25-أبريل-2024
معرض تونس الدولي للكتاب

فلسطين هي سيدة الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب وعنوانها البهي (معرض تونس الدولي للكتاب)

 

"امض أبعد مما ترى عيناك وفي يديك كتاب" هذا هو شعار الدورة الثامنة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب المنتظم من 19 إلى 28 أفريل/ نيسان 2024، وهو لوحة شعرية فائقة البديع للشاعر القيرواني الراحل لتوّه محمد الغزي، تبدو كبرج سامق تفيض منه المعاني العالية ويتفجرّ الزخرف البلاغي في المدى كواكب بها نهتدي، وجاءت تكريمًا لروح الشاعر واعترافًا بمدونته الخالدة ورمزيته كمثقف فذّ.

فلسطين هي سيدة الدورة الثامنة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب وعنوانها البهي، فكل ركن من أركان قصر المعارض بالكرم تفوح منه رائحة فلسطين ولكل عارض طريقته في الاحتفاء بها

وفي عمق هذا الشعار البليغ تسكن ظلال "فلسطين" منعّمة بكامل رمزيتها وقضيتها العادلة، فهي المكرّمة في المعرض نصرةً لشعبها الأبي الصامد أمام جبروت الآلة الصهيوينة، فيتحول الشعار تصرفًا وتجوزًا "امض أبعد مما ترى عيناك وفي قلبك تسكن فلسطين".

نعم فلسطين هي سيدة الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب وعنوانها البهي، فكل ركن من أركان قصر المعارض بالكرم أين ينعقد هذا الحدث الثقافي الدولي تفوح منه رائحة فلسطين ولكل عارض طريقته في الاحتفاء بها.

 

فلسطين معرض تونس الدولي للكتاب
فلسطين هي سيدة الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب وعنوانها البهي (معرض تونس الدولي للكتاب)

  • دولة فلسطين تحدت كل الحواجز من أجل الوصول إلى المعرض

تمت دعوة دولة فلسطين للمشاركة ومنحها تمييز المكان داخل المعرض بجناح خاص داخل القاعة الأولى، عدده 1118، وترتكز المشاركة الفلسطينية الرسمية على أربعة أصناف من المنشورات إذ يختص النوع الأول بإصدارات الكتّاب الفلسطينيين اللذين يعيشون في المنافي والمهجر القسري والاختياري واللذين لم يصدر لهم كتاب في الداخل الفلسطيني.

المشاركة الفلسطينية الرسمية في معرض تونس الدولي للكتاب ترتكز على أربعة أصناف من المنشورات، منها أدب السجون وأغلب هذه الكتابات تم تهريبها من داخل الزنازين

ويهتم الصنف الثاني من المنشورات بإنتاجات الحركة الأسيرة داخل معتقلات الاحتلال الاسرائيلي وهو ما يعرف بأدب السجون وأغلب هذه الكتابات تم تهريبها من داخل الزنازين، والغاية من ذلك هي توثيق التجارب الإنسانية القاسية وأيضًا فضح ممارسات الاحتلال.

 أما الصنف الثالث فيهتم بإعادة طباعة كتب المثقفين الذين أسسوا للثقافة الفلسطينية وجمع أعمالهم وتقديمها للقارئ العربي، ويختص الصنف الرابع من المعروض ضمن هذا الرواق بتقديم كتب التراث والفلكلور الفلسطيني.

المدير التنفيذي للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين جمعة الرفاعي لـ "الترا تونس": المشاركة الفلسطينية رسالة تحدّ قوية للاحتلال الإسرائيلي والكتاب الفلسطيني غادر فلسطين نحو تونس رغم كل التضييقات

واعتبر المدير التنفيذي للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين جمعة الرفاعي في تصريحه لـ "الترا تونس"، أن هذه المشاركة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب لسنة 2024 هي رسالة تحد قوية للاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن "الكتاب الفلسطيني غادر فلسطين نحو تونس رغم كل التضييقات التي مورست عليه".

