13-أبريل-2023
مهاجرين لجوء تونس إفريقيا

رمضان بن عمر: نقاط استفهام كبرى على أداء مكتب المفوضية في تونس منذ سنوات (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أفاد الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، الخميس 13 أفريل/نيسان 2023، خلال ندوة صحفية حول وضعية اللاجئين بتونس، أنّ هذه الندوة جاءت للردّ على "نصف الرواية التي قدّمتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتونس، وكي تكون رواية غير الرواية الرسمية لوزارة الداخلية" وفق تعبيره.

رمضان بن عمر: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتونس ساهمت منذ سنوات في تغذية الخطاب المعادي للمهاجرين وطالبي اللجوء بصفة مباشرة أو غير مباشرة

وتابع بن عمر بأنّ هذه الندوة كان من المفترض أن يحضرها 4 من طالبي اللجوء، "لكن للأسف، 3 منهم في حالة إيقاف والرابع متخوّف بشدّة من أن يقع إيقافه"، مشيرًا إلى أنّ القمع الذي تعرضوا له بعد أن شهدت منطقة البحيرة بتونس العاصمة، الثلاثاء 11 أفريل/نيسان 2023، أحداث عنف واشتباكات بين لاجئين وطالبي لجوء معتصمين أمام مقر المفوضية التابعة للأمم المتحدة وقوات أمنية، منعهم من إيصال أصواتهم، ودفعهم إلى إرسال تسجيلات صوتية فقط لتخوفاتهم من الظهور بوجه مكشوف، وفقه.

وأوضح رمضان بن عمر أنّ مكان اعتصام هؤلاء المهاجرين وطالبي اللجوء تحوّل إلى مكان إيواء، طارحًا في هذا السياق نقاط استفهام كبرى على أداء مكتب المفوضية في تونس منذ سنوات، فقال: "كان على هذا المكتب أن يبني علاقات ثقة مع هذه الفئات، ويكون جزءًا من حمايتهم، لكنه ساهم منذ سنوات في تغذية الخطاب المعادي للمهاجرين وطالبي اللجوء بصفة مباشرة أو غير مباشرة" وفقه.

رمضان بن عمر: لا توجد أي شكوى من المفوضية ضد أشخاص هجموا على مكتبها، وكلّ الشكايات مقدّمة من بعض المواطنين ممّن تضررت سياراتهم أو بعض أعوان الأمن

وشدّد بن عمر على أنّ الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية غالط الرأي العام حين تحدث عن شكوى مقدمة من المفوضية ضدّ هؤلاء المهاجرين، قائلًا: "لا توجد أي شكوى من المفوضية ضد أشخاص هجموا على مكتبها، بل هو مجرد إعلام، وبالتالي لا يوجد طرف شاكي بالموقوفين يدعى المفوضية، وكلّ الشكايات مقدّمة من بعض المواطنين ممّن تضررت سياراتهم أو بعض أعوان الأمن كما هو الحال في أغلب الاحتجاجات الاجتماعية".

ودعا بن عمر في هذا الإطار، إلى ضرورة التمييز وألا تتحمل كلّ هذه الفئة الأخطاء الفردية، مشددًا أيضًا على أهمية أن تكون المحاسبة فردية، وقال: "عادت بعد هذه الحادثة خطابات الوصم والكراهية للمهاجرين وطالبي اللجوء تحت عناوين مختلفة وقع توظيفها من قبل عديد الأطراف، بل إنّ المؤسسات الرسمية دخلت في هذه المغالطة أيضًا".

رمضان بن عمر: أحداث العنف أمام مقر المفوضية بدأت إثر اعتداء عون أمن على لاجئ سوداني كان بصدد التصوير بهاتفه، فانطلقت المناوشات وقتها، ولم تنطلق باقتحام هؤلاء للمقر

وأقرّ بن عمر بأنّ بعض العناصر من اللاجئين دخلت المقر، "لكن الأحداث بدأت إثر اعتداء عون أمن على لاجئ سوداني كان بصدد التصوير بهاتفه، فانطلقت المناوشات وقتها، والتي تسبّبت بعد ذلك في كمية غاز رهيبة اعتداءات بالعصيّ.. وبعد تفريقهم، كان هؤلاء اللاجئين على استعداد للذهاب لمقر المنظمة الدولية للهجرة، لكن لحقت بهم قوات الأمن وفتحت لهم الطريق لتتم عمليات الإيقاف بشكل عشوائي" على حد تعبيره.

