10-مارس-2023
قيس سعيّد

قام سعيّد بحل مختلف المؤسسات المنتخبة خلال الفترة السابقة أو قام بتهميش دورها أو تطويعها (صورة أرشيفية/فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

بتاريخ 8 مارس/آذار 2023، حل الرئيس في تونس آخر المجالس المنتخبة وهي المجالس البلدية والبالغ عددها 350 مجلسًا في مختلف ولايات البلاد. وهي المجالس التي تم انتخابها في ماي/أيار من سنة 2018 في انتخابات بلدية هي الأولى من نوعها إبان ثورة 2011.

قام سعيّد بحل مختلف المؤسسات المنتخبة خلال الفترة السابقة أو قام بتهميش دورها أو تطويعها

لم يكن حل المجالس البلدية من قبل قيس سعيّد مفاجئًا للمتابعين للشأن التونسي، فقد قام الرجل بحل مختلف المؤسسات المنتخبة خلال الفترة السابقة أو قام بتهميش دورها أو تطويعها.

 

 

مشروع "البناء القاعدي" الذي يتبناه سعيّد في جوانب عدة، لا يتضمن دورًا هيكليًا للبلديات بل يتضمن مجلس الأقاليم والجهات وهو المضمن في دستوره، كغرفة ثانية إضافة لمجلس النواب ولم يكن مضمنًا في دستور 2014.

ولم يدرج سعيّد أي تفاصيل عن طريقة انتخاب مجلس الجهات والأقاليم في الدستور وكان متوقعًا أن يمثل المحطة القادمة في مساره، بعد الاستشارة الإلكترونية والاستفتاء على الدستور وانتخاب مجلس النواب في دورتين.

مشروع "البناء القاعدي" الذي يتبناه سعيّد في جوانب عدة، يتضمن مجلس الأقاليم والجهات وهو المضمن في الدستور، كغرفة ثانية إضافة لمجلس النواب

كان لافتًا مسارعة سعيّد بسنّ مرسوم يخص مجلس الجهات والأقاليم مؤخرًا، وذلك قبل عقد مجلس النواب جلسته الأولى، يوم الاثنين القادم. هو يواصل في تركيز ما يسميه "البناء الجديد" أو "التاريخ الجديد" ويصر أن يسن بنفسه عبر المراسيم الرئاسية (لا البرلمان عبر القوانين) التي يحكم من خلالها كل المجالات في تونس منذ أكثر من سنة ونصف، كل التشريعات التي ستنظم المرحلة القادمة من حكمه.

نعود في هذا المقال التفسيري، إلى أبرز ما ورد في المرسوم الرئاسي المتعلق بمجلس الجهات والأقاليم، وهو المرسوم الذي صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) يوم الخميس 9 مارس/آذار 2023، والذي عكس بشكل واضح هذه المرة فلسفة ما يسميه أنصار الرئيس "البناء القاعدي" في مقابل الديمقراطية التمثيلية، لكن المتثبت في كل المراسيم الرئاسية التي أعادت تشكيل منظومة الحكم ما بعد 25 جويلية/يوليو 2021، يجد بالأساس تجميعًا للسلطة والقرارات عند منصب رئيس الجمهورية تحت مسميات وإشارات مختلفة كل مرة.

نحاول هنا طرح عدد من الأسئلة والإجابة عنها بخصوص هذا الهيكل الجديد "مجلس الجهات والأقاليم" وفلسفة تركيبته وتركيبة المجالس المحلية والجهوية وتلك الخاصة بالأقاليم والعلاقة بينها ومهامها.


  • 1 ـ هل سيكون هناك اقتراع مباشر لأعضاء المجالس المحلية والجهوية وكذلك مجالس الأقاليم؟

لا. لأول مرة في تاريخ القوانين الانتخابية التونسية، تحضر "القرعة"، فوفق المرسوم الرئاسي، سيتم فقط انتخاب المجالس المحلية بشكل مباشر وباعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد. في حين ستعتمد "القرعة" في عملية اختيار الممثل عن المجلس المحلي بالمجلس الجهوي الراجع له بالنظر، وينتخب أعضاء كل مجلس جهوي ممثليهم بمجلس الأقاليم. هكذا، ستكون هناك مراوحة بين الانتخاب المباشر وغير المباشر والقرعة.

