في الوقت الذي أوصدت فيه المسارح أبوابها جرّاء كورونا، أبى بعض المسرحيين أن يقطعوا حبل الوصال مع عشقهم الأزلي وأوجدوا طرقًا كثيرة يعدلون بها نبضات قلبهم على إيقاع حبّهم للفن الرابع، وكان الفضاء الرقمي ملاذهم لكسر حصار الحجر الصحّي.
وبين من أنشأ صفحات على فيسبوك لعرض مسرحيات والنقاش بخصوصها وبين من قدّم أنشطة مسرحية موجّهة للأطفال والشباب، تنوّعت تجارب المسرحيين زمن الكورونا، تجارب رسموا بها ملامح أخرى للمسرح وفتحوا من خلالها أبواب النقاش.
من بين المسرحيين الذين خاضوا تجربة مسرحية مغايرة فترة الحجر الصحي، المسرحي منير العماري الذي آل على نفسه أن يقدّم محتوى مسرحيًا موجّهًا للأطفال وعائلاتهم وللشباب الموهوبين
ومن بين المسرحيين الذين خاضوا تجربة مسرحية مغايرة فترة الحجر الصحي، المسرحي منير العماري الذي آل على نفسه أن يقدّم محتوى مسرحيًا موجّهًا للأطفال وعائلاتهم وللشباب الموهوبين مسرحيًا ويرغبون في تنمية هذه الموهبة لكن الظروف الراهنة حالت دون ذلك.
اقرأ/ي أيضًا: "مدرسة العطلة".. طقوس ثقافية زمن الكورونا
ألعاب درامية منزلية للطفل والعائلة
منذ بداية الحجر الصحي، بعث المسرحي منير العماري مجموعة على فيسبوك سمّاها "ألعاب درامية منزلية للطفل والعائلة"، يقدم فيها أنشطة موّجهة للطفل والعائلة قوامها المسرح، أنشطة ذات أبعاد اجتماعية ونفسية إذ تقرب بين الولي وطفله من جهة، وتخفف الضغط النفسي من جهة أخرى.
هذه التجربة المسرحية الموجّهة للعائلة والأطفال نابعة من التكوين الشخصي لمحدّثنا، وهو مدرّس ومسرحي تلقّى تدريبات في مجال تطوير النشاط المسرحي في الوسط المدرسي وأشرف على التكوين في فضاء التياترو وفي دور الثقافة، الأمر الذي وظّفه في تجاوز سطوة كورونا.
منير العماري لـ"ألترا تونس": لأن الحجر الصحي حال دون التحاق أطفال من ذوي الإعاقة بالمراكز الخاصة دأبت على تقديم أنشطة مسرحية موّجهة لهم
الأنشطة التي يقدّمها على شاكلة فيديوهات تتضمّن ألعابًا وتمارين وحكايات ما قبل النوم وهي تشمل الأطفال ذوي الإعاقة، وفيها يطوّع النشاط المسرحي ليصبح عائليًا يستهدف من خلاله الوليّ والطفل على حدّ سواء، ويشارك فيها معارفه مع الآخرين ليرسم ملامح مسرح عائلي يقوم على منطق تشاركي.
ولأن الحجر الصحي حال دون التحاق أطفال من ذوي الإعاقة بالمراكز الخاصة والالتقاء بمدربيهم، دأب منير العماري على تقديم أنشطة مسرحية موّجهة لهم بالتعاون مع المختصة في تقويم النطق والصوت والكلام مهى الشرعبي، أنشطة يحاول فيها تبسيط المعلومة قدر الإمكان دون تعقيدات منهجية، وفق حديثه لـ"ألترا تونس".
اقرأ/ي أيضًا: في اليوم العالمي للمسرح.. مسرحيون يتلون تراتيل البقاء
الألعاب الدرامية المنزلية تهدف إلى طمس الانعكاسات النفسية للحجر الصحي على الأطفال وعلاقتهم بأوليائهم خاصة مع الحديث عن ارتفاع منسوب العنف خلال هذه الفترة، وهو ما تولّد عنه الحاجة إلى وسيلة لكسر ضجر الأطفال من الوسط الضيق.
وهذه الألعاب تعتمد على وسائط بسيطة تعزز العلاقات بين أفراد العائلة وتطرح طرقًا لاستغلال المنزل والغرف بطريق سليمة لتجاوز التأثيرات السلبية للفضاءات المغلقة في نفسية الأطفال خاصة مع تضررها من اختلال نظام النوم، وفيها يلعب الولي بعمر ذهني يحاكي طفله.
في الألعاب الدرامية المنزلية يعتمد منير العماري على الارتجال ويرتكز على تقنيات مسرحية بسيطة تشمل الألوان والحركات والخطاب
والأنشطة المسرحية التي يحتضنها الفضاء الرقمي تمزج بين التعليم والتسلية، وتستند إلى أهداف منها المعرفي والمهاري والتعبيري والتواصلي والجمالي، وهي أهداف متشعّبة ناتجة عن بحث معمّق في برامج الهيئة العربية للمسرح والتجارب الخاص للمسرحي منير العماري، إلى جانب رسائل دكتوراه ومراجع أخرى.
وفي الألعاب الدرامية المنزلية، يعتمد محدّثنا على الارتجال ويرتكز على تقنيات مسرحية بسيطة تشمل الألوان والحركات والخطاب والهدف منها تمرير المعلومة بسلاسة إلى المتلقي وخلق فضاء يُخرجهم من القوقعة التي فرضها الحجر الصحّي.
مسرح أون لاين
وعبر المحمل الرقمي، يقدّم محدّثنا أنشطة قائمة على الاكتشاف والتسلية والترفيه وتعزيز الثقة في النفس والتشجيع على الخيال والتخيّل من خلال منهجية بسيطة الهدف البعيد منها كسب جمهور للمسرح ومد جسر من الثقة بين المسرحي والجمهور.
وإلى جانب الألعاب الدرامية المنزلية للطفل والعائلة، يؤمن محدّثنا حصص تنشيط مسرحية موجّهة لشباب موهوب في المسرح، وذلك بهدف تنمية قدرات الشخصية المسرحية وتقنيات الممثل خلال فترة الحجر الصحي عبر نقل معارف نظرية وتطبيقية.
في مجموعة مسرح أون لاين، يمكّن منير العماري عشاق المسرح من مراجع ودراسات عن مدارس المسرح وتوجهاته وتاريخه وعن الإخراج والتمثيل والسينوغرافيا وأشياء أخرى نابعة من الفن الرابع، ويتناقش الكل في المعطيات المطروحة.
وداخل نفس الفضاء، تتكون معرفة مسرحية تتولّد عن سيل من الاسئلة والنقاش عن ماهية المسرح ودوره في المجتمع وزمن الوباء وعن تمثّل الشباب الموهوب له وعن كونه سلاح يحارب كل تمظهرات التفاهة ويسهم في بناء شخصية الفرد ويهدم الحواجز التي فرضها الحجر الصحي.
اقرأ/ي أيضًا: