27-يونيو-2022
 الإعلام التونسي

في ظل تواصل غياب قرار ترتيبي مشترك بين هيئة الانتخابات و"الهايكا" لتنظيم الحملة (الشاذلي بن ابراهيم/Nurphoto)

 

بخطى حثيثة تستعد هيئة الانتخابات المنصبة في تونس لتنظيم استفتاء على دستور جديد للبلاد وذلك يوم 25 جويلية/يوليو 2022 على أن يكون السؤال الوحيد للاستفتاء هو "هل توافق على الدستور الجديد" والإجابة بنعم أو لا.

ومن المنتظر أن تنطلق الحملة الانتخابية للاستفتاء يوم 3 جويلية/يوليو المقبل لكنها لا تزال غير واضحة المعالم ويلفها الغموض حتى أن الأطراف المشاركة في الحملة ومواقفها غير معلومة إلى حد اللحظة.

جدل حول التغطية الإعلامية لحملة الاستفتاء مع تواصل عدم صدور قرار ترتيبي مشترك بين هيئة الانتخابات و"الهايكا"

ولئن أعربت بعض الأحزاب المعارضة لتوجه الرئيس التونسي قيس سعيّد عن نيتها مقاطعة هذا الاستفتاء فإن أعضاء من هيئة الانتخابات أكدوا، في تصريحات إعلامية، أن المقاطعين غير معنيين بالمشاركة في الحملة وسيكونون محل تتبعات جزائية علاوة على أن الأطراف التي لم تصرح بموقفها للهيئة ستقصى من الظهور الإعلامي، وهي تصريحات بقيت محل تشكيك إلى الآن.

مواقف وتصريحات متواترة تطرح أكثر من تساؤل حول التغطية الإعلامية لحملة الاستفتاء وكيفية ضمان التوازن بين مختلف الفاعلين في وسائل الإعلام خاصة في ظل عدم صدور قرار ترتيبي مشترك بين "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا".

 

 

  • "ميثاق الاستفتاء نابع من المهنة وللمهنة"

في ظل الضبابية الإعلامية التي تسبق الاستفتاء، أصدر مجلس الصحافة ونقابة الصحفيين التونسيين "ميثاقًا أخلاقيًا وتحريريًا لتغطية مسار الاستفتاء" يهدف إلى تفعيل دور الصحافة في تأمين الحق في الإخبار عن الحياة السياسية لتمكين المواطنين من التعامل مع مسار الاستفتاء.

ويحث الميثاق على أنه "مهما كان الموقف من الاستفتاء فالصحافة ملزمة بتغطية إخبارية تحترم التنوع والتي تستوجب احترام جميع الفاعلين لحق الصحافة في النفاذ إلى المعلومات والحصول عليها من جميع الفاعلين للقيام بدورها الإخباري والتفسيري كما دعا الميثاق الصحافيين إلى احترام المعايير المهنية في تغطية الأحداث والمواقف المتصلة بالمؤيدين والرافضين والمقاطعين".

مجلس الصحافة ونقابة الصحفيين التونسيين يصدران "ميثاقًا أخلاقيًا وتحريريًا لتغطية مسار الاستفتاء" يحث على الالتزام بتغطية تحترم التنوع وتوفر مختلف المواقف

كما دعا الميثاق إلى حرص الصحفيين في كل المؤسسات الإعلامية الخاصة والعمومية على إرساء هيئة أو آلية للتعديل الذاتي تعنى برصد مدى احترام المضامين الإخبارية في نشرات الأخبار وفي البرامج الحوارية للمبادئ الأخلاقية والمهنية.

وترى رئيسة مجلس الصحافة في تونس اعتدال المجبري أن "ما أراده مجلس الصحافة بالتعاون مع نقابة الصحفيين هو تقديم مشروع توجيهات عامة ومشروع بنود تتعلق بتغطية الاستفتاء بإمكان المؤسسات الإعلامية الاستئناس إليها كذلك الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي لم يصدر عنها حتى اليوم موقف مشترك مع هيئة الانتخابات كما جرت العادة بالإعلان عن كيفية خوض هذه الحملة عبر وسائل الإعلام".

