01-مايو-2018

مطلب يأتي انعكاسًا للاعتراف باستقلالية القضاء بعد الثورة (صورة أرشيفية/فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

دائمًا ما يطالب القضاة بنظام تأجير خاصّ طبقًا للمعايير الدولية باعتبار ذلك من أهمّ ضمانات استقلالهم، وخاصة بالنظر إلى حجم العمل القضائي المتزايد ومشقة الوظيفة القضائية، وتشعب النزاعات بأصنافها. ولعلّ آخر هذه المطالبات هي الصادرة عن جمعية القضاة التونسيين.

وسبق وأن أمضى رئيس الحكومة يوسف الشاهد بتاريخ 7 ديسمبر/كانون الأول 2017 الأوامر المتعلقة بالترفيع في أجور عموم القضاة بمختلف مراتبهم وذلك بـ 1000 دينار بالنسبة للرتبة الثالثة، و950 دينار للرتبة الثانية و900 دينار للرتبة الأولى كما تم إقرار منحة للقضاة الملحقين بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، إلى جانب دعم ميزانية تعاونية القضاة بـ 500 ألف دينار.

تطالب جمعية القضاة التونسيين بنظام تأجير خاصّ بالقضاة دون اعتماد النظام الحالي المعتمد في الوظيفة العمومية

وقد عبّرت حينها جمعية القضاة التونسيين عن ارتياحها لنشر تلك الأوامر التي تعلقت بإقرار الزيادة في مرتبات القضاة بمختلف أصنافهم من قضاة عدليين وماليين وإداريين. ولكن لا يزال يطالب المجلس الوطني للجمعية رئيس الحكومة بالإسراع بإصدار الأوامر المتعلقة بالمنح المقرّر إسنادها للقضاة المعيّنين بقطب مكافحة الإرهاب والقطب الاقتصادي والمالي، وصرف مرتبات القضاة بجميع أصنافهم الواقع انتدابهم في السنة القضائية 2017-2018.

وكان قد ناقش أعضاء المكتب التنفيذي للجمعية مع وزير العدل غازي الجريبي، في شهر مارس/آذار المنقضي، الوضع القضائي العام والملفات المطروحة المتعلقة بالقضاء وعلى رأسها مناقشة القوانين الأساسية للسلطة القضائية، وخاصة منها إصدار قانون أساسي للقضاة، وقانون للتفقدية العامة للشؤون القضائية، إضافة لمسألة الاستقلال الاداري والمالي للمحاكم، وكذلك استقلال النيابة العمومية وإسناد الإشراف عليها لجهة قضائية. كما تعرض هذا اللقاء كذلك لمسألة نظام التأجير الخاص بالقضاة.

اقرأ/ي أيضًا: جمعية القضاة التونسيين ترفض تنقيح قانون المحكمة الدستورية

إذ بعد الخطوات المنجزة بخصوص الوضع المادي للقضاة من خلال الترفيع في أجورهم وإقرار المنح الخصوصية، إضافة للمنافع المادية لقضاة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقطب الاقتصادي والمالي ومنحة الاستمرار لأعضاء النيابة العمومية، يطالب القضاة أيضًا بإخراجهم بمختلف أصنافهم من نظام التأجير في الوظيفة العمومية إلى نظام تأجير خاص بهم، وذلك بما يراعي وضعيتهم كأعضاء سلطة بما يستجيب للمعايير الدولية والتجارب المقارنة.

ويشير أنس حمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين لـ"الترا تونس"، في هذا الإطار، إلى أنّه تمّ خلال اللقاء الذي جمعهم بوزير العدل "عرض طلب إخراج القضاة من نظام التأجير في الوظيفة العمومية إلى نظام تأجير خاص بهم، وهو طلب ناتج عن صفة القضاة كأعضاء في السلطة وهي سلطة قضائية وليسوا موظفين عموميين"، مضيفًا "بوصف القضاة أعضاء سلطة من غير الممكن إخضاعهم لنظام التأجير في الوظيفة العمومية، وهو أمر موروث عن النظام السابق الذي يعتبر القاضي مجرد موظف تابع لوزارة العدل"، وفق تعبيره.

أنس حمادي رئيس جمعية القضاة لـ"الترا تونس": المطالبة بنظام تأجير خاص هو ناتج عن صفة القضاة كأعضاء في السلطة القضائية وليسوا موظفين عموميين

في نفس السياق، يؤكد محدّثنا أنّ "اليوم وبعد سن الدستور وبعد الإقرار بأنّ القضاء هو سلطة مستقلة بذاتها وموازية لباقي السلط، فإنّ من المفترض أن تنتج الهوية الجديدة للسلطة القضائية العديد من الاستتباعات والآثار، من بينها نظام تأجير خاص بالقضاة". ويضيف أنس حمادي "هذا مفهوم وثيق الاتصال بمفهوم السلطة القضائية في حدّ ذاتها ومبادئ استقلال القضاء، فالاستقلالية ليست شعارات بل مبادئ تركز وتصاغ على مستوى القوانين".

اقرأ/ي أيضًا: من هو الهادي القديري الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للقضاء؟

وتحدث رئيس الجمعية أن القضاة يطالبون بنظام تأجير مستقل بذاته، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى أعضاء الحكومة بوصفهم ينتمون للسلطة التنفيذية، ونواب الشعب بوصفهم ينتمون إلى السلطة التشريعية، حيث يتمتع كل صنف بنظام تأجير خاص. وشدّد حمادي في تصريحه لـ"الترا تونس" بأن "لابد من نظام تأجير يتماشى ومكانة القضاة كأعضاء سلطة مستقلة وموازية لباقي السلط، وهذا الطلب متّبع في العديد من الدول المقارنة وتنص عليه المواثيق والمعايير الدولية التي تؤكد على ضرورة أن يكون للقضاة نظام تأجير خاص بهم يتماشى وخصوصية الرسالة التي يضطلعون بها".

وقال أيضًا إنه يجب إحداث معايير لتحديد الأجور وكيفية تطورها مع تطور مستوى المعيشة، "وذلك حتى لا يبقى القضاة خاضعون إلى المفاوضات الاجتماعية التي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل نيابة عن كل الموظفين" وفق قوله. وقد أكدت الجمعية، في هذا الإطار، إعدادها لمشروع متكامل واستعدادها للشروع في نقاشه وتبادل الآراء حوله مع مختلف المتدخلين في القطاع.  

أنس حمادي رئيس جمعية القضاة لـ"الترا تونس": لابد من نظام تأجير يتماشى ومكانة القضاة كأعضاء سلطة مستقلة وموازية لباقي السلط

كما أضاف أنس الحمادي، على صعيد آخر، أن جمعية القضاء تطالب بقانون أساسي جديد للقضاء بدل القانون الأساسي القديم لسنة 1967 "الذي لم يكن فيه مفهوم السلطة القضائية" وفق تعبيره، كما تطالب بقانون أساسي للتفقدية العامة للشؤون القضائية، وكذلك باستقلالية مالية وإدارية على مستوى المحاكم إضافة لاستقلالية النيابة العمومية. وأكد على ما وصفه بتمسك أعضاء مكتب الجمعية بضرورة صياغة هذه المشاريع وفق مقاربة تشاركية تساهم فيها الجمعية برؤيتها وكفاءاتها من القضاة العدليين والإداريين والماليين، وذلك وفق ما يشير إليه أنس الحمادي في ختام حديثه معنا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تهديدًا بالإضراب.. عدول الإشهاد يحتجّون على مشروع قانون المهنة

إلغاء منشور يمنع زواج التونسية بغير المسلم.. هل انتهى الجدل فعلًا؟