28-أغسطس-2019

تتعدد شكاوي منتجي التمور في الجريد التونسي هذا الموسم (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

أطلق منتجو التمور في جهة الجريد، جنوبي غرب تونس، منذ أسابيع صيحة فزع بسبب انتشار حشرة العنكبوت البارودي في عدّة مناطق على غرار قفصة وقبلي وتوزر بما بات يهدّد صابة التمور. وأكد الفلاحون أن الحشرة تهدد واحات النخيل دون تدخل الجهات المعنية لإنقاذ صابة التمور من التلف لاسيما وأنّ هذه الحشرة سريعة التنقل بين الواحات وتتطلب إمكانيات كبيرة للقضاء عليها. كما اشتكى الفلاحون أيضًا من ركود ترويج منتوجهم على خلاف العام الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: الخطر الزاحف.. تهريب شتلات زيتون وفسائل نخيل إلى تونس

منتجو التمور.. ما باليد الحيلة

عيفة التوزري، أحد منتجي التمور في توزر، يشير لـ"ألترا تونس" إلى أنّ قطاع إنتاج التمور يشكو عدّة مشاكل منذ سنوات نتيجة انتشار عدّة أمراض وبالخصوص انتشار أنواع من الحشرات الفاتكة بشجرة النخيل وبصابة التمور على غرار "سوسة النخيل"، وعنكبوت يسمى بـ"العنكبوت البارودي" إلى جانب حشرة عنكبوت الغبار أو مرض "البوفروة".

عيفة التوزري (منتج تمور في توزر): مواجهة الحشرات يتطلّب المداواة باستعمال الطائرات لرش المبيدات على امتداد واحات النخيل في جميع الجهات المنتجة للتمور والجهات المعنية لم تتدخل إلى اليوم

وأضاف محدثنا أنّ الفلاح يقاوم هذه الآفات بإمكانيات بسيطة وفق قوله، مؤكدًا أن الحل يتطلّب المداواة باستعمال الطائرات لرش المبيدات على امتداد واحات النخيل في جميع الجهات المنتجة للتمور. وأكد، في المقابل، أن الجهات المعنية لم تتدخل إلى اليوم رغم تشكيات الفلاحين وتدخل المكاتب الجهوية لاتحاد الفلاحة التي تتابع إنتاج التمور.

من جهته، تحدث علي حفصي، أحد الفلاحين بتوزر أيضًا، أنّ أغلب منتجي التمور لا يستطيعون التعامل مع الحشرات وليس لهم دراية أو معرفة كبيرة باستعمال المبيدات وأنواعها، مضيفًا أن المداواة تتطلب إمكانيات كبيرة لا يستطيع توفيرها منتجو التمور حتى لو تشاركوا جميعًا وتجندوا لمداواة الواحات، وفق تأكيده.

وأضاف، في ذات الإطار، أن عملية المداواة صعبة الأمر خاصة بعد انتشار أمراض جديدة لم يشهدها منتجو التمور من قبل وفق قوله، مؤكدًا ضرورة التدخل والتسريع في إيجاد حلول قبل فوات الأوان وانقاذ واحات النخيل.

على صعيد آخر، أشار محدّثنا إلى أنّ أغلب منتجي التمور يواجهون اليوم أيضًا مشكل ترويج منتوجهم مضيفًا أنّه إلي اليوم لم يتمكن من بيع 10 في المائة من إنتاجه لأحد المصدّرين رغم أنّ الأسعار تتراوح بين 2.5 و3 دينار للكيلوغرام الواحد.

اتحاد الفلاحة يدق ناقوس الخطر

حمل "ألترا تونس" شكايات الفلاحين إلى الاتحاد الجهوي للفلاحة بولاية توزر ليلتقي رئيسه عارف ناجي الذي أكد على ضرورة عقد جلسة طارئة بين جميع الأطراف المتدخلة من وزارة فلاحة ووزارة تجارة إلى جانب بعض منتجي التمور ومصدريها وممثلي النقابات للنظر في جميع المشاكل التي تواجه قطاع التمور.

وأوضح أن هذه المشاكل تتمثل أساسًا في انتشار بعض الأمراض أو الحشرات التي تهدد الصابة، عدا عن مشكل ركود ترويج منتوج التمور على رؤوس النخيل وانخفاض الأسعار.

