تأخر في مواعيد السفرات، ازدحام واكتظاظ في محطات الانتظار وأسطول مهترئ لا يكاد يلبي طلبات مواطنين أعياهم الانتظار وتعطلت مصالحهم بسبب خدمات رديئة، هذا واقع قطاع النقل العمومي في تونس. ولا يغيب عن أي أحد أنّه حتّى قطاع النقل غير المنتظم، رغم مساهمته في التخفيف من معضلة النقل العمومي، يشكو بدوره عديد الهنات والثغرات، إذ يشهد هذا القطاع أيضًا عديد المخالفات في كامل تراب الجمهورية خاصّة تلك المتعلقة بالتاكسي الفردي من امتناع عن نقل حريف أو رفض للوجهة التي يحدّدها أو فرض تعريفات إضافيّة في بعض المناطق (مطار، باب سعدون إلخ) والتي باتت من الخبز اليومي لمعاناة المواطن التونسي.

ظهرت مؤخّرًا عدد من الخدمات والتطبيقات الجديدة في مجال النقل أثارت جدلًا واسعًا ما بين مواطن مؤيّد ومهنيّ غاضب من بينها الخدمة المقدّمة من شركة "انتغو" (IntiGo) عبر "تاكسي سكوتر" 

ظهرت، في الأثناء مؤخّرًا، عدد من الخدمات والتطبيقات الجديدة في مجال النقل أثارت جدلًا واسعًا ما بين مواطن مؤيّد ومهنيّ غاضب، ومن بينها الخدمة المقدّمة من شركة "انتغو" (IntiGo) عبر "تاكسي سكوتر" التي أثارت حفيظة "التاكسيسيّة" وأثارت غضبهم.

"ألترا تونس" يرصد الجدل حول "التاكسي سكوتر" مع أمين مال الغرفة النقابية لأصحاب التاكسيات الفردي التابعة لاتحاد الأعراف علي بن تركية، والرئيس المدير العام لشركة "انتغو" (IntiGo) بسام بوقرة.

اقرأ/ي أيضًا: "الكوفواتيراج" في تونس.. "إذا أوقفتنا الشرطة سنقول إننا أصدقاء"

نقابة التاكسي الفردي: صاحب شركة "انتيغو" مدعوم من أطراف سياسية

تحدث علي بن تركية، أمين مال الغرفة النقابية لأصحاب التاكسيات الفردي التابعة لاتحاد الأعراف، لـ"ألترا تونس" عن وجود ما وصفها بمظاهر غريبة مؤخرًا "تنخر قطاع النقل العمومي غير المنتظم وتضرّ بالمصلحة العليا للقطاع من بينها التاكسي سكوتر".

وبين أن الغرفة النقابية تنظم الخميس 12 ديسمبر/كانون الأول وقفة احتجاجيّة على مستوى "المنقالة" بشارع الحبيب بورقيبة للمطالبة بتطبيق القانون على التاكسي سكوتر الذي اعتبره مخالفًا لقانون الطرقات وللقانون عدد 33 الذي ينظم المهنة، وللمجلّة الجزائية، وبالتالي مخالفًا للدستور التونسي الذي يدعو لاحترام المجلات القانونية على حدّ تعبيره.

علي بن تركية (نقابة التاكسي الفردي): ليس لدينا موقف شخصي من شركة "تاكسي سكوتر" ولكننا نطالب بتطبيق القانون

وقال: "ليس لدينا موقف شخصي من شركة تاكسي سكوتر ولكن موقفنا قانوني ونحن نحترم كلّ الخدمات التي تقدّم تحت طائلة القانون، لذلك وجب تطبيق القانون على هذه الأشياء المسقطة. ونحن نطالب أيضًا بتطبيق القانون على كل المخالفين من سواق التاكسي".

واستبعد محدثنا إمكانيّة تشريع قانون خاص لحلّ هذا الإشكال مؤكدً أن هذه المسألة تستلزم نقاشًا مسبقًا مع اتحاد الصناعة والتجارة والغرف النقابية والجامعة التونسية للنقل.

وأكد تركيّة أن الغرفة النقابية لأصحاب التاكسيات الفردي دائما ما تتفاعل إيجابيًا مع الدولة ودعت لتطوير المنظومة في عديد الجلسات بالإضافة الي بلورة أفكار جديدة ووضع رؤية استشرافية جديد لتنظيم منظومة النقل العمومي وغير العمومي على حدّ قوله.