سيتم فقط انتخاب المجالس المحلية بشكل مباشر وباعتماد الاقتراع على الأفراد في حين ستعتمد "القرعة" في عملية اختيار الممثل عن المجلس المحلي بالمجلس الجهوي

في تفسير ذلك، يمكن القول إنه ستكون هناك انتخابات مباشرة لأعضاء المجلس المحلي ويعدّ ناخبًا لانتخابات المجلس المحلي الناخبون المسجلون بالعمادات الراجعة ترابيّا للمجلس المحلّي المعني.

في صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المصرح بها في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية خلال الأسبوعين التاليين للإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأول،ى يتقدم إليها المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى. يتم التصريح في الدورة الثانية بفوز المترشح المتحصل على أغلبية الأصوات.

يتوافق تراب المجلس المحلي مع تراب المعتمدية. وإذا كان عدد العمادات في إحدى المعتمديّات دون الخمسة، تتولّى الهيئة تقسيم المعتمدية إلى دوائر انتخابيّة لا تقلّ عن العدد المذكور.

  • في ظل غياب انتخابات مباشرة من الشعب، كيف ستتكون المجالس الجهوية؟

بخصوص أعضاء المجالس الجهوية، سيتم اختيارهم من قبل أعضاء المجالس المحلّية، ولا يتعلق الأمر بانتخابات مباشرة من الشعب. ويتوافق تراب المجلس الجهوي مع تراب الولاية.

سيتمّ تنظيم "قرعة" بين الأعضاء المنتخبين بالمجلس المحلي لعضويّة المجلس الجهوي تحت إشراف هيئة الانتخابات

ينص المرسوم الرئاسي على أنه سيتمّ تنظيم "قرعة" بين الأعضاء المنتخبين بالمجلس المحلي لعضويّة المجلس الجهوي تحت إشراف هيئة الانتخابات.

ويقع التناوب لعضويّة المجلس الجهوي بين الأعضاء المنتخبين بالمجالس المحلية، بالقرعة كلّ ثلاثة أشهر. ولا يُشارك في "القرعة" عند التّناوب العضو الذي مثّل المجلس المحلّي للمدة السابقة.

يقع التناوب لعضويّة المجلس الجهوي بين الأعضاء المنتخبين بالمجالس المحلية، بـ"القرعة" كلّ ثلاثة أشهر

  • وماذا عن مجالس الأقاليم؟

أما مجلس الإقليم فيتم اختيار أعضائه أيضًا من أعضاء المجالس الجهويّة الراجعة ترابيًّا للإقليم المعني. ويحدّد تراب كل إقليم والولايات الراجعة له بالنّظر بمقتضى أمر لم يحدد بعد.

وفي تفسير الطريقة إليكم التالي: ينتخب أعضاء كلّ مجلس جهوي من بينهم ممثّلاً واحدًا بمجلس الإقليم.

  • وماذا عن مجلس الجهات والأقاليم؟

ينص المرسوم الرئاسي أن يقوم أعضاء كلّ مجلس جهوي بانتخاب ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. كذلك ينتخب أعضاء مجلس كلّ إقليم نائبًا واحدًا من بينهم لتمثيل الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

يقوم أعضاء كلّ مجلس جهوي بانتخاب ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. كذلك ينتخب أعضاء مجلس كلّ إقليم نائبًا واحدًا من بينهم لتمثيل الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم

  • هل يحق للتونسي الحامل لجنسية أخرى الترشح لعضوية المجلس المحلي أو لعضوية أي مجلس آخر؟

لا، ينص المرسوم الرئاسي أنه لا يحق للمترشح للمجالس المحلية أن يكون حاملًا لجنسية أخرى، وباعتبار أنها الانتخابات المباشرة الوحيدة وطرق اختيار أعضاء باقي المجالس وصولًا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم هي عبر القرعة أو الانتخاب غير المباشر ممن سبق انتخابهم للمحلية، فإن كل مزدوجي الجنسية محرومون من عضوية أي من هذه المجالس.

