06-يوليو-2022
 قيس سعيّد

مديرة في منظمة العفو الدولية: "المشروع المقترح يفكك العديد من الضمانات المنصوص عليها في دستور ما بعد الثورة"

الترا تونس - فريق التحرير

 

       
قالت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء 5 جويلية/يوليو 2022، إن مشروع الدستور الجديد الذي أصدرته السلطات التونسية في 30 جوان/يوليو 2022، بعد مسار صياغة مُبهم ومسرّع، يقوّض الضمانات المؤسساتية لحقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق الإمعان في الحد من استقلالية القضاء.

العفو الدولية: مشروع الدستور الجديد يقوّض الضمانات المؤسساتية لحقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق الإمعان في الحد من استقلالية القضاء

وتابعت، في بيان، "لا يوفر مشروع الدستور الجديد للقضاء التونسي الضمانات اللازمة للعمل باستقلالية وحيادية تامّتَيْن، ويزيل آليات الرقابة المُعتمدة لمحاسبة السلطات. وهو يتضمن أحكامًا مثيرة للقلق من شأنها أن تُعطي مجالاً للسلطات لتفسير الحقوق بطرق تقييدية باسم الإسلام. وفي حين أن مشروع الدستور المكتوب لا يزال يصون العديد من الحقوق الرئيسية، إلا أنه يمنح الرئيس صلاحيات طوارئ غير مقيّدة إلى حد كبير قد يستعملها لتقويض حقوق الإنسان".

 

 

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: إن "المشروع المقترح يفكك العديد من الضمانات المنصوص عليها في دستور ما بعد الثورة ولا يوفر ضمانات مؤسساتية لحقوق الإنسان. تبعث إزالة هذه الضمانات برسالة مروعة وتمثّل نكسة لجهود بُذلت على مدى أعوام لتعزيز حماية حقوق الإنسان في تونس".

وأضافت "من الصادم أنَّ الشعب التونسي حُرم من شرح شفاف يوضح كيف تمت صياغة مشروع الدستور الجديد. يتوجّب على السلطات ضمان توفر المعلومات التي تحظى باهتمام عام للجميع، وإخضاع مشروع الدستور، كما هو الحال مع أي تشريع جديد، لتمحيص عام وسياسي فعلي ومجدٍ".

العفو الدولية: يتضمن مشروع الدستور أحكامًا مثيرة للقلق من شأنها أن تُعطي مجالاً للسلطات لتفسير الحقوق بطرق تقييدية باسم الإسلام كما يمنح الرئيس صلاحيات طوارئ غير مقيّدة

وذكرت العفو الدولية، في بيانها، أن مشروع الدستور يقترح إنشاء ثلاثة مجالس عليا للقضاء للإشراف على السلطة القضائية، لكنه لا يضمن استقلاليتها.

وتابعت "بالإضافة إلى ذلك، ينص مشروع الدستور على أن القضاة يعيَّنون بأمر رئاسي مباشر بناء على توصية من المجلس الأعلى للقضاء، وهي انتكاسة مقارنة بدستور 2014 الذي كان يستلزم من الرئيس اتباع رأي مطابق من المجلس لتعيين القضاة، كما كان يفوّض المجلس بالإشراف على عزل القضاة وترقيتهم ونقلهم. ويفتح مشروع الدستور الباب أمام تأديب القضاة وعزلهم من قبل السلطات التنفيذية من خلال إزالة الإشارة إلى أن مثل هذه القرارات يجب أن تُتخذ وفقًا “لقرار معلل من المجلس الأعلى للقضاء”.

وقالت منظمة العفو الدولية إنَّ المعايير الدولية تقتضي أن يكون تعيين القضاة وترقيتهم وتأديبهم مستقلًا بما فيه الكفاية عن السلطة التنفيذية، وأن يخضع لإجراءات شفافة، بما يتماشى مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي يضمن الضوابط والتوازنات الفعالة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية للحكومة ضد التجاوزات والانتهاكات.

 

 

وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن "مشروع الدستور يلغي شرطًا في الدستور الحالي ينصّ على تعامل المحاكم العسكرية مع الجرائم العسكرية فقط، والذي يهدف إلى حماية المدنيين من المثول أمام هذه المحاكم. كما لا يوفّر الفصل 96 من مشروع الدستور الضمانات اللازمة لحماية حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ".

وخلافًا لدستور عام 2014، فإنه لا ينص على أي هيئات للطعن في التدابير الاستثنائية ولا يفرض حدًا زمنيًا لمراجعة القرار. كما يُغفل هذا الفصل في مشروع الدستور الشرط السابق بأن “تؤمّن التدابير عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال”.

ووفقًا للمعايير الدولية، لا ينبغي تطبيق سلطات الطوارئ والتدابير الاستثنائية إلا عندما يكون ذلك ضروريًا للغاية لحماية الأمن القومي من تهديد يطال “بقاء الأمة”. وذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي هيئة الأمم المتحدة التي تراقب تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أنَّ التدابير التي لا تتقيّد بأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عملًا بحالة الطوارئ يجب أن تكون استثنائية ومؤقتة. ويجب أن يكون الهدف الرئيسي للدولة هو العودة إلى الوضع الطبيعي.

العفو الدولية: الإشارة إلى “مقاصد الإسلام” قد يؤدي لتقويض حقوق الإنسان وقد يتيح التمييز ضد الجماعات الدينية الأخرى

وذكرت المنظمة أن الفصل الخامس من مشروع الدستور ينص على أنّ “تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية”. ويمكن لهذه اللغة في الكتابة أن تسمح لقادة الدولة والمشرعين والمحاكم بالإشارة إلى “مقاصد الإسلام” كأساس لتقويض حقوق الإنسان، خاصة عند مراجعة القوانين المتعلقة بالمساواة بين الجنسين أو الحقوق والحريات الفردية، بحجة أنها تتعارض مع المبادئ الدينية. وإذا ما تم إقرار هذا الفصل، قد يتيح التمييز ضد الجماعات الدينية الأخرى، وفقها.

يشار إلى أنّه صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، ليل الخميس 30 جوان/ يونيو 2022، مشروع الدستور التونسي الجديد الذي من المنتظر أن يستفتى عليه في 25 جويلية/ يوليو 2022. وقد تضمن توطئة و142 فصلًا موزّعة على 10 أبواب، وهذه قراءة تحليلية فيه: مشروع الدستور التونسي الجديد.. صلاحيات واسعة للرئيس والبناء القاعدي يتضح.