الترا تونس - فريق التحرير
لم تتوقف وتيرة الإحالات على التحقيق في تونس التي تطال محامين ونشطاء سياسيين وحتى أفرادًا من عائلات المساجين السياسيين الذين يقبع أغلبهم بالسجن منذ فيفري/شباط 2023، في قضايا مختلفة أبرزها ما يعرف بـ"التآمر على أمن الدولة".
- محامون يحالون على التحقيق
ولعلّ آخر الإحالات التي تم الإعلان عنها ما يتعلق بالمحامية وعضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين في قضية "التآمر" إسلام حمزة.
وجاء في بيان أصدرته الهيئة الأربعاء 14 جوان/يونيو 2023، أنه تمّ إعلام الفرع الجهوي للمحامين بتونس بإحالة عضوة هيئة الدفاع المحامية إسلام حمزة على التّحقيق بموجب مكتوب مرسل من الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بتونس.
إحالات متواترة على التحقيق تشمل محامين من هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" على غرار العياشي الهمامي وإسلام حمزة وعبد العزيز الصيد
واعتبرت الهيئة، في بيان لها، أن "هذه الإحالة الجديدة تندرج في إطار مواصلة هرسلة أعضاء هيئة الدفاع وترهيبهم في سياق متصاعد من القضايا الملفقة ضدّ المُحامين المُدافعين عن النُّشطاء السياسيين المُعارضين ممّا يشكّل تهديدًا خطيرًا لحقّ الدّفاع".
جدير بالذكر أن المحامي العياشي الهمامي، وهو أيضًا عضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين، يحال على التحقيق في قضية التآمر، ضمن قائمة تضم 23 شخصية سياسية من بينها 4 محامين، وفق ما سبق أن أعلنه في 4 ماي/أيار 2023 في ندوة صحفية.
هيئة الدفاع: هذه الإحالات المتواترة تتنزل في إطار استهداف كيدي في سياق متصاعد من القضايا السياسية ضدّ المُحامين المُدافعين عن النشطاء والمعارضين وتشكّل تهديدًا خطيرًا لحق الدفاع
كما يجري التحقيق أيضًا مع الهمامي بموجب مرسوم مكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، من أجل مقابلة إذاعية أجراها في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، بصفته منسق لـ "هيئة الدفاع عن القضاة المعزولين"، ندّد فيها بجهود الرئيس التونسي قيس سعيّد لتقويض استقلالية القضاء، كما اتهم وزيرة العدل ليلى جفال بـ"ارتكاب جريمة" لأنها رفضت تنفيذ حُكم صادر عن المحكمة الإدارية يقضي بإعادة معظم القضاة المعزولين إلى مناصبهم، و"فبركة" ملفات جنائية ضدّهم.
كذلك، أعلنت هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين فيما يُعرف بقضية "التآمر"، في بلاغ أصدرته بتاريخ 15 ماي/ أيار 2023، أنّه تمّ إعلام الفرع الجهوي للمحامين بتونس، بإحالة منسّق هيئة الدفاع المحامي عبد العزيز الصيد على التّحقيق بطلب من وزيرة العدل، وذلك على خلفية الندوة الصحفية التي عقدتها هيئة الدفاع يوم 8 ماي/ أيار 2023.
وقالت الهيئة إنّ "هذا الاستهداف الكيديّ يتنزّل في سياق متصاعد من القضايا السياسية ضدّ المُحامين المُدافعين عن النشطاء والمعارضين ويشكّل تهديدًا خطيرًا لحق الدفاع"، وفق تقديرها.
- توجيه استدعاء لرئيس جبهة الخلاص المعارضة للتحقيق
وليل الثلاثاء 13 جوان/يونيو الجاري، أفادت هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين، في بلاغ لها، بأن "قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قرّر استنطاق رئيس جبهة الخلاص الوطني والمحامي أحمد نجيب الشابي في إطار ما يعرف بقضيّة (التآمر على أمن الدولة)"، وذلك يوم الجمعة القادم، 16 من الشهر الجاري.
يشار إلى أنّ الشابي قد ندّد في مختلف تصريحاته، بالتهم التي قال إنها "تُوجَّه جزافًا" للسياسيين في تونس، سواءً الذين سبق أن تم سجنهم، أو الذين وردت أسماؤهم مؤخرًا في قضية جديدة تتعلق أيضًا بـ"التآمر على أمن الدولة".