 ونوه الرفاعي بالمواقف المشرفة التي اتخذتها تونس نصرةً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. 

 

فلسطين رواق
منح دولة فلسطين تمييز المكان داخل المعرض بجناح خاص داخل القاعة الأولى (معرض تونس الدولي للكتاب)

        

  • القضية الفلسطينية في صميم البرنامج الرسمي للمعرض

تم ضمن البرنامج الثقافي الرسمي للدورة الحالية من معرض تونس الدولي للكتاب، تخصيص رواق من التظاهرات لفائدة المكون الحضاري والإبداعي الفني الفلسطيني والقضايا ذات العلاقة، وجاء موزعًا على كامل أيام الدورة، كما سميت القاعات التي احتضنت كل الفعاليات الثقافية بأسماء أهم المدن الفلسطينية مثل القدس وغزة وأريحا.

تخصيص رواق من التظاهرات لفائدة المكون الحضاري والإبداعي الفني الفلسطيني وسميت القاعات التي احتضنت كل الفعاليات الثقافية بأسماء أهم المدن الفلسطينية

 ومن أهم المحطات ضمن البرنامج الثقافي الموازي نجد مجلسًا حواريًا بعنوان "سردية الإبادة والمقاومة"، يتنظم بالاشتراك بين إدارة المعرض ومخبر النخب والمعارف والمؤسسات الثقافية بالمتوسط.

وأدار هذا اللقاء الأستاذ والباحث نادر الحمامي، بمشاركة ثلة من الكتاب التونسيين من بينهم الشريف الفرجاني وعز الدين الرتيمي وزينب التوجاني، وقد تعرضت هذه الحصة الفكرية إلى مفهوم الإبادة واستعمالاته قديمًا، وطفوه مجددًا مع الأفعال والممارسات التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني وآخرها إبادة سكان غزة أمام أنظار العالم.

وطرحت ضمن هذا اللقاء عدة أسئلة حول خصوصية الإبادة وفرادتها وخصوصية مقاومة الشعب الفلسطيني وتميزها عن بقية أشكال المقاومة التي واجهت الاستعمار والاستيطان.

من أهم المحطات ضمن البرنامج الثقافي الموازي نجد مجلسًا حواريًا بعنوان "سردية الإبادة والمقاومة" ومجلسًا حواريًا آخر تحت عنوان "كتابة الألم في الثقافة العربية"

فيما جاء المجلس الحواري الثاني تحت عنوان "كتابة الألم في الثقافة العربية"، وتم تنظيمه بالاشتراك بين إدارة المعرض والمعهد العالي للإنسانيات بقفصة، بإشراف الأستاذ معز الزموري، وشارك ضمن محاوره مجموعة من الأساتذة من بينهم منية بن جميع وحبيبي المقدميني ومريم السلامي ومحسن القرسان.

وتطرق هذا المجلس الحواري إلى ظاهرة الألم التي تشترك فيها الثقافات، ويعبّر عنها الإنسان في تمثلاته الرمزية وتعبيراته الفنية، فالألم محرك إبداعي ودافع للتخييل الفني والأدبي والرمزي.

وكان هذا الحوار الفكري والحضاري مدخلاً للحديث عن ألم الشعب الفلسطيني طيلة العقود الأخيرة والذي نجد له صدًى في المنظوم والمنثور، وتطرق الحضور خلال النقاش والتفاعل إلى نماذج أدبية وتاريخية منشورة تحدّثت عن آلام الفلسطينيين.

 

كتب فلسطينية معرض تونس الدولي للكتاب
المدير التنفيذي للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين لـ "الترا تونس": المشاركة الفلسطينية رسالة تحدّ قوية للاحتلال الإسرائيلي  (معرض تونس الدولي للكتاب)

 

أما المجلس الحواري الثالث فجاء تحت عنوان "قضايا التطبيع في الضمير العربي"، وقد اقترحته إدارة المعرض وأدار أركانه الأستاذ خالد كرونة، وقدمت خلاله مجموعة من المداخلات الهامة لعدد من المفكرين والكتّاب على غرار، أنس العيلة من فلسطين وخليفة أحواس من ليبيا ومنير السعيداني وهشام المسعودي من تونس.