وهذه ليست سابقة في المراسيم الانتخابية التي أقرها قيس سعيّد.

  • كم حددت المدة النيابية؟

المدة النيابية، وفق الفصل الثالث من المرسوم المذكور، بالنسبة لأعضاء المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم والمجلس الوطني للجهات والأقاليم هي خمس سنوات.

  • والآن خاصة، لماذا نتحدث عن "البناء القاعدي" وكيف ترجم مجلس الجهات والأقاليم ومختلف المجالس المؤدية له هذه الفكرة؟

سأعود بكم أشهرًا للوراء، في سبتمبر/أيلول 2022،  وفي محاولة لفهم فلسفة وتركيبة "المجلس الوطني للجهات والأقاليم" المُقترح حينها حديثًا في الدستور الجديد دون إيراد أي تفاصيل.

خلال محاولاتي للبحث والفهم، ووفق التجربة المستفادة لأكثر من سنة، لا يُنتظر إيجاد الإجابة عند السياسيين الفاعلين في المشهد التونسي منذ عقود، ولا عند أساتذة القانون ولا المحللين والباحثين بل في بعض الحوارات الإعلامية منذ سنوات للرئيس قيس سعيّد أو في ورقات قليلة قدمها رفاق له اجتمعوا خاصة تحت مسمى "قوى تونس الحرة" (يدعون لتطبيق فكرة النظام القاعدي)، أو بعض الفاعلين في التنسيقيات التي شاركت في حملته الانتخابية لرئاسيات 2019 والذين وقع تعيين عدد منهم في مناصب وزارية أو مسؤوليات أخرى داخل مؤسسات الدولة إبان 25 جويلية/يوليو 2021.

توجهت حينها لمدونة "قوى تونس الحرة" ولفتني نص بتاريخ 1 ماي/أيار 2011 بعنوان "مشـروع إعلان مبادئ تتّصـل بمحاور الدستور الجديد: كيف يجسّم الدستور الجديد للدولة التونسية طموحات الشعب التونسي في ثورة 14 جانفي 2011؟".

وفي هذا النص، مقترح من "قوى تونس الحرة" لتوزيع السلط في الدستور (يسمونها سلطًا وليست وظائف كما سماها سعيّد في الدستور الجديد) وأسفله ما قدموه فيما يخص مجلس الجهات والأقاليم وكنت أوردته في تقرير بعنوان: في محاولة فهم توجه قيس سعيّد في القانون الانتخابي القادم..  وقد نٌشر بتاريخ 4 سبتمبر/أيلول 2022. 

"قوى تونس الحرة": ينبثق عن المجالس المحلية/الشعبية مجلس وطني للجهات يراعي التوازنات الشعبيّة التنمويّة وتكون له أحقيّة النظر والمصادقة على ميزانية الدولة وأولوية النظر والمصادقة على الاعتمادات المخصّصة للتنمية..

يقولون إن  "الجهة هي المحرّك الأساسي للتنمية والفاعل الأساسي في التجديد الديمقراطي والاجتماعي وعليه:

  1. تنبعث السلطات في مستوى الجهات على أساس مبدأ الانتخاب العام الحر، المباشر والسرّي وفق نظام يسمح بأقصى شروط الترشّح والانتخاب الحريّن طبق نظام الاقتراع على الأفراد ووفق نظام دوائر انتخابية أكثر قربًا لمواطني الجهات.
  2.  تتمتّع الجهة بسلطة شعبية جهوية تمارس بواسطتها المداولات وتتّخذ القرارات وتراقب أداء الإدارة الجهوية والمحلية التي تتألّف من الإدارات القطاعيّة وتنسّق بينها وتمارس سلطات واسعة على الإدارة الجهوية في المسائل المتّصلة أوّلاً بالتنمية وثانيًا بالمرافق العموميّة وحفظ الأمن والصحّة وتعتبر فضاء وصل بين كافة الهيئات والجمعيات التنمويّة الناشطة في الجهة ويكون لها سلطة تحديد منوال التنمية الملائمة لاحتياجاتها وإمكانياتها".

