25-سبتمبر-2018

تتعدد أصناف المحاكم في تونس (تيري موناس/getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

تابعنا في الجزء الأول عرضًا لخارطة محاكم القضاء العدلي وأصنافها في تونس، وسنستعرض في هذا الجزء الثاني المحاكم في بقية الأقضية والحديث عن محاكم القضاء الإداري والمالي إضافة للقضاء العسكري.

اقرأ/ي أيضًا: المحاكم في تونس.. ماهي أصنافها؟ كم عددها؟ وأين مقراتها؟ (1/2)

محاكم القضاء الإداري

يختص القضاء الإداري في النزاعات الإدارية، وفي تجاوز السلطة لإدارتها، كما يمارس وظيفة استشارية. يكون أحد أطراف النزاع أمام المحكمة الإدارية ضرورة هيئة إدارية ولا يتعلق الأمر بنزاع بين شخصين مثل القضاء العدلي.

يتكوّن القضاء الإداري، وفق الدستور، من محكمة إدارية عليا ومحاكم إدارية استئنافية ومحاكم إدارية ابتدائية، وهو نظام شبيه بالقضاء العدلي (محكمة تعقيب ومحاكم درجة ثانية ومحاكم درجة أولى).

ولكن لا يزال هذا التنظيم للقضاء الإداري المنصوص عليه في الدستور، ينتظر قانونًا لضبطه. إذ لا يزال يتكوّن القضاء الإداري منذ الاستقلال لليوم من محكمة إدارية مقرها في تونس العاصمة، فيما لم يقع تركيز دوائر ابتدائية في الجهات إلا سنة 2018 بمناسبة الانتخابات البلدية عبر 12 دائرة في كل من بنزرت والكاف وسوسة والمنستير وصفاقس وقفصة وقابس ومدنين والقصرين وسيدي بوزيد والقيروان.

يتكوّن القضاء الإداري وفق الدستور من محكمة إدارية عليا ومحاكم إدارية استئنافية ومحاكم إدارية ابتدائية

يرأس المحكمة الإدارية رئيس أول وتتركب حاليًا من 15 دائرة ابتدائية مركزية في العاصمة، و12 دائرة ابتدائية في الجهات على النحو السابق ذكره، و10 دوائر استئنافية، و3 أقسام استشارية، ودائرتان استشاريتان و4 دوائر تعقيبية إضافة للجلسة العامة.

يبلغ حاليًا عدد القضاة الإداريين 223 قاضيًا منهم 104 برتبة مستشار و119 برتبة مستشار مساعد. ويقع انتداب القضاة الإداريين من المتفوقين المتخرجين من المدرسة العليا للإدارة، أو عبر مناظرة خارجية بالملفات.

تتجه الملاحظة أنه وفق دستور 1959، كان يتكوّن القضاء الإداري من مجلس دولة يضمّ المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات. وقد وقع التخلي عن هذا التنظيم بموجب دستور 2014 الذي فصل بين القضاء الإداري وتنظيمه من جهة والقضاء المالي وتنظيمه من جهة أخرى.

محاكم القضاء المالي

يتكوّن القضاء المالي من محكمة محاسبات بمختلف هيئاتها كما ينص الدستور.

وتختص المحكمة بمراقبة حسن التصرف في المال العام، وفقًا لمبادئ الشرعية والنجاعة والشفافية، وتقضي في حسابات المحاسبين العموميين، وتقيّم طرق التصرف وتزجر الأخطاء المتعلقة به، وتساعد السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية على رقابة تنفيذ قوانين المالية وغلق الميزانية.

تختص محكمة المحاسبات بمراقبة حسن التصرف في المال العام، وفقًا لمبادئ الشرعية والنجاعة والشفافية

لكن لم يتم بعد إحداث محكمة المحاسبات التي تنتظر قانونها الأساسي، إذ لازالت توجد دائرة محاسبات التي تتكون حاليًا من رئيس ورؤساء غرف ورؤساء أقسام ومستشارين ومستشارين مساعدين إضافة لنيابة عمومية ممثلة عبر مندوب الحكومة العام.

