18-أغسطس-2020

حوار مع مسؤول إنتاج وحماية النباتات بالمكتب الإقليمي لمنطقة شمال إفريقيا بـ"الفاو" (صورة توضيحية/نيكولاس فوكي / كوربيس نيوز)

 

أكد محمد الهادي سيدات مسؤول إنتاج وحماية النباتات بالمكتب الإقليمي لمنطقة شمال إفريقيا بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لـ"ألترا تونس" أن المنظمة الدولية أطلقت منذ 16 سنة برنامجًا لحماية الأنظمة الزراعية التقليدية وأنظمة التراث العالمي الزراعي العبقري لما فيه من تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية.

وأبرز أن هذا البرنامج يهدف إلى ترويج المنتجات الزراعية لهذه الأنظمة وتحصين المزارعين التقليديين ودعمهم بتقديم المساعدة التقنية والترويج للسياحة الزراعية، في مواجهة التغييرات المناخية وزيادة المنافسة على الموارد الطبيعية.

وبين سيدات، في حوارنا معه، أنه تم إدراج 61 موقعًا بـ22 دولة ضمن قائمة التراث الزراعي العالمي. فعلى الصعيد العربي، أُدرجت مناطق في الجزائر والمغرب والإمارات. أما في تونس، اُدرجت كلّ من دجبة العليا بولاية باجة وغار الملح بولاية بنزرت، فضلًا عن واحة قفصة.

سيدات (مسؤول إنتاج وحماية النباتات بالمكتب الإقليمي للفاو) لـ"ألترا تونس": الحدائق المعلقة في دجبة تقوم على نظام عبقري

اقرأ/ي أيضًا: حوار| عبد المجيد الزار: الدولة تضرب المنتج التونسي ونرفض "الأليكا"

"الحدائق المعلقة في دجبة تقوم على نظام عبقري" على حد تعبير سيدات الذي أكد أنه وقع تطويره وصيانته عبر الأجيال وأنه يتميز بتصميم المدرجات على تضاريس صخرية شديدة التفاوت، إضافة إلى تطوير بساتين معلقة وإنشاء نظام تدريجي معقد في الزراعة واستخدام بذور محلية وهو ما يمثل نظامًا تقليديًا متكاملًا يجمع الإنتاج الزراعي وتربية الحيوانات.

أما في غار الملح، فإن التقنية الزراعية المعتمدة، منذ القرن السابع عشر، تسمى بـ"الرملي"، وهي زراعة على الرمال تعتمد على ري المحاصيل بالأساس بمياه الأمطار العذبة التي تطفو على سطح البحر، وتصل هذه المياه للأراضي عبر حركة المد والجزر. "هذا النظام عبقري" يقول الخبير الدولي موضحًا أنه يسمح بريّ الزراعات طيلة السنة دون اعتماد المياه الصناعية.

سيدات: دجبة وغار الملح تمثلان نموذجًا للتراث الزراعي الخالي من المبيدات

ويؤكد مسؤول إنتاج وحماية النباتات بالمكتب الإقليمي لمنطقة شمال إفريقيا بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن هذين الموقعين يمثلان نموذجًا للتراث الزراعي الخالي من المبيدات، مؤكدًا أن منتوجاتهم ذات مذاق مميز. كما يشكلان نموذجًا متناغمًا رائعًا بين الحقول يجمع المناظر الطبيعية والحيوانات، فضلًا عن الخبرة المحلية، والتنوع البيولوجي الخالي من المبيدات، والموروث الثقافي المرتبط بهما.

وبين محدث "ألترا تونس" أن إدراج دجبة وغار الملح  في التراث الزراعي العالمي سيشجع المواطنين على الحفاظ على هذا التراث للأجيال القادمة، كما سيجبر الحكومات على منح تسمية المنشأ الخاصة لمنتجات هذه المناطق التي ستكون مراقبة وستسمح بزيادة الترويج والتعريف بها.

وشدد الخبير الدولي في الزراعة، في سياق متصل، على أن البذور المحلية هي أساس العملية الزراعية، وهو ما يتطلب الإحاطة من أجل إيجاد بذور ذات جودة عالية تتماشى مع البذور المحلية، مؤكدًا أن هذا ما يميز دجبة وغار الملح.