وأفاد رمضان بن عمر أنّ "الدولة بأجهزتها منخرطة في مقاربات لخلق فئة طاردة للمهاجرين من تونس وعدم احترام تعهداتها، وبالتالي فإنّ المسؤولية تتقاسمها الدولة التونسية والأداء المخزي للهياكل والمنظمات الأممية" معتبرًا أنّ هذه الممارسات تدفع الناس للموت في البحر، بل إنّ أكثر من 45% من الموت في البحر الأبيض المتوسط يتمّ في السواحل التونسية ووراءه سياسات خلقت بيئة طاردة للجميع، على حد وصفه.

رمضان بن عمر: الدولة بأجهزتها منخرطة في مقاربات لخلق فئة طاردة للمهاجرين من تونس وعدم احترام تعهداتها

وعدّ بن عمر اللاجئين وطالبي اللجوء، "الصنف من المهاجرين الأكثر هشاشة، لأنهم هربوا من بلدانهم خوفًا من حروب أو نزاعات مسلّحة أو عرقية أو أسباب عديدة أخرى، بالشكل الذي يجعل من عودتهم إلى بلدانهم يمثّل تهديدًا لحياتهم"، مؤكدًا أنّ تونس دولة موقعة على معاهدة "جنيف"، وبالتالي فهي مطالبة بحمايتهم، وبما أنها لا تملك إطارًا وطنيًا للجوء، فإنّ من يدير عملية منح هذه الصفة هي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي قدمت لهم حلولًا هشة، وفق وصفه. 

واعتبر الناطق باسم المنتدى، أنّ أحداث 21 فيفري/ شباط، (في إشارة إلى التطورات إثر خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد بخصوص المهاجرين غير النظاميين وتصاعد الخطاب العنصري ضدّهم)، فاقمت معاناة هذه الفئة لأن الدولة انخرطت في ممارسات تمييزية ضد المهاجرين بمختلف أصنافهم.

ولفت بن عمر إلى أنّ هؤلاء المهاجرين وطالبي اللجوء، غير قادرين على العمل لأن تفقدية الشغل تحذّر الأعراف من تشغيلهم، وهم عاجزون عن كراء مسكن أو الخروج في الفضاء العام للقيام بخدماتهم الأساسية، متحدثًا عن أنّ اعتصامهم أمام المفوضية انطلق منذ أيام، ولم يكن هناك حوار جدي بينهم مع أنّ مطلبهم كان واضحًا وهو البحث عن حل يقضي بنقلهم إلى منطقة ثالثة لأنّ أركان الحماية لم تعد متوفرة في تونس، وفق وصفه.

وكانت وزارة الداخلية التونسية، قد أكدت وفق بلاغ بتاريخ 11 أفريل/ نيسان الجاري، أنّه "تم الاحتفاظ بعدد من المهاجرين الأفارقة على خلفية اعتدائهم على مقر  المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وذلك على إثر تقدّم الممثلة القانونية للمفوضية إلى مركز الأمن الوطني بضفاف البحيرة راغبة في إثارة قضية عدلية ضدّ عدد من المهاجرين الأفارقة المحتجين أمام مقر المفوضية" وفقها.

وتعتصم مجموعة من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء بتونس ومن اللاجئين وطالبي اللجوء، منذ أيام، أمام مقرّ المفوضية السامية لحقوق اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بتونس، وذلك من أجل المطالبة بإجلائهم من تونس.

كما نظمت وقفات احتجاجية رفع خلالها المتظاهرون شعارات منادية بالإجلاء من تونس، وأخرى منددة بالعنصرية ومطالبة بتحقيق الأمان والكرامة للمهاجرين، ومن بينها: "نريد الإجلاء.. نريد الحرية.. نريد الأمان"، "لا للعنصرية"، "الأمان والكرامة والحرية والمساواة من حق الجميع"، "كرامة السود مهمة".. وغيرها من الشعارات.

ويعاني مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس ظروفًا عصيبة، بعد الحملة التي وُصفت بـ"العنصرية" ضدّهم وما تعرضوا إليه من انتهاكات وطرد من مساكن إقامتهم، وفق شهادات حقوقيين ومحامين. 

وتأتي هذه التطورات إثر خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد بخصوص المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس، بتاريخ 21 فيفري/شباط 2023، الذي جاء في سياقٍ تصاعد فيه الخطاب العنصري في صفحات على منصات التواصل الاجتماعي تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء في تونس.

وقد أثار خطاب الرئيس جدلًا وانتقادات واسعة في تونس، وأدانت جمعيات ومنظمات حقوقية في تونس خطاب قيس سعيّد الذي اعتبرته "محرضًا على العنصرية"، داعية إياه إلى احترام المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها الدولة التونسية في مجال حقوق الإنسان.