أكدت نقابة التاكسي الفردي رفضها المطلق لمشروع "تاكسي سكوتر" (صورة أرشيفية/مارتين بورو/أ.ف.ب)

 

وأعرب عن استغرابه من كاتب الدولة للشباب عبد القدوس السعداوي قائلًا إنه كان من الأولى له النظر في وضعيّة الشباب الذين ينتظرون رخصهم القانونية منذ أكثر من خمس سنوات بعد قيامهم بكل الاجراءات القانونيّة المعقّدة.

وأكد رئيس الغرفة أنّ مهنيي سيارات الأجرة منضبطون للقوانين الجاري بها العمل ويستخلصون أداءاتهم الجبائية وأداءاتهم تجاه شركات الإيجار المالي مشددًا أنه يقومون بمسؤولياتهم على أكمل وجه وفق قوله.

وقال إن عدد من المهنيين يقومون بعديد التجاوزات لكنها يجب أن تُحسب على الأفراد وليس على القطاع على حدّ تعبيره داعيًا كل المتداخلين في القطاع لتطبيق القوانين حتى على سواق التاكسي الفردي إما بسحب الوثائق لفترة معينة أو فرض خطية مالية عليهم.

وتحدث علي بن تركية في ختام حديثه لـ"ألترا تونس" عن وجود أطراف سياسية مشاركة في ملف "التاكسي سكوتر" قائلًا إن صاحب شركة "أنتغو" مدعوم من أطراف تشكل المشهد البرلماني على حدّ تعبيره، وأضاف قائلًا: "نحن متوجّهون نحو كارثة لذلك وجب التوقف قبل حدوثها".

بسام بوقرّة: "التاكسيستيّة" لم يطوّروا خدماتهم ومشروعنا قدّم حلولًا لمشاكل النقل

فسّر الرئيس المدير العام لشركة "انتغو" (IntiGo) بسام بوقرة لـ"ألترا تونس" أنّ "تاكسي سكوتر" هو مشروع لوجيستي يهيئ الأرضية المناسبة لكل ماهو تجارة إلكترونية، بدأ بنقل الاشخاص ثم سينتقل لنقل البضائع الصغرى وتوصيل الطلبات الى الحرفاء.

وأعرب عن استغرابه من الرد الفعل العنيف من نقابة التاكسي الفردي الذي ساهم في إشهار مجاني لشركته على حدّ قوله مضيفًا: "لم نتوقع هذا الكم الهائل من العنف فقد قمنا بتوثيق الفيديو الذي فيه تهديد واضح لسائقي السكوتر وعمالنا وحرفائنا عن طريق عدل منفذ وقمنا بقضيّة استعجالية عند وكيل الجمهورية ضدّ نقابة التاكسيات". وقال، في نفس السياق، إنه يقع استفزاز سواق "التاكسي سكوتر" مؤكدًا أن الشركة قامت بتأهيلهم مضيفًا "قوّتنا في انظباطنا".

بسام بوقرة (شركة "انتيغو"): مشروع "التاكسي سكوتر" سيخلق آلاف مواطن الشغل المباشرة وغير المباشرة وأتى بحلول ناجعة للنقل أفضل من النقل العمومي ومن خدمات التاكسيات

اقرأ/ي أيضًا: "وصلني".. تطبيقة النقل التي طالما انتظرها التونسيون

"نحينالهم خبيزة"، هكذا فسّر بسّام ردّة فعل سواق التاكسي الفردي مؤكدًا أن الاقتصاد التونسي مبني اليوم على الاقطاعية وأنّ هناك مجموعات منتفعة من الوضع الحالي وليست للمصلحة العامة منهم أصحاب التاكسي الفردي وزارة النقل وبعض الوزارات الأخرى على حدّ قوله.

واستغرب من عدم وجود ردة فعل ضد التطبيقات الموجهة للتاكسيستية رغم أنّ كلفة الرحلة ستتضاعف معتبرًا أنه وقع استقبالها بكل ترحاب لأن هذا يخدم مصلحتهم الخاصة رغم أنها تزيد من تعميق مشكل النقل في تونس.

