12-سبتمبر-2023
السكن الجامعي في تونس

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تملك 94 حيًا جامعيًا و82 مؤسسة في طور الكراء (صورة لأحد المبيتات العمومية)

 

محملة بغطائها الشتوي وأواني الطبخ وحقيبة محشوة بملابس الشتاء تقف "أنس" في محطة باب عليوة قادمة من الجنوب التونسي لتستقل حافلة أخرى تقلها إلى ولاية نابل أين ستقيم في سكن جامعي كي تواصل مزاولة سنتها الثانية في التعليم العالي.

طالبة تقيم بمبيت جامعي عمومي لـ"الترا تونس": سأضطر لتحمل الظروف السيئة للغاية للمبيت العمومي لعدم قدرة عائلتي على سداد أسعار المبيتات الجامعية الخاصة

  • طلبة تونسيون يشتكون من سوء خدمات السكن الجامعي العمومي

"سأقطن في المبيت الجامعي للسنة الثانية، لا خيارات لدي" تقول أنس لـ"الترا تونس" وتضيف: فأسعار المبيتات الجامعية الخاصة تتراوح بين 200 و300 دينار للسرير الواحد وسأضطر لتحمل الظروف السيئة للغاية للمبيت العمومي فنحن نغرق فيه بالوعاته المتهالكة والتي تفيض مياهها الوسخة" وفقها.

 

المبيتات في تونس
طالبة تقيم بمبيت جامعي عمومي لـ"الترا تونس": نحن نغرق في المبيت وسط البالوعات المتهالكة والتي تفيض مياهها الوسخة (مصدر الصورة: طلبة بمبيتات جامعية عمومية)

 

وتابعت الطالبة الجامعية: "نحن نعاني من غياب الماء الساخن وتعطل بيوت الاستحمام إلى جانب تقادم المرافق الصحية التي لا تتم صيانتها كما أننا نفتقد لثلاجة يمكن أن نخزن فيها بعض أكلنا، حتى إننا نضطر لاستهلاك كامل قارورة الحليب مخافة أن تفسد، كما نضطر أيضًا للطبخ لأن المطعم الجامعي بعيد عن المبيت ولا يمكننا تناول العشاء فيه والعودة ليلًا" وفق وصفها.

طالبة تقيم بمبيت جامعي عمومي لـ"الترا تونس": نعاني من غياب الماء الساخن وتعطل بيوت الاستحمام وغياب الثلاجات وبعد مسافة المطعم الجامعي 

"ورغم كل هذه النقائص والهنات، فإني أضطر للسكن في المبيت الجامعي العمومي فوالدي لا يقدر على توفير مبلغ شهري يقدّر بـ200 دينار للسرير في مبيت خاص" لتختم محدثتنا كلامها بالإشارة إلى غلاء أسعار الكراء للطلبة والمتاجرة بهم واستغلال ظروفهم وحاجتهم الملحة للسكن من أجل الدراسة دون رقابة من أي جهة كانت.

  • عضو بالاتحاد العام لطلبة تونس: سلطة الإشراف لا تملك حلولًا لتردي الخدمات الجامعية عمومًا

وقد انتقد عضو الاتحاد العام لطلبة تونس المكلف بالخدمات الجامعية غسان الكلاعي من جانبه، في تصريح لـ"الترا تونس"، تواصل غياب عملية الصيانة اللازمة للمبيتات الجامعية التي تشكو من وضعية رثة في عدد كبير منها.

 

المبيتات في تونس
طالبة قاطنة بمبيت جامعي عمومي لـ"الترا تونس": نعاني من تقادم المرافق الصحية التي لا تتم صيانتها (مصدر الصورة: طلبة بمبيتات جامعية عمومية)

 

فوزارة التعليم العالي والبحث العلمي تمتلك 94 حيًا جامعيًا و82 مؤسسة في طور الكراء، ويدفع الطالب 10 دنانير عن كل شهر، وقد أعلنت عن توفير 1200 سرير إضافي خلال السنة الجامعية الحالية 2023-2024.

