11-سبتمبر-2022
تيكاد تونس

خبيرة اقتصادية: التسويق لمؤتمر "تيكاد 8" في تونس تم توظيفه سياسيًا (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

ماذا بعد "تيكاد 8"؟ أو ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا التي انعقدت في تونس يومي 27 و28 أوت/ أغسطس 2022، والتي تتواصل أنشطتها الموازية إلى غاية أواخر شهر سبتمبر/ أيلول الجاري.

لقد سبقت هذه الندوة حملة إعلامية أكدت أن هذا الموعد هو فرصة تونسية لجلب الاستثمارات اليابانية إلى بلاد تعاني أوضاعًا اقتصادية واجتماعية حرجة، وانتظر التونسيون هذا المؤتمر آملين في أن يكون فرصة لتمويل 81 مشروعًا مبتكرًا مقدمًا في كتاب أبيض طُبعت منه 4 آلاف نسخة.

فما الذي بقي من هذا المؤتمر؟ وما هو نصيب تونس منه؟

انعقدت ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا "تيكاد 8" في تونس يومي 27 و28 أوت 2022، لتتواصل أنشطتها الموازية إلى أواخر سبتمبر الجاري

في هذا السياق، أكد سفير تونس السابق في اليابان صالح الحناشي، أنه يجب تحرّي الدقة أولًا، إذ تم تكليف عدد من الأطراف بتنظيم مؤتمر "تيكاد 8"، وهي الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، والبنك الدولي ولجنة الاتحاد الإفريقي، وكل منهم مكلف بمهمة. وعليه، فإن تقييم المؤتمر لا بدّ أن يأخذ بعين الاعتبار كل هذه الأطراف، وفقه.

أما بالنسبة لتونس فهي مكلفة بالتنظيم، واعتبر محدثنا أن التنظيم كان جيدًا رغم أنه كان يمكن أن يكون أفضل، فلم تحدث سوى بعض الإشكاليات البسيطة في المطار على حد قوله.

وكشف محدث "الترا تونس" أنه في تواصل مع سفير اليابان الذي أبلغه بأن الدورة كانت ناجحة وكانت عملًا مشتركًا بين كل الأطراف.

صالح الحناشي (سفير تونس السابق في اليابان) لـ"الترا تونس": نجاح تنظيم "تيكاد 8" أمر مهم جدًا رغم عديد التحديات الداخلية والخارجية لتونس

أما فيما يتعلق بنصيب تونس من هذا المؤتمر، فإنه يعتبر أنها نجحت تنظيميًا رغم عدد من التحديات سواء الداخلية أو الخارجية، سواء من ناحية الحرب في أوكرانيا والأوضاع في ليبيا وجائحة كورونا، إلى جانب أن البلاد كانت في تحدٍ داخلي بعد الاستفتاء.. وبالتالي، فهو يعتبر أن نجاح التنظيم مهم جدًا، وفق تقديره.

ويقول الديبلوماسي صالح الحناشي: خرجنا من مؤتمر "تيكاد 8" بتوظيف اليابان لـ30 مليار دولار لإفريقيا، منها 4.5 لشمال إفريقيا و90 مليون دينار للشركات اليابانية المتمركزة في تونس والتي تنوي ذلك.

كما نظمت الغرفة التجارية اليابانية التونسية عدة لقاءات استعدادًا للمؤتمر، وأصدرت كتابًا أبيض يتضمّن81 مشروعًا، "وتمت مناقشة هذه المشاريع التي تتطلب لقاءات ونقاشات وفترة مخاض طويلة، ولكن رغم ذلك تم الإمضاء على 4 مشاريع ونعتقد أن المستقبل واعد في مشاريع أخرى تتعلق بالتكنولوجيات الطبية والصيدلة" وفق قوله.

سفير تونس السابق في اليابان لـ"الترا تونس": خرجنا من "تيكاد 8" بتوظيف اليابان لـ30 مليار دولار لإفريقيا، و90 مليون دينار للشركات اليابانية المتمركزة في تونس والتي تنوي ذلك

ويعتقد الحناشي أن قمة تونس تتميز عن سابقاتها بإضافة العنصر الثقافي والرياضي والعلمي إلى جانب أن عدد المشاركين بلغ 5000، و50 بعثة منها 20 دولة ورئيس حكومة في حين أن مؤتمر كينيا 2016 حضر به 13 رئيس دولة فقط.

واعتبر صالح الحناشي أن كل عمل إنساني يمكن أن يكون أفضل وقال: "المشاريع المقدمة لم تكن كبرى ولم تكن عابرة للحدود، وكان من الأفضل أن تكون المشاريع المقدمة من قبل تونس، بالشراكة مع الدول الإفريقية حتى تكون تونس بالفعل قاطرة لإفريقيا خصوصًا فيما يتعلق بالطاقة والبنية التحتية والصيدلة..".

ويضيف محدثنا أن "اللافت للنظر هو إعلان تونس عن مفهوم جديد وهو الاستدامة بعد التعثر أي الوقوف من جديد بعد الجوائح" وفق وصفه.

سفير تونس السابق في اليابان لـ"الترا تونس": اشتراط اليابان تقديمها لمساعدات مالية لتونس بعد إبرامها اتفاقًا مع صندوق النقد، هو أمر طبيعي جدًا

"كما وقع التأكيد على 3 ركائز أساسية منها تحويل هيكلي في الاقتصاد، فلا يجب أن يكون مبنيًا على الدولة فقط ولا على القطاع الخاص فقط، بل يجب أن يكون مبنيًا على شراكة متينة بين الدولة والقطاع الخاص، وقد تم ملامسة ذلك بعد جائحة كورونا التي برهنت على أن اقتصاد السوق فقط غير كاف، وأن الشراكة ضرورية بين الحكومات والقطاع الخاص وعدنا إلى المفهوم الألماني وهو الاقتصاد الاجتماعي التضامني" وفق الدبلوماسي.