توجيه استدعاء لرئيس جبهة الخلاص المعارضة أحمد نجيب الشابي الذي ما انفك يندد بالتهم التي قال إنها "تُوجَّه جزافًا" للسياسيين في تونس
وتحدّث رئيس جبهة الخلاص وقتها عن أنّ إجراءات التتبع انطلقت وهي في مرحلة متقدمة، وقال: "هذه الموجة الثانية من الاستنطاقات ستعقبها إيقافات، وأشعر شخصيًا أني مستهدف، وأنّ إرادة الانتقام من المعارضين ستصيبني"، وفق تصريحه.
- التحقيقات تطال عائلات المساجين السياسيين
ولم تتوقف الإحالات على النشطاء السياسيين والمحامين المدافعين عن المساجين فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" وإنما طالت أيضًا عائلات هؤلاء المساجين.
لم تتوقف الإحالات على النشطاء السياسيين والمحامين المدافعين عن المساجين فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" وإنما طالت أيضًا عائلات هؤلاء المساجين
وكان إلياس الشواشي، ابن الناشط السياسي والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي المودع بالسجن قد أعلن، السبت 10 جوان/يونيو 2023، أنه تلقى استدعاءً للحضور بمقر الفرقة المركزية الخامسة لمكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات والاتصال للحرس الوطني بالعوينة بتاريخ 12 جوان/يونيو 2022، دون ذكر سبب هذا الاستدعاء.
وقال إلياس الشواشي في تعليقه على ذلك: "أبي في السجن وأنا في المهجر ويقومون بتتبعي ويبحثون عمّا يمكنهم من مزيد تشتيت العائلة"، معقبًا: "نحن لها والمقاومة السلمية مستمرة ضد دولة البوليس وسياسة قيس سعيّد"، وفق ما جاء في نص التدوينة.
- العفو الدولية: السلطات التونسية تستهدف المحامين وأعضاء المعارضة لنشر الخوف
وكانت منظمة العفو الدولية قد نددت، في تقرير أصدرته في 9 ماي/أيار 2023، باستهداف السلطات التونسية لقيادات المعارضة والمحامين.
وجاء في نص التقرير: "تستهدف السلطات عمدًا المحامين البارزين وأعضاء المعارضة السياسية الذين ناضلوا لسنوات من أجل مستقبل أفضل لتونس لنشر الخوف وإسكات المعارضة، مما يبعث برسالة مرعبة مفادها أن أي شخص يجرؤ على معارضة الرئيس قيس سعيّد يخاطر بأن يكون موضع انتقام".
العفو الدولية: السلطات التونسية تستهدف عمدًا المحامين وأعضاء المعارضة لنشر الخوف وإسكاتهم مما يبعث برسالة مرعبة مفادها أن أي شخص يجرؤ على معارضة قيس سعيّد يخاطر بأن يكون موضع انتقام
وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، وفق تقرير للمنظمة، "لقد ألحقت السلطات التونسية بالفعل ما يكفي من الضرر بالحق في حرية التعبير وسيادة القانون من خلال احتجاز المعارضين تعسفًا بتهم لا أساس لها من الصحة"، مشددة على أنه "ينبغي على السلطات إغلاق هذا التحقيق على وجه السرعة، والإفراج فورًا عن جميع الذين اعتقلوا على خلفيته، ووضع حد لاستخدامها القضاء كأداة للقمع".
يشار إلى أنّ السلطات في تونس قد انطلقت في 11 فيفري/ شباط الماضي في موجة اعتقالات استهدفت بدرجة أولى معارضين للرئيس قيس سعيّد. ومن الموقوفين، سياسيون وصحفيون ونشطاء وقضاة ورجال أعمال، وتوجه لهم تهم مختلفة من أبرزها "التآمر ضد أمن الدولة".
في المقابل، أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات تنديدًا واسعًا وانتقادات داخليًا وخارجيًا، لإخلالات في الإجراءات ولما أكده محامون من غياب للأدلة، فيما تلتزم النيابة العمومية والسلطات القضائية الصمت حيال هذه القضايا.