كما ورد في ذات الوثيقة أنه "ينبثق عن المجالس المحلية/الشعبية مجلس وطني للجهات يراعي التوازنات الشعبيّة التنمويّة وتكون له أحقيّة النظر والمصادقة على ميزانية الدولة وأولوية النظر والمصادقة على الاعتمادات المخصّصة للتنمية.. كما ينتخب الشعب مجلسًا شعبيًا وطنيًا انتخابًا عامًا حرًا مباشرًا وسريًا (الأفراد)، يتولّى مسألة التشريع العام كما يتولّى الإشراف على البنك المركزي".

وفق المذكور أعلاه والرسم التوضيحي الموالي والذي ورد أيضًا ضمن وثائق متداولة لـ"قوى تونس الحرة"، استنتجت حينها في سبتمبر الماضي، أن يتجه سعيّد، في إطار تبني ذات الفلسفة التي عرف بقربه من المروجين لها، إلى تكوين المجلس الوطني للجهات من خلال تحديد دوائر انتخابية جديدة صغيرة، يقع وفقها انتخاب مباشر من المواطنين على الأفراد لتكوين المجالس المحلية ثم ومن داخل هذه المجالس المحلية يتم تصعيد مكونات المجالس الجهوية ومنها إلى المجلس الوطني للجهات، وهو ما تم فعلًا.

وكتبت حينها "تتعدد عند هذه المرحلة الأفكار حول من سيمر من المجالس المحلية إلى الجهوية ثم إلى المجلس الوطني للجهات ووفق أي شروط، وعند هذا المستوى تختلف الآراء حتى داخل شخصيات فاعلة في مشروع "قوى تونس الحرة"، وأقول اليوم إن ذلك ربما ما دفع سعيّد للتوجه للـ"قرعة" حلًا.

وكانت وثيقة أخرى لـ"قوى تونس الحرة" بتاريخ نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، تضمنت التالي "ينبثق المجلس الوطني للجهات من المتصدرين الأوائل المنتخبين يقومون بتمثيل محلياتهم بالتساوي في عدد المقاعد"، وهو رأي ليس محل إجماع بين النشطاء في "قوى تونس الحرة".

 

قوى تونس الحرة

رسم بياني تضمنته عدة وثائق لـ"قوى تونس الحرة" ويوضح طريقة تكوين وعمل مختلف السلط وفق تصورهم

 

  • كيف ستعمل مختلف المجالس وما هي مهامها؟

اكتفى دستور 2022 بالإشارة سريعًا إلى هذه المجالس على اختلافها وبعض أدوارها، ومن ذلك ما ورد أساساً في الفصل 133 من الباب السابع "تمـارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلّية المصالح المحلّيــة والجهويّة حسبما يضبطه القانون".

عٌدت إلى نصوص "قوى تونس للحرة" للبحث فيما يقدمونه في هذا السياق، ومما وجدت في في أحد النصوص المتداولة بين المنخرطين في "قوى تونس الحرة" والمنشور أولاً بتاريخ 3 أوت/أغسطس 2011، قبل أن تتم إعادة نشره مرات عديدة، يتم التركيز على ما يسمونه "الديمقراطية المحلية التشاركية من خلال انتخاب المجالس المحلية والجهوية"، ويعتبرون ذلك "صفعة للديمقراطية التمثيلية وللأحزاب والطبقة السياسية.."، وهي تمكنهم من المرور من شعار "الشعب يريد إسقاط النظام إلى الشعب يقرر تفكيك النظام"، وفق ذات النص.

ورد في النص المذكور "إن ترسيخ مبادئ الديمقراطية المحلية يتم بإشراك السكان في تدبير شؤونهم عن طريق اختيار ممثليهم في المجالس وفق نظام الاقتراع على الأفراد وبالتالي فهي تتعارض مع مبادئ الديمقراطية التمثيلية التي ثبت فشلها وما عزوف المواطنين في كل أصقاع الدنيا عن الانتخاب لخير دليل.."، وفقه.

