08-مارس-2023
شارع الحبيب بورقيبة

دعته إلى الانكباب على تحسين أداء وزارته التي قالت إن "لها سجلًا سيئًا في قمع الحريات الفردية والعام" (فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

نددت مجموعة من المنظمات والجمعيات التونسية، الأربعاء 8 مارس/آذار 2023، بخطاب وزير الداخلية توفيق شرف الدين الذي وصفته بـ"التخويني والرث"، الذي اعتبرت أنه "يضع الجميع في سلة واحدة ويحرض على الأجسام الوسيطة في استعادة لخطاب شعبوي خطير يبشر بالدولة البوليسية ويقفز على نضالات عقود في بناء الدولة المدنية الديمقراطية"، وفق تقديرها.

وأكدت، في بيان مشترك لها، أن تصريح الوزير جاء خارج السياق السياسي لمناسبة إحياء ذكرى ملحمة بن قردان، معتبرة أنه "عوض أن يكرسه لخطاب الوحدة والتماهي بين كل التونسيين في سبيل مزيد الالتفاف ضد الإرهاب ثقافة وممارسة من أجل هزمه نهائيًا، نراه يجنح لخطاب تقسيمي فئوي يحتكر الوطنية ويسحبها من أغلب القوى التي تصدت للإرهاب وثقافته التي عششت لسنوات في المجتمع التونسي".

منظمات وجمعيات تونسية: تصريح الوزير يأتي في سياق سياسة حكومية تمهد لتصفية العديد من مؤسسات الإعلام في إطار سياسة معاداة الأجسام الوسيطة وتهميش أدوار الصحافة

واعتبرت المنظمات التونسية الموقعة على نص البيان أن "هذا التصريح يأتي في سياق أزمة الإعلام العمومي والخاص التي تهدد وجوده والتي من أسبابها المباشرة سياسة الحكومة التي تتلكأ في إصلاح الإعلام تمهيدًا لتصفية العديد من مؤسساته في إطار سياسة معاداة الأجسام الوسيطة وتهميش أدوار الصحافة باعتبارها مصدرًا أساسيًا لإخبار التونسيين والتضييق عليها والحد من نفاذها إلى المصادر". 

وذكّرت، في هذا الإطار، وزير الداخلية أن "حكومته انتهجت السياسة ذاتها المستمرة منذ عشر سنوات إزاء الإعلام سعيًا منها لتوظيف بعض مؤسساته لغايات الدعاية السياسية، عوض  استبدال سياسة تصفية الإعلام والخطاب التحريضي ضد الصحافة بسياسة جديدة تعمل على إصلاح الإعلام ودعمه حتى يقوم بأدواره"، حسب تقديرها.

منظمات وجمعيات تونسية تعبر عن "رفضها القاطع للهجة التهديد والتخويف التي وردت على لسان الوزير" معتبرة أنها تذكر بـ"خطاب سابقيه تحت ديكتاتورية بن علي وفي العشرية الماضية"

ولفتت المنظمات والجمعيات إلى أن "هذا التصريح سيساهم بشكل مباشر في إفساد صورة تونس في العالم لأنه سيؤدي إلى التراجع  بمكانة تونس في التصنيفات الدولية الخاصة بحرية الصحافة التي  تراجعت بشكل كبير بسبب السياسية الزجرية للحكومة الحالية ضد قطاع الإعلام"، معبرة عن استغرابها مما اعتبرته "هروب الوزير من أسئلة الصحافة حول وعود التنمية في بنقردان وإخفاء عجز السلطة وفشلها في الاستجابة لمطالب التونسيين وراء خطاب التخوين والتحريض"، وفق تعبيرها.

وشددت على "رفضها القاطع والمبدئي للهجة التهديد والتخويف التي وردت على لسان الوزير"، معتبرة أن هذه اللهجة ذكرتنا بخطاب سابقيه تحت ديكتاتورية بن علي وفي العشرية الماضية"، حسب ما جاء في نص البيان.

