10-سبتمبر-2023
معز حديدان

حديدان: نخشى أن تتجاوز النقود التي تضخ في الاقتصاد حجم الاقتصاد الحقيقي

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد المختص في الاقتصاد معز حديدان، السبت 9 سبتمبر/ أيلول 2023، أنّ "البنوك التونسية بلغت مرحلة من الشح في السيولة لدرجة أنها أصبحت غير قادرة على إقراض الدولة عن طريق شراء رقاع الخزينة لأنها بلغت أقصاها، وبالتالي فإنّ التمويل غير المباشر لم يعد ممكنًا، ولهذا ذهب الرئيس قيس سعيّد إلى فكرة التمويل المباشر بلجوئه إلى البنك المركزي التونسي" وفقه.

معز حديدان: البنوك التونسية بلغت مرحلة من الشح في السيولة لدرجة أنها أصبحت غير قادرة على إقراض الدولة، ولهذا لجأ سعيّد إلى فكرة التمويل المباشر عبر البنك المركزي

وتابع حديدان في تصريحه لإذاعة "الديوان"، أنّ البنك المركزي هو مؤسسة تتبع الدولة، واستقلاليته تعني استقلالية السياسة النقدية التي يرسمها، وبالتالي يجب التمييز بينها وبين السياسة الاقتصادية التي تهتم بها الحكومة وتتعلق بالنمو الاقتصادي والتشغيل وغيرها، لأنّ السياسة النقدية تواكب نمو الاقتصاد وتضخ الأموال كي تكون هناك ملاءمة بين النقود التي يقع ضخها في الاقتصاد التونسي والقيمة الحقيقية لهذا الاقتصاد" وفق تفسيره.

وقال المختص في الاقتصاد: "نخشى أن تتجاوز النقود التي تضخ في الاقتصاد حجم الاقتصاد الحقيقي، ولهذا يتشبث الكثيرون باستقلالية البنك المركزي"، مشيرًا إلى تداعيات سلبية قد تنجرّ عن تمويل البنك المركزي الدولة مباشرة، فقال إنه ربما ستغيب الحدود وتصبح العملية بلا ضوابط، فتتجاوز الكتلة النقدية في الاقتصاد بكثير الحجم الحقيقي للاقتصاد بما سيغذّي التضخّم، ويؤثر على قيمة الدينار، حسب تقديره.

معز حديدان: يجب التمييز بينها وبين السياسة الاقتصادية والسياسة النقدية في علاقة باستقلالية البنك المركزي

ولفت المختص في الاقتصاد في هذا السياق، إلى أنّ بعض المؤسسات العمومية قد تطلب من الدولة أن تقترض لسداد ديونها، والجانب الإيجابي في المسألة هو أن الدولة التونسية يمكن أن تحلّ جانبًا من مشكل شحّ السيولة، وفق قوله.

يذكر أن ديون الدولة التونسية لدى القطاع المالي بما في ذلك البنك المركزي، وفق حديدان، تتراوح بين 25 و30 مليار دينار، مؤكدًا أن البنوك الخاصة والعمومية غير قادرة على شراء رقاع الخزينة من الدولة إلى ما لا نهاية باعتبار القواعد التي تفرض عدم تجاوز شراءات البنوك من الرقاع 10% من مواردها الذاتية والودائع الموجودة لديها.

معز حديدان:  تداعيات سلبية قد تنجرّ عن تمويل البنك المركزي الدولة مباشرة، بما سيغذّي التضخّم، ويؤثر على قيمة الدينار

يشار إلى أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد انتقد الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2023، استقلالية البنك المركزي التونسي، مؤكدًا ضرورة "مراجعة وتطوير" القانون المتعلّق بضبط النظام الأساسي للبنك الصادر سنة 2016.

وقال سعيّد، خلال زيارة أداها إلى مقرّ البنك المركزي التونسي، القانون المتعلق بالبنك المركزي الصادر سنة 1958 ربما أفضل في العديد من الأحكام من القانون الصادر سنة 2016 حول الاستقلالية"، معقبًا القول: "الاستقلالية لا تعني الاستقلال عن الدولة، ولا بدّ من الانسجام مع سياسة الدولة".

ويدعو سعيّد بذلك إلى مراجعة القوانين للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر من خلال شراء سندات حكومية، وهي خطوة سبق أن حذر منها محافظ البنك المركزي التونسي لكنه لم يبد أي موقف خلال زيارة الرئيس الأخيرة.

يُذكر أن القانون المتعلّق بضبط النظام الأساسي للبنك الصادر سنة 2016 هو قانون يعزز استقلالية المركزي التونسي وتمت المصادقة عليه حينها كجزء من شروط الحصول على قرض سابق من صندوق النقد الدولي، ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لم يكن هذا التوجه محل إجماع أبدًا وعادة ما يطرح نقاشًا ورؤى متباينة بخصوصه خاصة كلما تم ترفيع نسب الفائدة. 

وقد تجدد مؤخرًا جدل استقلالية البنك المركزي، أكثر تفاصيل عن ذلك تجدونها هنا: جدل استقلالية البنك المركزي يعود للواجهة من جديد في تونس