28-مارس-2020

تأجّلت الفعاليات المسرحية في كل العالم بسبب انتشار فيروس كورونا (صورة أرشيفية/ صفحة أيام قرطاج المسرحية بالفيسبوك)

 

زمن الكورونا، يطلّ اليوم العالمي للمسرح كعادته كل سابع وعشرين من مارس/آذار من كل عام، لكن هذه المرّة انقطعت السبل بالمسرحيين إلى الأركاح وما آوت المسارح نفاثات صدر المخرجين والممثلين بسبب الخوف من انتشار الوباء اللعين.

وإن تأجّلت الفعاليات المسرحية في كل العالم، وأوصدت المسارح أبوابها وهي تحضن حكايا المسرحيين وصدى كتاباتهم العالقة بزواياها وأصوات أنفاسهم المبعثرة على خشباتها، فإنّ قلوب المسرحيين ظلّت تنبض مسرحًا، فالفن الرابع ديدن يلازمونه ودين يعتنقونه.

فوق "الركح الضريح" تتماهى أنفاس المسرحيين ووقع أقدامهم على الخشبة إذ ساروا عليها محمّلين بالصخب والرومانسية والحماسة 

على إيقاع الجائحة، أًدر المعهد الدولي للمسرح بيان اليوم العالمي للمسرح الذي كتبه الباكستاني هاشم نديم، بيان مثقل بالمعنى وموشّح بالروحانية، وممّا قيل فيه "المسرح يرفع فن التمثيل إلى مستوى روحاني أعلى، ليصبح المسرح ضريحًا ويصبح الضريح مساحة للأداء".

وفوق "الركح الضريح" تتماهى أنفاس المسرحيين ووقع أقدامهم على الخشبة إذ ساروا عليها محمّلين بالصخب والرومانسية والحماسة والحنين والأمل وكل المشاعر الإنسانية التي نسجوا منها كلمات احتفوا عبرها باليوم العالمي للمسرح وتلوا تراتيل البقاء في وجه الوباء.

هم مسرحيّون هاموا بالمسرح وكتبوا إلياذة الأمل من ذكريات حركاتهم على الركح وصدى تصفيق الجمهور ذات عروض. وكانت كلماتهم عن المسرح بوحًا مداده الأمل في غد جديد يعانقون معه الجمهور ويختالون فيه بين حروف النصوص المسرحية.

اقرأ/ي أيضًا: "طلامس".. فيلم يستنطق الفانتازيا على تخوم الواقعية

يظلّ المسرح ما بقيت هذه الحياة

وفي حديثه عن اليوم العالمي للمسرح، يتلو المخرج المسرحي وليد الدغسني كلمات يتشبث فيها بالأمل وسط واقع سوداوي أقعد فيه الوباء الكل عن الأعمال التي تمتعهم، كلمات عنوانها المقاومة والصمود وحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلًا.

وليد الدغنسي لـ"ألترا تونس": دام المسرح ما بقينا وسنظل نفتح في الدرب آفاقًا جديدة

وإذ هو يحتفي بالمسرح زمن الوباء، يقول لـ"ألترا تونس"، "ها نحن نحيي اليوم العالمي للمسرح في وضع استثنائي لكننا نقاوم دائمًا حتى ولو كان ذلك افتراضيًا، ويتابع بنبرات ملؤها الحماسة "يظل المسرح ما بقيت هذه الحياة في الكون لكننا أبدًا سنواصل عزمنا ونقدم كل جديد يمتع ويتحف ويثقّف ويزيل كل غمّة عن الإنسانية جمعاء".

وبنفس الحماسة يواصل "دام المسرح ما بقينا وسنظل نفتح في الدرب آفاقًا جديدة. ونحن هنا من أجل الأمل والحب والفرح البائد في أنفسنا، نحن اليوم أمام يوم نبيل وباق في ذاكرة الشعوب".

حينما يتماهى الأمل والألم

أما الممثلة المسرحية انتصار العيساوي، فقد كانت كلماتها تعبيرات عن عبرات وبسمات في ذات الآن، إذ تقول لـ"ألترا تونس" إن الوضع الراهن يتماهى فيه الأمل والألم ذلك اّنها لم تتخيّل يومًا أن أحدًا ما أو ظرفًا ما سيمنعها من اعتلاء الركح لكنّ فيروس كورونا فعل".