 

 

كما أكدت أن "احتكار مؤسسته للعنف الشرعي وامتلاك آليات التنصت ومراقبة التونسيين حتى في حياتهم الخاصة، لا تعطيه الحق في التهجم على القوى الحية في بلادنا والتحريض عليها في الوقت الذي مازالت تعاني فيه تونس دولة وشعبًا من تصريحات مشابهة متسرعة وغير مسؤولة جعلتنا نوصم بالعنصرية أمام كل شعوب العالم"، حسب تقديرها.

منظمات وجمعيات تونسية تحمّل الوزير "تبعات خطاب التحريض والتخوين على سلامة وحياة الإعلاميين والنشطاء النقابيين والمدنيين والسياسيين" معلنة "تجندها للتصدي لهذا الانحراف الخطير"

وعبرت عن رفضها "بشكل حاسم تدخل وزير مهمته حماية أمن وسلامة التونسيين في تقييم أداء الإعلام والنقابات والأحزاب السياسية"، داعية إياه إلى الانكباب على تحسين أداء وزارته التي قالت إن "لها سجلًا سيئًا في قمع الحريات الفردية والعامة، وما تزال تتهم بقمع الحركات الاحتجاجية والشبابية والرياضية، وتكرس الإفلات من العقاب في جرائم تعذيب وقتل خارج إطار القضاء"، وفق توصيفها.

ودعت المنظمات الموقعة على نص البيان وزير الداخلية إلى الاعتذار عن هذا التصريح الذي وصفته بـ"العنيف والخطير والمتسرع" وإلى سحبه من صفحات الوزارة على منصات التواصل الاجتماعي.

كما حملت المنظمات الوزير "تبعات خطاب التحريض والتخوين على سلامة وحياة الإعلاميين والنشطاء النقابيين والمدنيين والسياسيين"، معلنة "تجندها وبكل السبل المدنية والقانونية للتصدي لهذا الانحراف الخطير عن النواميس والقوانين التي تحكم الدولة المدنية التي تضمن الحريات والعيش المشترك"، وفق نص البيان.

 

 

وكان وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين قد قال، ليل الثلاثاء 7 مارس/آذار 2023، إن "رجال الإعلام لا يستحقون تسميتم برجال الإعلام (خسارة فيهم هذه الكلمة)، هم مرتزقة، ورجال الأعمال والنقابيون والأحزاب باعوا الوطن وتحالفوا ضد الشعب التونسي.. أتوجه إلى الشعب التونسي بالقول كل ما تعرفونه صحيح.. إنهم خونة".

توفيق شرف الدين: "رجال الإعلام لا يستحقون تسميتم برجال الإعلام، هم مرتزقة، ورجال الأعمال والنقابيون والأحزاب باعوا الوطن وتحالفوا ضد الشعب التونسي.. إنهم خونة"

وتابع توفيق شرف الدين، خلال تصريح إعلامي له على هامش إحياء الذكرى السابعة "لملحمة بن ڤردان"، "هناك أشخاص يعرفون جيدًا صدق الرئيس ولكن يبيعون ويشترون بعيون تكاد تدمع على تونس ويغالطون الشعب عبر وسائل الإعلام"، مضيفًا "الشعب التونسي ناضج ولم يعد في حاجة إلى وسائل الإعلام".

وبدا واضحًا في هذا التصريح الهجوم المباشر على الأجسام الوسيطة من قضاء وإعلام ونقابات ومجتمع مدني. مع العلم أن عديد المراقبين للشأن التونسي والباحثين كانوا أكدوا في مناسبات عدة أن خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد  وسلطات الحكم الحالية في تونس يخفي عداء واضحًا للأجسام الوسيطة في إطار فلسفة شعبوية كاملة تقلص من دور الأجسام الوسيطة ومكانتها في المجتمع".