وأشار إلى أن عددًا من المبيتات تحتوي على "جراري منقبة" (حشايا مخرومة)، وغرف بلا نوافذ ولا تتوفر فيها المرافق الصحية وأبسط شروط احترام الذات البشرية.

وبيّن أن الحي الجامعي حي الدير بالكاف على سبيل المثال لا يحتوي على مياه صالحة للاستعمال ويتم توفير المياه في حاويات بلاستيكية مخصصة للفضلات.

 

المبيتات في تونس
نقابي طلابي لـ"الترا تونس": بعض الأحياء الجامعية تضم عاملة نظافة وحيدة مسؤول عن تنظيف الحي كله (مصدر الصورة: طلبة بمبيتات جامعية عمومية)

 

وبيّن الكلاعي أن سلطة الإشراف ليس لديها أي خطط استشرافية وحلول لتردي الخدمات الجامعية عمومًا من سكن وأكلة ومنحة وأن الأمور يتم تسييرها باجتهادات مديري المبيتات الجامعية، وفق قوله.

وتحدّث النقابي الطلابي، عن غياب الموارد البشرية التي تتعهد بصيانة وبتقديم هذه الخدمات وضرب الكلاعي مثلًا المطعم الجامعي حسين الجزيري في منوبة الذي يقدم وجبة العشاء فقط لـ4 آلاف طالب ويشرف على تقديم هذه الخدمة 5 عملة فقط، فضلًا عن أنّ بعض الأحياء الجامعية تضم عاملة نظافة وحيدة مسؤول عن تنظيف الحي كله.

نقابي طلابي لـ"الترا تونس": تهالك المبيتات العمومية يجعل الطلبة لقمة سائغة أمام المستكرشين من أصحاب المال الذين يملكون المبيتات والشقق الخاصة

وكشف عضو الاتحاد العام لطلبة تونس المكلف بالخدمات الجامعية غسان الكلاعي في تصريح لـ"الترا تونس" أن سعر السرير الواحد في المبيتات الخاصة يترواح بين 300 و510 دنانير.

واعتبر أنها عملية "سرقة مقننة" للطلبة من خلال عدم تحديد وزارة التعليم العالي لأسعار الأسرّة في المبيتات الخاصة وترك المجال مفتوحًا لهم إلى جانب غياب الرقابة والزيارات التفقدية لهذه المبيتات.

وطالب الكلاعي الوزارة بمراجعة ما اعتبرها "بدعة تصنيف الطلبة"، قائلًا إنّ السكن يجب أن يكون حقًا لكل طالب تونسي طيلة فترة دراسته الجامعية مشيرًا إلى أن الطلبة الذكور يتمتعون بسنة واحدة فقط.

نقابي طلابي لـ"الترا تونس": عدم تحديد وزارة التعليم العالي لأسعار الأسرّة في المبيتات الخاصة إلى جانب غياب الرقابة وزيارات التفقد يجعل منها عملية "سرقة مقننة" للطلبة

وشدّد الكلاعي على أنّه من المفروض أن يتمتع كل طالب أيضًا بالمنحة الجامعية وأنه من الغريب أن يتواصل اعتماد شرط ألا يتجاوز دخل الأب  5 آلاف دينار في السنة للتمتع بها، معتبرًا أن هذا الشرط غير منطقي في 2023 فالعامل البسيط يتجاوز مدخوله هذا السقف فهل سيعتبر من الأغنياء القادرين، في وقت تشهد فيه الأسر أزمة اقتصادية حادة مع ارتفاع الأسعار في كل المجالات؟

وختم غسان الكلاعي حديثه قائلًا: "أعتبر أن هناك استهدافًا ممنهجًا لضرب الجامعة العمومية التونسية من خلال برامج التكوين والمخابر البحثية التي يوفرها القطاع الخاص وأن هناك تشجيعًا للتوجه إلى الجامعة الخاصة كما أن تهالك المبيتات العمومية يجعل الطلبة لقمة سائغة أمام "المستكرشين" من أصحاب المال الذين يملكون المبيتات والشقق الخاصة ويتاجرون بطلبة قادمين من مختلف جهات الجمهورية من أجل مواصلة تعليمهم" وفق قوله.