22-سبتمبر-2023
الإيقاف التحفظي

منظمة العفو الدولية: السلطات التونسية تستهدف المعارضة السياسية بقوانين الإيقاف التحفظي المُبهمة (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

قالت منظمة العفو الدولية، الجمعة 22 سبتمبر/أيلول 2023، إن السلطات التونسية أساءت استخدام الإيقاف التحفظي من أجل إسكات أصوات المعارضين في تونس، معتبرة أنها "تستهدف المعارضة السياسية بقوانين مُبهمة"، وفق تصوّرها.

 

  • الإيقاف التحفظي.. بنود مبهمة

وأضافت المنظمة، في بيان لها، أنّ "السلطات التونسية استخدمت بنودًا مُبهمة في القانون بشأن الإيقاف التحفظي، من أجل سجن معارضين بارزين وشخصيات عامة، ومَن يُنظر إليهم باعتبارهم أعداءً للرئيس التونسي قيس سعيّد"، مؤكدة أن ذلك يحصل "من دون إثبات أن هذا الإجراء معقول وضروري، حسبما يقتضي القانون الدولي". 

وأشارت العفو الدولية، في هذا السياق، إلى أنّ "حالات الاحتجاز" التي حصلت في حق معارضين وشخصيات عامة أظهرت "تدهورًا عميقًا في وضع حقوق الإنسان واستقلال القضاء في تونس"، حسب تقديرها.

العفو الدولية: السلطات التونسية استخدمت بنودًا مبهمة في القانون بشأن الإيقاف التحفظي من أجل سجن معارضين بارزين للرئيس ما يُظهر تدهورًا عميقًا في وضع حقوق الإنسان واستقلال القضاء في تونس

وذكرت منظمة العفو الدولية أنّها وثّقت حالات 22 شخصًا احتُجزوا رهن الإيقاف التحفظي بتهم متنوعة، ومن بينهم سياسيون ونشطاء سياسيون ومحامون. لافتة إلى أنّ 8 منهم وُجّهت إليهم تهمة "التآمر على أمن الدولة"، أما الباقون فوجّهت إليهم تهم تتعلق بالإرهاب وبمخالفات مالية. 

وترى المنظمة الحقوقية الدولية أن ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" هي تهمة بلا أيّ أساس، وهو ما توصلت إليه بعد مقابلات أجرتها مع 17 من محامي الدفاع، بمن فيهم محامون لكل من المحتجزين، بالإضافة إلى مقابلات مع أهالي 12 من المحتجزين، فضلًا عن اطلاعها على وثائق قضائية وقانونية لبعض هذه الحالات، بما فيها الوثائق التي قدمها محامو الدفاع.

 

  • هيمنة على القضاء

واعتبرت العفو الدولية أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد "عزز منذ 2021 سلطات شبه مطلقة في الحكم، بما في ذلك صلاحيات جديدة للهيمنة على القضاء"، وهو ما خولّ للسلطات التونسية، وفق المنظمة، "فتح تحقيقات جنائية ضد عشرات من منتقدي الرئيس ومَن يُعتبرون أعداءً له، واحتجاز بعضهم".

العفو الدولية: قيس سعيّد عزز سلطات شبه مطلقة في الحكم بما في ذلك صلاحيات جديدة للهيمنة على القضاء وهو ما خولّ للسلطات فتح تحقيقات جنائية ضد عشرات من منتقديه ومَن يُعتبرون أعداءً له

واحتُجز معظم الأشخاص الـ22 لأكثر من 5 أشهر، (7 أشهر تحديدًا)، واحتُجز أحدهم لنحو عامين، وفق ما ذكرته المنظمة، لافتة إلى أنه "وفقًا لما ذكره المحامون كانت السلطات، في جميع تلك الحالات، إما تقدّم أسبابًا مبهمة لتبرير الإيقاف التحفظي، أو لا تقدم أيّ أسباب محددة على الإطلاق. 

وقدّم المحامون طلبات بالإفراج المؤقت عن 12 موقوفًا على الأقلّ، وحتى منتصف سبتمبر/أيلول 2023، لم تأمر المحاكم بالإفراج إلا عن اثنين فقط من بين الـ22 الموقوفين، وهم كلّ من القيادية بجبهة الخلاص الوطني شيماء عيسى والمحامي لزهر العكرمي.