وتضيف المجبري في حديثها لـ"الترا تونس" أن "الهياكل المهنية ارتأت أن تجتمع وتتباحث كيفية مواكبة الصحفي لمسار الاستفتاء وقدمت الميثاق كمساهمة نابعة عن المهنة وللمهنة وهذا حق من حقوق الصحافة أن تكون لها معايير خاصة بها في التغطية معتبرة أنه إذا أصدر قانون ترتيبي للتغطية فيما بعد سيكون بدوره مرجعية من المرجعيات".

وأضافت رئيسة مجلس الصحافة أن "بنود الميثاق واضحة في اتجاه العمل على التوازن في التغطية والسعي إلى الحقيقة وإعطاء مساحة متساوية فيما بين المساندين والمقاطعين وكل الجهات مهما كانت صفتهم".

رئيسة مجلس الصحافة لـ"الترا تونس": "بنود الميثاق واضحة في اتجاه العمل على التوازن في التغطية والسعي إلى الحقيقة وإعطاء مساحة متساوية فيما بين المساندين والمقاطعين وكل الجهات مهما كانت صفتهم"

  • "قرار إقصاء مقاطعي حملة الاستفتاء لا يلزم الصحفيين"

تحدث أعضاء هيئة الانتخابات في تصريحات إعلامية محلية عن حرمان المقاطعين لحملة الاستفتاء من الظهور الإعلامي وعن تسليط عقوبات مالية على وسائل الإعلام التي تغطي أنشطة المقاطعين الذين لم يودعوا تصاريح بالمشاركة لدى الهيئة، أثار مخاوف من إمكانية ضرب حرية التعبير ووضع عقبات أمام الصحافيين تعيق قيامهم بعملهم طبقًا لمعايير احترام التعددية والتنوع.

وقد أكد عضو نقابة الصحفيين التونسيين عبد الرؤوف بالي أن الميثاق الأخلاقي والتحريري لتغطية مسار الاستفتاء يتمحور حول كيفية الالتزام بميثاق شرف وأخلاقيات المهنة في ظل هذه الظرفية الحساسة وحساسية الاستفتاء الذي إما سيقدم دستورًا جديدًا للبلاد أو سيفشل في ذلك.

ويرى بالي في حديثه لـ"ألترا تونس" أن المسؤولية الملقاة على عاتق الصحافة كبيرة وأن المرحلة تستوجب الدفاع على حرية التعبير والتعددية والدفاع على أن تكون الصحافة المرآة التي تعكس تركيبة المجتمع التونسي بالفعل وبالتالي عندما تطالب جهة حاكمة أو جهة متدخلة في تنظيم الاستفتاء أو جهة متدخلة في إعداد الدستور بإقصاء طرف من المجتمع التونسي وجب رفض هذا الإقصاء والحرص على احترام مصداقية المهنة، وفقه.

عضو نقابة الصحفيين عبد الرؤوف بالي: المرحلة تستوجب الدفاع على حرية التعبير والتعددية والدفاع على أن تكون الصحافة المرآة التي تعكس تركيبة المجتمع وبالتالي عندما تطالب جهة بإقصاء طرف وجب رفض ذلك

كما اعتبر بالي أن "الميثاق الذي أعدته الهياكل المهنية ليس بدعة ولا يتحكم في الصحفيين وليس توجيهًا لهم وأنه في الأصل ميثاق أخلاقيات وشرف المهنة أضيفت له بعض المعطيات حول خصوصية المرحلة وهو بمثابة العمل التأطيري لعمل الصحفيين خلال هذه المرحلة للتأكيد على أخلاقيات المهنة".

 

 

وأضاف أن "التصريحات المتعلقة بإقصاء مقاطعي حملة الاستفتاء لا تلزم الصحفيين بشيء حتى وإن مثلت موقفًا رسميًا من هيئة الانتخابات فلا يجب أن يلتزم به الصحفي لأن الصحفي لا يشتغل لا عند هيئة الانتخابات ولا لدى السلطة الحاكمة ولا لدى المعارضة لذلك نعتبر أن ميثاق أخلاقيات المهنة هو المحدد والفيصل في العمل الصحفي وأي قانون أو قرار أو تدخل يحد من حرية الصحفي وجبت مقاومته ومعارضته لأن الحد من الحرية هو انتهاك لحرية الصحافة وليس فقط ضربًا للمعارضة وهنا يتدخل ميثاق أخلاقيات المهنة لرفض أي محاولة للتضييق على حرية التعبير".

