الترا تونس - فريق التحرير
انتقد ممثلو هياكل إعلامية في تونس ما جاء في خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد الأخير الذي وجه فيه انتقادات لاذعة للتلفزة التونسية في علاقة ببرمجتها، واعتبروا ذلك تقييدًا لحرية الصحافة وتوجهًا نحو تحويل الإعلام العمومي في تونس إلى إعلام حكومي.
- الهايكا: السلطة وضعت يدها على الإعلام العمومي وقريبًا على الإعلام الخاص
وقال عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا" هشام السنوسي، الأربعاء 20 سبتمبر/أيلول 2023، إنّ السلطة وضعت يدها على الإعلام العمومي في تونس، والخطوة القادمة ستكون وضع اليد على الإعلام الخاص، مشيرًا إلى أنه "لاحظ أساسًا تراجعًا كبيرًا على مستوى الإذاعات والقنوات التلفزية الخاصة"، وفقه.
هشام السنوسي: السلطة وضعت يدها على الإعلام العمومي في تونس والخطوة القادمة ستكون وضع اليد على الإعلام الخاص.. وأساسًا هناك تراجع هام على مستوى الإذاعات والقنوات الخاصة
وأضاف، في مداخلة له على إذاعة "موزاييك" (محلية)، أنّ "حديث الرئيس قيس سعيّد عن الخط التحريري للتلفزة التونسية وعن تحرير الوطن وضرورة انخراط التلفزة فيه هو حديث خطير جدًا لأنّه يتضمن تهديدًا"، معقبًا أنّ "حرية التعبير التي تكاد أن تكون المكسب الوحيد بعد الثور صار مهددًا حقيقة اليوم"، على حد توقعاته.
ويرى السنوسي أنّه "على أرض الواقع ليست هناك مشاريع يمكن أن تكون في عمق الحملات الانتخابية القادمة التي بدأت أساسًا، وبالتالي يتم توظيف الإعلام"، حسب تصوره.
هشام السنوسي: "اليوم يتم القضاء على تجربة الإعلام العمومي وإعادة نفخ الروح في الإعلام الحكومي الذي كان موجودًا في عهد بن علي"
وتابع السنوسي: "اليوم يتم القضاء على تجربة الإعلام العمومي وإعادة نفخ الروح في الإعلام الحكومي الذي كان موجودًا في عهد بن علي"، وفق تقديره.
- نقابة الصحفيين: تحريض متواصل على الإعلام
ومن جانبها، نددت نائب رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أميرة محمد، الاثنين 18 سبتمبر/أيلول 2023، بما اعتبرته "تحريضًا متواصلًا على الإعلام".
أميرة محمد: "تحريض متواصل على الإعلام وخاصة أخبار التلفزة الوطنية وهو ما يعرض زملاءنا في التلفزة للخطر ويهدد سلامتهم"
وقالت أميرة محمد في تدوينة لها على فيسبوك: "تحريض متواصل على الإعلام وخاصة أخبار التلفزة الوطنية وهو ما يعرض زملاءنا في التلفزة للخطر ويهدد سلامتهم"، وفق تقديرها.
وسبق أن نددت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في 4 أوت/أغسطس 2023، بتصريح الرئيس التونسي قيس سعيّد لدى لقائه بالرئيسة المديرة العامة للتلفزة التونسية عواطف الدالي بخصوص ترتيب فقرات النشرات الإخبارية والمضامين الإعلامية والضيوف، معتبرة أنه "يمثل تدخلًا سافرًا في الإعلام العمومي وسابقة خطيرة لم يقدم عليها غيره"، وفق تقديرها.
واعتبرت النقابة، في بيان لها، أنّ "التدخل الذي قام به الرئيس يندرج في سياق كامل من الرقابة على الإعلام العمومي والصنصرة وضرب مبدأ التعدد والتنوع والموضوعية خاصة في التلفزة والإذاعة التونسيتين ووكالة الأنباء الرسمية، بالإضافة إلى ممارسات إقصائية تمثلت خاصة في منع المجتمع المدني والقوى السياسية من الظهور في التلفزة التونسية الممولة من دافعي الضرائب"، حسب تعبيرها.
- جامعة الإعلام: تمهيد للسيطرة على الإعلام العمومي
بدوره، استنكر الكاتب العام للجامعة العامة للإعلام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل محمد السعيدي، تصريحات الرئيس قيس سعيّد في علاقة بالتلفزة التونسية وبرمجتها وخطها التحريري.
وقال السعيدي، في تصريح لجريدة "المغرب"، إنّ "تدخل الرئيس قيس سعيّد غير مقبول"، معتبرًأ أنه "مدخل وتمهيد لإجراء تغييرات للسيطرة على الإعلام العمومي في تونس"، على حد تصوره.
محمد السعيدي: تدخل الرئيس قيس سعيّد في برمجة التلفزة التونسية غير مقبول وهو مدخل وتمهيد لإجراء تغييرات للسيطرة على الإعلام العمومي في تونس
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد وجّه، ليلة الاثنين 18 سبتمبر/أيلول 2023، انتقادات حادة إلى التلفزة التونسية (عمومية) حول برمجتها التي قال إنها تجاهلت أنشطة القوات الأمنية والعسكرية في مكافحة مجموعات قال إنها "تتاجر بالبشر وبأعضائهم". ويقصد حملة أمنية استهدفت الهجرة غير النظامية مؤخرًا.
وقال سعيّد، خلال اجتماع مع كلّ من رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزيرة العدل، "نشرة الأخبار في القناة الوطنية يوم الأحد بدأت بالحديث عن غلاء الأسعار بالنسبة إلى العودة المدرسية ثم انتقلت بعد ذلك إلى رياض الأطفال ثم الأخبار العالمية فالنشرة الجوية، وكأنّ العمليات التي تقوم بها قواتنا الأمنية والعسكرية ليست في تونس"، مستطردًا القول: "هناك عمل سيتم القيام به.. ولا يقال خطّ تحريري نحن نريد أن نحرر الوطن وعليهم أن ينخرطوا في عملية تحرير الوطن"، وفق تعبيره.
وليست هذه المرة الأولى التي يبادر فيها الرئيس بنقد برمجة وترتيب أخبار التلفزة التونسية في نشرتها الرئيسية. إذ سبق له أن قال، خلال لقائه بعواطف الدالي الرئيسة المديرة العامة للتلفزة التونسية بتاريخ 4 أوت/ أغسطس 2023، إنّ "عديد البرامج الذي تبث فضلًا عن نشرات الأخبار وترتيب الأنباء داخل هذه النشرات ليست بالبريئة إطلاقًا"، على حد قوله.
وشدّد الرئيس التونسي على أن "ما يتم بثه بهذه الطريقة من قبل مؤسسة وطنية لا يمكن أن يستمر"، معقبًا: "فلتنخرط مؤسسة التلفزة التونسية في مسار التاريخ، إذ ليس هذا بالخط التحريري.. هذا خط القوى المضادة للحرية ولمعركة التحرير الوطني التي يجب أن ننخرط فيها جميعًا" على حد تعبيره.
يُذكر أن القناة الوطنية (عمومية) كانت قد توقفت عن استضافة معارضين للرئيس منذ 25 جويلية/يوليو 2021، وفق تأكيدات نقابة الصحفيين التونسيين وعديد المنظمات المختصة في الشأن الإعلامي كما أنها ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها سعيّد ترتيب الأخبار في النشرات.
