09-فبراير-2022

اعتبرت أن "السلطات التونسية تستخدم الإقامة الجبرية لإخفاء الاعتقالات السرية بذريعة حالة الطوارئ" (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

قالت "هيومن رايتس ووتش"، الأربعاء 9 فيفري/شباط 2022، إن "السلطات التونسية تستخدم ما تسميه الإقامة الجبرية لإخفاء الاعتقالات السرية بذريعة حالة الطوارئ"، معتبرة أن "قضايا المسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي وآخرين تُظهر تصعيدًا خطيرًا في فرض الإجراءات الاستثنائية في ظل حالة الطوارئ".

وذكرت، في بيان لها، بأن "الإقامات الجبرية كانت شائعة أصلًا في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي"، مستدركة أن "الانتهاكات ازدادت في ظل هذا الإجراء الاستثنائي الخارج عن نطاق القضاء منذ أن منح الرئيس قيس سعيّد نفسه سلطات استثنائية في 25 جويلية/يوليو 2021".

سلسبيل شلالي (مديرة هيومن رايتس ووتش في تونس): عدم كشف مكان احتجاز شخص ما خطوة مقلقة نحو دولة ينعدم فيها القانون، ولا يمكن تبريره مطلقًا بحالة الطوارئ التي مُددت بشكل متكرر منذ 2015

وشددت مديرة هيومن رايتس ووتش في تونس سلسبيل شلالي على أن "عدم كشف مكان احتجاز شخص ما خطوة مقلقة نحو دولة ينعدم فيها القانون، ولا يمكن تبريره مطلقًا بحالة الطوارئ التي مُددت بشكل متكرر منذ 2015"، مؤكدة أن "على السلطات إنهاء هذه الاعتقالات التعسفية فورًا واستخدام السبيل القانوني والشفاف بالكامل للسماح بالطعن القضائي"، وفق ما جاء في البيان.

ونقلت المنظمة الدولية عن عائلتي النائب ووزير العدل السابق نور الدين البحيري والمسؤول الأمني السابق فتحي البلدي، الذيْن صدر في حقهما قراران بوضعهما قيد الإقامة الجبرية، إنه "بعد مرور أكثر من شهر على اعتقالهما، لم يتلقَّ البلدي أو البحيري أي إخطار كتابي بإقامتهما الجبرية. كما لم تصدر مذكرة توقيف ولم تعلن السلطات عن أي تهمة رسمية ضدهما، متجاوزة الإجراءات القانونية المعتادة".

وصرحت المحامية لطيفة الحباشي لـ"هيومن رايتس ووتش" بأن "البلدي (55 عامًا) محتجز في معتمدية برج العامري بولاية منوبة، لكن لم يُكشف عن المكان المحدد ولم يتمكن محاموه حتى الآن من مقابلته، رغم طلباتهم المتكررة"، مستدركة أنه "يمكن لعائلته فقط زيارته في مركز للحرس الوطني في برج العامري"، وفقها.

"هيومن رايتس ووتش": على السلطات إنهاء هذه الاعتقالات التعسفية فورًا واستخدام السبيل القانوني والشفاف بالكامل للسماح بالطعن القضائي

فيما قال هشام البلدي، شقيق فتحي البلدي، للمنظمة الدولية: "نزوره عادةً مرة في الأسبوع بعد تلقي موافقة مسبقة هاتفيًا لكي يُنظم نقله من الموقع الإداري المحتجز فيه إلى مركز الحرس الوطني في برج العامري. دائمًا ما يشرف مسؤول أمني على الزيارات العائلية، ولا يمكننا التحدث حقًا عن مكان احتجازه".

وذكّرت المنظمة بأن "عناصر شرطة بملابس مدنية البلدي ووزير العدل السابق نور الدين البحيري في 31 جانفي/يناير 2022 قرب منزليهما، في ظروف متشابهة، وأجبروهما على ركوب سيارة الشرطة. اقتيدا إلى وجهتين مجهولتين بدون مذكرة توقيف. في حين يمكث البحيري حاليًا في المستشفى جراء تدهور صحته، فإن البلدي محتجز في مكان سري منذ أكثر من شهر".



وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت، في بلاغ نُشر في 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، أن شخصين – في إشارة إلى البلدي والبحيري– وُضعا قيد الإقامة الجبرية، وفقا لـ "إجراء ذو صبغة تحفظيّة أملته الضّرورة في إطار حماية الأمن العامّ".

ثم صرّح وزير الداخلية توفيق شرف الدين، خلال مؤتمر صحفي بتاريخ 3 جانفي/يناير 2022، بأن القضية تتعلق بـ "شبهة إرهاب" مرتبطة بجوازات ووثائق سفر يُفترض أنها صدرت بشكل غير قانوني، وفقه.

كما ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأن "وزارة الداخلية التونسية كانت قد أعلنت، في بيان صادر في 13 جانفي/يناير، عن وضع شخصين آخرين (بلحسن النقاش ولطفي زديرة) قيد الإقامة الجبرية، أيضًا بدون ذكر اسميهما، للاشتباه في "تهديد خطير للأمن العام". احتُجزا بموجب مرسوم الطوارئ عشية الذكرى الـ11 للثورة التونسية، في 13 جانفي/يناير 2022، حين كانت السلطات قد حظرت جميع التجمعات العامة لأسباب صحية. ثم أعلن وزير الداخلية، في 17 جانفي/يناير 2022، رفع إقامتهما الجبرية، مشيرًا إلى إحالة قضيتهما إلى النيابة العامة.

 شلالي: الإجراءات الاستثنائية التي يتيحها مرسوم الطوارئ يُساء استخدامها في تونس ولا رقابة قضائية عليها، ما يجعل شبح الاعتقالات السرية يلوح في الأفق

وفي تعليقها على ذلك، قالت الحباشي، وهي أيضًا إحدى محامي الرجلين، بلحسن النقاش ولطفي زديرة، إن قاضي التحقيق في الوحدة القانونية لمكافحة الإرهاب استجوبهما في 18 جانفي/يناير 2022 ثم أطلق سراحهما في اليوم نفسه. 

واعتبرت المنظمة الدولية في هذا الصدد أن "توقيفهما على يد عناصر شرطة بملابس مدنية واحتجازهما في مكان سري لعدة أيام قبل عرض قضيتهما أمام المحكمة شكّلا تجاوزًا للإجراءات القانونية".

وبذلك، خلصت مديرة هيومن رايتس ووتش في تونس سلسبيل شلالي إلى أن "الإجراءات الاستثنائية التي يتيحها مرسوم الطوارئ يُساء استخدامها في تونس ولا رقابة قضائية عليها، ما يجعل شبح الاعتقالات السرية يلوح في الأفق. تقوّض هذه الانتهاكات سلطة النظام القضائي وتمعن في تفتيت مبادئ سيادة القانون"، حسب ما ورد في بيان المنظمة الدولية.


 

اقرأ/ي أيضًا:

هيومن رايتس ووتش تدعو للإفراج عن البحيري والبلدي أو توجيه تهم للقضاء في حقهما

''هيومن رايتس ووتش'': قرار سعيّد الحكم بمراسيم الأكثر تهديدًا لديمقراطية تونس