22-ديسمبر-2020

نقص بذور الزراعة هذا العام وصعوبة الحصول على الأسمدة عمقا معاناة الفلاحين في تونس (صورة أرشيفية/ مريم الناصري/ ألترا تونس)

 

شهد موسم الزراعة هذا العام جملة من المشاكل التي أخرت انطلاقه منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويواجه أغلب الفلاحين صعوبة الحصول على البذور الكافية من الحبوب المختلفة، وصعوبة الحصول على الأسمدة الخاصة بالزراعات الكبرى لاسيّما مادة الأمونيتر.

وقد احتج عدد من الفلاحين في عدّة ولايات خاصة بالشمال، على غرار سليانة والكاف وباجة وجندوبة، أي أكثر المناطق المعروفة بزراعة الحبوب، وذلك بسبب نقص بذور الزراعة هذا العام وصعوبة الحصول على الأسمدة، مؤكدين أنّ موسم الزراعة ينطلق في العادة منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول إلاّ أنّ أغلب الفلاحين باشروا الزراعات في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني بسبب نقص الأمطار ونقص البذور وغياب الأسمدة في عدّة مناطق.

تحتاج الزراعات التي تمتد على قرابة مليون و250 ألف هكتار إلى قرابة 200 ألف طن من مادة الأمونيتر سنويًا، لكنّ مشكل توفير هذه المادة يعود إلى أكثر من 3 سنوات بسبب تراجع إنتاجها في تونس

وتحتاج الزراعات التي تمتد على قرابة مليون و250 ألف هكتار، وفق وزارة الفلاحة، إلى قرابة 200 ألف طن من مادة الأمونيتر سنويًا، لكنّ مشكل توفير تلك المادة يعود إلى أكثر من ثلاث سنوات بسبب تراجع إنتاجها في تونس.

وقد عقدت وزارة الفلاحة في فيفري/فبراير 2017 جلسة عمل حول تنظيم ومراقبة تجارة الأسمدة الفلاحية، تم التأكيد خلالها على تشكيل لجنة تضم في تركيبتها ممثلين عن وزارات الفلاحة والتجارة والطاقة والمناجم لمناقشة مشروع القانون المتعلق بتنظيم تجارة الأسمدة الكيميائية. 

كما تم التأكيد على اقتراح نظام جديد لتكريس الرقابة الفنية على الأسمدة الموردة وعلى الأسمدة المعدنية المصنعة محليًا لتكريس احترام معايير الجودة والمواصفات.

وتناولت الجلسة وفق وزارة الفلاحة الأطر التنظيمية والتسويقية المستوجبة لتنظيم الاتجار في الأسمدة المنتجة محليًا وهي الأمونيتر والـ"د.أ.ب" ومادة "السوبر 45"، وضمان استفادة الفلاحين من الدعم الحكومي على هذه المواد والذي يصل إلى نحو150 مليون دينار يتحملها المجمع الكيميائي التونسي، إضافة إلى كلفة بعث المخزونات الاستراتيجية بعد تنصل الموزعين بالجملة من هذه المهمة رغم تمتيعهم بمنحة للخزن.

بيْدَ أنّ مشاكل توزيع تلك الأسمدة لم تنتهِ إلى اليوم خاصة بسبب الاحتكار وتوزيعها في المسالك الموازية.

اقرأ/ي أيضًا:  حوار│مسؤول في "الفاو": دجبة وغار الملح تقومان على نظام زراعي عبقري

كما توقف منذ شهر جويلية/يوليو الماضي إنتاج الأسمدة في المجمع الكيمائي بقابس، ليستأنف المجمع نشاطه في سبتمبر/أيلول الماضي، ويوفر حوالي 75 بالمائة من حاجيات الموسم الفلاحي من هذه المادة فيما تستورد الكمية المتبقية.

وقد أشارت وزارة الطاقة والمناجم، في بلاع لها نشر في شهر سبتمبر/أيلول الماضي على صفحتها الرسمية، أنّ "تحقيقات فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بقابس في قضية فقدان مادة الأمونيتر الزراعي من معمل بقابس، قدرت وجود نقص في هذه المادة قارب 1600 طن ".

 وأضافت الوزارة أنّ "عملية جرد المخزون تتم وفق معايير علمية ومقاييس فنية. ويتعهد بها اختصاصيون إثر طلب عروض ووفقًا لكراسات شروط فنية وإدارية"، مشيرة إلى أنّ "ضياع كميات الأمونيتر تعود إلى أسباب صناعية وليست عمليات سرقة أو استخدامات غير قانونية".