"كما أننا خرجنا من مؤتمر تيكاد 8 بأن إفريقيا ركيزة الاقتصاد في القرن 21 وهي ليست مجاملة دبلوماسية، بل إنها حقيقة، ونحن نعلم التهافت على إفريقيا علمًا وأن اليابان منذ 1993 نادت إلى التوجه نحو إفريقيا لأنها مصدر للثروات الطاقية ليست الفحمية فقط بل الطاقات المتجددة كما أنها أصبحت سوقًا واعدة للتجديد" وفق السفير التونسي السابق في اليابان.

وأكد الدبلوماسي التونسي على أن "الاتفاقيات مع أي طرف كان، مشروطة، وهو أمر طبيعي جدًا وعلى تونس أن توفر جملة من الشروط حتى يتم فعلًا إنجاز هذه المشاريع، واليابان قالت إنها ستنتظر ما سيقرره صندوق النقد الدولي تجاه تونس".

واعتبر الحناشي أن هذا "أمر عادي لأنه مؤشر من مؤسسة ملمة بالأوضاع في تونس، وقراراتها تنير القرار السيادي الياباني" لكنه متأكد أن اليابان لن تتراجع حول اتفاقيتها مع تونس، وفق تقديره.

في المقابل، تؤكد الخبيرة في التجارة الدولية جنات بن عبد الله لـ"الترا تونس" أنه "من غير المعقول الحديث والترويج لمسألة نصيب تونس من مؤتمر تيكاد 8 لأنه مؤتمر للتعاون الياباني الإفريقي وليس للتعاون التونسي الياباني، وبالتالي هو يتوجه إلى كل إفريقيا بما فيها تونس" وفقها.

جنات بن عبد الله (خبيرة في التجارة الدولية) لـ"الترا تونس": من غير المعقول الترويج لمسألة نصيب تونس من مؤتمر "تيكاد 8" لأنه مؤتمر للتعاون (الياباني الإفريقي) وليس للتعاون (التونسي الياباني)

واعتبرت بن عبد الله، أنّ المؤتمر، محطة للتعارف والتلاقي بين رجال الأعمال والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية مع الحكومات، لأن التعامل المطروح اليوم هو التعاون بين القطاع العمومي والخاص.

وترى الخبيرة الاقتصادية أن ما يطرحه المؤتمر الآن في نسخته الثامنة هو مسألة الاستثمار ودور القطاع الخاص في تنمية إفريقيا، وليس تنمية تونس، وبالتالي فهو حقق أهدافه من خلال ما جاء في إعلان تونس، وفق تأكيدها.

واعتبرته محدثتنا إعلانًا طويلًا وتمت صياغته بطريقة معقدة وصعبة، قائلة: "رغم أنه كان شاملًا، فإنّ ذلك لا ينفي التعقيد من خلال تزويق أهداف المؤتمر حتى يغطي طابع الهيمنة على إفريقيا".

جنات بن عبد الله لـ"الترا تونس": على عكس ما يعتقده البعض، فإن الحديث عن تنمية إفريقيا، هو بحث في كيفية اختراق رأس المال والقطاع الخاص لإفريقيا للاستحواذ على ثرواتها واختراقها

فإفريقيا اليوم وفق جنات بن عبد الله، "هي منطقة صراع بين القوى العظمى: الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وبالتالي هناك صراع للاستحواذ على ثروات هذه القارة من خلال الحديث عن تنمية إفريقيا".

وتضيف: "على عكس ما يعتقده البعض عندما نتحدث عن تنمية إفريقيا إننا في الحقيقة نبحث في كيفية اختراق رأس المال والقطاع الخاص لإفريقيا للاستحواذ على ثرواتها، فتيكاد الذي بعثته اليابان منذ سنة 1993 بهدف تنمية إفريقيا، ماذا قدّم لهذه القارة؟ فمتابعنا للمؤشرات المالية والاقتصادية من منذ ذلك الحين إلى اليوم تكشف أن كل مؤشرات إفريقيا سلبية، وبالتالي فإن المقصود هو اختراق إفريقيا" وفق محدثتنا.

جنات بن عبد الله لـ"الترا تونس": إعلان تونس في اختتام فعاليات المؤتمر كان طويلًا، وتمت صياغته بطريقة معقدة وصعبة

وترى بن عبد الله أن "إعلان تونس، هو إعلان لضبط وتحديد كيفية اختراق رأس المال الياباني للثروات الإفريقية"، مبرزة أن التسويق للمؤتمر في تونس تم توظيفه سياسيًا، وبينت أن المستثمر الياباني أو غيره لا يمكن أن تقدم له مشاريع ومقترحات، فالمستثمر الأجنبي يستثمر استجابة لمصلحته وحاجياته ولا يستثمر من أجل مصلحة البلد أو ما يحبه، فهذا دور موكول للدولة وليس دور المستثمر الأجنبي أو حتى المحلي.

وبينت بن عبد الله أن رجال الأعمال الحاضرين في المؤتمر "كانوا مجموعة ضيقة لأن اقتصادنا قائم على الاقتصاد الريعي المستحوذ من قبل مجموعة من رجال الأعمال وبالتالي تم إقصاء عدد آخر من رجال الأعمال" وفقها.

واعتبرت بن عبد الله أن هناك مغالطة حدثت للرأي العام الذي اعتقد أن مؤتمر تيكاد 8 جاء للاستثمار في تونس، وفق تصريحها لـ"الترا تونس".