انتصار العيساوي لـ"ألترا تونس": زال فرحي باعتلاء الركح بإلغاء عشرة عروض كنت سأكون فيها أسعد امرأة

وبكلمات ترشح وجعًا، تضيف العيساوي "زال فرحي باعتلاء الركح بإلغاء عشرة عروض كنت سأكون فيها أسعد امرأة بل كنت سأكون فيها ألف امرأة في جسد واحد وأنثر روحي لأعانق الحياة بأحاسيس مختلفة ولكنّني اليوم أشعر بالضعف والوهن".

ومن بين كلماتها تتبدّى نبرة أمل وهي تتحدّث عن وجود ابنتها الذي حال دون شعورها بالإحباط، وهي الطفلة التي اقترحت على والدتها أن تمثّل وتكون ووالدها جمهورها وهو ما أعطاها شحنة من العزم والقوّة وجعلها تعانق المسرح الحياة وسط الحجر الصحي.

الكورونا أعطت معنى أعمق للمسرح

من جهته، ينشد الممثل المسرحي يوسف مارس ترانيم النصر على الوباء ويرسم ملامح غد قوامه الأمل والتغيير بالمسرح وفي المسرح، إذ يقول لـ"ألترا تونس"، "وأنت تعد مسرحك للاحتفال باليوم العالمي للفن الحياة يوم 27 مارس/ آذار من كل سنة، يأتي فيروس كورونا ليعطي معنى أعمق وأكبر لهذا الفن النبيل".

يوسف مارس لـ"ألترا تونس": سننتصر لأننا عاجزون عن الهزيمة فالمسرح هو نفس وغذاؤنا الروحي اليومي ومازال للحلم بقية

وبخطاب ينصهر فيه الفقد بالتفاؤل، يضيف "عند فقدانها فقط تعرف معنى الأشياء ولكن نحن نصنع الحلم ونخلق الحياة في الشخصيات، فالمسرح هو مسار ونضال واحتفال وعشق يومي، وما نفتقده الآن ليس الاحتفال باليوم العالمي للمسرح بل نفتقد الركح الحبيب الأول ونفتقد العائلة من الممثلين والتقنين والإداريين. نحن نفتقد أكثر الأحبة جمهورنا العظيم".

وبنبرة حماس يتابع "سننتصر لأننا عاجزون عن الهزيمة، فالمسرح هو نفس وغذاؤنا الروحي اليومي ومازال للحلم بقية وسنحتفل وستنتصر تونس على هذه الجائحة وسنغزو الشوارع والمدارس والساحات والقاعات وسننشر الوطن حبًا وعلمًا وأملًا.. وسنحتفل على المواقع الافتراضية وسأنزل جميع معلقات الأعمال المسرحية التي أنجزتها ولكن احتفالنا الحقيقي بما سنقدم بعد هذه الجائحة فنحن لسنا خيالًا وظلًا والمسرحيون أشخاص وطنيون يفعلون ويثقفون.. كل سنة ونحن بألف مسرح ويحيا المسرح".

المسرح فكرة وملاذ

والمسرح فكرة وملاذ، وهو ما يتجلّى في حديث مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بالقصرين الطيب الملائكي والممثل المسرحي أحمد النصرلي عن اليوم العالمي للمسرح الذي يتزامن هذه السنة مع إغراق أركاح المسارح في السكون لأجل غير معلوم.

والطيب ملائكي يرى، في تصريحه لـ"ألترا تونس"، أنه لا يمكن الحديث عن احتفال بمعناه التقليدي، فاليوم يجد المسرحيون أنفسهم أمام قيد كورونا الذي حتم عليهم العزلة الجسدية، ولكنه لم يمنعهم من التواصل افتراضيًا لتبادل التهاني والتعبير عن الشوق والحنين للركح والجمهور، وفق قوله.

الطيب الملائكي لـ"ألترا تونس":  ما سيبقى من هذه الأزمة هو درس بشأن أهمية اللقاء والمشاركة

وفيما مظاهر الاحتفال على الركح غائبة هذه السنة بفعل كورونا، ينكب ملائكي رفقة زملائه مديري مراكز الفنون الدرامية على تدارس وضع هذه المؤسسات والمسرح التونسي عمومًا، على حد تعبير محدّثنا الذي يؤكّد أنّ ما سيبقى من هذه الأزمة هو درس بشأن أهمية اللقاء والمشاركة، وحتمًا ستتغير العديد من العادات مع رجاء أن يكون المسرح ملاذًا للناس بعد تجربة العزلة.

