الترا تونس - فريق التحرير

أثار آخر خطاب لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال  خلال موكب الاحتفال بالذكرى 65 لعيد قوات الأمن الداخلي في قصر قرطاج، الذي استعرض فيه صلاحياته التي نص عليها الدستور وخاصة فيما يتعلق بمنصب القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، جدلاً واسعًا وأسال الكثير من الحبر نظرًا للظرفية الزمانية والمكانية التي ورد فيها. 

واختلفت ردود أفعال وآراء خبراء وأساتذة في القانون الدستوري حول مدى رجاحة ما أدلى به رئيس الجمهورية لاسيما في ظل الظرف الراهن الحساس الذي تمر به البلاد، على المستوى الصحي على وجه الخصوص.

وفي تعليقها على ذلك، اعتبرت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي أن خطاب الرئيس على مستوى الشكل متشنج ومليء بالصراخ، متسائلة عن سبب تحويله عيد قوات الأمن إلى "دعوة للنفير"، حسب تعبيرها.

سلسبيل القليبي: ليس من الحكمة أن يعطي رئيس الجمهورية انطباعًا لقوات الأمن بأنهم موضوع صراع حول مرجع نظرهم ومن يرأسهم، ذلك أمر على غاية من الخطورة

أما على مستوى المضمون، قالت القليبي، في تدوينة على صفحتها الخاصة بموقع التواصل فيسبوك، إنه "ليس من الحكمة أن يعطي رئيس الجمهورية انطباعًا لقوات الأمن -سواءً في عيدهم أو في غير عيدهم- بأنهم موضوع صراع حول مرجع نظرهم ومن يرأسهم"، معتبرة أن ذلك "على غاية من الخطورة"، وفق تقديرها.

وأضافت أستاذة القانون الدستوري أن "الأمن والجيش جمهوريان، وليسا شعبيين وفق ما يقوله الدستور والفرق شاسع"، حسب ما جاء في نص تدوينتها.

ومن جهته، يرى أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، في تدوينة نشرها الاثنين 19 أفريل/نيسان 2021 على صفحته الخاصة بموقع التواصل فيسبوك، أن ما جاء في خطاب الرئيس "استهتار بالدستور والتشريع وفاتحة انقضاض على دولة القانون".

جوهر بن مبارك: ما جاء في خطاب الرئيس استهتار بالدستور والتشريع وفاتحة انقضاض على دولة القانون

وأكد بن مبارك، في ذات الصدد، أن الوضع "يقتضي وقفة صارمة من كلّ القوى السياسية والمدنية المؤمنة بالديمقراطية والرافضة لوقع أقدام العسكر" ويستوجب "فورًا وقبل فوات الأوان إسناد البلاد بحكومة قوية ورئيس لها قادر على مسك الأمور بقوّة وحماية المؤسسات الديمقراطية وتحييد العبث قبل انفلات الوضع"، وفق تعبيره.

ومن جانبها، تساءلت أستاذة القانون الدستوري هناء بن عبدة: "هل غاب على الأستاذ قيس سعيّد التأويل بنيّة المؤسس من ناحية، وأخذ الإطلاق اللغوي دون الاصطلاح، من ناحية اخرى؟".

هناء بن عبدة: اليوم الرئيس ليس رجل قانون بل هو رجل سياسة وإدخال قوات الأمن في هذا الجدل يوم عيد الأمن هو عمل سياسي لضرب الخصوم

وأضافت بن عبدة، في تدوينة نشرتها على حسابها الخاص بموقع التواصل "فيسبوك"، "اليوم الرئيس ليس رجل قانون بل هو رجل سياسة وإدخال قوات الأمن في هذا الجدل يوم عيد الأمن هو عمل سياسي لضرب الخصوم"، مستنكرة إثارة مثل هذا الجدل في ظل "الأزمة الصحية القاتلة والتوتر السياسي الذي طال أمده"، حسب رأيها.

