01-ديسمبر-2022
القضاء تونس

الإعلان عن تكوين لجنة دفاع عن القضاة المعفيين (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أعلن رئيس الهيئة التأسيسية للهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية العياشي الهمامي، الخميس 1 ديسمبر/كانون الأول 2022، عن تكوين لجنة دفاع عن القضاة المعفيين بقرار من الرئيس التونسي قيس سعيّد، دون أن يتم احترام أحكام المحكمة الإدارية بإبطال عدد من قرارات الإعفاء.

وقال الهمامي، خلال ندوة صحفية لهيئة الدفاع، إنه قد مضت 7 أشهر بعد صدور قرار الإعفاء الذي طال عشرات القضاة دون أن يتم إعلامهم بالتهم الموجهة إليهم أو الأخطاء التي ارتكبوها أو تمكينهم من حق الدفاع عن أنفسهم قبل صدور القرار، وفقه.

الإعلان عن تكوين لجنة دفاع عن القضاة المعفيين تضم أكثر من 40 محاميًا متطوعًا وكل العمداء السابقين لهيئة المحامين ما عدا إبراهيم بودربالة

وذكّر المحامي بأنه كان قد سبق قرار الإعفاء حملة تشويه لهم بشكل مباشر من رئيس الجمهورية نفسه الذي نعتهم بأبشع النعوت خلال انعقاد مجلس وزاري، وتم عرض كلمته في التلفزة التونسية، وفقه.

كما ذكّر العياشي الهمامي بأنه رغم صدور حكم من المحكمة الإدارية يقضي بإيقاف تنفيذ قرار إعفاء عشرات القضاة، إلا أن السلطة التنفيذية أبت تنفيذ حكم المحكمة، وهو ما نعتبره جريمة قائمة الذات لا تزال مستمرة.

وتابع قائلًا: "إثر صدور قرار إبطال الإعفاء، اكتشفت وزيرة العدل فجأة أن جميع هؤلاء القضاة أو أغلبهم إرهابيون ومجرمون وفاسدون ووجهت أوامر بفتح تتبعات ضدهم أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب من أجل جرائم إرهابية والتآمر على أمن الدولة وأمام القطب القضائي للفساد المالي من أجل جرائم فساد مالي ورشوة، وجرائم أخرى أمام محاكم الحق العام، ولم تحترم في ذلك الإجراءات القانونية"، على حد قوله.

  • ما بين 140  و150 قضية منشورة ضد القضاة المعفيين

وذكر رئيس الهيئة التأسيسية للهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية العياشي الهمامي في هذا الصدد أن "هناك ما بين 140  و150 قضية منشورة ضد القضاة المعفيين، وكل قاضٍ تجد لديه في نفس الوقت قضية إرهابية وقضية فساد مالي وقضية حق عام"، وفقه.

العياشي الهمامي: اليوم لم تعد لنا سلطة قضائية مستقلة وبات هناك مناخ من الرعب في المحاكم في صفوف القضاة المباشرين الذين أصبحوا يخشون أن يلحقهم ما طال زملاءهم في حال معارضتهم لوزيرة العدل

وأردف المحامي العياشي الهمامي: "اليوم لم تعد لنا سلطة قضائية مستقلة بمقتضى الدستور نفسه الذي وضعه قيس سعيّد، كما أنه بات هناك مناخ من الخوف والرعب منتشر في المحاكم اليوم في صفوف القضاة المباشرين الذين أصبحوا يخشون أن يلحقهم ما طال زملاءهم في حال معارضتهم لوزيرة العدل"، حسب ما صرح به.

وتضم هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين وعن استقلال القضاة المعلن عن تكوينها من أكثر من 40 محاميًا متطوعًا، وفق ما أكده عضو الهيئة كمال بن مسعود الذي أكد أن الهيئة تضم أيضًا "جميع عمداء المحامين باستثناء العميد السابق إبراهيم بودربالة الذي لا يمكن أن يكون في الهيئة لأنه كان من المساهمين في الوصول لهذا الوضع"، وفقه.

كمال بن مسعود: القضاة المعفيون تمّت فبركة ملفات قضائية خطيرة بالإرهاب وبالفساد المالي لهم

وأضاف بن مسعود، في كلمة له خلال الندوة ذاتها، أن "هذه الهيئة ليست هيئة سياسية وإنما لها قضية واحدة وهي الدفاع عن دولة القانون"، حسب تأكيده.

