20-نوفمبر-2021

ردود أفعال مختلفة إثر قرار الرئيس التونسي بعدم تفعيل القانون 38 المتعلق بانتداب من طالت بطالتهم (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

لم يتوقف الحديث عن القانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي الخاص بأصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل لأكثر من 10 سنوات، منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أنه لن يتم تطبيق القانون على أرض الواقع.

وكان سعيّد قد قال، لدى استقباله في لقاء جمعه بوزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي بقصر الرئاسة بقرطاج حول الشباب المعطل عن العمل ومن أصحاب الشهائد العليا الذين طالت بطالتهم عقب لقاء جمعه بممثلين عنهم، إن القانون عدد 38 "وُضع في تلك الفترة كأداة للحكم ولاحتواء الغضب وبيع الأحلام وليس للتنفيذ"، وفق بلاغ لرئاسة الجمهورية.

وزير التشغيل: الرئيس قيس سعيّد كان صادقًا مع الشباب المعطلين عن العمل المشمولين بالقانون عدد 38 وأعلمهم أن الوظيفة العمومية اليوم لا يمكن أن تستوعب المزيد من الموظفين

وأشار إلى أنه لم يصدر أي أمر ترتيبي لتطبيق هذا القانون، مؤكدًا أنه "لا بدّ من انتدابات حقيقية تُمكّن الشباب من خلق الثروة في إطار قانوني مختلف عن الأوهام الكاذبة"، وفق تعبيره.

كما قال وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، مساء الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن "الرئيس قيس سعيّد كان صادقًا مع الشباب المعطلين عن العمل المشمولين بالقانون عدد 38 وأعلمهم أن الوظيفة العمومية اليوم لا يمكن أن تستوعب المزيد من الموظفين، نظرًا للضغط الكبير الذي عليها، حسب تصريحه.

اقرأ/ي أيضًا: وزير التشغيل: الرئيس أكد أن الوظيفة العمومية لا يمكنها استيعاب المزيد

ويتعلّق الأمر بالقانون عدد 38 لسنة 2020 المؤرخ في 13 أوت/أغسطس 2020 والصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 19 أوت/أغسطس 2020، وهو يتعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي. ويضم القانون 6 فصول، ينص الفصل الأول منها على الانتداب المباشر على دفعات سنوية متتالية للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا ممن طالت بطالتهم 10 سنوات أو أكثر والمسجلين بمكاتب التشغيل، ويتم ترتيبهم بطريقة تفاضلية وفق مقياسي سن التخرج وسنة التخرج ويخضعون بعدها إلى فترة تكوين مناسب.

وقد تفاعل عدد من الناشطين والسياسيين مع قرار الرئيس بعدم تفعيل القانون عدد 38، واختلفت ردود الأفعال بين من يرفض ويندد بالقرار باعتباره بمثابة الحنث بوعد ناضل من أجله المعطلون عن العمل لسنوات، ومن يدعم القرار على اعتبار أنه ليس من الممكن الانتداب بالوظيفة العمومية في ظل الوضع الراهن للبلاد.

عصام الشابي: تتهاوى الشعارات وتتبخر الوعود بمجرد اصطدامها بالواقع.. بطالة أصحاب الشهائد العليا ستطول أكثر بعد أن اعتبر الرئيس أن على هؤلاء انتظار تكوين "الشركات الأهلية" لتشغيلهم وفق مقاربة "غير تقليدية" و"استثنائية"

وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تدوينة نشرها مساء الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 على صفحته بموقع التواصل فيسبوك، "تتهاوى الشعارات وتتبخر الوعود بمجرد اصطدامها بالواقع"، في تعليقه على إعلان سعيّد أنه لن يتم تطبيق القانون عدد 38.

وتابع القول: "بطالة أصحاب الشهائد العليا، الذين علقوا آمالًا عريضة على القانون عدد 38، ستطول أكثر بعد أن اعتبر رئيس الجمهورية أن المصادقة على ذلك القانون كان من قبيل بيع الأوهام غير القابلة للتنفيذ، وأنه على هؤلاء انتظار تكوين  'الشركات الأهلية' لتشغيلهم وفق مقاربة 'غير تقليدية' و'استثنائية' يبدو أنها لا تملك من الحلول غير الشعارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع"، وفق وصفه.

ومن جهته، ذكّر النائب عن التيار الديمقراطي نبيل حجي، في تدوينة نشرها في ساعة مبكرة من صباح السبت 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بأنه سبق أن قال إن القانون عدد 38 هو قانون "شعبوي وغير قابل للتطبيق" وتم وضعه لـ"المتاجرة بآمال المسحوقين" وفق وصفه.

نبيل حجي: الرئيس كان قد ختم القانون عدد 38 ولم يطعن بعدم دستوريته ولم يردّه لقراءة ثانية.. لم يمتنع عن ختمه كما امتنع عن ختم قوانين أخرى في إطار معركته على السلطة.. واليوم، يدير ظهره لما يريده شعب العاطلين

وتابع القول: "ختمه الرئيس. لم يطعن بعدم دستوريته ولم يردّه لقراءة ثانية.. لم يمتنع عن ختمه كما امتنع عن ختم قوانين أخرى في إطار معركته على السلطة.. واليوم، يدير ظهره لما يريده شعب العاطلين.. كما أدار ظهره لما يريده شعب 'مانيش مصب' في عقارب، وسيدير ظهره مرارًا ومرارًا".

