الترا تونس - فريق التحرير
أتمت اللجنة المكلفة بالصياغة التأليفية لمشروع مجلة القضاء الإداري مهمتها بإعداد المشروع المنتظر في إطار تنزيل أحكام الدستور (الفصل 116) الذي تضمن إعادة تنظيم للقضاء الإداري في تونس على أساس مبدأ استقلالية القضاء.
ويضمّ مشروع المجلة، الذي نشرته اللجنة للعموم في جوان/يونيو 2020، في إطار فتح باب النقاشات بين المختصين 303 فصلًا يتوزع على 9 عناوين تتفرّع أغلبها إلى أقسام.
يأتي مشروع مجلة القضاء الإداري في إطار تنزيل أحكام الدستور بخصوص إعادة تنظيم هذا القضاء في تونس
وينص المشروع، في فصله الرابع، أنه "يختص القضاء الإداري بالنظر في تجاوز الإدارة سلطتها، وفي النزاعات الإدارية، ويمارس وظيفة استشارية".
كما ينص أن "اللغة العربية هي لغة التقاضي والمرافعة والمفاوضة وتحرير الأحكام"مع أحداث نظام إلكتروني للتقاضي عن بعد أمام محاكم القضاء الإداري.
3 أصناف من المحاكم الإدارية
يتكوّن التنظيم القضائي الإداري، وفق ما أبرزته المجلة وتطبيقًا للدستور، من محاكم ابتدائية وأخرى استئنافية إضافة للمحكمة الإدارية العليا مثل تنظيم القضاء العدلي.
وبخصص الوظيفة الاستشارية، تُستشار المحكمة العليا وجوبًا في شأن المراسيم ومشاريع الأوامر ذات الصبغة الترتيبية، ومشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء الإداري، وكل المواضيع ومشاريع النصوص الأخرى التي تقتضي الأحكام التشريعية مشورتها.
اقرأ/ي أيضًا: نظام تأجير خاص طبقًا للمعايير الدولية.. هل يتحقق مطلب القضاة؟
كما يُمكن استشارتها بوجه عام حول كافة المواضيع التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة لإبداء الرأي فيها على أن تكون متعلقة بمسائل قانونية عامة.
ونظم المشروع إجراءات الطعن في قرارات المحكمة الإدارية عبر طعن غير عادي عن طريق التماس إعادة النظر والاعتراض واعتراض الغير.
هل يتجاوز القضاء الإداري معضلة البطء؟
يعاني القضاء الإداري من معضلة طول آجال التقاضي في مختلف مراحله، ولذلك ركزت مشروع مجلة القضاء الإداري على هذه المسألة بوضع آجال قصوى في عدة إجراءات على غرار وجوب رد الأطراف على عريضة الطعن في أجل أقصاه شهرين، مع تحديد أجل 3 أشهر لإنجاز مأمورية الاختبار.
كما يجب على القاضي المقرر ختم التحقيق في أجل أقصاه 6 أشهر، سواء في الابتدائي أو الاسئتنافي، وبالخصوص إلزام المحكمة بتلخيص الحكم في أجل لا يتجاوز شهرين فقط من تاريخ التصريح به.
أحكام خاصة في الحريات والانتخابات والإعلام
في إطار حماية الحريات الأساسية، نص المشروع أنه يمكن لرئيس المحكمة الإدارية الابتدائية أو القاضي المكلف بالاستعجالي "أن يأذن في جميع حالات التأكد بكل التدابير الضرورية لحماية الحريات الأساسية اللصيقة بذات الإنسان والحقوق والحريات المضمونة دستوريًا من الانتهاكات الجسيمة وغير الشرعية".
يلزم مشروع مجلة القضاء الإداري المحكمة بتلخيص الحكم في أجل لا يتجاوز شهرين فقط من تاريخ التصريح به
وبخصوص القطاع السمعي البصري، يأذن رئيس المحكمة الإدارية الاستئنافية بإلغاء أو تعديل قرارات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المتعلقة ببث برنامج أو جزء منه أو ومضة إشهارية.