وأضاف ناجي، في حديثه معنا، أنه لوحظ مؤخرًا تراجع مبيعات التمور التي لم تتجاوز نسبة 40 في المائة بكامل الولاية رغم أنّ أسعار الكيلو غرام لم تتجاوز 3 دينارات، وهي أسعار منخفضة لن تعوّض خسائر الفلاحين، وفق تأكيده.

عارف ناجي (رئيس اتحاد الفلاحين في توزر): لوحظ تراجع مبيعات التمور التي لم تتجاوز نسبة 40 في المائة بكامل الولاية رغم أنّ أسعار الكيلو غرام لم تتجاوز 3 دينارات

اقرأ/ي أيضًا: صابة الحبوب في سليانة.. فرحة الإنتاج الوفير نغصتها مشاكل النقل والتخزين

وأفاد، في نفس الإطار، أنّ المبيعات تشهد ركودًا كبيرًا خلال هذه الفترة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية التي اشترى فيها المصدرون أكثر من 80 في المائة من المحصول بمعدّل أسعار تراوحت بين 4 و4.5 دينار.

وأشار رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة بتوزر، في المقابل، إلى أنّ محصول هذا العام من التمور قياسيّ كمًا ونوعًا مبينًا أنه يقدر بحوالي 220 ألف طن مقابل محصول بلغ 180 ألف طنّ في موسم 2018.

وعن الحشرات المنتشرة مؤخرًا في واحات الجريد، قال إنها تهدّد بالفعل الصابة وتعرّض التمور إلى التيبّس مما يصعّب عملية بيعها لاسيما نتيجة انتشار حشرة عنكبوت الغبار أي "مرض البوفروة" كما يسمى بالجهة. وأضاف أن الأمر يتطلب تدخلات عاجلة داعيًا الدولة إلى تحمّل مسؤوليتها لإنقاذ قطاع جعل تونس في المراتب الأولى في تصدير أجود أنواع التمور في العالم، كما أشار محدثنا.

وعود بسوق كبرى لإنتاج التمور

في المقابل، كان قد وعد وزير التجارة عمر الباهي، في تصريحات إعلامية سابقة، بأنّ صابة التمور لهذا الموسم لن تواجه إشكالية في التّرويج خاصة في ظلّ نفاذ المخزون من التمور وتصدير أغلب الكميات المجمعة الموسم الماضي. وأكد على تطوّر القدرة التصديرية المباشرة للجهة لمنتوجها من التمور والتي تضاعفت حوالي عشر مرّات، خلال العشرية الأخيرة، لتمر من قرابة 2000 طن سنة 2008 إلى أكثر من 23 ألف طن في سنة 2018.

 وعد وزير التجارة عمر الباهي في وقت سابق بأنّ صابة التمور لهذا الموسم لن تواجه إشكالية في التّرويج وهو ما يخالفه الواقع اليوم

وتحدث وزير التجارة عن الإعداد لمشروع سوق كبرى لإنتاج التمور بالجهة تمثل رافدًا هامًا للنهوض بقطاعإانتاج وتثمين وترويج المنتوج، مؤكدًا أنّ هذه السّوق ستوفر فضاء منظمًا للعرض والطلب يساعد في التّحكم في سعر التمور، الذي مازال حتىّ الآن، يتشكّل خارج مسالك التوزيع، وفق قوله.

وأوضح أنّ هذه السوق ستُكوّن في شكل شركة بمساهمة بلديات الجهوية، وستمكن صغار الفلاحين من عرض منتوجهم والتواصل المباشر مع التجار الذين سيقتنون المنتوج ومن ثمة تحديد السعر بصفة شفافة، كما سيساعد على تصنيف التمور بما يتيح تحديد سعرها حسب الجودة.

غير أن هذه الوعود من وزارة التجارة لازالت حبرًا على ورق مع استمرار معاناة منتجي التمور في الجريد التونسي بين مواجهة الحشرات الفتاكة التي تهدد صابتهم من جهة وركود السوق في ظل خشية من البيع دون تغطية تكلفة الإنتاج من جهة أخرى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ناصر غريرة.. عن إبداع تحويل مخلّفات النخيل إلى تحف وأثاث

عباد الشمس.. زهرة تكابد خطر الاندثار في باجة