16-سبتمبر-2022
وزارة العدل القضاء عزل

أحمد صواب لـ"الترا تونس": منطلق هذه السنة القضائية لا يبشّر بأيّ خير (وسيم الجديدي/ صورة أرشيفية/ SOPA Images)

 

انطلقت السنة القضائية 2022 - 2023 دون إصدار الحركة القضائية الجديدة، وقد أثار هذا التأخير حفيظة القضاة بمختلف أصنافهم، فضلًا عن المتابعين للشأن القضائي والسياسي بالبلاد.

وتُعنى الحركة القضائية بالتغييرات والترقيات في السلم الوظيفي والنقل وسدّ الشغورات، يعلنها المجلس الأعلى للقضاء مرة كل عام قبل انطلاق السنة القضائية.

رئيس جمعية القضاة الشبان لـ"الترا تونس": بلغنا أنّ المجلس الأعلى للقضاء المؤقت قضى بإدماج القضاة المعزولين في الحركة المرتقبة القضائية، ويبدو أن سعيّد معترض على ذلك

  • إدماج القضاة المعزولين سبب عدم إصدار الحركة القضائية؟

وفي تصريح لـ"الترا تونس"، قال رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبان مراد المسعودي، إن عدم إصدار الحركة القضائية إلى غاية اليوم يعدّ "خطرًا كبيرًا"، مفسّرًا أن الحركة القضائية يترتّب عنها مسار كامل في العمل القضائي من بينها توزيع العمل داخل المحاكم، خاصة وأنّ عدة محاكم تشكو شغورات في مهام أساسية، وقضاة ينتظرون الترقيات الآلية، وفقه.

وتابع المسعودي: "يباشر القضاة أعمالهم حاليًا دون الحصول على ترقياتهم، الوضع القضائي عمليًا يعيش فترة جمود، بل أكثر من ذلك، حيث لم تتم تسوية وضعية الملحقين القضائيين والذين من المفترض أن يباشروا عملهم يوم 16 سبتمبر/ أيلول 2022، وفق تأكيده.

رئيس جمعية القضاة الشبان لـ"الترا تونس": هياكل السلطة القضائية ستدخل على الأغلب في تحركات احتجاجية ونضالية للدفاع عن حقوقهم

وأشار رئيس جمعية القضاة الشبان، إلى أنّ الحركة القضائية تمسّ حتى من عائلات القضاة وتترتب عنها إشكاليات كبرى على المستويين العائلي والاجتماعي.

وبخصوص وضعية القضاة المعزولين يوضّح المسعودي أنّ المحكمة الإدارية قضت بعودتهم لسالف مواقعهم في حكم قضائي باتّ لا يقبل الطعن، قائلًا: "بلغنا أن المجلس الأعلى للقضاء المؤقت قضى بإدماجهم في الحركة المرتقبة، ويبدو أن الرئيس قيس سعيّد غير موافق على ذلك ولهذا تأخر إصدار الحركة القضائية".

واعتبر مراد المسعودي، أن هذا التأخير يعدّ "سابقة في تاريخ القضاء التونسي، خاصة أن مجلس القضاء قام بإحالة الحركة من مدة، وإمضاؤها لا يستحق الكثير من الوقت، ما نستنتجه من كل هذا، أن تدخل السلطة التنفيذية ورهنُ السلطة القضائية بقرارات رئيس الجمهورية هو أكبر خطر، بحيث يصبح الرئيس هو المتحكم في المسار المهني للقضاة بعزلهم وحرمانهم من الترقية، وهو ما يمسّ من دولة القانون والمؤسسات ومن مبدأ الفصل بين السلط ويشكك في ديمقراطية النظام"، مرجّحًا دخول هياكل السلطة القضائية في تحركات احتجاجية ونضالية للدفاع عن حقوقهم، وفق قوله.

  • غياب الحركة مسٌّ من القاضي والمتقاضي

في السياق ذاته، قال الرئيس الشرفي لاتحاد القضاة الإداريين أحمد صواب في تصريح لـ"الترا تونس"، أنّ "ما حدث ليس تأخرًا إنما غياب للحركة القضائية، لأن الآجال المبدئية انتهت من الناحية الشكليّة" وفقه، مذكّرًا أن تونس شهدت من قبل تأخرًا في صدور الحركة القضائية، "لكن ما يحصل اليوم يحدث لأول مرة، ولا ندري هل هو بسبب عجز الدولة أم غياب للدولة أصلًا، أقول إنّها نية قيس سعيّد، أعتقد أن السبب وراء عدم إصدار الحركة القضائية إلى اليوم مسألة إدماج القضاة المعزولين" على حد تعبيره.

أحمد صواب (قاض سابق) لـ"الترا تونس": الحركة القضائية لم تتأخر، وإنما غابت، وعدم إصدارها إلى اليوم عائد إلى مسألة إدماج القضاة المعزولين

وأضاف صواب: "أصبحنا رعايا ننتظر بيانًا من الرئيس الذي لا يتوجّه لنا ولا يفسر ولا يتحدث معنا، تأخّر الحركة القضائية يمسُّ من القضاة وعائلاتهم ومن حقوق المتقاضين، آلاف من المواطنين لا يعرفون مصيرهم وأين سيكونون خلال شهر، وفي هذا غياب للإنسانية وإهدار لحقوق المتقاضين جرّاء الشغورات الموجودة في عديد الخطط الوظيفية، منطلق هذه السنة القضائية لا يبشّر بأيّ خير، وحتى المحامون ممتعضون مما يحدث، ومن المنتظر أن تشهد الساحة تصعيدًا ونضالات من مختلف هياكل السلطة القضائية" وفق وصفه.

من جهة أخرى، وفي تصريح لـ"الترا تونس"، قال القاضي المستشار لدى التعقيب عفيف الجعيدي، إنّ الحركة القضائية تمسُّ القاضي والمتقاضي على اعتبار أن الغاية من إعدادها هي سدّ الشغورات بالمحاكم وضمان عملها في الحدود الممكنة في إطار قضائي يلبّي حاجياتها.

عفيف الجعيدي (قاض) لـ"الترا تونس": من غير المعقول أن تنطلق السنة القضائية دون حركة قضائية، وهذا اعتداء على حقوق القضاة والمتقاضين

وأضاف المستشار لدى التعقيب في حديثه لـ"الترا تونس"، أنه "في كل سنة بمناسبة الحركة القضائية، تتم دراسة النقص الموجود في المحاكم وتعيين القضاة فيها، انطلاق السنة القضائية دون حركة يؤول بالضرورة إلى محاكم تنطلق في العمل بنقص على مستوى القضاة جرّاء عدم تعيين الملحقين القضائيين، وهذا اعتداء على حقوقهم، فضلًا عن قضاة لهم حق في ترقية لم ينالوها، وآخرون لهم ظروف عائلية تُوجب النقلة كان من المفترض الاستجابة لها".

وشدّد الجعيدي على أنّ "أهم فترة في العمل القضائي هي الثلاثية الأولى، وهي فترة تشهد تراكمًا كبيرًا للقضايا، نحتاج كقضاة وإطار إداري ومحامين إلى مجهود إضافي للفصل فيها، من غير المعقول أن تنطلق السنة القضائية دون حركة قضائية، أي دون توفير الظروف الملائمة لأداء هذا الجهد اللازم" وفق تصريحه.