04-مارس-2020

دارت صورة الملازم أول نبيل لبن أصقاع العالم مواجهًا الإرهابيين في قلب مدينة بن قردان (فتحي نصري/أ.ف.ب)

 

في الخامسة والنصف صباحًا من فجر يوم 7 مارس/آذار 2016، بلغه أن أمرًا خطيرًا يحدث في وسط مدينة بنقردان، جنوب شرقي تونس، لم يتردد للحظة وخرج حاملًا سلاحًا في مواجهة إرهابيين مدجّجين بالأسلحة تمركزوا في قلب المدينة، هو الملازم الأول بالحرس الوطني نبيل لبن الذي دارت صورته العالم وهو في قلب المواجهات المسلحة مواجهًا رصاص "الكلاشنكوف" بشجاعة وحدها الصورة كشفتها.

"لم أتردد للحظة حين أتاني الخبر من أحد الزملاء عبر الهاتف لأخرج وأواجه الإرهابيين. أيعقل أن أتردد في الدفاع عن أرضي؟" هكذا تحدث نبيل لـ"ألترا تونس" وهو طريح الفراش في مستشفى بالعاصمة في انتظار أن يجري عملية جراحية على رجله التي وقفت صامدة على الأرض في مواجهة إرهابيي تنظيم "داعش" في ذلك اليوم المشهود.

نبيل لبن (ملازم أول في الحرس الوطني): اكتشفت يومها أن السلاح قد يتحول إلى دبابات وطائرات حين يحمله من يحب هذا الوطن ويغار على أهله وعرضه

يواصل نبيل حديثه: "كان سلاحي بسيطًا مقارنة بأسلحة الإرهابيين لكن اكتشفت يومها أن السلاح قد يتحول إلى دبابات وطائرات حين يحمله من يحب هذا الوطن ويغار على أهله وعرضه".

تحوّلت من يومها مدينة بنقردان، المدينة المفقرة من الحاجيات الأساسيات، إلى عاصمة عاتية على من يحاولون اختراقها بعزيمة أهلها وشجاعتهم ولحمتهم وغيرتهم على بلدهم.

اقرأ/ي أيضًا: بنقردان.. حصن تونس وقلعة الصمود

شهدت المدينة حدثين إرهابيين في شهر مارس/آذار 2016، تمثل الأول في تحصّن مجموعة إرهابية، تضم 5 أفراد، في اليوم الثاني من الشهر بأحد المنازل أين تم القضاء عليهم، أما الحدث الثاني، حينما حاولت مجموعة كبيرة عدديًا من الإرهابيين السيطرة على المدينة يوم 7 مارس/آذار في عملية تواصلت إلى يوم 9 من ذات الشهر انتهت بالقضاء على أكثر من 50 إرهابيًا وارتقاء 13 شهيدًا بين عسكريين وأمنيين إضافة لاستشهاد 7 مدنيين.

ملحمة قادها العسكريون والأمنيون إضافة للمواطنين المدنيين في الجهة في مشهد أذهل العالم. يقول الملازم الأول بالحرس الوطني إن المواطنين العزل كانوا يحمون ظهور الأمنيين خلال الاشتباكات.

يضيف في حديثه معنا: "كنا نطلب منهم المغادرة خوفًا على سلامتهم لكنهم كانوا يرددون أرواحنا ليست أعلى من أرواحكم، بل إن بعضهم كان يطلب السلاح ليواجه الإرهابيين وهذا لم يحدث ولم نره في العالم بأسره".

يواصل قائلًا: "لا أخفيكم سرًا أن نجاحنا في دحر الارهابيين وانتصارنا عليهم يعود بنسبة 70 في المائة لوقوف أهالي بنقردان إلى جانبنا".

نبيل لبن (45عاما) أب لثلاثة أبناء باتوا من يومها يلقبون أباهم بالبطل ويفتخرون به بين أصدقائهم.

يقول المؤرخون إن أصل تسمية بن قردان هو اللفظ الفرنسي"قارديان" أي "الحارس" الذي كان يحرس الحصن الذي تخزن فيه القبائل مؤنتها، وقد كانت المدينة يوم 7 مارس/آذار 2016 حارسًا لكل البلاد التونسية من مخطط إرهابي لإقامة إمارة داعشية.

 مدينة بنقردان يتذكرها الإعلام والسياسيون بتاريخ 7 مارس/آذار من كل عام احتفالًا بالملحمة لكن سرعان ما تُنسى من جديد في اليوم الموالي

لكن يتأسف مواطنو الجهة أن كل الوعود المقدّمة من الحكومة للجهة لم يُنجز منها شيء وفق تأكيدهم بدءًا بالمستشفى ووصولًا إلى التشغيل، إضافة لعدم تفعيل يوم 7 مارس/آذار من كل عام "يومًا وطنيًا للانتصار على الإرهاب" كما أعلنت رئاسة الحكومة قبل سنتين.

مدينة بنقردان الغنية ببطولات رجالها ونسائها، يقول بعض الساسة إنهم اكتشفوا بالمناسبة فقط أن هؤلاء الذين قدموا حياتهم دفاعًا عن الوطن لا يتمتعون بمستشفى محترم لعلاج المواطنين.

من جانبها، لا تطالب عائلات الشهداء من الأمنيين سوى بتمكينهم من بطاقات علاج مجانية خصوصًا وأن عددًا مهمًا منهم تركوا أطفالًا قصر.

يختم أحد أبطال ملحمة بن قردان الملازم أول نبيل لبن، حديثه لـ"ألترا تونس"، بتأكيده أن الوعود المقدمة ظلّت حبرًا على الورق كغيرها من الوعود التي تُقال في كل مناسبة.

وهو يقول إن مدينة بنقردان يتذكرها الإعلام والسياسيون يوم 7 مارس/آذار من كل عام احتفالًا بالملحمة لكن سرعان ما تُنسى من جديد في اليوم الموالي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مدن الحدود الجنوبيّة لتونس: الإقصاء والعقاب (1/2)

مدن الحدود الجنوبيّة لتونس: الإقصاء والعقاب (2/2)