28-نوفمبر-2019

طالبت اللجنة المالية الوقتية توضيحات من وزارة المالية حول الأرقام الواردة في مشروع قانون المالية التكميلي

 

تتعدّد أنواع قوانين المالية، إذ نجد قانون المالية السنوي، الذي يقر موارد وأعباء كل سنة إدارية، وقانون المالية المعدل، وقانون ضبط الميزانية، وأيضًا قانون المالية التكميلي، الذي يُنجز بهدف تغيير تقديرات الإيرادات أو خلق إيرادات جديدة أو الترخيص بنفقات جديدة. وتعدّ الدولة هذا القانون عند وجود فارق بين التوقعات التي بنت عليها الدولة سنتها المالية والأرقام المحققة واقعًا، ويعتبر قانون المالية التكميلي سنة 2019 هو القانون التاسع منذ الثورة ما يدل على تأثير الأزمة الاقتصادية على التوازنات المالية للدولة.

ينص مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2019 على الترفيع في ميزانية الدولة إلى 43.121 مليار دينار مقارنة بـ 40.861 مليار دينار في قانون المالية الأصلي أي بارتفاع نفقات الدولة بقيمة تتجاوز 2 مليار دينار.

ينص مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2019 على الترفيع في ميزانية الدولة إلى 43.121 مليار دينار مقارنة بـ 40.861 مليار دينار في قانون المالية الأصلي أي بارتفاع نفقات الدولة بقيمة تتجاوز 2 مليار دينار

ويأتي هذا الارتفاع رغم الأرقام الإيجابية التي سجلتها المالية العمومية أهمها زيادة الموارد الذاتية للدولة التي بلغت 21059 مليون دينار سنة 2019 أي بارتفاع قدره 3056 مليون دينار مقارنة بسنة 2018 بنسبة 17 في المائة. ومن المتوقع أن تبلغ موارد الاقتراض والخزينة لسنة 2019 ما قدره 10112 مليون دينار مقابل 10142 مقدرة بقانون المالية الأصلي أي أن الدولة التونسية حتى في حالة ارتفاع نفقات الدولة لن تضطر إلى الاقتراض.

اقرأ/ي أيضًا: اللجنة الوقتية للمالية.. جدل حول دستورية "لجنة الضرورة"

لكن في المقابل، ارتفعت نفقات الدولة التونسية بما يقارب 2260 مليون دينار بالمقارنة بقانون المالية الأصلي بقيمة 5371 مليون دينار أي بنسبة 14.2 بالمائة مقارنة بسنة 2019. وتتوزع هذه النفقات لـ 26879 مليون دينار لنفقات التصرف (62.4 في المائة من إجمالي النفقات) و6250 مليون دينار لنفقات التنمية (14.5 في المائة من إجمالي النفقات)، و9874 مليون دينار لتسديد خدمة الدين العمومي (22.9 في المائة من إجمالي النفقات). كما تأتي هذه الزيادة بسبب بعض النفقات الإضافية التي لم تكن مبوبة.

وزير المالية محمد رضا شلغوم أكد، بعد جلسة نقاش جمعته باللجنة الوقتية للمالية في البرلمان، أن هذه النفقات جاءت بعد سلسلة من الاتفاقات التي أمضتها الحكومة أولها الاتفاق مع نقابتي التعليم الابتدائي والثانوي حول منحة العودة المدرسية في فيفري/شباط 2019 إضافة إلى إتفاق الزيادة في الأجور في فيفري/شباط 2019 الذي كلف خزينة الدولة حوالي 0.649 مليار دينار. كما تحدث، ثانيًا، عن كلفة إضافية تتحملها الدولة يجب إدراجها في قانون المالية التكميلي.

 ارتفعت نفقات الدولة التونسية عام 2019 بما يقارب 2260 مليون دينار بالمقارنة بقانون المالية الأصلي بقيمة 5371 مليون دينار

وتظهر الأرقام المحينة لتنفيذ ميزانية الدولة لكامل سنة 2019 أن تمويل الميزانية اعتمادًا على الموارد الذاتية للدولة بلغ 76.4 في المائة مقابل 74 في المائة في 2018 و69.7 في المائة سنة 2017، وأن نسبة الديون ستتراجع إلى حدود 75 في المائة من الناتج الداخلي الخام مقابل 77 في المائة موفى 2018.

في تعليق حول تمويل قانون المالية التكميلي، قال وزير المالية إن الموارد الإضافية مكنت من مزيد التحكم في عجز الميزانية ليصل اليوم إلى نسبة 3.9 في المائة، ومن المقرر أن يستمر انخفاضه ليصل عام 2020 إلى نسبة 3 في المائة، مؤكدًا أن هذه النفقات ستُموّل من الموارد الذاتية للدولة.