عضو نقابة الصحفيين: "التصريحات المتعلقة بإقصاء مقاطعي حملة الاستفتاء لا تلزم الصحفيين بشيء حتى وإن مثلت موقفًا رسميًا فلا يجب أن يلتزم به الصحفي لأنه لا يشتغل لا عند هيئة الانتخابات ولا السلطة الحاكمة ولا المعارضة"

واعتبر عضو نقابة الصحفيين التونسيين أن الضبابية التي تسود الحملة ستؤثر على التغطية الإعلامية لأن الوقت ضيق جدًا خاصة عندما تنطلق الحملة والصحفي لم يعرف بعد من ضد مشروع الدستور ومن معه وأضاف "كصحفيين هذا الوضع سيحد من حريتنا في بداية الحملة الانتخابية لكن فيما بعد أكيد الصحفي سيتدارك لأن فترة الحملة الانتخابية طويلة نسبيًا ونحن قادرون على التدارك، المهم ألا يكون هناك محاولات للتضييق على حرية التعبير ولإقصاء رأي من الآراء الموجودة حول مشروع الدستور".

  • قرار ترتيبي مشترك مرتقب

في انتظار صدور قرار ترتيبي مشترك منبثق عن هيئة الانتخابات و"الهايكا" متعلق بالتغطية الإعلامية لحملة الاستفتاء، أوضح رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري موقفه من التصريحات المنادية بحرمان مقاطعي حملة الاستفتاء من الظهور الإعلامي بالقول "المبدأ هو حرية التعبير ولا يمكن فرض تضييقات في وسائل الإعلام على مقاطعي الاستفتاء".  

عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات راضية السعيدي لـ"الترا تونس": وفد عن "الهايكا" ووفد عن هيئة الانتخابات بصدد الالتقاء والعمل على قرار مشترك سينشر قريبًا

وقد بيّنت عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات راضية السعيدي أن وفدًا عن "الهايكا" ووفد عن هيئة الانتخابات بصدد الالتقاء والعمل على قرار مشترك سينشر قريبًا على أن يكون جاهزًا قبل بداية الحملة لأن وسائل الإعلام السمعي البصري ستقتدي به، وفقها، مشيرة إلى أن بنود القرار ستتمحور حول كيفية التغطية أساسًا على قاعدة المساواة وكذلك الالتزام بأخلاقيات المهنة ومجموعة من البنود الأخرى تتعلق بما جاء في القانون الانتخابي.

وحول وجود نقاط التقاء بين ميثاق مجلس الصحافة ونقابة الصحفيين والقرار المشترك بين "الهايكا" وهيئة الانتخابات، أفادت السعيدي في حديثها لـ"الترا تونس" بأن جميع القرارات المشتركة السابقة فيها جوانب مهنية أخلاقية والميثاق يندرج في إطار التعديل الذاتي وأكيد سيكون هناك نقاط التقاء في مسائل أخلاقية ومهنية لكن لا يمكن الجزم بها.

وحول الغموض الراهن، قالت السعيدي "هذا الغموض سيتضح هذا الأسبوع والهايكا سيكون لها كلمتها..  لا يمكن الجزم الآن في شيء حتى يصدر القرار المشترك".

رئيس "الهايكا" النوري اللجمي لـ"الترا تونس": القرار المشترك مع هيئة الانتخابات حول تغطية حملة الاستفتاء سيصدر هذا الأسبوع

من جهته قال رئيس "الهايكا" النوري اللجمي، في حديثه لـ"الترا تونس" "نأمل أن يتم كل شيء في أحسن الظروف ونحن بصدد العمل على ذلك.. القرار المشترك سيصدر هذا الأسبوع".

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيّد كان قد أصدر مرسومًا دعا فيه الناخبين للاستفتاء على دستور جديد، لم يتم الكشف عنه بعد، وسط دعوات من المعارضة إلى مقاطعة هذا الاستفتاء.