محمد الهادي سيدات - مسؤول إنتاج وحماية النباتات بالمكتب الإقليمي لمنطقة شمال إفريقيا بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة

 

اقرأ/ي أيضًا: من "الشتيوي" إلى "البركة".. فلاح عصامي يقود معركة حماية البذور التونسية

أما بالنسبة للزراعة عامة، فإن منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية تشجع كل الدول على بذل جهد خاص لإنتاج بذور محلية وخاصة بعد جائحة كورونا، وفق سيدات الذي اعتبر أن الدول أدركت ضرورة الاعتماد على بذورها المحلية وقدراتها الذاتية. وأشار، في هذا السياق، إلى أن تطوير ذلك يعتمد أساسًا على معاهد البحوث، منوهًا بأن تونس لديها مراكز بحث ذات جودة عالية ويمكن أن تقوم بهذه العملية، فضلًا عن ضرورة تشجيع المزارعين على تبادل هذه البذور المحلية فيما بينهم، وفق تقديره.

وفي سياق متصل، دعا الدول إلى ضرورة العمل على مواجهة الحرائق التي تنشب في الأراضي الزراعية خصوصا في فصل الصيف، مؤكدًا أنه لابد من اتخاذ إجراءات صارمة لما تخلفه من تداعيات كارثية على الطبيعة من جهة وعلى الزراعة من جهة أخرى.

سيدات: الأمم المتحدة للزراعة والأغذية تشجع كل الدول على بذل جهد خاص لإنتاج بذور محلية بما هي أساس العملية الزراعية

وأفاد محدثنا أن منظمة الزراعة في شراكة مع منظمة الصحة العالمية التي تقوم بتحديد معايير وقيمة كل منتوج وكل مبيد، مبينًا أن الدول غير قادرة على القيام بالبحوث اللازمة، وبالتالي فقد حددت المنظمة المعايير دوليًا حسب دراسات علمية لمساعدتها على الحد من تأثير هذه المبيدات على صحة الإنسان وعلى البيئة، على حد سواء.

ويرى محمد سيدات أن مراقبة استعمال المبيدات لا يجب أن تتم على المنتوج الجاهز للغذاء بل يجب التدخل قبل ذلك من خلال تسجيل مبيدات وتقييم آثار المبيد على صحة الإنسان والبيئة وتكوين المزارعين وترشيدهم واحترام توقيت جني المحصول وتوقيت رش المبيد الخ، لكن المزارعين، للأسف، لا يحترمون هذه الإجراءات، فاستعمال المبيدات يتطلب جملة من الشروط من بينها أن يكون مسجلًا وأن يحدد توقيت استعماله وتوقيت جني الثمرة بعد استعماله، وفق تقديره.

سيدات: منظمة الزراعة في شراكة مع منظمة الصحة العالمية التي تقوم بتحديد معايير وقيمة كل منتوج وكل مبيد

كما شدد سيدات على  أن تونس تستجيب للمعايير الدولية والعالمية وهو ما جعلها  تصدر جملة من المنتوجات للاتحاد الاوروبي كشريك مع تونس. وبين، في هذا الجانب، أن المنظمة تعمل بالتعاون مع وزارة الفلاحة التونسية على مراقبة جودة المواد النباتية والحيوانية، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك دعم للمختبرات التي ستعمل على جودة المنتجات المصدرة وحتى المحلية ومراقبتها من البذرة إلى أن تصبح ثمرة.

وأوضح المسؤول عن إنتاج وحماية النباتات بالمكتب الإقليمي لمنطقة شمال إفريقيا بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، في ختام حوارنا معه، أن المكتب تم تأسيسه بطلب من دول المغرب العربي، لافتًا إلى أنه من المنتظر أن تفعّل عديد البرامج للتبادل ودفع العمل المشترك بين هذه الدول خاصة في المجال الزراعي، حسب تقديره.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مبارك بن ناصر:القمح والزيتون تحيط بهما الأخطار وتهريب الجينات كارثي (حوار1/2)

مبارك بن ناصر: "الشملالي" و"الشتوي" أفضل مشاتل الزيتون في الكون (حوار 2/2)