08-أغسطس-2019

تحصل فيلم "صادوك" للإيطالي جيلاردين أوتيي على جائزة الصقر الذهبي

 

تتعدد مهرجانات السينما في العالم العربي، ولكل إرثه وتاريخه وميزانيته ومصداقية جوائزه، لكنها تتشابه في أغلبها كونها تعنى بالمحترفين. في تونس يعتبر المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية استثنائيًا لأنه اختار الهواة، النواة الأولى للمبدعين وبداية الطريق للمحترفين والخطوة الأولى للذين يملكون طموحات كبيرة للولوج لعالم السينما. أحد المشاركين في التظاهرة قال إن هذا المهرجان هو محطة ضرورية يجب المرور منها للدخول لعالم السينما لما يكتسبه من أهمية في ميدان السينما. 

في تونس يعتبر المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية استثنائيًا لأنه اختار الهواة، النواة الأولى للمبدعين وبداية الطريق للمحترفين والخطوة الأولى للذين يملكون طموحات كبيرة للولوج لعالم السينما

اقرأ/ي أيضًا: مهرجان الحمامات: حضر زياد.. وغابت روح "الرحابنة"

ليلة الثلاثاء 6 أوت/آب 2019، كانت مدينة قليبية على موعد مع سهرة اختتام مهرجان فيلم الهواة في دورته الرابعة والثلاثين، لم تكن أسماء الفائزين فقط المُعلن عنها بل أن المهرجان تضمن العديد من الورشات التدريبية التي تم الإعلان عن مشاريعها الختامية إضافة إلى الورشات التي تعنى بالأطفال.

كان الجو حارًا عندما وصلنا إلى جوهرة الوطن القبلي قليبية، مدينة لا تختلف كثيرًا في معمارها عن باقي المدن التونسية الصغيرة وتشتهر بصفاء شواطئها وروعة مناخها وبساطة الحياة فيها، حتى أن صديقًا قال مازحًا إن "شباب قليبية هم الوحيدون في تونس الذين لا يكرهون مدينتهم".

كانت هذه أول مصافحة لي مع مهرجان فيلم الهواة ذائع الصيت بين الصحفيين والسينمائيين وناشطي المجتمع المدني. تسلمنا مفاتيح المنزل الذي اكتريناه لمدة 6 أيام، وعلى غرار ما يحصل في غالبية المدن الساحلية يعمد سكان قليبية ممن يملكون منازل للكراء في فصل الشتاء إلى اعتماد نظام كراء شهري يبدأ من سبتمبر/ أيلول وينتهي في شهر جوان/ حزيران. وفي فصل الصيف يعتمدون نظام كراء يومي بأسعار تبدأ من 50 دينار فما فوق لليوم الواحد.

لا يوجد شاطئ واحد في قليبية فإذا أردت السباحة عليك اختيار واحد من شواطئ كثيرة أهمها، باريس الصغيرة (petit paris)، المنصورة، حمام الغزاز وشواطئ أخرى عديدة لا يعرفها كثيرون. وإذا أردت السباحة وحيدًا فهناك شواطئ لن تجد فيها أكثر من شخص أو شخصين، وعلى الرغم من روعتها وصفاء بحرها إلا أنها بُعدها عن المباني حال دون ذهاب المصطافين إليها.

أيمن الجليلي (رئيس جامعة السينمائيين الهواة) لـ"ألترا تونس": أكثر من 37 فيلم من 21 دولة تنافسوا في مهرجان فيلم الهواة بقليبية

احتفلت المدينة هذه السنة بالدورة 34 لمهرجان فيلم الهواة، المهرجان الذي انطلق سنة 1964 وبقي لـ55 سنة بفضل أجيال تعاقبت محافظة على هذا الموروث. تشرف على المهرجان الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة التي تأسست سنة 1962 والتي كانت من أبرز معارضي النظام السابق. عاشت الجامعة فترات صعبة جدًا وعملت كثيرًا من أجل منع تدجين المهرجان. وجيلًا بعد جيل تمكن المهرجان من اكتساب جمهور كبير، إذ أن أكثر من 2700 شخص كانوا يأتون كل ليلة إلى قاعة الهواء الطلق "الزين الصافي" من أجل مشاهدة الأفلام التي تعرض على مدى 6 أيام.