علي بن الشافعي(فلاح): يعاني الفلاحون من مشكل احتكار وبيع مادة الأمونيتر في المسالك الموازية، إذ يفوق أحيانًا القنطار الواحد من الأمونيتر في المسالك غير المنظمة 90 دينارًا أحيانًا مقابل 60 أو 65 دينارًا في المسالك القانونية

في نفس الشهر، أعلنت وزارة الفلاحة أنّها ستقوم بتوريد 60 ألف طن من مادة الأمونيتر على ثلاث مراحل.  فيما أعلنت وزيرة الفلاحة والصيد البحري عاقصة البحري خلال جلسة مساءلة لأعضاء الحكومة بالبرلمان في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن نقص الأسمدة الكيميائية بسبب أزمة كورونا والاحتجاجات الاجتماعية بالمجمع الكيمائي والحوض المنجمي، مشيرة إلى أن حاجيات تونس تتمثل في 35 ألف طن من مادة "السوبر 45" ونحو 200 ألف طن من مادة الأمونيتر سنويًا.

وأعلنت أنّه تم الاتفاق مع المجمع الكيميائي بدعم من وزير المالية على استيراد 60 ألف طن من الأمونيتر على ثلاث دفعات بداية من شهر نوفمبر/تشرين الثاني إلى جانب مادة الـ"د.أ.ب" التي تشهد نقصًا بنحو 90 أف طنّ.

كما أكّدت وزيرة الفلاحة أنه سيتم تخفيض سعر بيع الأسمدة الكيمائية إلى 65 دينارًا للقنطار عوضًا عن 85 دينارًا.

ووفقًا لبلاغ صادر عن وزارة الفلاحة منتصف هذا الشهر، فقد أكدت الوزارة حرصها على توزيع هذه المادّة على مختلف مناطق إنتاج الزّراعات الكبرى، كما ستواصل اللّجنة الفنيّة المكلّفة بمتابعة توزيع الأسمدة الكيميائيّة توزيع الدّفعات المقبلة بالطّريقة التّي تضمن تقريب الخدمة من المنتج، وتفادي كلّ أشكال الاحتكار وارتفاع الأسعار، مع تعهّد الموزّعين باحترام الأسعار ومدّ الوزارة بقائمة اسميّة وعدد بطاقات التّعريف للمنتفعين.

على الرغم من ذلك، ما يزال مئات الفلاحين ينتظرون توزيع مادة الأمونيتر بالأساس لاستعمالها في الزراعات الكبرى التي انطلقت منذ مدّة.

عبد الكريم نجايمي: الأمن الغذائي  أصبح مهددًا نتيجة انخفاض الإنتاج من جهة وتراجع توريد الحبوب من جهة أخرى بسبب الأزمة الاقتصادية

وأشار علي بن الشافعي، فلاح بجهة منوبة، لـ"الترا تونس"  أنّ أغلب الفلاحين يعانون منذ سنوات من مشكل احتكار وبيع مادة الأمونيتر خاصة في المسالك الموازية، إذ يفوق أحيانًا القنطار الواحد من الأمونيتر في المسالك غير المنظمة 90 دينارًا أحيانًا مقابل 60 أو 65 دينارًا في المسالك القانونية".

 كما أضاف أنّ "عدم استعمال الأسمدة في الوقت المحدد يهدد صابة الحبوب هذا العام بشكل كبير".

من جانبه، يشير الفلاح عبد الكريم نجايمي لـ"الترا تونس" إلى أنّ أغلب كميات مادة الأمونيتر باتت توزع في السوق الموازية، ولم تصل بعد الكميات المطلوبة إلى جهة سليانة.

ولفت، في هذا الصدد، إلى أن ذلك تسبب في تعطيل انطلاق الزراعات في عدّة جهات، ومن شأنه تهديد الأمن الغذائي نتيجة تراجع الإنتاج من جهة وتراجع توريد الحبوب من جهة أخرى بسبب الأزمة الاقتصادية"، على حد قوله.

 وأضاف نجايمي أنّ "الكميات التي ستستورد من مادة الأمونيتر غير كافية ولا تفي حاجيات ربع المساحة المخصصة للزراعات هذا العام"، وفق تقديره.

 

اقرأ/ي أيضًا:

منح أراض فلاحية للمعطلين عن العمل.. برنامج جاذب في واقع صعب

قطاع الدواجن في تونس يواجه التهميش وخطر التوريد "المشبوه"