من جهته، قال رئيس اللجنة النائب عن "قلب تونس" عياض اللومي إن وزارة المالية قدمت جميع التفاصيل حول مشروع القانون وأوضحت نقاطه الكبرى، معتبرًا أنها التزمت بالحياد وقدمت جميع الإيضاحات وفق قوله. وأضاف أنه على ضوء قانون المالية التكميلي وقانون المالية لسنة 2020 يمكن بناء التصور الجديد للمالية العمومية والاستحقاقات المطروحة في المرحلة المقبلة.

وصف البعض مشروع قانون المالية التكميلي بأنه "ميزانية ترحيلية" بمعنى ترحيل جميع المشاكل المالية العالقة إلى قانون المالية 2020

اقرأ/ي أيضًا: ميزانية 2020.. إلى أين يتجه الاقتصاد التونسي؟

وتعرض مشروع القانون إلى انتقادات عدة واعتبره البعض "ميزانية ترحيلية" بمعنى ترحيل جميع المشاكل المالية العالقة إلى قانون المالية 2020 من أجل الحفاظ على توازن مالي يقنع اللجنة المالية الوقتية، ويحقق أكبر عدد ممكن من الأرقام الإيجابية. وهو ما دفع بالمقرر العام للجنة والنائب عن حركة النهضة فيصل دربال إلى القول إن القانون لم يضع في عين الاعتبار قيمة القروض التي لم يتم خلاصها في سنة 2019 وهو ما يجعل نسبة العجز في الميزانية العامة التي قيل المتوقع أن تصل إلى 3.9 في المائة "غير حقيقية." وهو ما يفسر طلب اللجنة الوقتية للمالية إرجاء المصادقة على قانون المالية التكميلي مطالبة توضيحات بشأن أرقام واردة في المشروع.

من جهة أخرى، تحدثت عضو اللجنة والنائب عن حركة النهضة يمينة الزغلامي أن الدولة التجأت إلى قانون المالية التكميلي بسبب عجز المالية العمومية، متسائلة في تصريح لوسائل الإعلام، "لماذا لم تسجل تونس سوى نسبة نمو بـ1 في المائة رغم الموسم السياحي المتميز والأرقام الإيجابية المحققة؟".

فيما وصف النّائب عن الحزب الدّستوري الحرّ مجدي بوذينة قانون المالية التكميلي بــ"البدعة" قائلًا في تصريح إعلامي:" أصبحت بدعة في تونس أن تُنجز كل حكومة سنويًا قانون مالية تكميلي والحال أنه يقع الالتجاء إليه وقت الضرورة، وقانون المالية التكميلي الحالي لا يتعدى أن يكون وثيقة محاسبات من أجل إغلاق ميزانية 2019".

محمد الصادق جبنون لـ"ألترا تونس": مشروع القانون رحّل كل الديون المرتفعة إلى سنة 2020 إلى جانب عديد النفقات منها المنحة الخصوصية حتى تكون الموازنة وفق المعايير المشترطة من صندوق النقد الدولي

وفي حديثه لـ"ألترا تونس"، قال الخبير في المالية والقيادي في حزب "قلب تونس" محمد الصادق جبنون إن قانون المالية التكميلي "يعاين انفلات المالية العمومية وانفلات نسبة النفقات التي ارتفعت إلى 17 في المائة ما يبين عدم التحكم الجيد في نفقات الدولة وغياب رؤية على صعيد التخطيط والتنمية وعدم التطابق مع المعايير المحاسبية الدولية".

وأضاف، في حديثه معنا، أن "القانون، ونظرًا للظرف الانتخابي، رحّل كل المشاكل والديون المرتفعة إلى سنة 2020 إلى جانب عديد النفقات منها المنحة الخصوصية حتى تكون الموازنة وفق المعايير المشترطة من صندوق النقد الدولي" مؤكدًا أن خبراء من صندوق الدولي لن يقبلوا بهذه المقاربة، وأشار إلى أن "الترحيل لا يعني علاج المشكل وقد لاحظنا أيضًا أن اللجنة لم تقبل بالقانون وطالبت بعديد التوضيحات".

خلاصة، جاء قانون المالية التكميلي لسنة 2019 نتيجة ارتفاع قيمة نفقات الدولة بما يقارب 2260 مليون دينار، لكن الإيجابي أن هذه النفقات الإضافية ستُموّل من موارد الدولة التي ارتفعت بأكثر من 18 في المائة. لكن تجاوزًا للتفاصيل، بات قانون المالية التكميلي عادة مالية سنوية وهو ما يدل على الاضطراب الكبير للمالية العمومية في تونس.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد توقعات البنك الدولي وصندوق النقد.. الاقتصاد التونسي خطوة إلى الوراء؟

هل يؤثر إفلاس "توماس كوك" على السياحة التونسية؟