تحصل فيلم "خطوات" للطالبة إنصاف بن عجمي على الجائزة الرابعة

 

أيمن الجليلي رئيس الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة ومدير المهرجان الدولي لفيلم الهواة أكد لـ"ألترا تونس" أن "نقطة قوة المهرجان هي مراحله النضالية التي عاشها كما أنه خضع في فترة ما إلى إعادة هيكلة وتطوير"، مضيفًا "هذه السنة هناك أكثر من 37 فيلم من 21 دولة يتنافسون. كما أن هناك سهرات خاصة، سهرة خاصة بفلسطين، سهرة خاصة بعطيات الأبنودي. كما أننا افتتحنا المهرجان بفيلم وثائقي لفيليب كالفون وهو فيلم "إنكونتندو" والذي يتحدث عن تجربة البرازيل في السنوات العشر الأخيرة، وهذا دليل على أن للمهرجان طابعًا دوليًا واستثنائيًا. هذا إضافة إلى الضيوف والمشاركين الذين يأتون من جميع أنحاء العالم".

يحتوي المهرجان على مسابقتين، مسابقة وطنية تتنافس فيها أفلام تونسية وأخرى دولية تتنافس فيها أفلام أجنبية من دول كثيرة تشارك في المهرجان، إلى جانب ذلك يحتوي المهرجان على ورشات تعقد على مدى أيام المهرجان لتعرض أعمالها في سهرة الاختتام.

اقرأ/ي أيضًا: سهرة الموسيقى البديلة بقرطاج: التجريب الشبابي مع الموروث الموسيقي التونسي

نال فيلم "صادوك" لمخرجه الإيطالي جيلاردين أوتيي جائزة الصقر الذهبي كأفضل فيلم أجنبي في الدورة 34 لمهرجان فيلم الهواة بقليبية

وقد نال فيلم "صادوك" لمخرجه الإيطالي جيلاردين أوتيي جائزة الصقر الذهبي كأفضل فيلم أجنبي في هذه الدورة عن المسابقة الدولية. فيما نال فيلم  "سكة عدد 13 " لمخرجه سامي النصري جائزة فرحات حشاد كأفضل فيلم في المسابقة الوطنية. وتحصل فيلم "خطوات" لإنصاف بن عجمي على جائزة  المرتبة الرابعة، علمًا وأن إنصاف طالبة بالسنة الثانية سينما ودفعها حبها للسينما إلى مغادرة اختصاص علم النفس الذي قضت فيه أكثر من 3 سنوات، وهي تشارك لأول مرة بفيلم وتعتبر هذه الجائزة دفعة معنوية ستساعدها على المضي قدمًا في تطوير أفلامها المستقبلية. ويتحدث فيلم "خطوات" عن رجل بلا مأوى يتخيل نفسه يعيش في بيت ويصنع لنفسه تفاصيل حياتية غير حقيقية  ليكتشف في نهاية الفيلم أن كل ما تخيله غير حقيقي.

وتبيّن إنصاف بن عجمي في حديث لـ"ألترا تونس" إن للفيلم علاقة بشخصيتها لأنها كانت دائمة التفكير في الأشخاص الذي لا يملكون مأوى ويعيشون في الشوارع ويبيتون في العراء، مؤكدة أنها سعيدة بتجربتها الأولى وقائلة"أعتقد أن مهرجان فيلم الهواة بقليبية هو تجربة ضرورية لكل شخص لديه طموحات سينمائية كبيرة وهو لا يزال في بداية الطريق".

