23-أكتوبر-2019

تقدر ميزانية الدولة لسنة 2020 بأكثر من 47 مليار دينار (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

اضطرت الحكومة التونسية، في نهاية الأمر، إلى إعداد قانون مالية تكميلي لسنة 2019 على ضوء ضوء الفارق الشاسع بين توقعات قانون المالية لسنة 2019 والأرقام المسجّلة في النهاية المطاف. ومثلًا توقع قانون المالية تسجيل نسبة نمو تقارب 3.1 في المائة في حين أن نسبة النمو الحقيقية لسنة 2019 لن تتجاوز 1.5 في المائة على أقصى تقدير، وفق آخر التقديرات.

وبلغت قيمة تجاوز الميزانية المبرمجة لسنة 2019 ما يقارب 2260 مليون دينار، وهو رقم عمّق عجز الميزانية وجعل توقعات البنك الدولي الأقرب إلى التحقيق وهي بلوغ نسبة عجز 5.3 في المائة، في حين توقعت الحكومة تحقيق نسبة 3.9 في المائة. وستؤثر هذه الأرقام بشكل مباشر على قانونيْ المالية والميزانية لسنة 2020.

يتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020 أحكامًا جبائية ترمي مواصلة الإصلاح الجبائي والتصدي للتهرب الجبائي

اقرأ/ي أيضًا: بعد توقعات البنك الدولي وصندوق النقد.. الاقتصاد التونسي خطوة إلى الوراء؟

ويتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020، علاوة على الأحكام المتعلقة بالميزانية، أحكامًا جبائية ترمي مواصلة الإصلاح الجبائي، والتصدي للتهرب الجبائي وتحسين الاستخلاص، ودعم القدرة التنافسية للمؤسسات والتشجيع على الاستثمار وإجراءات ذات طابع اجتماعي.

ويقترح قانون المالية لسنة 2020 إحداث صنف جديد من المراجعة الجبائية يسمى "المراجعة المحدودة"، وهي آلية من آليات التصدي للتهرب الجبائي مع مساعدة المؤسسات على خلاص ضرائبها دون أن ضرب موازناتها المالية.

أما في ما يتعلق بالتشجيع على الاستثمار، أوضح الخبير الاقتصادي وليد بن صالح، في تصريح سابق لإذاعة "موزاييك"، إن هذا الباب يتضمن إجرائين بسيطين، يخصّ الأول قطاع من قطاعات الفلاحة فيما يخص الثاني تشجيع الشركات على الدخول في البورصة، معلقًا بالقول" كنا ننتظر أكثر من ذلك أي إصلاحات تمس مجلة الاستثمار وتستهدف قطاعات تعيش أزمات كبيرة مثل قطاع العقارات مثلًا".

ويحتوي قانون المالية عددًا من الإجراءات التي تهدف إلى تشجيع الشركات والأشخاص الطبيعيين على خلاص مستحقاتهم. كما يقترح التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات إلى 20 في المائة لمدة 5 سنوات ابتداء من سنة الإدراج في البورصة، وذلك إلى غاية 31 ديسمبر/ كانون الأول 2024.

ستضطر الدولة التونسية في سنة 2020 إلى اقتراض حوالي 11.3 مليار دينار لتنفيذ ميزانية 2020

وفي هذا السياق، يقول الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي محمد الشهباني لـ"ألترا تونس" محمد الشهباني إن مشروع قانون المالية يعاني العديد من النقائص، مضيفًا "هناك غياب واضح لإجراءات دفع الاستثمار في المناطق الداخلية التي ترتفع فيها نسب البطالة، إلى جانب محدودية نفقات الاستثمار العمومي بميزانية الدولة والذي لم يتجاوز 7 مليون دينار، ومواصلة هدر المداخيل الجبائية في مواصلة تمويل المؤسسات العمومية".

وتقدر ميزانية الدولة لسنة 2020 بأكثر من 47 مليار دينار، تصل فيها المداخيل الجبائية إلى ما يقارب 31.759 مليار دينار، فيما تقدر المداخيل غير الجبائية بـ 3.8 مليار دينار، وهي أرقام تؤكد حجم اعتماد الدولة على الضرائب من أجل تعبئة موارد الميزانية.