وأضاف حجي موجهًا خطابه للرئيس: "الحكم والسياسة هي أن تريد لشعبك وتقنعه بما ترى وتريد، لا أن ترقص على آماله الضائعة، فتقايض صوته بوهم"، وفق تعبيره.

وفي تعليقه على ذلك، قال النائب بالبرلمان، المستقيل مؤخرًا من حركة النهضة، سمير ديلو، في تدوينة نشرها مساء الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021: "في الشُّعبويّة الحميدة.. القانون عدد 38 شُعبويّ وخلفيّاته سياسويّة.. فليكن!.. الإعلان عن التّراجع فيه بعد سبق إمضائه، شُعبويّة استفزازيّة!"، حسب تعبيره.

ومن جهتها، قالت الناشطة السياسية نزيهة رجيبة، مساء الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، موجهة حديثها للرئيس: "يعني تمضي على قانون (38) رغم معرفتك بأنه لا جدوى منه واليوم تعلن عدم تطبيقه لتسجل هدفًا ضد خصومك الفاشلين".

وتابعت، في تدوينة نشرتها على صفحتها بفيسبوك: "في ڨفصة لم يتأخر رد الفعل ووقع اقتحام الولاية وفي سيدي بوزيد هناك اعتصام وتهديد بانتحار جماعي والقادم اسوأ.. ستهدمون السقف على روسنا جميعًا.. كفوا عن بيع الأوهام يا من جعلتم البلاد لعبتكم"، وفق تعبيرها.

وقالت، في تدوينة ثانية لها في نفس السياق: "من صاغ الوهم ليبيعه للشباب العاطل عن العمل ومن صادق عليه ومن أمضاه ثم نكص...جميعهم محتالون ومنقلبون على الشعب والبلاد.. عليهم من الله ما يستحقون".

 

في المقابل، قال أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي، السبت 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن القانون عدد 38 لسنة 2020 "يعتبر من القوانين المهجورة والتي لا يمكن تنفيذها لغياب الأسس المالية له"، حسب تقديره، مشيرًا إلى أنه "كان من المفروض الإقرار بعدم دستوريته من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين".

الخرايفي: تصريح الرئيس قيس سعيّد بشأن عدم تفعيل هذا القانون هو قرار شجاع من الناحية السياسية لأنه لا بدّ من مصارحة الناس بالواقع وعدم بيع الأوهام لهم

واعتبر الخرايفي، في تصريح لإذاعة "اكسبرس أف أم"، أن تصريح الرئيس قيس سعيّد بشأن عدم تفعيل هذا القانون هو قرار شجاع من الناحية السياسية لأنه لا بدّ من مصارحة الناس بالواقع وعدم بيع الأوهام لهم"، حسب رأيه.

وعلى مستوى الأحزاب السياسية في تونس، نشرت حركة الشعب، السبت 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بيانًا، أكدت فيه أن القانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بالانتداب الاستثنائي لمن طالت بطالتهم في الوظيفة العمومية هو "قانون من قوانين الدولة وجب أن ينفذ"، داعية الحكومة إلى مباشرة إصدار الأمر الترتيبي المتعلق به "بعيدًا عن استحضار كل الخلفيات والحسابات السياسية التي رافقت صياغته والمصادقة عليه"، وفق تعبيرها.

حركة الشعب: القانون 38 وجب أن يُنفَّذ وعلى الحكومة مباشرة إصدار الأمر الترتيبي المتعلق به 

ودعت، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بموقع التواصل فيسبوك، الحكومة إلى مباشرة العمل على حلحلة كل الملفات ذات العلاقة بالتشغيل الهش"، مذكرة بأن"حركة 25 جويلية التصحيحية كانت بالأساس استجابة لمطالب الشعب المنادية بدور الدولة الاجتماعي الذي تم تغييبه لفائدة دوائر الفساد ومجاميع الريع والرأسمال الطفيلي"، ومشددة على أن "استعادة الدولة واستعادة دورها في التنمية هو مقياس نجاح أو فشل كل فعل سياسي مستقبلي"، حسب البيان ذاته.

يشار إلى أن تصريح الرئيس سعيّد أثار حفيظة عديد الشباب المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا الذين طالت بطالتهم لـ10 سنوات فما فوق ودفعهم إلى الخروج إلى الشارع في مختلف الولايات وتنظيم تحركات احتجاجية واعتصامات أمام مقرات الولايات والمعتمديات رفضًا لقرار عدم تفعيل القانون الذي مرّ أكثر من سنة على نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.

 وكانت الممثلة عن المعطلين عن العمل المشمولين بالقانون 38، يسرى ناجي قد قالت، في تصريح لـ"الترا تونس" مساء الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن رئيس الجمهورية قيس سعيّد أصاب المعطلين عن العمل، من أصحاب الشهائد العليا الذين طالت بطالتهم لـ10 سنوات فما فوق، بخيبة أمل كبيرة جدًا، مؤكدة: "لن نسكت عن حقنا وسيكون هناك تصعيد في كل الولايات ونضالنا سيستمر إلى غاية التوصل إلى حل ولن نقبل بعدم تفعيل القانون"، على حد قولها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جدل القانون 38: احتجاجات واعتصامات في عدد من الولايات وتلويح بمزيد التصعيد

ممثلة عن المشمولين بالقانون 38 لـ"الترا تونس": الرئيس خيّبنا وسنتوجه للتصعيد

سعيّد: "القانون عدد 38" وُضع لبيع الأحلام وليس للتنفيذ