18-أغسطس-2023
شباب تونسيون  ينتجون محتوى ثقافي رقمي في شكل ألعاب

الميتافيرس من أجل صناعة ثقافية رقمية وإحياء أمجاد التاريخ

 

"ماركوس" شخصية افتراضية اعتلت ركح مهرجان "بلاريجيا" في نسخته السابعة والأربعين، قام بتصميمها الشاب التونسي سامي بن يوسف، وباستعماله تقنية "الميتافيرس" تم عرض هذه الشخصية بالهولوغرام فقدّم "ماركوس" لمحة عن تاريخ المنطقة ومخزونها الثقافي.

تفاعل الجمهور مع شخصية "ماركوس" التاريخية الافتراضية وعاش معها شيئًا من الأزمان الغابرة بعد أن سافر بالحاضرين في طيات التاريخ راويًا لهم ماضي الأجداد.

نشهد اليوم في الحقل الإبداعي التونسي بعض المحاولات الناجحة لشركات ناشئة تعمل على تثمين التراث والمعالم الأثرية عبر تقنية "الميتافيرس" مستعينة بالطفرة العلمية للذكاء الاصطناعي

السفر في الماضي بالاستعانة بتقنيات الحاضر وإبداعات التكنولوجيا الحديثة يختزل الحضارات الممتدة على سلسلة الزمن في لحظة راهنة تكتنز إبداع الإنسانية، هكذا أردنا للتكنولوجيا الحديثة أن تكون نصيرًا للتاريخ والحاضر ومطية للسفر نحو المستقبل.

كنا في أكثر من تقرير حول المعالم الأثرية نستنجد بالخيال لرسم صورة افتراضية عن موقع بقي منه سوى أطلال، وكنا نرسم الصور الافتراضية بالحروف والكلمات ونستعير من الصور مجازها حتى تلتصق بذهن المتلقي.

 

جولة افتراضية في رباط سوسة

 

 "سراديب الموتى ورحلة البحث عن الراعي الطيب"، "دار الأقنعة"، "عجائب مدينة سوسة السبع العتيقة" ومعالم أخرى كثيرة كنا نبحث لها عن صورة افتراضية مبنية على روايات وحقائق علمية تاريخية، وكنا نناشد أهل العلم والثقافة للتجند بتمويل مشاريع علمية تجسد هذا الخيال وتستثمر الحداثة العلمية لتكوين صورة افتراضية موازية للواقع.

كنا ننتظر يومًا الاستفادة من تقنيات "الميتافيرس" الغامرة في تطوير الصناعات الثقافية والإبداعية ومساعدة المؤسسات الثقافية والفاعلين والمبدعين والأفراد والشركات المنتجة للمحتوى الثقافي في تونس على الاستفادة من الفرص التي تتيحها التكنولوجيا الجديدة في تطوير أعمالهم والوصول إلى الجمهور الواسع.

يعدّ "الميتافيرس" شكلًا من أشكال الفضاء السيبراني، يسمح للمستخدمين بالدخول في تجربة مرتكزة على الذكاء الاصطناعي، تمكنهم من تشكيل عالم افتراضي والانخراط فيه ومحاكاة الحياة الواقعية

نشهد اليوم في الحقل الإبداعي التونسي بعض المحاولات الناجحة لشركات ناشئة تعمل على تثمين التراث والمعالم الأثرية عبر تقنية "الميتافيرس" مستعينة بالطفرة العلمية للذكاء الاصطناعي وتجسم ذلك في منتجات أهمها رحلات افتراضية لمعالم أثرية كالمتاحف والأسوار والمعابد الرومانية والمدن الإسلامية العتيقة. وكذلك تم تطوير منتجات في شكل ألعاب إلكترونية متطورة تحاكي العالم الموازي في طريقة العيش في العهود القرطاجية والرومانية.

"الميتافيرس" بشكل عام يعتبر شكلًا من أشكال الفضاء السيبراني، يسمح للمستخدمين بالدخول في تجربة مرتكزة على الذكاء الاصطناعي، تمكنهم من تشكيل عالم افتراضي والانخراط فيه ومحاكاة الحياة الواقعية فيتجاوز المستخدمون شاشات هواتفهم الذكية وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم من خلال تقمص نسخة من أنفسهم وإدخالها في العالم الافتراضي (VR)، وعادة ما يستخدم مع مفهوم آخر يعرف بالواقع المعزز (AR) وهو تقنية مصممة لتعزيز الواقع بالصور الرقمية باستخدام عروض الفيديو أو الصور الفوتوغرافية.

