03-مايو-2023
مراسلون بلا حدود

كانت تونس في المركز 73 سنة 2021 (صورة من مراسلون بلا حدود توضح وضعية حرية الصحافة في 180 دولة حول العالم)

 

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، الأربعاء 3 ماي/أيار 2023، أنّ تونس كانت من بين الدول التي تراجعت بشكل لافت في الترتيب الذي تقدمه منذ سنوات والذي يضم 180 دولة.

احتلت تونس المركز 121 من ضمن 180 دولة في الترتيب السنوي لحرية الصحافة بعد أن كانت في المركز 94 سنة 2022 وفي المركز 73 سنة 2021

 

  • تونس.. تراجع لافت في الترتيب السنوي لحرية الصحافة 2023

تحديدًا، احتلت تونس المركز 121 من ضمن 180 دولة في الترتيب السنوي لحرية الصحافة بعد أن كانت في المركز 94 سنة 2022 وفي المركز 73 سنة 2021 وخسرت بذلك الصدارة العربية إلى المركز الخامس عربيًا (بعد جزر القمر، موريتانيا، قطر ولبنان).

 

 

وعنونت "مراسلون بلا حدود" (منظمة غير حكومية تتخذ من باريس مقراً لها وتدعو بشكل أساسي لدعم حرية الصحافة وحرية تداول المعلومات وقد تأسست سنة 1985)، في الجزء من تقريرها حول منطقة المغرب العربي بشكل عام "المنطقة تنساق وراء موجة الانحراف السلطوي". وتابعت "لا تزال ظروف عمل الصحفيين في تدهور مقلق ببلدان شمال إفريقيا، التي باتت تعيش موجة من الانحراف السلطوي، كما تبيَّن في كل من تونس (المركز 121) تحت حُكم الرئيس قيس سعيّد، والجزائر (المركز 136) في عهد عبد المجيد تبون".

"مراسلون بلا حدود": لا تزال ظروف عمل الصحفيين في تدهور مقلق ببلدان شمال إفريقيا، التي باتت تعيش موجة من الانحراف السلطوي، كما تبيَّن في كل من تونس (المركز 121)  والجزائر (المركز 136)

وخصصت الحديث عن تونس في ذات التقرير "بعد تجميد عمل البرلمان ثم حله خلال عام 2021، أجهز الرئيس التونسي على المكاسب التي تم تحقيقها في مجال حرية الصحافة بعد ثورة 2011، بات الصحفيون يَمثلون أمام المحاكم بسبب تحقيقاتهم، شأنهم في ذلك شأن نظرائهم الجزائريين، الذين تطالهم المتابعات القضائية بوتيرة مُطَّردة على خلفية مقالاتهم وتقاريرهم".

 

 

  • عربيًا.. الصحافة لا تزال تئن تحت وطأة السيطرة الخانقة للأنظمة والميليشيات

إجمالاً في الدول العربية، اعتبرت "مراسلون بلا حدود" أن الصحافة "لا تزال تئن تحت وطأة السيطرة الخانقة في الشرق الأوسط، سواء على أيدي الأنظمة الاستبدادية أو بفعل الرقابة التي تفرضها الميليشيات على وسائل الإعلام".

"مراسلون بلا حدود": بات الصحفيون يَمثلون أمام المحاكم بسبب تحقيقاتهم في تونس، شأنهم في ذلك شأن نظرائهم الجزائريين، الذين تطالهم المتابعات القضائية بوتيرة مُطَّردة على خلفية مقالاتهم

في هذا السياق، تقول في تقريرها للسنة 2023 "يُعتبر وضع حرية الصحافة "خطيراً للغاية" في أكثر من نصف دول المنطقة، كما هو الحال في إيران (المركز 177)، التي كثفت آلتها القمعية واعتقلت أكثر من 70 صحفياً في الأشهر التي تلت وفاة الطالبة الشابة مهسا أميني، فيما لا تزال المملكة العربية السعودية (المركز 170) تراوح مكانها في ذيل الترتيب، وهي التي تتمادى في قمع الصحفيين وإصدار أحكام قاسية عليهم ومنعهم من مغادرة البلاد والتجسس عليهم، حتى عندما يكونون في الخارج، علماً أن ولي العهد لا يزال دون مساءلة في قضية خاشقجي".

وتعرضت لوضع حرية الصحافة في المغرب التي تراجعت إلى المركز 144 من مجموع 180 دولة، بتأخير 9 مراكز، أين لا يزال الصحفيان عمر الراضي وسليمان الريسوني قيد الاحتجاز التعسفي، كما تظل المضايقات القضائية جاثمة على بقية الصحفيين الناقدين، وفق تقرير المنظمة.

كما "تواصل المحاكم فرض حظر على نشر بعض المعلومات في الأردن (المركز 146 بتراجع 26 مركزًا)، بينما تستمر الرقابة في مصر (المركز 166)، حيث تُغالي الديكتاتورية العسكرية في حبس الصحفيين عوض الوفاء بوعدها المتمثل في إجراء الإصلاحات التي طال انتظارها"، كما ورد في ذات التقرير.