وقال، في ذات الصدد، إن "القضاة المعفيين تمّت فبركة ملفات قضائية خطيرة بالإرهاب وبالفساد المالي لهم"، مضيفًا أن "هناك من تم إعفاؤه بسبب ارتكاب حادث مرور ومع ذلك فإن المحكمة الإدارية لم تُنصفه بتوقيف التنفيذ وهو ما يدُلّ على أنها لم تُجامل القضاة"، حسب رأيه.

  • شهادات: "التتبعات فيها الكثير من الكيد"

وفي تقديم شهادته، قال الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاة يوسف بوزاخر، في كلمة له خلال الندوة ذاتها، إن قرارات إيقاف تنفيذ الإعفاء كانت قد صدرت في  أوت/أغسطس 2022، وفي ذلك التاريخ لم تكن هناك أي قضية جزائية منشورة ضد قضاة.

يوسف بوزاخر: تمت إعادة فتح تحقيق في شكاية رفعت ضدي من 2020 وسبق أن بحثت فيها النيابة العمومية وتم حفظها لعدم وجود جريمة

وأشار، في هذا الإطار، إلى أن المحكمة الإدارية كانت قد طلبت من السلطة التنفيذية أن تمدها بمؤيدات لكنها لم تفعل، فأصدرت المحكمة الإدارية قرارًا بإيقاف التنفيذ، لكن في 12 أوت/أغسطس ذاته وجهت وزيرة العدل لوكيل الجمهورية مكاتيب تتضمن أمرًا بإثارة التتبعات اللازمة ضدّي بخصوص شكاية كانت تقدمت بها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في 7 ديسمبر/كانون الأول 2020"، مستطردًا القول إنه كان بإمكان الوزارة أن ترد على المحكمة الإدارية بمحتوى الشكاية لكنها لم تفعل"، وفقه.

وأوضح بخصوص الشكاية أنه جاء فيها أن "يوسف بوزاخر تحصل على ترقيات غير قانونية وعلى سيارة إدارية ليس له الحق فيها وخالف في ذلك التراتيب"، مستدركًا القول أن الشكاية الواردة في الملف الجديد غير ممضاة وذلك لأن الشكاية الأصلية التي كانت ممضاة من الممثل القانوني لهيئة مكافحة الفساد بحثت فيها النيابة العمومية وتم حفظها لعدم وجود جريمة، حسب تأكيده.

واستطرد: لكن اليوم تمت إعادة فتح تحقيق في نفس الشكاية بتوجيه من ديوان وزيرة العدل"، متابعًا: "في 28 أوت/أغسطس، قامت النيابة العمومية بفتح تحقيق على معنى الفصل 31 على أساس أنها اعتبرت أن الشكاية السابقة لم تضمن حد الكفاية من الإثبات"، مستدركًا: "لكن في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، النيابة تراجعت عن فتح التحقيق على أساس الفصل 31 وقررت فتح بحث على معنى الفصل 96 ضد شخصي"، على حد قوله.

يوسف بوزاخر: التتبعات ضد القضاة المعفيين فيها الكثير من الكيد والغاية منها إيجاد ذريعة لعدم إنفاذ قرارات المحكمة الإدارية

وأشار بوزاخر في هذا الإطار إلى أن "فتح البحث على معنى الفصل 96 كان بناء على مراسلة توجه بها شخص لرئيس الجمهورية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، يعلمه فيها بوجود تدوينات نسبت لقاضٍ يصف فيها إجراءات 25 جويلية/يوليو 2021 بالانقلاب، واعتبر ذلك تحريضًا على الرئيس ومساره، وأن رئيس المجلس الأعلى للقضاء متستر على هذا القاضي ولم يتم تتبعه، علمًا وأن هذه الشكاية لم تكن قد وردت على المجلس الأعلى للقضاء الذي كان لا يزال موجودًا آنذاك قبل أن يتم حلّه"، حسب تأكيده.

وتابع: على ذلك الأساس تم فتح بحث تحقيقي من أجل تكوين وفاق له علاقة بجرائم إرهابية وبالتستر على جرائم إرهابية وتبييض الأموال المتعلق بالإرهاب ونسبة أمر موحش لرئيس الجمهورية، وغير ذلك من التهم".

واعتبر يوسف بوزاخر أن التتبعات فيها الكثير من الكيد والغاية منها إيجاد ذريعة لعدم إنفاذ قرارات المحكمة الإدارية"، حسب تصوره.