فيما اعتبر المقرر العام لدستور 2014 الحبيب خضر أن رئيس الجمهورية  مصرّ على فهم معين لا يستقيم مع النص الدستوري وهناك إلحاح للمرور بقوة إلى خرق القانون والقراءة المتعسفة له، وفق تقديره.

اقرأ/ي أيضًا: عصام الشابي: ما تضمنه خطاب الرئيس خروج عن نص الدستور ومحاولة لتوسيع صلاحياته

واعتبر، في تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم"، أن استناد قيس سعيد بنص قديم صادر في ضل دستور 1959 والذي يعتبر مخالف له يبرز عدم وجود أي وجاهة دستورية في كلام سعيّد ويؤكد بوضوح وجود تعسف في قراءة النص الدستوي وخرق متعمد له خاصة بعد تكرر هذه المحاولة لقراءة الدستور، على حد قوله.

الحبيب خضر: رئيس الجمهورية  مصرّ على فهم معين لا يستقيم مع النص الدستوري وهناك إلحاح للمرور بقوة إلى خرق القانون والقراءة المتعسفة له

في المقابل، قال أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي إن خطاب رئيس الجمهورية في العيد 65 لقوات الأمن الداخلي حمال أوجه عديدة"، معتقدًا أنه "اختار عيد الأمن الذي تتواجد فيه كل التشكيلات الأمنية، وحضور رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ليخطب بنبرة حادة وغاضبة في ذات الوقت".

واعتبر، في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع التواصل فيسبوك، أن "تركيز سعيّد على احتكار الدولة للضغط المسلح، إشارة منه إلى وجود مليشيات مسلحة، وموقعه الرئاسي يخول له معرفة هذا استنادًا إلى ما يجمعه فرع المعلومات"، حسب رأيه.

رابح الخرايفي: يبدو أن الرئيس مقبل على اتخاذ قرارات مؤلمة وصعبة، قد تبدأ بجملة من الاعتقالات في صفوف نواب واعتقالات في صفوف سياسيين

وأضاف الخرايفي أن "الخطاب ورد في شكل درس معمق في تفسير وسرد الأسانيد الدستورية والقانونية لصلاحياته، وهذا الدرس يقوم مقام الإعلام لكافة الجهات بما في ذلك الشعب الذي تابع الخطاب"، معتبرًا أنه قد "بلغ لجميع التشكيلات الأمنية أن القرارات والتعليمات تصدر عنه هو وحده، ويدعوهم بذلك إلى عدم الاستماع لرئيس الحكومة".

وتوقع أن الرئيس "مقبل على اتخاذ قرارات مؤلمة وصعبة، قد تبدأ بجملة من الاعتقالات في صفوف نواب(..) واعتقالات في صفوف سياسيين"، حسب ما جاء في نص تدوينته. 

وخلص أستاذ القانون الدستوري إلى أن "رئيس الجمهورية فتح بهذا الخطاب مجالًا آخر للصراع والخوف الذي قد يشتت تركيز الدولة على قضايا الوباء الذي يفتك بالأرواح يوميًا، والمالية العمومية، وحسن أداء المرافق"، وفق تقديره.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد قال،  في كلمة ألقاها خلال موكب الاحتفال بالذكرى 65 لعيد قوات الأمن الداخلي في قصر قرطاج بحضور رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، ''جئتكم بالنص الأصلي للدستور الأول الذي ختمه الحبيب بورقيبة، والذي ينص على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات العسكرية، وجئتكم بنص الدستور الذي ختمه المرحوم الجلولي فارس، وينص على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية''. 

وشدد لاحقًا ''وجئتكم أيضًا بالدستور الحالي، وفيه رئيس الجمهورية يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة.. ولم يأت في هذا النص الدستوري بيان للقوات المسلحة العسكرية''. واستنتج بناء على ذلك أنه "القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية".

اقرأ/ي أيضًا:

بحضور المشيشي: سعيّد يؤكد أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية

تعليقًا على تصريحات سعيّد.. المشيشي: "لا موجب للقراءات الفردانية والشاذة"