ومن جهته، يعتبر الممثل المسرحي أحمد النصرلي، في حديثه لـ"ألترا تونس"، أنّ المسرح فكرة ولأنّ الأفكار لا تموت، يحييها قبل أيام من الاحتفال باليوم العالمي للمسرح من خلال نشر مشاهد من مسرحية أهل المخابئ وهي العمل الأخير الذي أخرجه، ومن خلال هذه المشاهد يمدّ جسرًا بينه وبين الجمهور ويعانق المسرح في تفاصيل شفّافة.

اقرأ/ي أيضًا: خزفيات بلحسن الكشو "أنوميا".. عندما تتحوّل الكلمات الحرّة إلى أقباس من طين

الدفء المسرحي سيتسرّب بين أضلعنا

وعن المسرح، تتحدّث الممثلة المسرحية آمال كراي لـ"ألترا تونس" بكلمات موشّحة بالعمق، إذ تعتبر أن الفنان المسرحي باعتباره مفكرًا في القضايا العامة والظواهر الاجتماعية والنفسية والسياسية والإنسانية بصفة عامة هو دائم التفاعل مع العالم الخارجي أفرادًا وجماعات ومع الشارع والفضاءات المفتوحة والمغلقة.

وبنبرة مشبعة بالأمل تواصل "لكننا هذه الفترة نعيش حجرًا صحيًا وكأننا نعيش بمغزل عن كل ما يمكن ان يكون حقل تفاعلات بين الفنان المسرحي ومسرح الحياة.. غير أن روح الإبداع يمكن أن تمثل ملاذًا لهذا الفنان الذي سيستشرف مواضيع ومسارب جديدة يستنبطها من واقع جديد عليه هو الحجر الصحي، الذي سيكون زاوية نظر جديدة للمسرحي".

آمال كراي لـ"ألترا تونس": لعل هذه الأزمة ستكون مناسبة للعودة لذواتنا

وبنبرة يعلوها الحنين إلى الركح، تقول "الاحتفال بعرس المسرح، باليوم العالمي للمسرح لا يمكن أن يكون إلا إذا التقى المسرحيون وتبادلوا السلام والعناق والقبل لأنها جزء من دفء الإبداع مع كل تحية جمهور بآخر العرض. وسيكون غريبًا علينا أن يغيب كل هذا ولكن المسرحي مبدع في أدائه وفي خلق الأفكار لذلك أنا متأكّدة أن الدفء المسرحي سيتسرب في هذا اليوم بين أضلعنا حتى وإن كان افتراضيًا.. وأنا متأكدة من أن فريق مسرحية قصر السعادة التي كان يفترض أنها ستعرض في ذات اليوم بالكاف سيستشعر لحظة تصفيق الجمهور وسيكون سعيدًا".

وبكلمات يكسوها الأمل تضيف "لعل هذه الأزمة ستكون مناسبة للعودة لذواتنا ومعلوم كم هو مهم ومفيد للممثل المسرحي أن يعود لذاته ليستقرئ ويعيد قراءة ما تراكم بداخله سواء مما عاشه كشخص أو كشخصيات. كما أنه حتمًا سيعيد التأمل في محيطه وفي الطبيعة وفي كل مصادر إلهامه.. وتحية من القلب إلى كل المسرحيين وإلى الجمهور العاشق للمسرح...حتى نلتقي على الركح.. و"غدوة خير" وهي العبارة التي أنهي بها حديثي وتدويناتي زمن الكورونا".

رجّة داخل المنجز المسرحي

أما المخرج المسرحي نزار السعيدي، فيستثمر الاحتفال باليوم العالمي للمسرح لهذه السنة بالاحتفاء بما أنجز والتساؤل عمّا سينجزه بعد هذه الحرب، أي أن احتفال هذه السنة سيكون ذاتيًا داخليًا بينه وبين أفكاره وهو تفكير عن أي مسرح سيكتب بعد الكورونا.

وفي حديث يعلي من راية المسرح كقيمة ثابتة في ترسيخ القيم الإنسانية، يقول السعيدي لـ"ألترا تونس"، "شاء التاريخ أن يكون اليوم العالمي للمسرح لسنة 2020 في فترة جائحة تصيب الإنسانية، حرب يخوضها الإنسان ضد عدو لامرئي سلاحه فقط العلم والثقافة وهنا تبرز أهمية المسرح كرافد من روافد الثقافة وضرورة إنسانية اكتشفنا ونحن نصارع الكورونا أننا نحتاجه لأن المسرح يرسخ المواطنة ويعلم الحوار ويدفع إلى العمل الجماعي".

