12-يناير-2024
هيومن رايتس ووتش حقوق الإنسان في تونس

في تقريرها السنوي لعام 2024 حول حقوق الإنسان (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

في تقريرها السنوي لعام 2024 حول حقوق الإنسان الصادر تحت عنوان "منظومة حقوق الإنسان في خطر: دعوة إلى العمل"، انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الوضع الحقوقي في تونس معتبرة أنّه تمت "التضحية بحقوق الإنسان لترسيخ السلطة" في تونس. 

هيومن رايتس ووتش: "قيس سعيّد ألغى الضوابط والتوازنات بانتظام عن طريق إضعاف السلطة القضائية وقمع المعارضين السياسيين والمنتقدين المتصورين واستهداف حرية التعبير والصحافة"

وقالت هيومن رايتس ووتش: "في تونس، ألغى الرئيس قيس سعيّد الضوابط والتوازنات بانتظام، بما فيها عن طريق إضعاف السلطة القضائية، وقمع المعارضين السياسيين والمنتقدين المتصورين، واستهداف حرية التعبير والصحافة".

وأضافت: "في 2023، كثفت السلطات التونسية قمعها ضدّ المعارضة وغيرها من الأصوات المنتقدة، وسجنت العشرات بتهم واهية ومن الواضح أنها مسيّسة"، حسب تقديرها.

 

 

وفيما يلي أبرز ما جاء في تقرير المنظمة الدولية عن تونس:

 

  • القمع السياسي

اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنّ "الرئيس التونسي قيس سعيّد استمرّ في ممارسة سلطة شبه مطلقة بعد أن ألغى تقريبًا جميع الضوابط المؤسسية على السلطة التنفيذية"، مضيفة أنّ "المجلس الجديد الذي انطلق في العمل يوم 13 مارس/آذار بسلطات أضعف بكثير بموجب دستور 2022 مقارنة بالبرلمان الذي حلّ محلّه". 

هيومن رايتس ووتش: "في 2023 كثفت السلطات التونسية قمعها ضدّ المعارضة وغيرها من الأصوات المنتقدة وسجنت العشرات بتهم واهية ومن الواضح أنها مسيّسة"

وأضافت: "أعلن سعيّد عن إجراء انتخابات محليّة في 24 ديسمبر/كانون الأول 2023 لتعويض المجالس البلديّة المنتخبة ديموقراطيًا، والتي كان قد حلّها بشكل أحادي في مارس/آذار".

وتابعت المنظمة الدولية: "في خضمّ أزمة اقتصاديّة حادّة تعيشها البلاد، وجّه الرئيس تهمًا متكرّرة إلى معارضيه بالتآمر وإثارة التوترات الاجتماعيّة في ظلّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية". 

كما اعتبرت أنّ "الرئيس جعل كبشَ فداء من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين السود، وهم جزء صغير من سكّان تونس، الذي تعرّضوا أيضًا لانتهاكات من قبل قوات الأمن"، وفق ما ورد في نص التقرير.

هيومن رايتس ووتش:  "قيس سعيّد استمرّ في ممارسة سلطة شبه مطلقة بعد أن ألغى تقريبًا جميع الضوابط المؤسسية على السلطة التنفيذية"

وتابعت "هيومن رايتس ووتش": "في فيفري/شباط، استهدفت موجة من الاعتقالات معارضين من مختلف الانتماءات السياسيّة، ونشطاء، ومحامين، وقضاة، ومدير إذاعة ذات شعبيّة. واجه معظمهم تهمة "التآمر على أمن الدولة"، وظلّوا موقوفين. واستمرّت الاعتقالات على مدار العام في صفوف المعارضة ومن يُنظر إليهم على أنّهم منتقدون للحكومة، ما رفع عدد المنتقدين المفترضين لسعيّد الموجودين خلف القضبان إلى 40 على الأقل"، وفق المنظمة الدولية.

كما أشارت المنظمة إلى أنه منذ ما اعتبرته "استحواذ" الرئيس على السلطة في جويلية/يوليو 2021، زادت محاكمات المدنيّين أمام المحاكم العسكريّة، لافتة إلى أنه "في 20 جانفي/يناير أدانت محكمة الاستئناف العسكريّة 6 مدنيين، منهم أربعة من المعارضة في البرلمان المنحلّ ومحام، وحكمت عليهم بالسجن حتى 14 شهرًا بتهم منها "هضم جانب موظف عمومي" على خلفية احتجاج نظموه في مطار تونس قرطاج".

هيومن رايتس ووتش: منذ استحواذ قيس سعيّد على السلطة زادت محاكمات المدنيّين أمام المحاكم العسكريّة ويواجه ما لا يقل عن 27 محاميًا تُهَمًا مدنيّة أو عسكريّة على صلة بتحركات خاضوها للدفاع عن موكليهم أو التعبير عن آرائهم

كذلك، سلطت المنظمة الدولية على المرفق القضائي في تونس، قائلةً: "استمرّت جهود سعيّد لتقويض استقلالية القضاء، حيث تجاهل حُكمًا صادرًا عن المحكمة الإدارية بإرجاع القضاة ووكلاء الجمهورية الـ 49 الذين فصلهم تعسفًا في جوان/يونيو 2022 إلى مناصبهم". 

وأضافت: "يواجه ما لا يقل عن 27 محاميًا تُهَمًا مدنيّة أو عسكريّة على صلة بتحركات خاضوها للدفاع عن موكليهم أو التعبير عن آرائهم. اتهم العديد منهم بالتآمر على أمن الدولة".

 

 

  • حرية التعبير والصحافة

وعلى صعيد حرية التعبير والصحافة في تونس، ذكرت المنظمة الدولية أنّ "النيابة العمومية فتحت تحقيقات جنائيّة ضدّ حوالي 20 شخصًا، منهم صحفيون ومعارضون سياسيون ومحامون ونشطاء، بموجب "المرسوم 54" المتعلق بجرائم الإنترنت الذي أصدره قيس سعيّد في سبتمبر/أيلول 2022". 

هيومن رايتس ووتش: النيابة العمومية فتحت تحقيقات جنائيّة ضدّ حوالي 20 شخصًا، منهم صحفيون ومعارضون سياسيون ومحامون، بموجب "المرسوم 54" الذي يمنح السلطات صلاحيات واسعة دون ضمانات لحماية حقوق الإنسان

وتابعت أنّ "هذا المرسوم يفرض عقوبات سجنية مشدّدة على نشر "أخبار كاذبة" أو "إشاعات" على الإنترنت أو في الإعلام، ويحتوي بنودًا تمنح السلطات صلاحيات واسعة لاعتراض البيانات والاتصالات الخاصة، ومراقبتها وجمعها وتخزينها، دون ضمانات لحماية حقوق الإنسان"، حسب تقديرها.

 

 

  • العنصرية وحقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء

وسلطت هيومن رايتس ووتش الضوء، في تقريرها، على ظروف المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في تونس، معلقة: "في تصريحات أدلى بها في 21 فيفري/شباط، ربط الرئيس سعيّد المهاجرين الأفارقة السود غير النظاميين بالجريمة و"مؤامرة" لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس". قال: "جحافل المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء تدفقوا إلى تونس، مع ما يؤدّي إليه هذا الوضع من عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة".

وتابعت المنظمة: وصفت "لجنة الأمم المتحدة المعنيّة بالقضاء على التمييز العنصري" خطاب سعيّد بالعنصري، واعتبرت أنّ مثل هذه التصريحات تنتهك "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، وتونس طرف فيها.

واستطردت: "رغمّ أنّ الأفارقة السود الأجانب تعرّضوا للتمييز واعتداءات عنصريّة متفرّقة في تونس لسنوات، إلا أنّهم واجهوا تصاعدًا في الهجمات بعد خطاب الرئيس، منها اعتداءات عنيفة وسرقة وتخريب من قبل مواطنين تونسيين، والإخلاء التعسّفي من قبل أصحاب العقارات، والطرد من قبل أصحاب العمل".

 

  • التعاون الدولي

وعلى مستوى التعاون الدولي، سلطت هيومن رايتس ووتش الضوء على "مذكّرة تفاهم" التي وقعها الاتحاد الأوروبي مع تونس في 16 جويلية/يوليو بشأن "شراكة استراتيجية" جديدة تعهّد فيها الاتحاد بتقديم حزمة تمويل تصل إلى مليار يورو (حوالي 1,085 مليون دولار أمريكي) إلى تونس، منها 105 ملايين يورو (114 مليون دولار) لـ "مكافحة الهجرة غير النظامية"، ستُمنح من أجل "إدارة الحدود والبحث والإنقاذ ومحاربة التهريب والإعادة".

واعتبرت المنظمة الدولية أنّ هذه المذكرة "لم تتضمّن أيّ ضمانات جدية لحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء أو بنود لمنع وصول مساعدات الاتحاد إلى كيانات متورطة في انتهاكات حقوقية"، معقبة: "وُقِّعت المذكرة بينما كان مئات المهاجرين الأفارقة يقبعون في الصحراء على الحدود التونسيّة بعد أن اعتقلتهم قوات الأمن بدون احترام الإجراءات الواجبة ونقلتهم هناك".

كما أشارت هيومن رايتس ووتش، في ذات الصدد، إلى أنه "في 13 سبتمبر/أيلول، فتحت أمينة المظالم في الاتحاد الأوروبي إيميلي أوريلي تحقيقًا بشأن احترام الحقوق الأساسيّة في مذكّرة التفاهم بين الاتحاد وتونس"، حسب ما جاء في نص التقرير.

عمومًا، خلصت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، إلى أنّ الأزمات الحقوقية تظهر "هذه الحاجة الملحة إلى تطبيق جميع الحكومات مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان الراسخة والمتفق عليها في كل مكان"، مردفة أنه "يمكن للدبلوماسية القائمة على المبادئ، التي من خلالها تجعل الحكومات التزاماتها الحقوقية أساسًا في علاقاتها مع الدول الأخرى، أن تؤثر على السلوك القمعي وأن يكون لها تأثير ملموس على ضحايا انتهاك الحقوق".

وشددت في ختام تقريرها على أنّ "دعم حقوق الإنسان باستمرار، في جميع المجالات، بغض النظر عن هوية الضحايا أو مكان ارتكاب الانتهاكات الحقوقية، هو الطريقة الوحيدة لبناء العالم الذي نريد أن نعيش فيه".