29-مارس-2024
استقلالية القضاء في تونس

العفو الدولية: تزايد الترهيب والمضايقات القضائية التي تمارسها السلطات التونسية تجاه المحامين يقوّض إمكانية الوصول إلى العدالة (Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

قالت منظمة العفو الدولية، الخميس 28 مارس/آذار 2024، إنَّ "تزايد الترهيب والمضايقات القضائية التي تمارسها السلطات التونسية تجاه المحامين لمجرد أدائهم مهامهم المهنية ينتهك حقوقهم ويقوّض إمكانية الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف الفعالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان".

واعتبرت المنظمة الدولية، في بيان لها، أنّ السلطات استهدفت ما لا يقل عن 20 محاميًا يدافعون عن أعضاء جماعات معارضة سياسية ونشطاء وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، عبر التحقيق الجنائي معهم في تهم لا أساس لها تتراوح بين "إهانة الآخرين" و"اتهام موظف عمومي بأمور غير قانونية متعلقة بوظيفته دون الإدلاء بما يثبت صحة ذلك" و"الاعتداء اللفظي على موظف عام" و"نشر أخبار كاذبة". 

العفو الدولية: "تزايد الترهيب والمضايقات القضائية التي تمارسها السلطات التونسية تجاه المحامين لمجرد أدائهم مهامهم المهنية ينتهك حقوقهم ويقوّض إمكانية الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف الفعالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان"

كما أشارت إلى أنّ التُهم تندرج تحت مجلة الاتصالات التونسية والمجلة الجزائية والمرسوم عدد 54 على التوالي. وفي حال إدانتهم، قد يواجه المحامون عقوبة السجن لمدة تصل إلى 20 عامًا ودفع غرامات مالية باهظة.

وفي هذا الصدد، قالت مستشارة البحوث وأنشطة كسب التأييد المعنية بشؤون تونس في منظمة العفو الدولية فداء الهمامي إنَّ "تقويض استقلالية مهنة المحاماة، واستهداف المحامين الذين يمثّلون ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، يشكّلان ضربة أخرى للحق في التمثيل القانوني وحقوق المحاكمة العادلة بشكل عام في تونس"، حسب رأيها.   

كما أكدت الهمامي أنه "يجب على السلطات أن تضع حدًا لمضايقتها القضائية للمحامين الـ20 الذين يجري التحقيق معهم لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. وينبغي أن يكون المحامون قادرين على أداء مهامهم المهنية والتعبير عن أنفسهم بحرية دون أي ترهيب أو مضايقة أو خوف من الانتقام".

العفو الدولية:  "تقويض استقلالية مهنة المحاماة، واستهداف المحامين الذين يمثّلون ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، يشكّلان ضربة أخرى للحق في التمثيل القانوني وحقوق المحاكمة العادلة بشكل عام في تونس"

وأشارت المنظمة إلى أنه في 29 مارس/آذار، تصدر المحكمة الابتدائية بتونس حكمها في قضية المحامي عبد العزيز الصيد الذي يُحاكم بتهمة "الإساءة إلى الغير عبر الشبكات العمومية للاتصالات" و"النسب لموظف عمومي أو شبهه بخطب أمور غير قانونية دون الإدلاء بما يثبت صحة ذلك"، بموجب الفصل 86 من مجلة الاتصالات والفصل 128 من المجلة الجزائية، بناءً على شكوى مقدمة من وزيرة العدل.

ولفتت العفو الدولية إلى أنّ عبد العزيز الصيد هو واحد من ثلاثة من أعضاء فريق الدفاع القانوني عن ستة معارضين سياسيين موقوفين في "قضية التآمر" الشهيرة، حيث يجري التحقيق مع ثلاثتهم أو محاكمتهم بسبب إدلائهم بتصريحات لوسائل الإعلام بشأن القضية.

وأشارت إلى أنّ التهم الموجهة إلى عبد العزيز الصيد تستند إلى تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحفي ادعى فيها وجود تناقضات في التواريخ والوقائع في ملف "قضية التآمر" تشير إلى احتمال التلاعب بالملف.