نزار السعيدي لـ"ألترا تونس": الكورونا وضعت الكل محلّ شكّ وهنا ربما نرسّخ فكرة إعادة التفكير وإحداث الرجة داخل المنجز المسرحي

وفي تقريع للمنظومات السياسية، يؤكّد أنّه لو لاقى المسرح الاهتمام من المنظومات السياسية السابقة التي حكمت تونس ربما كان درجة الوعي أكبر لدى عموم الشعب، معتبرًا أنّ تزامن اليوم العالمي للمسرح مع أزمة الكورونا له رمزية خاصية يجب أن ترسخ تقاليد جديدة في الاحتفال بهذا اليوم".

وعن الجانب المشرق للاحتفاء بالمسرح زمن الكورونا، يقول "إن أخذنا هذه الأزمة من جانبها الفلسفي هي فعل أحدث رجة للفكر الإنساني ومنجزه وجعله يعيد التفكير من جديد في كينونته وكسر كل المسلمات والمعتقدات الراسخة.. والكورونا وضعت الكل محلّ شكّ وهنا ربما نرسّخ فكرة إعادة التفكير وإحداث الرجة داخل المنجز المسرحي وكل سنة نسائل السابق ونبني للاحق فالمسرح ينهل من كل مكتسبات البشرية حتى جراحاها ليعيد ترتيبها من جديد".

ما أتعسك أيّتها الكورونا الجبانة

وبكلمات ترشح وجعًا، تحدّث الممثل المسرحي نور الدين الهمامي عن ما يعتمر صدره في اليوم العالمي للمسرح إذ يقول "لم أكن أعتقد أنّ قوّة ما بخلاف الموت يمكن أن تمنعني من اعتلاء الرّكح. فاليوم كان يفترض أن أقدّم مسرحيّة "ذئاب منفردة" بمناسبة افتتاح تظاهرة 24 ساعة مسرح، لكنّني أجد نفسي ممدّدًا على الفراش كذئب منفرد اعتزلتني الحياة و حتّى زوجتي تلك الرّائعة تفرض عليّ الحجر العاطفيّ وكلّما راودتها عن نفسها ـ كسرًا للحجر ـ واجهتني بماء الجافال كخنفساء عالقة بالجدار".

وهو يغالب وجعه من العزلة الإجبارية يضيف "يا أيّها العالم ما أضيقك وما أتعسك أيّتها الكورونا الجبانة لماذا تتّخذين أهلنا رهائن؟ لماذا لا تواجهيننا رأسًا برأس فإن هزمناك وليّت مذمومة مدحورة و إن هزمتنا متنا واقفين؟". وبكلمات مدادها الأمل والحلم يتابع "إنّه لا يخيفنا أن نموت فلسنا أحياء بما يكفي ليخيفنا الفناء لكنّ ما يخيفنا هو أنّنا قد نتحوّل إلى قتلة محتملين . أيتها السّافلة أيّ عقل تمتلكين وأيّ دم يجري في عروقك؟ أ يعقل أن تفرضي عليّ لا فقط أن أُقتل بك بل أن أقتُل بك أيضًا من يحيط بي وأنا الذّي أخشى أن أقتلك ـ حتّى أنت يا خبيثة ـ بقطرة جافال قد تعصف معك بنملة جاءت تقتات من فتاتي".

نور الدين الهمامي لـ"ألترا تونس":  "لم أكن أعتقد أنّ قوّة ما بخلاف الموت يمكن أن تمنعني من اعتلاء الرّكح"

وفيما تتراقص كلماته بين مرارة واقع زائل وحلاوة خيال لن يموت يقول "لأجل هذا وغيره ها أنا أسلّم جسدي إلى قبر الحياة كما يصفه التّونسيّون وأتمدّد أمام جهاز التّلفاز أحصي خسائري وهزائمي وأنعى جثثًا تتهاوى أمام جبروتك أفلا تشبعين؟ يا عدوّة الحياة إنّا نحبّ الحياة وسنحيا وسترحلين..سنعود إلى القبل..سنعود إلى مضاجعة الحياة..سسنعود إلى أرضنا..سنعود إلى بسماتنا.. وسنرقص مجتمعين..فقد سبقك إلينا أعداء أكثر فتكا ورددناهم وعلى أعقابنا تقطر دماهم".

هم واحد ومصير واحد

ومن جهتها، تفتقد الممثلة المسرحية سارة حلاوي زخم العروض المسرحية في اليوم العالمي للمسرح، إذ تقول لـ"ألترا تونس" إنّ احتفالها يكون بمعانقة الركح في حال كانت مشاركة في عرض مسرحي أو تتبع حركات زملائها وسكناتهم على الخشبة بعد أن تستغرق وقتًا في اختيار العروض التي ستواكبها.