وستضطر الدولة التونسية سنة 2020 إلى إقتراض حوالي 11.3 مليار دينار لتنفيذ ميزانية 2020 منها 8.848 مليار دينار متأتية من القروض الخارجية والبقية من القروض الداخلية.

المعطى/ميزانية 2020 المبلغ
موارد الاقتراض الخارجي 8,848,000,000
موارد الاقتراض الداخلي 2,400,000,000
موارد الخزينة 120,000,000
جملة مصادر التمويل 11,368,000,000

 

وتتوزع استعمالات الديون بين تمويل عجز الميزانية باعتبار الهبات الخارجية والتخصيص والمصادر بمبلغ 3.332 مليار دينار، وتسديد أصل الدين الداخلي بمبلغ 3.157 مليار دينار، تسديد أصل الدين الخارجي بمبلغ 4.759 مليار دينار وأخيرًا قروض وتسبقات للخزينة بمبلغ 120 مليون دينار. وهذه الوتيرة الكبيرة للتداين ستجعل من نسبة الديون تصل في سنة 2020 إلى ما يقارب 94 مليار دولار، أي ما يعادل 75 في المائة من الناتج الداخلي الخام. 

استعمالات الديون حسب مشروع ميزانية عام 2020

 

اقرأ/ي أيضًا: "قاطع الغلاء تعيش بالقدا".. حالة وعي افتراضي لمقاطعة غلاء الأسعار

يقول  الخبير الاقتصادي وليد بن صالح إن الحكومة وضعت في قانون المالية 2020 توقعات بالحصول على قرض بقيمة مليار يورو من السوق المالية العالمية، وهو أمر صعب جدًا، إضافة إلى توقعات بالحصول على الشريحة الأخيرة من القرض الممدد لصندوق النقد الدولي.

ويضيف بن صالح "هل حصل اتفاق بخصوص هذا الموضوع، لازلنا ننتظر بيان البعثة الأخيرة لصندوق النقد الدولي حول تونس، والأخطر أن هناك أكثر من 11.7 مليار دينار خدمة دين في 2020 وهو رقم كبير جدًا".

من جانب آخر، قال الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، في تصريح إعلامي سابق، إن مشروع قانون المالية المقبل لن يتضمن زخمًا هامًا من الإجراءات مقارنة بقوانين المالية السابقة من منطلق أنه سيقع انتخاب برلمان جديد واقتراح حكومة جديدة ستأخذ المشعل على الحكومة الحالية.

حكيم بن حمودة لـ"ألترا تونس": الأرقام المفزعة لقانون المالية الجديد تعطي صورة حقيقية على وضعية الاقتصاد التونسي

ويقول الصحفي محمد الشهباني، في هذا الصد،د إنه رغم استثنائية الظرف الانتخابي إلا أن القانون لم يأت بإصلاحات واضحة ولم يواصل إصلاحات سابقة وأهم مثال على ذلك منظومة الدعم.

من جهته، يعتبر وزير المالية الأسبق حكيم بن حمودة أن الأرقام المفزعة لقانون المالية الجديد تعطي صورة حقيقية على وضعية الاقتصادي التونسي مضيفًا، في تصريح لـ"ألترا تونس"، أنه "يمكن القول إن نسبة الديون وكتلة الأجور ونسبة التداين هي مؤشرات خطيرة جدًا وتؤكد أن الاقتصاد التونسي في مرحلة حرجة وجب التدخل باستراتيجية واضحة وبرنامج شامل لإنقاذه".

ويأتي قانون المالية الجديد، في الأثناء، في فترة انتقالية بين حكومتين وبرلمانيين، إذ يجب على مجلس النواب المنتخب حديثًا بقواه السياسية الجديدة المصادقة على قانون المالية لسنة 2020 في أجل لا يتجاوز 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يؤثر إفلاس "توماس كوك" على السياحة التونسية؟

صابة التمور.. حشرات فتاكة وسوق راكدة والفلاحون يستغيثون