10-أبريل-2020

حيرة مستمرة خاصة بالنسبة لتلاميذ الباكلوريا (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

"من المؤكد أننا سنكمل البرنامج الدراسي لكن المهم هو أن نعود لمقاعد الدراسة دون أن نفقد تلميذًا أو إطارًا تربويًا واحدًا"، بهذه الكلمات لخّص الشاذلي الفرشيشي المعلم والنقابي لـ"ألترا تونس" موقفه من شلل المنظومة التربوية في تونس، على غرار بقية القطاعات الأخرى، تأثرًا بأزمة وباء كوفيد-19.

وأثارت أنباء عن اعتبار السنة الدراسية الحالية سنة بيضاء مخاوف الأولياء والتلاميذ والطلبة في منازلهم وسط تأكيد وزارة التربية على استبعاد هذه الفرضية ولكنها لم تحدد، وأيضًا وزارة التعليم العالي، بوضوح السيناريو المنتظر في ظل استمرار أزمة الوباء، لتتواصل حيرة العائلات بشأن ما تبقى من العام الدراسي رغم يقينهم أن سلامة أبنائهم هي في المقام الأول.

اقرأ/ي أيضًا: حينما يكشف فيروس "كورونا" هنات المنظومة التربوية في تونس

وزارة التربية.. أولوية الباكالوريا ولجوء إلى التعليم عن بعد 

وزير التربية محمد الحامدي أفاد، في تصريح بتاريخ 9 أفريل/نيسان 2020، أنه "لا أحد يستطيع أن يتنبأ بتاريخ عودة الدراسة بما في ذلك وزير الصحة أو رئيس الحكومة"، مشيرًا إلى إعداد وزارته أربعة سيناريوهات بحسب تطورات الوضع الوبائي في تونس.

وأكد أن الإشكالية تكمن في الامتحانات الوطنية وبشكل خاص في امتحانات الباكالوريا والذي يشمل حوالي 140 ألف تلميذ هذا العام، مبينًا أيضًا أن عودة مليونين وثلاثمائة تلميذ بعد رفع الحجر الصحي عملية ليست بالسهلة، مرجحًا اعتماد الثلاثية الأولى والثانية في حال لم يتم استئناف الدراسة بشكل عادي نهاية أفريل/نيسان الجاري.

المكلف بالإعلام بوزارة التربية لـ"ألترا تونس": برامج القناة التربوية لا تعوّض الدروس الحضورية 

الأستاذ والنقابي الشاذلي الفرشيشي، يرى، في حديثه معنا، أن قرار العودة إلى مقاعد الدراسة هو "قرار صحي يتخذه الأطباء" مشددًا على دعم أي قرار تضمن مصلحة التلميذ وتحفظه من الخطر.

من جانبه، أفاد المكلف بالإعلام بوزارة التربية محمد الحاج الطيب لـ"ألترا تونس" بأنه سيتم يوم الاثنين القادم 13 أفريل/نيسان 2020 توقيع اتفاقية بين وزارة التربية ومؤسسة التلفزة التونسية ومؤسسة الإذاعة التونسية، لتقديم روزنامة وموعد محدد لانطلاق القناة التربوية في البث مرجحًا أن يكون ذلك يوم الثلاثاء المقبل.

وأكد أن التعليم عن بعد الذي انطلقت فيه بعض المدارس الخاصة بالفعل وحتى برامج القناة التربوية لا تعوض الدروس الحضورية ولا يمكن بأي حال من الأحوال امتحان التلاميذ حول ما تم خلالها في إطار ضمان تكافؤ الفرص والتزامًا بما جاء في القانون التونسي الذي يربط بين الامتحانات والدروس الحضورية.

وأضاف محدّثنا حول السيناريوهات الممكنة لاستكمال السنة الدراسية، أنها كلّها متحركة مرتبطة في الزمن والتفاصيل بإجراء الحجر الصحي، لكنّه أكّد أن امتحانات الباكالوريا ستتم مهما كانت الظروف ولو بتأخير أجلها.