"قوى تونس الحرة": "الديمقراطية المحلية التشاركية من خلال انتخاب المجالس المحلية والجهوية هي صفعة للديمقراطية التمثيلية وللأحزاب والطبقة السياسية.." وتمكن من المرور من شعار  "الشعب يريد إسقاط النظام إلى الشعب يقرر تفكيك النظام"

ويوضح "قام نظام الإدارة المحلية تاريخيًا لتأكيد حق سكان كل مجتمع محلي في إدارة شؤونهم المحلية وحياتهم اليومية بأنفسهم، باعتبار أن السكان في كل مجتمع محلي (قرية، مدينة، مركز) أقدر على معرفة أحوالهم ومشاكلهم وتحديد احتياجاتهم. وتقوم الإدارة المحلية بدور بالغ الأهمية بالنسبة للسكان إذا توفرت لها الصلاحيات الكاملة لإدارة الشؤون المحلية واستقر الرأي على أن تمارس دورها في ثلاثة مجالات أساسية هي: الخدمات والمرافق العامة والتنمية المحلية".

ويتابع "لا مناص من أن يكون متساكني الجهة مؤمنين في أغلبيتهم الساحقة كون ما يفعلونه وما يبذلونه من مجهودات إنما هو لمصلحتهم ولمصلحة أبنائهم من الأجيال الحالية والقادمة. وإيمانهم بذلك أوّل ما يقتضيه المشاركة في صنع القرارات الجهوية. وهذا هو السبيل الوحيد والسديد للتنمية الإقتصادية والإجتماعية  والحضارية الجهوية بمعناها الشامل".

"قوى تونس الحرة": "المجالس المحلية تختص بمراقبة أداء الأجهزة التنفيذية ومحاسبة المسؤولين وتكون لها سلطة إصدار قرارات ملزمة للأجهزة التنفيذية، وتحاسبها عن مدى قيامها بتنفيذها"

وفق ذات النص لـ"قوى تونس الحرة"، فإن المجالس المحلية والتي تكون منتخبة مباشرة من الشعب "تختص بمراقبة أداء الأجهزة التنفيذية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الأجهزة، وهو ما يتطلب أن تكون لهذه المجالس الشعبية المحلية المنتخبة اختصاصات واضحة ومحددة دستوريًا في توجيه العمل بهذه المجالات، وأن تكون لها سلطة إصدار قرارات ملزمة للأجهزة التنفيذية، تحاسبها على مدى قيامها بتنفيذها من عدمه".

وفي نص آخر لهم بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، يتم توضيح اختصاصات المجالس المحلية المنتخبة، وفقهم، ومن بينها:

  1. "وضع مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلدات 
  2. إصدار قرارات ملزمة للأجهزة التنفيذية
  3. مراقبة أداء الأجهزة التنفيذية حول مدى قيامها بتنفيذ المشاريع من عدمه ومحاسبتها، فالمجالس المحلية تتمتع بسلطة شعبية واسعة في متابعة ومراقبة المؤسسات والإدارات المحلية القطاعية عند تنفيذ الخطة التنموية وفي إدارة المرافق العامة
  4. تدبير الأملاك والمرافق العمومية الجماعية كالماء والكهرباء والنقل،
  5. السهر على النظافة وحماية البيئة،
  6. إنجاز وصيانة التجهيزات الثقافية والرياضية،
  7. إحداث المدارس والمراكز الصحية ومراكز التكوين المهني،
  8. صيانة وترميم وتنشيط المآثر التاريخية"...

وورد في ذات الوثيقة "يساهم المنتخَبون في تنمية جماعتهم بحسن تدبير شؤونها، ويحق للمواطنين تقديم اقتراحاتهم وإبداء آرائهم حول مشاريع مجالسهم، في إطار منظومة بعد مداولات مفتوحة وتدخل هيئات المجتمع المدني (جمعيات، "خبراء"..) وتعتبر فضاء وصل بين كافة الهيئات والجمعيات".