وذكرت العفو الدولية أنه "في إحدى الحالات، فتحت النيابة العامة تحقيقًا مع 14 عضوًا بفريق الدفاع القانوني عن نور الدين البحيري، القيادي في حزب حركة النهضة، وذلك بعد شكايةٍ قدمها أحد ضباط الحرس الوطني ضد الفريق على خلفية مشادة كلامية بين المحامين وأفراد من الحرس الوطني. ومنع قاضي تحقيق المحامين الـ 14 من السفر على ذمة هذا التحقيق".

العفو الدولية: "استهداف المحامين لمجرد أدائهم مهامهم المهنية يُعدّ استهزاءً بالعدالة. فمن حق الجميع، بما في ذلك المحامين، التمتع بحقوقهم الإنسانية"

وفي أربع حالات، فُتحت التحقيقات بعد وقت قصير من انتقاد المحامين علنًا إجراءات وزيرة العدل أو بعدما أدلوا بمزاعم فساد ضد الوزيرة، وفق العفو الدولية.

وقالت فداء الهمامي، في هذا الإطار، إن "استهداف المحامين لمجرد أدائهم مهامهم المهنية يُعدّ استهزاءً بالعدالة. فمن حق الجميع، بما في ذلك المحامين، التمتع بحقوقهم الإنسانية".

وتشمل هذه الحقوق، وفق العفو الدولية، الحق في الحرية والأمن الشخصي وحرية التعبير على النحو المكفول بموجب المادتين 9 و19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادتين 6 و9 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، حيث تُعدّ تونس دولة طرفًا فيهما.

ولفتت إلى أنّ مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين حثّ النيابات العامة على "أن ترصد عن كثب الحالات والقضايا التي قد يجري فيها تجريم المحامين بسبب ممارستهم مهامهم. وينبغي إصدار التعليمات المناسبة إلى مكتب وكيل الجمهورية بالامتناع، لدى وقوع حالات من هذا القبيل، عن مُباشَرة دعاوى كيدية ضد ممارسي المهنة القانونية الذين ينتقدون موظفي الدولة ومؤسساتها في إطار أداء مهامهم باستقلالية وممارسة حقهم في حرية التعبير".

 

 

وكانت هيئة الدفاع عن المحامي عبد العزيز الصيد قد قالت، في بيان لها، إنّ منوّبها مثل أمام الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم الأربعاء 27 مارس/آذار 2024، لمحاكمته بتهمة نسبة أمور غير حقيقية لموظف عمومي، والإساءة للغير عبر شبكات التواصل، على خلفيّة شكاية تقدّمت بها ضدّه وزيرة العدل. ومن المنتظر أن يتم التصريح بالحكم الجمعة 29 مارس/آذار.

واعتبرت هيئة الدفاع، أنّ محاكمة عبد العزيز الصيد، تمثّل "دوسًا سافرًا لمرسوم المحاماة وإلغاءً تامًا لما كرّسه الفصل 47 منه من عدم مؤاخذة مطلقة للمحامي بمناسبة أدائه لمهامّه في الدّفاع عن موكّليه في جميع مرافعاته وتقاريره وأعماله".

ورأت هيئة الدفاع في هذه المحاكمة "تكريسًا لما استنكره بيان الهيئة الوطنية للمحامين، من تصاعد للتّضييقات الخطيرة المسلّطة على المحامين أثناء القيام بواجبات الدفاع، ولمحاولات ضرب استقلاليّة المحاماة التونسية التي كرّسها قرن ونصف من النضال باعتبارها ضمانة أساسية للمواطن، وأوّل مقوّمات المحاكمة العادلة".

ويذكر أنه سبق إحالة المحامي عبد العزيز الصيد على التحقيق، بعد مشاركته في الندوة الصحفية التي عقدتها هيئة الدفاع عن الموقوفين فيما يُعرف بقضيّة "التآمر"، وذلك خلال شهر أفريل/نيسان 2023.

وقالت هيئة الدفاع آنذاك في بيان أصدرته يوم 1 ماي/آيار 2023، إنه تم إعلام فرع هيئة المحامين بتونس بتتبع الصيد قضائيًا، بطلب من وزيرة العدل ليلى جفال.

وقد قرّر قاضي التحقيق بعد سماع الصيد لساعات في جلسة بتاريخ 1 جوان/يونيو 2023 الإبقاء عليه بحالة سراح على ذمة الملف.


صورة