مؤسس شركة ناشئة مختصة في العالم الافتراضي "ميتافيرس" لـ"الترا تونس": أنتجنا حزمة من المعالم الأثرية الافتراضية الخاصة بسوسة تحاكي الواقع، من بينها جولة داخل أسوار المدينة العتيقة ورباط سوسة

فريد كامل مؤسس شركة ناشئة مختصة في العالم الافتراضي "ميتافيرس" يقول لـ"الترا تونس": "أقود مجموعة من الشباب الذي أنتج حزمة من المعالم الأثرية الافتراضية الخاصة بسوسة تحاكي الواقع، من بينها جولة داخل أسوار المدينة العتيقة ورباط سوسة وهي عبارة عن توأم رقمي للمدينة وها نحن نستغل المنتوج للتثقيف ويمكن أن تكون هذه المنتجات تفاعلية وذلك بإضافة صور ومعلومات رقمية عليها ونهدف إلى تعميمها داخل تونس وخارجها باعتبار أن الميتافيرس هو المستقبل" وفقه.

خبير قطاع الثقافة لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أحمد حبيبي، يتحدث لـ"الترا تونس" قائلا: "نحن نطرح سؤالًا مركزيًا وهو أيّ تكنولوجيا تخدم تطوير وترشيد الصناعات الثقافية في العالم العربي؟ نحن نعلم أن كل الأعمال الإبداعية التي تستفيد من الميتافيرس قادمة إلى حد الآن من أوروبا وكوريا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر هذا المبحث جديدًا لدينا، على الأقل نساير هذا التطور باعتبار أن بعض الأساتذة يعتبرون الميتافيرس رهانًا يجمع بين الأنترنت وما بعد الأنترنت".

 

مسابقات علمية رقمية من أجل محتوى ثقافي رقمي

 

من جهتها تتحدث سلوى عبد الخالق المديرة العامة للمركز التونسي الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي لـ"الترا تونس"، فتتساءل: "ماذا يحمل لنا المستقبل؟ مانزال في طور التجربة على جميع المستويات، خبراؤنا في تونس يواكبون المستجدات ونطرح هذه المسائل على المستوى العربي كي لا نكون في عزلة ولا نكون متأخرين على هذا النمط من التقدم التكنولوجي الرقمي خاصّة أننا نمتلك كفاءات في هذا المجال".

وتضيف قائلة: "الميتافيرس عالم مواز للعالم الواقعي يضم بناءات، متاحف، مواقع أثرية ويتضمن سلسلة قيم جديدة اقتصادية ومالية وتجارية ومكاننا فيه يجب أن يطرح بقوة ونحن نتفطن اليوم إلى تجارب مهمة للشركات الناشئة في هذا المجال ولدى منتجاتها قابلية للتطور من أجل ترشيد الصناعات الثقافية".

مديرة المركز التونسي الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي لـ"الترا تونس": الميتافيرس عالم مواز للعالم الواقعي يضم بناءات، متاحف، مواقع أثرية ويتضمن سلسلة قيم جديدة اقتصادية ومالية وتجارية ومكاننا فيه يجب أن يطرح بقوة

في سنة 2021، أصدرت "بلومبيرج أنتلجنس" تقريرًا يؤكد أن تكنولوجيا "الميتافيرس" تتيح آفاقًا اقتصادية هائلة ويتوقع أن تبلغ استثماراتها إلى 800 مليار دولار بحلول منتصف هذا العقد، ويتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2030.

ووفقًا لما ذكرته مجلة "فوربس" نقلًا عن خبراء "أنه في المستقبل، ستدير شركات وسائل التواصل الاجتماعي والعلامات التجارية والمؤسسات التعليمية وأرباب العمل عوالمهم الافتراضية الخاصة، حيث يمكن للناس أن يأتوا ويستمتعوا بتجربة أكثر جاذبية عبر الإنترنت. وبشكل حاسم، ستوحّد التكنولوجيا، هذه العوالم المتباينة في تجربة مستمرة ومتصلة، حيث يمكنك التنقل بسلاسة بين المنصات والتجارب، مع أخذ الصورة الرمزية الرقمية الشخصية والتفضيلات والعملات المشفرة معك".

 

مراسل الترا تونس في جولة افتراضية باستعمال تقنية VR