أكثر من 7 ورشات تمكنت من عرض أعمالها النهائية في السهرة الختامية. كما لم يهمل المهرجان الأطفال الذين تمكنوا هم أيضًا من إنجاز أفلام قصيرة تم عرضها وحظيت بإعجاب الجمهور. إضافة إلى ذلك تم عرض مسرحية بتقنية جديدة وهي تقنية "المباشر في المسرح " (Le théâtre en direct )، وذلك بعرض المسرحية على الشاشة العملاقة من خلال كاميرا تطوف بين الممثلين لتصوير التفاصيل الدقيقة لوجوه الممثلين.

تم في سهرة الاختتام عرض مسرحية بتقنية البث المباشر في المسرح

 

ربيع إبراهيم متخرج من المعهد العالي للفن المسرحي والممثل الرئيسي في المسرحية أكد لـ"ألترا تونس" أن المسرحية كانت نتاج عمل وتدريب مع مجموعة من الممثلين المسرحيين الهواة على مدى 6 أيام من أجل التدرب على كيفية التمثيل على خشبة المسرح بوجود الكاميرا.

ويضيف ربيع "المباشر في المسرح هو تقنية مهمة في العالم اليوم وهو يعطي أهمية كبيرة للصورة. كما أنه يضفي طعمًا جميلًا للمسرحية عند مشاهدة تعابير وجوه الممثلين المسرحين على شاشة عملاقة وبتقنية المباشر".

تم خلال السهرة الختامية لمهرجان فيلم الهواة عرض مسرحية بتقنية جديدة وهي تقنية "المباشر في المسرح" 

لا تقتصر إيجابيات مهرجان قليبية لسينما الهواة على السينمائيين فقط بل تتجاوز ذلك إلى كل تفاصيل الحياة في المدينة. أحمد صاحب مقهى وسط المدينة أكد لـ"ألترا تونس" أن المهرجان يضفي حركية اقتصادية كبيرة على المدينة "الحركية التي تشهدها المقهى أيام المهرجان لا تشهدها طيلة أيام السنة. كما أن هذه الحركية الاقتصادية تشمل أيضًا المطاعم وأصحاب سيارات التاكسي وأصحاب المنازل، والملفت في الأمر أن زوار قليبية الذين يأتون للمرجان هم من الطبقة المثقفة والمحترمة وهو ما يجعلنا ننتظر بفارغ الصبر كل سنة بداية المهرجان".

مدير المهرجان أيمن الجليلي قال أيضًا إن اختيار قليبية في ستينات القرن الماضي من أجل بعث مهرجان فيلم الهواة لم يكن اعتباطيًا بالنظر إلى جمال المدينة وطابعها الاستثنائي.

عندما تأتي إلى قليبية من أجل مهرجان فيلم الهواة فأنت ملزم بروتين يومي جميل يفرضه عليك المهرجان من دون أن تشعر. يبدأ بقهوة الصباح في أحد مقاهي المدينة الشعبية ثم بعد ذلك يكون الاتجاه صوب البحر لتعود منه قبل مغيب الشمس حتى تتجهز من أجل مشاهدة الأفلام في مسرح الهواء الطلق قبل أن تأتيك رغبة في أكل سمك في أحد المطاعم المنتشرة بجانب الميناء لينتهي اليوم بسهرة ينظمها المهرجان كل ليلة هي عبارة عن ملتقى بين كل المشاركين في المهرجان من أجل التعارف وتبادل الخبرات والثقافات.

يمكن القول إن مهرجان سينما الهواة بقليبية هو مهرجان استثنائي في مدينة استثنائية بتاريخ استثنائي، وهذه الاستثنائية جعلت للمهرجان إشعاعًا ساعد على تخريج المئات من السينمائيين ويساعد اليوم على نشر ثقافة الفن بين الأطفال حتى تساعدهم على اختيار طريق المستقبل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مهرجان قرطاج: ريم تلحمي وفرقة "الإنس والجام"... حتى لا تغيب عنا شمس فلسطين

عدنان الشوّاشي في مهرجان قرطاج.. "رحلة فنان" تأبى النسيان