في سياق متّصل، حسم وزير التربية أمر السنة الدراسية البيضاء ونفى إمكانية اعتمادها أو المرور إلى الارتقاء الآلي، وأوضح في تصريح إذاعي إنه سيتم الانطلاق خلال أسابيع في بث القناة التعليمية المختصة التي ستكون موجهة أساسًا لتلاميذ الأقسام النهائية لمساعدتهم على المراجعة. وقال إن إمكانية النفاذ لآلية التعلم عن بعد ليست متاحة للجميع وتم اعتمادها كخيار وحل استعجالي للحفاظ على التواصل البيداغوجي.

رئيس الجمعية الوطنية للائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية: هدف التعليم عن بعد هو أن لا يقع تلميذ السنوات النهائية في الفراغ والنسيان

من جانبه، قال محمد بن فاطمة رئيس الجمعية الوطنية للائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية إن الأزمة الحالية دفعت الإدارة إلى البحث عن معالجة لهذه الأوضاع الخاصة للمدرسة وللمنظومة التربوية منها تأخير الامتحانات الوطنية بما يتلاءم مع وضحية الحجر الصحي العام وانتهائه أو تمديده.

وأوضح، في تصريح لـ"الترا تونس"، أن اعتماد آلية التعليم عن بعد عن طريق قناة تعليمية هو الحل في الوقت الحالي وهي عملية ليست سهلة ولا تعوض العملية التعليمية المباشرة التفاعلية بين الأستاذ والتلميذ، ولكنها ستكون عملية دعم لما تم إنجازه وإعداد لما سيتم التعرض إليه، لكي لا يقع تلميذ السنوات النهائية في الفراغ والنسيان. وأشار إلى تجارب مقارنة كانت اعتمدت القنوات التعليمية بديلًا عن نقص المدارس أو تعذر الوصول إليها.  

التعليم الجامعي عن بعد.. جدل وسط رفض النقابة

في ما يخص التعليم العالي، أصدرت وزارة التعليم العالي منشورًا يوم 19 مارس/آذار 2020 يدعو إلى تأمين التدريس عن بعد عبر وسائل جامعة تونس الإفتراضية، ويدعو كل مدرّس جامعي إلى تأمين حصص تفاعل ومرافقة بيداغوجية للطلبة بما يناسب عدد ساعات العمل الحضوري المطالب بها قانونًا.

وأضاف أنه يجب أن تمكن تقنية التكوين من إثبات ايداع المدرس الجامعي لدرسه على الخطّ من جهة وتعهّد الطالب وإطلاعه على ذلك المحتوى على أن جري الإمتحانات النهائية بصفة حضورية طبقًا لروزنامة تحدّد في الإبان بحسب ما جاء في نص المنشور.

وانطلقت الدروس عن بعد عبر منصات مختلفة ولا يعرف بعد نسبة الطلبة الذين تمكنوا من متابعتها. وعلى سبيل المثال، أعلن أساتذة جامعيون في معهد الصحافة وعلوم الإخبار انطلاقهم في التدريس عن بعد عبر تطبيق "زووم از" (zoom us) وانطلق عدد منهم بالفعل في إلقاء الدروس منذ الأسبوع الماضي.

غازي العيدودي (ممثل طلبة معهد الصحافة): يجب عدم اعتماد التعليم عن بعد لغياب المساواة وتكافؤ الفرص بين الطلبة

لكن ممثل طلبة معهد الصحافة غازي العيدودي عبّر عن "الرفض التام لآلية التعليم عن بعد ذلك لعدم توفر شرط التكافؤ في الفرص بين الطلبة وعدم تهيئة الطالب والأستاذ لهذه الآلية، مضيفًا في تصريح لـ"ألترا تونس" أنه تم إعلامه من قبل مديرة المعهد أنه سيتم اللجوء إلى المرافقة البيداغوجية إلا أن بعض الأساتذة استغلوا الموقف لمتابعة الدروس وطلب تمارين وأعمال عن بعد، وفق قوله.

وأفاد محدّثنا بأنه طالب بمجلس علمي استثنائي للمطالبة بعدم اعتماد التعليم عن بعد وذلك لغياب المساواة وتكافؤ الفرص بين الطلبة، والاكتفاء باعتماد المرافقة البيداغوجية بمعايير مضبوطة مثل توحيد طريقة التواصل مع الطلبة وعدم إسناد أي عدد وعدم إسداء أكثر من تمرين فقط أسبوعيًا.  كما أكد على ضرورة مراجعة المنصة، وتمكين الطلبة من الولوج للدروس بدون أي رقم مرور وإعلام المؤطرين بوجوبية التواصل مع طلبة السنة الثالثة تطبيقية.

اقرأ/ي أيضًا: حينما يكون الكتاب ملاذًا زمن الكورونا..عن مبادرة لإيصال الكتب إلى بيتك!

وأوضح العيدودي، في هذا الجانب، أن أكثر المتضررين في المعهد هم طلبة السنة الثالثة تطبيقية الذين لم يكملوا بعد تسجيل أعمالهم خاصة في ظلّ قلة التواصل باستثناء عدد قليل من الأساتذة. وقال إنه سيطالب بمد ممثلي الطلبة بقائمة أرقام هواتف أو البريد الالكتروني للأساتذة قصد التواصل. 

 وعن السيناريوهات الممكنة لاستكمال ما تبقى من السنة الدراسية، أفاد ممثل طلبة معهد الصحافة وعلوم الإخبار المجلس العلمي في انعقاد متواصل عبر البريد الإلكتروني لمعالجة ما يطرحه الوضع الحالي من إشكاليات.

من جانبها، أعلنت الجامعة العامة لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي بمنوبة رفضها القطعي "لما سمي ارتجالًا تدريسًا عن بعد" بسبب عدم توفر الظروف المثلى والشروط الضرورية لذلك وتحدّث عن استحالتها لدى أغلبية الأساتذة والطلبة، وفق قولها. وعلّقت الجامعة عن دعوة الوزارة للتدريس عن بعد بأنها لا ترتقي إلى مستوى التشاركية المطلوبة التي تجنّب الوقوع في أخطاء جسيمة.

ويعود موقف الجامعة، بحسب ما أفاد كاتبها العام بوبكر بن علي لـ"ألترا تونس" إلى طبيعة القرار المتسرع للوزارة والذي لا يراعي الامكانيات المطروحة.

بوبكر بن علي (الجامعة العامة لأساتذة التعليم العالي): لا مناص من سنة جامعية بيضاء

وأشار محدّثنا الى أن "ما اعتبرته الوزارة تعليمًا عن بعد هو في الحقيقة يسقط شكلًا حتى على مستوى الأساتذة الذين يفتقد عدد منهم للتكوين في مجال الرقمنة". وأكد رفض التمثيليات الطلابية أيضًا لهذا الإجراء، متسائلًا إن كانت الوزارة لها الوسائل الملائمة لتجبر الطلبة أو الأساتذة على الانخراط في هذه الآلية.

فالوزارة، بحسب بن علي، لم تؤطر سابقًا هذا الانتقال من الحضوري إلى الرقمي، كما أن العقد البيداغوجي الذي ينظم العملية التربوية بين الأستاذ والطالب لا أثر قانوني له في ضوء المقترح الجديد، مما يجعل هذه العلاقة غير مؤطرة قانونًا وفق تأكيده.

كما تحدث عن إشكالية خرق الخصوصية التي تطرحها استعمال الكاميرا في الحصص التفاعلية بين الطلبة والأساتذة التي لا تراعي ظروف أغلبية الأساتذة أو الطلبة.

وعن الفرضيات الممكنة لمعالجة السنة الجامعية الحالية، أوضح محدّثنا أنه "لا مناص من سنة جامعية بيضاء" مؤكدًا أنه بالإمكان تدارك الشهر الذي تبقى في عمر السداسي الثاني حضوريًا متى انتهت الأزمة والمرور إلى امتحانات في ظروف عادية.

ودعا الوزارة التي قال إنها تعتمد سياسة الهروب إلى الأمام إلى ضرورة الجلوس مع الأطراف النقابية لصياغة تصورات تشاركية في الإطار البيداغوجي والقانوني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

من كليات الهندسة إلى المستشفيات.. خط إمداد بالمعدات لمواجهة كورونا

"مدرسة العطلة".. طقوس ثقافية زمن الكورونا