سارة حلاوي لـ"ألترا تونس": سأحتفل باليوم العالمي للمسرح غناء ورقصًا وتمثيلًا وكتابة

وعن الاحتفال هذه السنة، تقول الحلاوي إنّه مميز في سنة مميزة، وهي فرصة للفنانين للنظر في مساراتهم المهنية وترتيب أفكارهم واسترجاع ذكريات حبيسة خانة النسيان، واليوم همّ المسرحيين واحد ومصيرهم واحد وهي فرصة ليتوحّدوا، على حد تعبيرها.

وفي رسالة محبّة، تدعو المسرحيين إلى مؤازرة بعضهم البعض في هذه المحنة وكل المحن ووضع الاختلافات جانبًا، مشيرة إلى أنّها ستحتفل باليوم العالمي للمسرح غناء ورقصًا وتمثيلًا وكتابة.

لا بدّ من عودة المسرح

وبأسلوب مختلف، اختار أن يحتفي الممثل المسرحي نزار كشو باليوم العالمي للمسرح إذ خاطبه على أنّه صديقه وبثّ له شكواه من الواقع الراهن ورسم ملامح عودته بعد الأزمة الراهنة إذ يقول "صديقي لا أعرف كيف أقدم لك الاعتذار الذي يليق بك وأنت الذي وهبت لنا فضاءات الإبداع ومنحتنا حرية التعبير وقدمت لنا مدارس الجمال، لقد خذلناك كثيرًا".

وفي ذات الاعتذار الذي يعرّي بعض علل المسرح، يضيف في حديثه لـ"ألترا تونس"، "أعتذر لك باسم الوطن وباسم المسؤول الذي لم يعرف قيمتك، فهناك الكثير الذين جعلوك سلّمًا للوصول إلى أهدافهم الشخصية ثم تناسوك وتجاهلوك في أبشع صورة من صور العقوق، ولم يكتفوا بذلك بل حيدوا المحبين لك وحاربوهم وقللوا من إمكانياتهم الإبداعية ووصفوا إخلاصهم لك بالجهل. صديقي محبوك وأصدقاؤك كُثر ولكنهم لا يملكون قرار إنقاذك وإعادتك إلى وضعك الحقيقي ومكانتك الثقافية والفنية التي ميزتك وجعلتك منارة للفكر والإبداع، حتى وإن علت أصواتهم ونادوا بانتشالك وإنقاذك ودعمك لتصبح قويًا".

نزار كشو لـ"ألترا تونس": صديقي المسرح لعل قادم الأيام تنصفك وتضعك في منزلتك الحقيقية فأنت أب الإبداع وسيده

وبكلمات مفعمة بالأمل، يتابع "صديقي المسرح لعل قادم الأيام تنصفك وتضعك في منزلتك الحقيقية فأنت أب الإبداع وسيده، أقول ذلك وأنا أرى بصيص أمل مع هذا التحول الفكري والاجتماعي والثقافي الذي نعيشه اليوم. فأنت تستحق أن يتم الاعتناء بك أكثر من أي مجال أدبي وفني آخر لأنك تصنع الثقافة وتربي النشأ وتخلق مساحات التعبير برؤى فنية إبداعية لا يمكن أن نجدها مجتمعة في أي مجال آخر. صديقي لابد من عودتك حتى نستطيع بناء شعب يحمل فكرًا ورؤية وثقافة تصنع مستقبل الوطن".

"كل عام والمسرح والمسرحيين في العالم بخير. كل عام والمسرح ينادي بالعقل ويستمد قوته من عصر العلم"، يقول محدّثنا بعد أن يستحضر ما كتبه المخرج البولندي كريستوف ورليكوفسكي في اليوم العالمي للمسرح لعام خمسة عشر وألفين التي ضلت تتردّد داخله كدودة الأذن، فهو بالفعل إما صادم لالتصاقه الرهيب باللحظة الراهنة أو لأنه يتحدث فعلًا الآن وهنا ويضع كل شيء بشري على المقصلة علّه ينقذ بروميثيوس من عقاب زيوس على الإثم الذي ارتكبه في حق سادة الأوليمب عندما سرق النار، وفق قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"رفائيل".. أستاذ اللّوحة الإيطالية في تونس

"الحديقة المحرّمة": عن خيبات كبرى لذات تبحث عن منبت