية في تسييس واضح لهذه المحكمة ومس من استقلاليتها وتعد كبير على حقوق رؤساء الدوائر المبعدين من محكمة التعقيب لأغراض لا علاقة لها بالإدارة الموضوعية والشفافة لمسارتهم المهنية"، وفقها.
- جمعية القضاة: الحركة القضائية تجهز نهائيًا على المسار القضائي للعدالة الانتقالية
اعتبرت الجمعية أنه و"في حركة غير مسبوقة منذ تركيز الدوائر الجنائية للعدالة الانتقالية بموجب الأمر عدد 2887 المؤرخ في 08 أوت/أغسطس 2014 وشروعها في العمل بعد القيام بالتكوين اللازم لرؤسائها وأعضائها، تم بموجب الحركة القضائية لهذه السنة تغيير سبعة رؤساء دوائر جنائية للعدالة الانتقالية بكل من بنزرت والكاف ومدنين وقابس وصفاقس وسوسة ونابل بنسبة 53.8 % وتغيير عدد من أعضائها ومن أعضاء باقي الدوائر مثل دائرة العدالة الانتقالية بتونس في نهج واضح ومدبر للقضاء نهائيًا على المسار القضائي للعدالة الانتقالية والإجهاز عليه"، وفق تقديرها.