 

 

وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنه كان من بين الذين استُهدفوا ما لا يقلّ عن 19 من أعضاء حزب حركة النهضة، وأمرت المحاكم بوضع 11 منهم على الأقل رهن الإيقاف التحفظي، ومن بينهم شخص ظلّ محتجزًا منذ عام، وكان من بين الآخرين المحبوسين رهن الإيقاف التحفظي ستة أشخاص احتُجزوا منذ فيفري/شباط 2023 في إطار ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".

 

  • "لا يمكن احتجاز من يخضعون لتحقيقات جنائية أو ينتظرون المحاكمة إلا استثناءً"

وذكّرت منظمة العفو الدولية بأنه "بموجب القانون الدولي، من المفترض على السلطات ألّا تحتجز الأشخاص المتهمين بتهم جنائية أثناء خضوعهم للتحقيق أو انتظارهم للمحاكمة، تماشيًا مع مبدأ افتراض براءة المتهم. ووفق المنطق نفسه، فإنه يفترض على السلطات ألّا تحتجز الأشخاص الذين يخضعون لتحقيقات جنائية أو ينتظرون المحاكمة إلا باعتبار ذلك إجراءً استثنائيًا ضروريًا بشدّة بناءً على تقييم كل حالة على حدة".

العفو الدولية: من المفترض على السلطات ألّا تحتجز الأشخاص المتهمين بتهم جنائية أثناء خضوعهم للتحقيق أو انتظارهم للمحاكمة تماشيًا مع مبدأ افتراض براءة المتهم وفق ما ينص عليه القانون الدولي

كما شددت على أن "يجب على السلطات التونسية أن ثبت قيامها بذلك التقييم، وأن تضمن خضوع مبرر استمرار احتجاز للمراجعة بصفة منتظمة. فبدون إعادة التقييم بشكل دوري، يصبح إبقاء الشخص تحت أي شكل من أشكال الاحتجاز أمرًا تعسفيًا"، حسب ما جاء في البيان.

وأكدت أيضًا أنه "يجب على السلطات أن تفرج عن جميع الذين احُتجزوا بشكل تعسفي وغير مشروع. وحتى إذا كانت التهم تتطابق مع جرائم معترف بها، فلا يمكن تبرير الإيقاف التحفظي إلا بعدد محدود من الأسباب"، وأنه "ينبغي على السلطات أن تقدم أدلة بناءً على تقييم كل حالة على حدة لإثبات أن الإيقاف ضروري ومتناسب بسبب خطر جوهري يتمثل في الهرب، أو إلحاق أذى جسيم بالآخرين، أو تكرار ارتكاب الجريمة، أو التدخل في الأدلة أو التحقيقات. وفي غياب الأدلة يتعيّن الإفراج عن المحتجزين رهن الإيقاف التحفظي"، وفق البيان ذاته.

العفو الدولية: يجب على السلطات أن تفرج عن جميع الذين احُتجزوا بشكل تعسفي وغير مشروع.. ففي غياب الأدلة يتعيّن الإفراج عن المحتجزين رهن الإيقاف التحفظي

يذكر أن تونس تشهد خاصة من فيفري/شباط 2023 سلسلة من الإيقافات التي طالت معارضين ومنتقدين للرئيس التونسي قيس سعيّد، شملت سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال. وقد وُجّهت إليهم عدة تهم لعلّ أبرزها ما يعرف بـ"التآمر على أمن الدولة".

وعلى الرغم من انقضاء فترة الإيقاف التحفظي الأولى المقدرة بـ6 أشهر في أوت/أغسطس المنقضي، إلا أنه تم التمديد في مدة الإيقاف لـ4 أشهر إضافية، على الرغم من أنه لم يقع تسجيل أيّ مستجدات في الملف أو الاستظهار بأي مستندات تدين الموقوفين، وفق ما سبق أن أكده محاموهم.

وما انفكت هيئات الدفاع عن المساجين السياسيين في تونس تتقدم بمطالب بإطلاق سراح منوّبيهم، إلّا أنّ مطالبهم كانت تجاب في كلّ مرّة بالرفض.