"مراسلون بلا حدود": الصحافة "لا تزال تئن تحت وطأة السيطرة الخانقة في الشرق الأوسط، سواء على أيدي الأنظمة الاستبدادية أو بفعل الرقابة التي تفرضها الميليشيات على وسائل الإعلام"

من جانبها، لا تزال سوريا (المركز 175) واحدة من أخطر بلدان العالم على سلامة الصحفيين، "الذين يجدون أنفسهم عالقين بين قصف جيش بشار الأسد الدموي ونيران الميليشيات المختلفة وهول التدخلات العسكرية التركية، إذ لا تزال البلاد تحتل الصدارة في التصنيف العالمي للدول حيث يوجد أكبر عدد من الصحفيين الرهائن، وتليها كل من اليمن (المركز 168) والعراق (المركز 167)، وفق أرقام "مراسلون بلا حدود".

في المقابل، ارتقت فلسطين بصعودها 14 مركزاً إلى (المركز 156) ، إلا أن مؤشر الأمن متدهوراً للغاية، بعد اغتيال صحفيَين آخرَين بالرصاص الإسرائيلي أمام إفلات تام من العقاب.

"مراسلون بلا حدود": ظروف ممارسة الصحافة سيئة في 70% من الدول واحتلت دول من قارة آسيا المراكز الأخيرة ومنها كوريا الشمالية في المركز الأخير

 

  • عالميًا.. خطر انتشار المعلومات المضللة

عالميًا، كانت أبرز التراجعات في البيرو (حلّت في المركز 110 بتراجع 33 مرتبة) والسنغال (104 بتراجع 31 مركزًا) وهايتي (99 بتراجع 29 مركزًا) وتونس (121 بتراجع 27 مركزاً).

وإجمالًا، أظهر التصنيف السنوي للعام 2023 أن وضع الصحافة كان في 52 بلداً من أصل 180 "جيّدًا" أو "جيدًا نسبيًا"، بينما ظروف ممارسة الصحافة سيئة في 70% من الدول. واحتلت دول من قارة آسيا المراكز الثلاث الأخيرة، إذ حّلت فيتنام في المركز 178 والصين 179 وكوريا الشمالية في المركز الأخير 180.

"مراسلون بلا حدود" تبدي قلقها من "الانتشار الواسع النطاق للمعلومات المضللة على وسائل التواصل" وتؤكد تورط لاعبين سياسيين في حملات تضليل واسعة النطاق أو حملات دعائية حول العالم

وركز تقرير مراسلون بلا حدود للسنة 2023 على المعلومات المضللة ومدى انتشارها وخطرها وأبدت المنظمة قلقها مما أطلقت عليه "الانتشار الواسع النطاق للمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي". وذكر التقرير أنه في ثلثي الدول المشمولة بالتصنيف، "تورط لاعبون سياسيون في حملات تضليل واسعة النطاق أو حملات دعائية".

مع العلم أن منهجية تصنيف مراسلون بلا حدود تعتمد على وضع درجة لكل دولة تتراوح بين 0 و100، فـ"تشير الدرجة العالية إلى مستوى عالٍ من حرية الصحافة في البلد المعني، والعكس صحيح". وتحتسب الدرجة على أساس حصيلة كمية للانتهاكات المرتكبة ضد الفاعلين الإعلاميين أثناء ممارسة عملهم، وكذلك ضد وسائل الإعلام وتحليل نوعي للوضع في كل بلد، وفق ما أوضحته "مراسلون بلا حدود".

وتُقاس درجة حرية الصحافة من خلال إجابات الخبراء المتخصصين في هذا المجال (صحافيين، باحثين، أكاديميين، مدافعين عن حقوق الإنسان...) بناءً على استبيان قدمته "مراسلون بلا حدود" بـ23 لغة. ويحدد سجل كل بلد على خمسة مؤشرات، تساعد على فهم مستوى حرية الصحافة في الدولة أو الإقليم: السياق السياسي، والإطار القانوني، والسياق الاقتصادي، والسياق الاجتماعي والثقافي، ثم السلامة والأمن.

تُقاس درجة حرية الصحافة من خلال إجابات الخبراء المتخصصين في هذا المجال (صحافيين، باحثين، أكاديميين، مدافعين عن حقوق الإنسان...) بناءً على استبيان قدمته "مراسلون بلا حدود" بـ23 لغة

مع العلم أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين كانت قد أصدرت عدة بيانات مؤخرًا عبّرت من خلالها عن أن "تونس تعيش منذ أشهر على وقع انتهاك غير مسبوق للحريات العامة والفردية بمختلف أشكالها وتغذية لخطاب الكراهية والعنف والتحريض والملاحقة الواسعة للمعبّرين عن آرائهم ومحاصرة عدد من الصحفيين وجرّهم إلى مراكز الأبحاث والمحاكم كما هو الشأن بالنسبة لنقابيين ومدونين ونشطاء، وذلك بتتبعات قضائية لم تحترم الحد الأدنى من الإجراءات القانونية.." وفقها.

وأكدت النقابة رفضها "منطق محاكمات الرأي التي ارتفعت وتيرتها في الفترة الأخيرة والتي اقتادت عددًا من الصحفيين من بينهم على سبيل الذكر لا الحصر: منية العرفاوي ومحمد بوغلاب وخليفة القاسمي ونزار بن حسن في ملفات مهنية بحتة وعدد من النشطاء والمحامين والمدونين للبحث والتحقيق على خلفية آرائهم".