الترا تونس - فريق التحرير
أكد شرف الدين اليعقوبي، الخبير في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد وعضو الجمعية التونسية للمراقبين العموميين، الاثنين 21 أوت/ أغسطس 2023، أنّ "كلمة (تطهير الإدارة) لها دلالة سلبية حتى عالميًا، فهي عملية يمكن ألا تكون مبنية على أسس موضوعية أو إجرائية واضحة، وأفضّل الحديث عن المساءلة والمحاسبة بدلًا من التطهير، لكن ذلك يجب أن يكون وفقًا لإجراءات معيّنة ومعايير واضحة لتلافي أي تجاوز يمكن أن يؤدي إلى ظلم الناس" وفق قوله.
شرف الدين اليعقوبي: الحديث عن "تطهير" الإدارة له دلالة سلبية حتى عالميًا، وأفضّل الحديث عن المساءلة والمحاسبة بدلًا من التطهير
وتابع اليعقوبي في تصريحه لإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية)، بخصوص دعوة سعيّد إلى إجراء مراجعة شاملة لجميع التعيينات منذ عام 2011، أنّ ملف الشهائد المزوّرة تطرّق له تقرير محكمة المحاسبات في سنة 2016، والذي ركّز على الانتدابات الاستثنائية بوزارتي التربية والشباب والرياضة بعد 2011 وتوصل إلى مجموعة من النتائج في هذا الإطار، من بينها تزوير بعض الشهائد فضلًا عن ملفات منقوصة مثل عدم الاستظهار ببطاقة السوابق العدلية عدد 3، وفقه.
واستنكر شرف الدين اليعقوبي أن يتم وضع الجميع في سلة واحدة، قائلًا إنّ ذلك "غير سليم، ولا يجب أن تكون بعض الحالات سببًا في طرد الكثيرين على خلفية انتماءاتهم السياسية أو العقائدية، وبالتالي يجب أن تقوم بهذه العملية هياكل لديها الخبرة والكفاءة وبطريقة مضبوطة، لأنّ التثبت في كل الشهائد وهي في حدود 60 ألف تقريبًا بعد 2011 سيأخذ وقتًا، ثمّ إنّ تبعات ذلك ستكون خطيرة، فهل سيكون مصير هؤلاء من ثبت تورطهم الطرد؟ المحاسبة؟ الإحالة على القضاء؟".
شرف الدين اليعقوبي: عملية "تطهير" الإدارة يجب أن تقوم بها هياكل لديها الخبرة والكفاءة وبطريقة مضبوطة
وأضاف اليعقوبي: "يجب العودة إلى الموارد البشرية القادرة على إجراء هذه الرقابة، إذ لدينا 700 مراقب على أقصى تقدير، وهذه العملية ستخلق تململًا داخل الإدارة ومناخًا من الخوف والريبة لا يساعدنا في الوقت الحالي ونحن نبحث عن الاستثمارات والمشاريع التي هي بحاجة إلى استقرار ورؤية واضحة، كما أنها عملية لا ترسل صورة جيدة عن الإدارة التونسية في الخارج".
وأقرّ اليعقوبي بأنّ الإدارة التونسية ليست بخير لأنها "لا تراجع نفسها ولا تسأل نفسها لماذا الخدمات سيئة؟ مطلب تحسين الخدمات الإدارية مشروع، لكن السؤال حول الطريقة والهدف من هذه العملية: هل هو خلق منظومة انتدابات نظيفة في الإدارة أم تطهير شكلي على أسس الانتماء أو الأداء والإنجاز".
شرف الدين اليعقوبي: مطلب تحسين الخدمات الإدارية مشروع، لكن السؤال حول الطريقة والهدف من هذه العملية: هل هو خلق منظومة انتدابات نظيفة في الإدارة أم تطهير شكلي على أسس الانتماء؟
وأكد الخبير في مكافحة الفساد أنّ "إصلاح المنشآت العمومية تعطل في تونس لأننا لم نجب عن سؤال: ما هي المؤسسات التي ستتخلى عنها الدولة وما هي المؤسسات التي ستحافظ عليها؟ فالإصلاحات معروفة وعلى الرئيس أن يضع التوجه الواضح لإنجازها بطريقة تشاركية" وفق تقديره.
يشار إلى أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد ما انفكّ يدعو إلى تطهير الإدارة التونسية، في أكثر من مناسبة، وما فتئ يقول إنّ الإدارة "مخترقة" من أشخاص يعمدون إلى تعطيلها، ويقصد بالأساس من تم تعيينهم بعد 2011، دون أن يقدّم تفاصيل واضحة بخصوص ذلك. أكثر تفاصيل عن ذلك تجدونها في المقالين التاليين:
"تسللوا إليها".. قيس سعيّد والطّهارة الكبرى
"تطهير الإدارة".. حول بعض مآزق الشعبوية في تونس اليوم