كما يمكن لرئيس المحكمة الإدارية الابتدائية أو القاضي المكلف بالاستعجالي، في إطار مراقبة الحملات الانتخابية، أن يأذن بوضع حد فوري للإجراءات والتدابير التي تتخذها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إطار هذه المراقبة.
قسم خاص بتنفيذ الأحكام
خصّص المشروع، في الأثناء، قسمًا خاصًا بتنفيذ أحكام المحكمة الإدارية التي دائمًا ما تُثار الانتقادات بخصوص عدم تطبيقها على أرض الواقع وتحديدًا بعدم احترامها من طرف الإدارات العمومية.
ففي هذا الإطار، ينص الفصل 284 من المشروع أنه "يحجر الامتناع عن تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكم القضاء الإداري أو تعطيل تنفيذها دون موجب قانوني".
اقرأ/ي أيضًا: معضلة طول آجال التقاضي في المحاكم التونسية (حوار مع القاضي عمر الوسلاتي)
وفي صورة امتناع الإدارة عن التنفيذ، يمكن لمن صدر الحكم لفائدته إلزام الإدارة بأداء غرامة عن كل يوم تأخير وهو ما يسمى بالغرامة التهديدية.
كما يعدّ رئيس الإدارة هو المسؤول القانوني عن تنفيذ أحكام القضاء الإداري مع إمكانة إثارة مسؤوليته الجزائية والمدنية "في حال تعمده عدم تنفيذ الحكم رغم استنفاذ سبل التنفيذ". كما يُعتبر امتناع رؤساء أو موظفي الإدارة عن تنفيذ أحكام القضاء الإداري بما يترتب عنه تبعات مالية على كاهل الإدارة "خطأ تصرّف" على معنى قانون محكمة المحاسبات.
من أهم النقاط التي أوردها مشروع المجلة هي إحداث لجنة وطنية لمتابعة تنفيذ أحكام القضاء الإداري
ويُعتبر كذلك عدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية "خطاً معمرًا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر"، وتُرفع دعاوى تعمير الذمة في ظرف 3 سنوات من تاريخ تبليغ الإدارة للمستفيد قرارها الصريح المتضمن أسباب عدم التنفيذ.
ومن أهم النقاط التي أوردها مشروع المجلة ، في هذا الجانب، هي إحداث لجنة وطنية لمتابعة تنفيذ أحكام القضاء الإداري.
كما تتولى المحكمة الإدارية العليا تجميع المعطيات حول الأحكام الإدارية غير المنفذة في تقاريرها السنوية، وتعلم بها رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة عدا عن رئيس هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.
التنظيم الحالي للقضاء الإداري
يُذكر أن التنظيم القضائي الإداري حاليًا يتكوّن من محكمة إدارية مقرها في تونس العاصمة، فيما لم يقع تركيز دوائر ابتدائية في الجهات إلا سنة 2018 بمناسبة الانتخابات البلدية عبر 12 دائرة في كل من بنزرت والكاف وسوسة والمنستير وصفاقس وقفصة وقابس ومدنين والقصرين وسيدي بوزيد والقيروان.
ويبلغ حاليًا عدد القضاة الإداريين 223 قاضيًا، ويقع انتدابهم من المتفوقين المتخرجين من المدرسة العليا للإدارة، أو عبر مناظرة خارجية بالملفات.
وتتجه الملاحظة أنه وفق دستور 1959، كان يتكوّن القضاء الإداري من مجلس دولة يضمّ المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات. وقد وقع التخلي عن هذا التنظيم بموجب دستور 2014 الذي فصل بين القضاء الإداري وتنظيمه من جهة والقضاء المالي وتنظيمه من جهة أخرى.
اقرأ/ي أيضًا:
المحاكم في تونس.. ماهي أصنافها؟ كم عددها؟ وأين مقراتها؟ (2/1)
المحاكم في تونس.. ماهي أصنافها؟ كم عددها؟ وأين مقراتها؟ (2/2)