  • "إصلاح القضاء لا يكون بعزل قضاة"

وفي كلمة له خلال الندوة الصحفية ذاتها، قال العميد السابق للمحامين بشير الصيد إن "ملف القضاة المعفيين هو قضية سياسية من الدرجة الأولى"، مستدركًا القول: "هي قضية سياسية لكننا هنا ندافع باسم القانون وبالتالي دون سياسة"، وفق تعبيره.

وأضاف: "نقول للرئيس قيس سعيّد  إن طريقته في إصلاح القضاء التونسي خاطئة تمامًا ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُصلَح القضاء بحملة تشويهية ضد القضاة"، متابعًا: "كما لا يمكن أن يكون ذلك بعزل قضاة دون أن يتم إعلامهم بما اقترفوه".

العميد السابق للمحامين بشير الصيد: ملف القضاة المعفيين هو قضية سياسية من الدرجة الأولى وإصلاح القضاء لا يمكن أن يكون ذلك بعزل قضاة دون أن يتم إعلامهم بما اقترفوه

وشدد الصيد على أن "مشكلة القضاء اليوم ليست من القضاة بالأساس، وإنما هي من السلطة السياسية، ومن السلطة التنفيذية بالذات"، حسب تصوره، مؤكدًا في هذا الصدد أن "إصلاح القضاء يستوجب مراجعة عميقة وإشراك كل القوى الوطنية في ذلك من هيئة المحامين وهيئة الخبراء ومنظمات المجتمع المدني وغيرها.

وكان القضاة المشمولون بقرارات الإعفاء، قد أعلنوا الجمعة 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أنهم  قرروا تكليف هيئة دفاع عنهم تتكون من محامين وحقوقيين "تتولى متابعة القضايا الجزائية المفتعلة ضدهم -في إشارة إلى القضايا التي أثارتها وزيرة العدل- وإنارة الرأي العام بخصوص أهدافها الحقيقية وكشف زورها وبهتانها وطابعها الكيدي والانتقامي"، وفقهم.

كما جددوا، في بيان حمل توقيع الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاة يوسف بوزاخر، عزمهم الاستمرار في الدفاع عن "حقوقهم المسلوبة وقضيتهم العادلة بجميع الوسائل القانونية والمشروعة"، معلنين تشكيل "مجموعة العمل الخاصة بمتابعة ملف الإعفاءات" كإطار راهن للتحرك ومواصلة النضال من أجل الرجوع عن المرسوم عدد 35 والتراجع عن أمر الإعفاء ورد الاعتبار للقضاة المظلومين، حسب نص البيان.

يُذكر أن المحكمة الإدارية في تونس كانت قد أعلنت، في 10 أوت/أغسطس 2022، عن قرارها القاضي بإيقاف تنفيذ عدد من قرارات عزل قضاة، بعد صدور قرار عزلهم بأمر رئاسي في 1 جوان/يونيو 2022، وهو القرار الذي أثار تفاعلات عديدة في المشهد القضائي والسياسي التونسي واستقبله القضاة وعديد الفاعلين السياسيين كـ"انتصار للحق والقانون"، داعين لإقالة/استقالة وزيرة العدل ليلى جفال لما اعتبروه مغالطات اعتمدت عليها وتمت وفقها قرارات العزل.

إلا أن وزارة العدل التونسية أعلنت في 20 أوت/أغسطس 2022، أنه قد تمت إثارة التتبعات الجزائية ضد القضاة المعفيين في تونس، "وذلك عملاً بأحكام المرسوم عدد 35 لسنة 2022 المؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022، وقد تعهدت النيابة العمومية المختصة بالملفات (109 ملفات) وأذنت بإحالة عدد مهم منها على الأقطاب القضائية المختصة في الجرائم الإرهابية والفساد المالي، وفقها.

وتم كذلك، وفق ذات البيان، "فتح أبحاث تحقيقية في الغرض من أجل عدة جرائم كالفساد المالي والرشوة وغسيل الأموال والجرائم الاقتصادية والديوانية بالإضافة إلى جرائم ذات صبغة إرهابية كالتستر على تنظيم إرهابي وتعطيل الإجراءات والانحراف بها وجرائم أخرى كمساعدة شخص على التفصي من تفتيش السلطة العمومية وإخفاء ما تثبت به الجريمة والتفريط في وسائل الإثبات الجنائي وغيرها من الجرائم المتمثلة في التدليس واستغلال خصائص الوظيف والإضرار بالإدارة وجرائم التحرش الجنسي ومخالفة القوانين المنظمة للأسلحة والذخيرة".