وفي ردّ على ما يقع ترويجه أنّ مشروع "انتيغو" يهدّد قوت عائلات سائقي التاكسي الفردي، قال مدير عام الشركة لـ"ألترا تونس" إن شركتهم ستخلق آلاف مواطن الشغل المباشرة وغير المباشرة، مضيفًا أن المشروع أتى بحلول ناجعة للنقل أفضل من النقل العمومي ومن خدمات التاكسيات لذلك وجد رواجًا كبيرًا عند الشعب التونسي. وأكد أنّ القطاع الذي لا يطور من نفسه سيضمحل وأنّ "التاكسيسيتية" لم يطوّروا طريقة عملهم، على حدّ تعبيره.

تؤكد شركة "انتغو" (IntiGo) أن مشروع "التاكسي سكوتر" يخلق آلاف مواطن الشغل

 

وأكد محدثنا أنّ المشروع مازال تحت الاختبار إذ يبدأ الإطلاق الرسمي للمشروع بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2019 مبينًا أن الشركة تلقت عديد الطلبات من عديد الولايات الأخرى خاصّة صفاقس وسوسة حيث يوجد مشكل كبير للنقل على حدّ قوله.

وفي حال تصعيد نقابة التاكسي الفردي، قال محدّثنا إنّ الدستور يكفل لـ"التاكسيستية" حق الإضراب ويعطيهم حق العمل وخلق مواطن الشغل لذلك ليستعمل كل طرف حقوقه، وفق قوله. وأكد، في نفس الإطار، أن إضراب سواق التاكسي الفردي لن يوقف ابتكار الشركة وسعيها المتواصل تحسين اقتصاد البلاد حسب تعبيره.

وأضاف أن أكبر إشكال تعرضت إليه الشركة هو بلاغ وزارة النقل "الذي وقع قراءته بطريقة أضرّت بنا ووقع الترويج له من قبل بعض المواقع له بطريقة غير صحيحة" مؤكدًا أن الوزارة لم تحسم الأمر بعد.

بسام بوقرة (شركة "انتيغو"): نتحدّث عن معركة مصيرية بالنسبة للشباب الذي يبتكر ويخلق مشاريعه دون أن تكبّله القوانين البائدة والإدارة العميقة 

وأوضح أنه تمت مراسلة الوزارة لمواجهة الحجة بالحجّة "وما زلنا في انتظار الردّ" مشيرًا إلى أن البلاغ المذكور منشور في فيسبوك فقط ولا يحمل ختمًا وهو ما يدعو للتساؤل وفق قوله. وأكد أن الشركة لم تتلق أي مراسلة أو بلاغ رسمي من وزارة النقل مبينًا أن الشركة هي من بادرت بالتواصل مع الوزارة منذ بداية فكرة المشروع.

وأوضح بسام بوقرّة أنّه وقع اتباع مجلة الاستثمار الجديدة التي تبيح حرية الاستثمار ولا يكون المنع إلا بنص صريحـ وقد نصّت على كل المشاريع التي تستوجب رخصة، مبينًا أن المشاريع غير الواردة لا تحتاج إلى رخصة.

وختم حديثه قائلاً: "اليوم لا نتحدّث عن صراع بين شركة "انتغو" والنقابة أو وزارة بل نتحدّث عن معركة مصيرية ومفصلية بالنسبة للشباب الذي يبتكر ويخلق مشاريعه ويبحث على نوع جديد من الاقتصاد دون أن تكبّله القوانين البائدة والإدارة العميقة الي تقتل آفاق شبابنا" مضيفًا "إذا خسرنا المعركة أمام الإدارة العميقة فستكون رسالة سلبية لشبابنا اليوم".

يظل بالنهاية قطاع النقل في تونس إرث ثقيل يحتاج حلولًا جذرية بين شباب يطمح لخلق حلول بديلة لمشاكل هذا القطاع وأصحاب مهنة يؤكدون أنهم متمسّكون بتطبيق القانون، ليبقى السؤال المطروح: كيف سيُحسم هذا الجدل؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

التاكسي الجماعي في سوسة.. فوضى وبلطجة وتحميل متبادل للمسؤولية

أصدقاء وما هم بأصدقاء.. عن أحكام النقل في تونس