وأوضح هذا المجلس الحواري بأن "الثقافة باتت المدخل الأخطر لكل اتجاهات التطبيع مع الكيان الصهيوني التي ما انفكت تتعاظم عامًا بعد عام وباتت تشمل فنانين ورياضيين وكتاب وأكاديميين والغاية من ذلك هو طمس التصادم بين المشروع الثقافي للاستعمار والصهيونية من جهة ومقومات مشروع ثقافي عربي من جهة أخرى، وهو ما يحتم الحفر عميقًا في الفكر الصهيوني وتجلياته في مجالات الفكر والأدب والثقافة والتعليم والرياضة وسائر الفنون والتصدي له بكل شراسة وقوة ضمن البعدين النظري والتطبيقي".

التأكيد خلال مجلس حواري على أن الثقافة باتت المدخل الأخطر لكل اتجاهات التطبيع مع الكيان الصهيوني التي ما انفكت تتعاظم عامًا بعد عام وباتت تشمل فنانين ورياضيين وكتاب وأكاديميين

وجاء المجلس الحواري الرابع تحت عنوان "حروب الصور" وهو من اقتراح إدارة المعرض والمعهد العالي للفن المسرحي، أداره الدكتور والكاتب عبد الحليم المسعودي وشارك ضمنه كل من وائل فاروق من مصر ومجموعة من الأساتذة والباحثين التونسيين من بينهم الهادي خليل وعلي الفريوي والصادق الحمامي وسمير الزغبي.

وطرح هذا المجلس قضايا الصورة وسطوتها باعتبارها مجالاً تتصارع فيه قوى اتخذت من الصورة ساحةً لحروبها الدينية والاستيطانية، فالصورة حسب المتحاورين ضمن هذا المجلس الحواري ليست وديعة كالحمل بل هي حمالة أفكار ومعاني ودلالات وأيضًا جهاز للتوثيق.

وتعرض الحوار إلى التجليات الجديدة للصورة في شبكات التواصل الاجتماعي واتخذ الحضور من العدوان على غزة مثالاً للنقاش حول حرب الصورة والتدخل السياسي والمالي في ذلك.  

"قضايا التطبيع في الضمير العربي" و"حروب الصور" و "فلسطين في الأدب التونسي" و"المقاومة وقضايا الالتزام في الفكر والفن والأدب" هي عناوين أبرز المجالس الحوارية والندوات في معرض تونس الدولي للكتاب 

كما اقترح معرض تونس الدولي للكتاب ضمن برنامجه الثقافي ندوة بعنوان "فلسطين في الأدب التونسي" وقد أدارها الكاتب والإعلامي التونسي الدكتور سعد برغل، وشارك في فعالياتها الكاتب الفلسطيني المقيم في تونس توفيق فياض ومجموعة من الروائيين التونسيين من بينهم حياة الرايس وبلقيس خليفة ونجاة البكري ومحمد أمين بن علي ولطفي الشابي.

أما الأسئلة المركزية التي تعرضت لها الندوة فهي كالتالي: كيف عبر المبدع التونسي عما يختلج في نفوس التونسيين في علاقة بالقضية الفلسطينية؟ وكيف استثمر المبدعون التونسيون في مختلف مجالاتهم الرموز الثقافية والحضارية الفلسطينية على غرار الكوفية والدبكة وشجرة الزيتون والمسجد الأقصى؟ وكيف كانت آلية الصناعة الشعرية والسردية التونسية متماهية مع اليومي الفلسطيني؟ وهل تفرض تيمة المعاناة الفلسطينية بأقلام تونسية على المبدع الكوني ضرورة الكتابة حول المأساة الفلسطينية وتحويل الألم إلى إبداع؟ 

 

معرض تونس الدولي للكتاب علم تونس وفلسطين
كل ركن من أركان قصر المعارض بالكرم تفوح منه رائحة فلسطين  (معرض تونس الدولي للكتاب)