اقرأ/ي أيضًا: نظام تأجير خاص طبقًا للمعايير الدولية.. هل يتحقق مطلب القضاة؟

ويبلغ عدد قضاة دائرة المحاسبات برتبة مستشار أو مستشار مساعد إلى حدود 2016، 175 قاضيًا. وهو عدد ضئيل وسط مطالبات مستمرة لتدعيمه لضمان قدرة القضاء المالي على القيام بدوره في مراقبة حسن التصرف في المال العام وزجر مرتكبي الأخطاء.

محاكم القضاء العسكري

هي محاكم متخصّصة في الجرائم العسكرية، ولا تتبع مجلس القضاء العدلي بل تتبع السلطة التنفيذية وتحديدًا وزارة الدفاع وبالخصوص وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري. ويشرف على تسيير هذا القضاء مجلس للقضاء العسكري يرأسه وزير الدفاع.

ولم ينص الدستور على القضاء العسكري بذاته فلم يعتبره صنفًا خاصًا (مثل القضاء العدلي أو الإداري أو المالي أو الدستوري) وذلك باعتبار أن السلطة القضائية هي بالضرورة سلطة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولذلك تحدث بدلًا عن ذلك عن محاكم عسكرية وصفها بأنها محاكم متخصصة في الجرائم العسكرية على النحو المذكور.

المحاكم العسكرية تعمل تحت إمرة وزارة الدفاع ولم يعتبر الدستور القضاء العسكري صنفًا قضائيًا خاصًا بذاته

وتوجد في تونس 3 محاكم عسكرية ابتدائية في كل من تونس العاصمة وصفاقس والكاف، وهي المحاكم التي نظرت ولازال منذ سنوات في قضايا أحداث الثورة. كما توجد محكمة استئناف عسكرية بتونس.

اقرأ/ي أيضًا: الأمل الأخير للمحاسبة.. ماذا تعرف عن قضاء العدالة الانتقالية؟

يشرف على المحاكم العسكرية قضاة عسكريون وقضاة عدليون. يتولى بالخصوص القضاة العسكريون زمن السلم وظائف وكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري والوكيل العام لدى محكمة الاستئناف العسكرية، ووكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق وغيرها من الوظائف، كما يتولى وجوبًا قضاة عسكريون وظائف أخرى في حالة الحرب أو زمن الحرب. ويقع تعيين هؤلاء القضاة باقتراح من وزير الدفاع.

أما القضاة العدليون، فهم يتولون زمن السلم وظائف الرئيس الأوّل لمحكمة الاستئناف العسكرية، ورؤساء المحاكم الابتدائية العسكرية ورؤساء الدوائر الجنائية والجناحية. ويقع تعيين هؤلاء القضاء باقتراح من وزيري الدفاع والعدل.

ولكن الارتباط بين القضاء العسكري والعدلي لا يقف عند مستوى القضاة فقط، إذ أن التحقيق العسكري يتم عبر دائرة اتهام عسكرية بمحكمة الاستئناف العدلية فيما يتم الطعن بالتعقيب في الأحكام العسكرية أمام محكمة التعقيب تنظر فيها دائرة مخصصة للغرض.

يدور جدل في الأوساط الحقوقية في تونس من أجل إلغاء مبدأ مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية 

وقد عرف القضاء العسكري إصلاحات بعد الثورة تحديدًا بموجب المرسومين 69 و70 الصادرين بتاريخ 29 جويلية 2011 المتعلقين بتنقيح وإتمام مجلة المرافعات والعقوبات العسكريّة، حيث تم إقرار مبدأ التفاضي على درجتين كما تم إقرار القيام بالحق الشخصي أي تمكين المتضرر من طلب التعويض أمام المحاكم العسكرية. في المقابل، وسّع المرسوم 69 من اختصاص القضاء العسكري ليشمل جرائم الحق العام المرتكبة من العسكريين وجرائم الحقّ العامّ المرتكبة ضدّ العسكريين أثناء مباشرتهم للخدمة أو بمناسبتها. 

ولا يزال الجدل مستمرًّا في الأوساط الحقوقية في تونس حول مبدأ مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية من جهة، وحول تطويع القضاء العسكري من السلطة التنفيذية لمعاقبة خصومها السياسيين من جهة ثانية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خاصّ: حقيقة الجدل حول "أول قرار قضائي في تونس يقبل الخيانة الإلكترونية"

تعرف على أهم 10 مجلات قانونية في تونس