20-مارس-2023
يوسف عبيد

يوسف عبيد خلال ندوة نظمتها الجمعية التونسية للقانون الدستوري

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد الباحث بكليّة العلوم القانونية يوسف عبيد، الاثنين 20 مارس/ آذار 2023، أنّ "حلّ المجالس البلدية رسالة دقيقة المضمون مفادها أنّ قيس سعيّد يطبّق ما يقرّر، وأنه ماض لامحالة في تنزيل مشروعه الشخصي ولو بصفة تدريجية، وأنها رسالة مضمونة الوصول إلى المنتخَبين الحاليين منهم والسابقين والمستقبليين، ومعتنقي مشروعه الشخصي فضلًا عن معارضيه" وفق قوله.

يوسف عبيد: حلّ المجالس البلدية رسالة مضمونة الوصول إلى المنتخَبين من معتنقي المشروع الشخصي لسعيّد ومعارضيه على حد السواء

وتابع عبيد خلال ندوة نظمتها الجمعية التونسية للقانون الدستوري، لتقديم قراءة أولى في المراسيم المتعلقة بحل المجالس البلدية وبتنقيح القانون الانتخابي وبتنظيم مجلس الجهات والأقاليم، أنّ هناك "غزارة مرسومية" عرفها الرائد الرسمي عدد 24 بتاريخ 3 مارس/ آذار 2023، في علاقة بالمحتوى المحلي، محاولًا الإجابة عن 3 أسئلة فرعية، هي:

  • لماذا تم حلّ المجالس البلدية؟ 
  • لماذا تمّ حلّها في هذا التوقيت بالذات؟
  • ما هو الشكل القانوني الذي تم اعتماده لحلّ هذه المجالس البلدية؟ 

في محاولة منه لتقفي آثار السؤال الأول، قال عبيد إنّه يجب على من قام بحلّ هذه المجالس البلدية أن يشرح الأسباب التي كانت وراء ذلك، فهو قرار على قدر كبير من الأهمية يتمثّل في حلّ 350 مجلس بلدي، بما يعني أكثر من 7200 نائب بلدي وقع انتخابهم.. لكنّ سعيّد في خطابه عرّج بطريقة خاطفة على ذلك في 49 ثانية من إجمالي خطاب طوله 14 دق و5 ثواني، وذلك لا يمكنّنا من معرفة أسباب الحلّ، وفق قوله.

يوسف عبيد: حلّ المجالس البلدية هي عقوبة جماعية لكل المجالس المنتخبة بمقتضى مرسوم وعبارة عن تنفيذ لقرار هدم تم اتخاذه مسبقًا

وتطرّق يوسف عبيد إلى غياب الاطّلاعات في مرسوم حلّ المجالس البلدية، ما يصعّب من عملية معرفة الأسباب وراء ذلك، مشيرًا إلى أنّ المدافعين عن هذا القرار، يتعلّلون بسبب ظرفي بأنّ هذه المجالس كانت "دكاكين سياسية للأحزاب"، وبأنّها فشلت في مدتها النيابية الأولى، لافتًا إلى أنّه يكفي تطبيق القانون الانتخابي في وجوب حياد الإدارة حتى نتخلص سريعًا من هذا السبب الذي وصفه بـ"الصوري"، وفقه.

وشدّد الباحث في القانون على أنّ تقييم عمل المجالس البلدية خلال 5 سنوات، يتطلب الأخذ بجميع العناصر المؤثرة في هذه التجربة مثل ضعف الإرادة السياسية نحو تكريس السلطة المحلية، معتبرًا أنّ عملية الحلّ هي عقوبة جماعية لكل المجالس المنتخبة بمقتضى مرسوم، وأنّ هذا الأمر يتضمن رسائل سياسية بامتياز، مفادها أن حلّ هذه المجالس يأتي كخطوة إضافية في تنزيل المشروع الشخصي لسعيّد، وعبارة عن تنفيذ لقرار هدم تم اتخاذه مسبقًا، وفق تعبيره.

يوسف عبيد: قرار حلّ المجالس البلدية غير مفاجئ، المفاجئ هو توقيت هذا الحلّ، والذي جاء 3 أشهر قبل النهاية الطبيعية للعهدة النيابية الأولى للمجالس البلدية

وقال يوسف عبيد: "عملية حلّ المجالس البلدية كانت تتويجًا طبيعيًا لمختلف المراحل التي تلت 25 جويلية/ يوليو 2021، من ذلك خطاب سعيّد الذي يعتبر أن البلديات تمثل دولة داخل الدولة، وأن مجلة الجماعات المحلية تم إعدادها على المقاس، فضلًا عن اعتباره أن أزمة النفايات في صفاقس تسبّبت فيها البلديات"، قائلًا إنّ كلّ ذلك جعل من قرار حلّ المجالس البلدية غير مفاجئ.

على أنّ المفاجئ في هذه المسألة، هو توقيت هذا الحلّ، والذي جاء 3 أشهر قبل النهاية الطبيعية للعهدة النيابية الأولى للمجالس البلدية، وقال: "كان بالإمكان فقط تنقيح القانون الانتخابي في علاقة بالانتخابات البلدية القادمة، لكنّ سعيّد اختار حلّها وتعيين الكتّاب العامين على رأس البلديات إلى حين تنظيم انتخابات بلدية جديدة".

يوسف عبيد: من الواضح أنّ حلّ المجالس البلدية 3 أيام قبل انعقاد الجلسة الافتتاحية للبرلمان، خطوة استباقية لمصادرة السلطة التشريعية لمجلس نواب الشعب

وأضاف يوسف عبيد أنّ هذه الخطوة جاءت أيضًا 3 أيام قبل انعقاد الجلسة الافتتاحية للبرلمان التونسي، ولذلك "من الواضح أنها خطوة استباقية لمصادرة السلطة التشريعية للبرلمان، فقد كان بالإمكان انتظار البرلمان ليحسم في المسألة رغم الهنات والنقائص".

أما عن الشكل القانوني الذي تم اعتماده لحلّ هذه المجالس البلدية، فقد أكّد أنّه مرسوم لا يقبل أي وجه من أوجه الطعن، وجاء مواصلة للأمر 117 وبالتالي هو مواصلة لإجراء في إطار الحالة الاستثنائية، وقال: "هناك غياب للنقاش القبلي ككل المراسيم التي يصدرها سعيّد".

 

 

يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيّد أعلن، في 8 مارس/آذار 2023، أنه قرر حل المجالس البلدية والبالغ عددها 350 مجلسًا في مختلف ولايات البلاد وتعويضها بنيابات خصوصية. وهي المجالس التي تم انتخابها في ماي/أيار من سنة 2018 في انتخابات بلدية هي الأولى من نوعها إبان ثورة 2011.

وقد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، في عدده المنشور الخميس 9 مارس/آذار، المرسوم الرئاسي عدد 9 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس/آذار 2023 يتعلق بحلّ المجالس البلدية. وينص على أنه تُعهد للمكلفة بالكتابة العامة للبلدية تحت إشراف والي الجهة مهمة تسيير الشؤون العادية للبلدية وإدارتها.

وقد أثار ذلك جدلًا واسعًا على الساحة السياسية في تونس، وتراوحت ردود الفعل بين من ينددون بهذا القرار ويعتبرونه خطوة جديدة في مسار "تفكيك" مؤسسات الدولة واستكمال مسار البناء القاعدي، وآخرين ثمّنوا ذلك.