 

وجاءت الندوة الثانية تحت عنوان "المقاومة وقضايا الالتزام في الفكر والفن والأدب"، وهي منجزة بالشراكة مع اتحاد الكتاب التونسيين وتطرقت إلى تلوّن مفهوم الالتزام، خاصةً مع بروز فكرة المقاومة التي فرضت على حاملي مشاغل الفكر والفن والأدبي أن يعيدوا صياغة هذا المفهوم وأن يطرحوا قضاياه الجديدة التي فجرها اليوم إيقاع الأحداث التاريخية والتحولات الجيوسياسية المتلاحقة، إذ أن أم القضايا الآن هي القضية الفلسطينية التي غيرت بأحداث "طوفان الأقصى" خرائط الوعي العالمي فتنوعت سبل المقاومة وإن ظل الهدف واحدًا وهو تحرير الإنسان الفلسطيني من براثن الاستعمار والطغيان والإبادة.

وقد انقسمت هذه الندوة إلى ثلاث جلسات علمية، وكانت الأولى تحت عنوان "المقاومة وقضايا الالتزام في الفكر" وأدارها الأستاذ يوسف بن عثمان وشارك خلالها الأساتذة علاء عبد الهادي من مصر، وإبراهيم الرفاعي من فلسطين، ومحمد السويلمي وزهير الذوادي من تونس، بمداخلاتهم.

تنظيم عدة أماسي شعرية وقراءات قصصية وجلسات لتقديم الكتب والحوارات مع الكتاب والفنانين وكانت فلسطين حاضرة في مضامينها

وكانت الجلسة الثانية بعنوان "المقاومة وقضايا الالتزام في الفن"، وأدارها الأستاذ أحمد حيزم، وأدلى خلالها بمداخلاتهم كل من الأساتذة حسن حميد من فلسطين، وأحمد نزال من لبنان، وعبد المجيد شكير من المغرب، وأم الزين بن شيخة من تونس.

 

فلسطين أطفال معرض تونس الدولي للكتاب
قسم أنشطة الأطفال حرص على تمرير فكرة الالتزام وفلسفة المقاومة إلى المستقبل (معرض تونس الدولي للكتاب)

 

أما الجلسة الثالثة فقد جاءت تحت عنوان "المقاومة وقضايا الالتزام في الأدب"، وأدارها الأستاذ محمد القاضي، وداخل خلالها الأساتذة عبد المجيد زراقط من لبنان، ويوسف شقرة من الجزائر، وعبد المجيد بن البحري، وسمير بن علي من تونس.

هذا وانتظمت عدة أماسي شعرية وقراءات قصصية وجلسات لتقديم الكتب والحوارات مع الكتاب والفنانين وكانت فلسطين حاضرة في مضامينها.

قسم أنشطة الأطفال حرص على تمرير فكرة الالتزام وفلسفة المقاومة إلى المستقبل، بهدف تشبع الأجيال الصغيرة بالقضية العادلة للشعب الفلسطيني

أما قسم أنشطة الأطفال فقد خصص ورشات للرسم والموسيقى والتصوير والرقص، احتوت على تميمات فلسطينية وذلك من أجل تمرير فكرة الالتزام وفلسفة المقاومة إلى المستقبل وبهدف تشبع الأجيال الصغيرة بالقضية العادلة للشعب الفلسطيني.

فكانت فلسطين ولازالت جزءً من الحياة الثقافية التونسية، وشمسًا لا تغيب وهاجسًا أساسيًا للكتاب والمبدعين والفنانين والمثقفين التونسيين، وما ذهب إليه معرض تونس الدولي للكتاب في نسخته الثامنة والثلاثين من اهتمام لافت ليس إلا ترجمةً لذاك الالتزام والوفاء النقي سواءً من النخب أو من الشعب التونسي بأسره.       

     

معرض الكتاب أطفال
قسم أنشطة الأطفال خصّص ورشات للرسم والموسيقى والتصوير والرقص احتوت على تميمات فلسطينية (معرض تونس الدولي للكتاب)