29-مارس-2023
رضا الشكندالي

حذّر من تداعيات ذلك على سلامة النظام النقدي في تونس

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد المختص في الاقتصاد رضا الشكندالي، الأربعاء 29 مارس/آذار 2023، أن الصعوبات في تعبئة الموارد الخارجية من العملة الصعبة أجبرت الدولة التونسية على مزيد الاقتراض الداخلي بزيادة كبيرة في مبلغ إعادة التمويل بـ 45%، مشددًا على أنه "رقم خطير لما له من تداعيات على سلامة النظام النقدي في تونس وعلى التضخم المالي الذي لم يتوقف عن الارتفاع من شهر لشهر"، وفق تقديره.

الشكندالي: صعوبة تعبئة الموارد الخارجية من العملة الصعبة أجبرت الدولة التونسية على مزيد الاقتراض الداخلي بزيادة كبيرة في مبلغ إعادة التمويل بـ45% وهو رقم خطير لما له من تداعيات على سلامة النظام النقدي في تونس

ولم ينفكّ النسق التصاعدي لنسبة التضخم في تونس يتواصل بشكل مطرد، إذ سجلت نسبة التضخم في شهر فيفري/شباط المنقضي ارتفاعًا لتصل إلى مستوى 10,4% بعد أن كانت 10,2% خلال شهر جانفي/يناير 2023، وفق ما أعلنه المعهد الوطني للإحصاء في 5 مارس/آذار 2023، علمًا وأن نسبة التضخم كانت في مطلع العام الفارط في حدود 6.7%.

 

 

وأضاف الشكندالي، في تدوينة له على فيسبوك، أن "خدمة الدين تواصل ارتفاعها في الثلاثية الأولى من هذه السنة بزيادة بـ 19% وهو ما يعكس الحجم الهام من الديون التي وجب استخلاصها هذه السنة والذي أثّر سلبًا على الموجودات من العملة الصعبة"، حسب تصوره.

الشكندالي: تراجع الموجودات من العملة الصعبة بـ 30 يومًا كاملة خلال الثلاثية الأولى من سنة 2023 مقارنة بالسنة الفارطة يفسّر الصعوبات الجمة التي تعترض تونس في تعبئة الموارد الخارجية مع تعطل ملف تونس مع صندوق النقد

ولفت، في ذات الصدد، إلى أن الموجودات من العملة الصعبة والتي تراجعت بـ 30 يومًا كاملة في هذه الثلاثية الأولى من هذه السنة من 125 يومًا في السنة الفارطة إلى 95 يومًا في هذه السنة، تفسّر الصعوبات الجمة التي تعترض تونس في تعبئة الموارد الخارجية من العملة الصعبة مع تعطل ملف تونس مع صندوق النقد الدولي"، على حد تقديراته.

 

 

وكان البنك المركزي التونسي قد شدد، في بيان صادر عن مجلسه الأربعاء 23 مارس/آذار 2023، على ضرورة تعبئة التمويلات الخارجية اللازمة لضمان توازن المالية العمومية وتعزيز "مزيج السياسات" والشروع في "الإصلاحات" الهيكلية الرامية إلى التحكم في العجز المزدوج وإنعاش النشاط الاقتصادي، وفقه.

ولا يزال مأزق التوصل إلى اتفاق بين الدولة التونسية وصندوق النقد الدولي حول قرضٍ متواصلًا، مع تعمّق الأزمة المالية في تونس وعدم تحديد الصندوق موعدًا محددًا للنظر في برنامج تونس، الذي على أساسه قد تُمنّى البلاد بالحصول على قرضٍ بـ1.9 مليار دولار الذي كانت قد حظيت بضوء أخضر بشأنه على مستوى الخبراء في أكتوبر/تشرين الأول 2022، لكن مع ذلك لم تتحصل إلى حد اللحظة على فرصة النظر فيه على مستوى مجلس إدارة الصندوق.

 

 

ولا يفوتنا أن ضبابية مآل ملف تونس الذي يلازم رفوف صندوق النقد دون بوادر واضحة للنظر فيه من مجلس إدارته، قد ألقت بظلالها على التصنيف السيادي لتونس، ما قد يزيد من حساسية الوضع أكثر فأكثر.

وكانت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني "فيتش رايتنغ" قد أكدت، في تقرير نشرته بتاريخ 3 مارس/آذار 2023، أن "تونس لا تزال تواجه مخاطر تمويلية كبيرة"، مشيرة إلى أن "مخاطر التمويل الخارجي في البلاد لا تزال مرتفعة"، مرجعة هذه المخاطر بالأساس إلى التأخيرات المتعلقة بالموافقة على برنامج تونس للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.

 

 

وأشارت إلى أن "السيولة الخارجية لتونس لا تزال شحيحة" مضيفة أن "التأخير المطول في صرف التمويل الخارجي أو الزيادة الكبيرة في فاتورة الواردات التونسية من شأنه أن يزيد الضغوط الخارجية بشكل كبير، نظرًا للعجز الكبير في الحساب الجاري"، متوقعة أن "تؤدي احتياطيات النقد الأجنبي المتاحة لسداد الديون إلى مزيد تراجع تصنيف تونس الائتماني".

 بدورها، كانت  وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني قد أعلنت، في 27 جانفي/يناير 2023، عن تخفيض التصنيف السيادي لتونس من "caa1" إلى "caa2" مع آفاق سلبية.  ناهيك عن ذلك، خفضت موديز تصنيفها للبنك المركزي التونسي المسؤول قانونيًا عن المدفوعات المتعلقة بكل سندات الخزينة، إلى "caa2" مع آفاق سلبية. ويعني التصنيف في خانة "Caa2" أن الحكومة التونسية والبنك المركزي معرضين إلى مخاطر عالية على مستوى إمكانية عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.

وفي انتظار ما ستبوح به اجتماعات الربيع لسنة 2023، تتركز المخاوف في تونس من فرضية الذهاب إلى نادي باريس لا سيّما وأنه، في حال عدم التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لن يبقَى أمام الدولة التونسية من حلول أخرى واردة. وفي التقرير التالي تفسير لماهية نادي باريس وتمحيص في مدى أرجحية فرضية ذهاب تونس إليه: تزايد الحديث عنه في تونس.. ماذا نعرف عن نادي باريس للديون؟