ويوضح ذات النص "إن ترسيخ مبادئ الديمقراطية المحلية يتم بإشراك السكان في تدبير شؤونهم عن طريق اختيار ممثليهم في المجالس وفق نظام الاقتراع على الأفراد باعتماد قاعدة 1/2000 ساكن".

"قوى تونس الحرة": إن ترسيخ مبادئ الديمقراطية المحلية يتم بإشراك السكان في تدبير شؤونهم عن طريق اختيار ممثليهم في المجالس وفق نظام الاقتراع على الأفراد باعتماد قاعدة 1/2000 ساكن"

وفي طريقة عمل المجلس الوطني للجهات والمجالس المحلية والجهوية التي انبثق عنها، ورد في ذات الوثيقة "يجتمع المجلس الجهوي دوريًا واستثنائيًا لصياغة المشروع الجهوي وفق البرامج والمقترحات من مداولات المجالس المحلية الراجعة إليه بالنظر وكذلك لمتابعة ومراقبة تنفيذ البرامج المحلية".

ويضيف "تنقل مشاريع التنمية الجهوية عبر مندوبين لكل جهة بالتساوي إلى المجلس الوطني للجهات لصياغة المخطط الوطني للتنمية وتخصيص الميزانية والموارد المالية لتنفيذها عبر الحكومة المعينة من السلطة التشريعية".

"قوى تونس الحرة": "يجتمع المجلس الجهوي دوريًا واستثنائيًا لصياغة المشروع الجهوي وفق البرامج والمقترحات من مداولات المجالس المحلية الراجعة إليه بالنظر وكذلك لمتابعة ومراقبة تنفيذ البرامج المحلية"

يعتبر "قوى تونس الحرة"، وهو المشروع الذي استلهم منه الرئيس التونسي كثيرًا منذ 25 جويلية/يوليو 2021، أن طريقة التنظيم المذكورة أعلاه ستمكن من "مرحلة استعادة السلطة ومراكز نفوذ النظام انطلاقًا من القاعدة إلى المركز وبناء نظام حكم ديمقراطي فعلي داخل دولة ذات بعد اجتماعي وفق مقاربة الحوكمة التشاركية والديمقراطية المحلية التشاركية"، وفق توصيفهم.

لكن كامل المشروع يقوم على سلوكيات معينة من المواطنين في مختلف الجهات تجعلهم في سياق "الأخيار" لا غير، مع إلمامهم الكامل بحاجيات الجهة وطريقة تحقيق ذلك، وأمور أخرى تؤخذ كـ"مسلمات" وتاريخ تونس والتاريخ البشري لا يعكس ذلك على الإطلاق.

ما ظهر في نص المرسوم لا يختلف تقريبًا عما نظّر له "أنصار البناء القاعدي" وهم الذين اعترفوا منذ  أكثر من 10 سنوات أن هذا التنظيم يُمكن من المرور من شعار  "الشعب يريد إسقاط النظام إلى الشعب يقرر تفكيك النظام"، يبقى أن نتبين أي "بناء" إن صح سيلي "التفكيك"؟

مع نشر المرسوم الرئاسي لتنظيم المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم يوم 9 مارس/آذار 2023، يمكن القول إن ما ظهر في نص المرسوم لا يختلف تقريبًا عما نظّر له "أنصار البناء القاعدي" وهم الذين اعترفوا في كتاباتهم المذكورة أعلاه والتي تعود لأكثر من 10 سنوات أن هذا التنظيم يُمثل "صفعة للديمقراطية التمثيلية وللأحزاب والطبقة السياسية.. ويُمكن من المرور من شعار  "الشعب يريد إسقاط النظام إلى الشعب يقرر تفكيك النظام"، يبقى أن نتبين أي "بناء" إن صح سيلي "التفكيك/والهدم"؟.

 

الرئيس التونسي في صور سابقة له قبل انتخابه مع قيادات معروفة من "قوى تونس الحرة"

 

الرئيس التونسي في صور سابقة له قبل انتخابه مع قيادات معروفة من "قوى تونس الحرة"

الرئيس التونسي في صور سابقة له قبل انتخابه مع قيادات معروفة من "قوى تونس الحرة"