23-مارس-2024
هيومن رايتس ووتش حقوق الإنسان في تونس

المرصد الأورومتوسطي يعبر عن بالغ قلقه إزاء التوسع الخطير الذي تشهده تونس في دائرة "القمع" الحكومي (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الخميس 22 مارس/آذار 2024، عن بالغ قلقه إزاء "التوسع الخطير الذي تشهده تونس في دائرة القمع الحكومي بهدف تكريس حظر الحريات العامة وتقييد مختلف أشكال التجمع السلمي، سواءً على قضايا ذات علاقة سياسية أو معيشية".

وقال المرصد الأورومتوسطي، في بيان له، إنّ "السلطات التونسية مستمرة في إجراءاتها القمعية، في امتداد للواقع الحقوقي المتدهور الذي تشهده البلاد منذ عام 2021، حين فرضت برئاسة الرئيس قيس سعيّد إجراءات سمَتها "استثنائية"، مثل حل البرلمان المنتخب وعزل الحكومة كخطوات "ضروريَة لإنقاذ تونس من سنوات من الفوضى" بحسب تصريح سابق لرئيس الجمهورية.

المرصد الأورومتوسطي يعبر عن بالغ قلقه  إزاء "التوسع الخطير الذي تشهده تونس في دائرة القمع الحكومي بهدف تكريس حظر الحريات العامة وتقييد مختلف أشكال التجمع السلمي، سواءً على قضايا ذات علاقة سياسية أو معيشية"

وأكد الأورومتوسطي أنّ "ممارسات القمع الحكومي مثل استمرار اعتقال واستدعاء صحفيين وشخصيات سياسية ومدنيين على خلفية الحق في التظاهر تُشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان التي يكفلها الدستور التونسي والالتزامات الدوليَة للدولة التونسية، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

وأشار في هذا الصدد إلى قرار المحكمة الابتدائية ببن عروس الذي صدر يوم 18 مارس/آذار الجاري، بسجن الصحفي ومدير تحرير موقع انحياز غسان بن خليفة لمدة 6 أشهر بتهمة الإساءة للغير عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك على خلفية دعوى مقامة ضده منذ أكثر من عام تتهمه بالوقوف وراء صفحة على "فيسبوك" مناهضة لقيس سعيّد.

المرصد الأورومتوسطي: ممارسات القمع الحكومي مثل استمرار اعتقال واستدعاء صحفيين وشخصيات سياسية ومدنيين على خلفية الحق في التظاهر تُشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان

وأبرز الأورومتوسطي أن الحكم التعسفي بسجن الصحفي صدر على الرغم من إنكاره مرارًا أن تكون له أي علاقة بالصفحة محل الدعوى، وهو الأمر الذي أكدته الاختبارات المنجزة من طرف الفرق الأمنية المختصة بحسب وسائل إعلام محلية، بما يشكل "امتدادًا لسلسلة أحكام صدرت بحق صحفيين في تونس يواجه بعضهم تهمًا ذات طابع إرهابي على خلفية عملهم، فيما يبدو في مسعى لإخماد أصواتهم الناقدة للوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بالبلاد"، وفق ما جاء في نص البيان.

وفي سياق متصل، قال المرصد الأورومتوسطي إنه تابع بقلق استدعاء السلطات التونسية قبل يومين الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي من أجل المثول أمام الفرقة المركزية الخامسة لمكافحة جرائم الاتصال والمعلومات بالحرس الوطني بالعوينة بسبب تصريح إعلامي أدلى به في إحدى الإذاعات الخاصة وهاجم فيه الرئيس قيس سعيّد.

 

 

 

وقال المرصد إنّ "هذا الاستدعاء جاء مكملًا لإصدار الدائرة الجناحية في المحكمة الابتدائية في تونس، يوم 29 جانفي/يناير الماضي، حكماً يقضي بالسجن لمدة 6 أشهر مع تأجيل التنفيذ ضد المرايحي عقابًا له على انتقاداته العلنية لتدهور الأوضاع في تونس، لاسيما سياسات الإقصاء السياسي. 

وأضاف الأورومتوسطي أن نهج الملاحقة والتضييق بحق المرايحي يعدّ مثالًا على التضييق والاستهداف الحكومي الذي اتخذ طابعًا ممنهجًا منذ عامين، ضد الشخصيات السياسية في البلاد، لا سيما قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في تونس نهاية العام الجاري، وفي وقت يتواصل فيه اعتقال منافسي سعيّد المحتملين للرئاسة الذين أعلنوا نيتهم الترشح، مثل الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وغيرهم.

المرصد الأورومتوسطي يندد بـ"التضييق والاستهداف الحكومي الذي اتخذ طابعًا ممنهجًا ضد الشخصيات السياسية لا سيما قبل الانتخابات الرئاسية في وقت يتواصل فيه اعتقال منافسي سعيّد المحتملين للرئاسة"

وأدان المرصد الأورومتوسطي احتجاز السلطات في منطقة بني عياش بقرمبالية 5 تونسيين لأكثر من 30 ساعة منتصف هذا الأسبوع، على خلفية مشاركتهم في احتجاجات نظمها الأهالي ضد أزمة المياه في منطقتهم، وللمطالبة بإنقاذهم من كارثة إنسانية وصحية.

وأشار الأورومتوسطي إلى أنه جرى الإفراج عن المعتقلين الخمسة بقرار من محكمة قرمبالية بعد النظر في قضيتهم تخللها تظاهرات للأهالي أمام مقر المحكمة، مؤكدًا أن اعتقالهم على خلفية المشاركة في تظاهرة سلمية من أجل مطالب معيشية هو انتهاك صارخ لأبسط حقوقهم الدستورية، حسب تقديره.

المرصد الأورومتوسطي يدعو إلى "التوقف عن ملاحقة الصحفيين والمعارضين السياسيين والإفراج عن جميع المحتجزين على خلفيات مرتبطة بالحريات والانتماءات السياسية، واحترام حقوق الأفراد بالمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي والحق في التظاهر"

وفي هذا الإطار، جدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته السلطات التونسية إلى احترام التزاماتها بموجب الدستور التونسي والمواثيق والأعراف الدولية ذات العلاقة، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجمهورية التونسية سنة 1969.

وأكّد أنّ ذلك يتحقق بالتوقف الكامل عن ملاحقة الصحفيين والنشطاء المعارضين والسياسيين والإفراج عن جميع المحتجزين على خلفيات مرتبطة بالحريات والانتماءات السياسية والحزبية، واحترام حقوق الأفراد بالمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي والحق في التظاهر السلمي وضمان مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد.

 

 

وجاء بيان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في سياق عام اتسم بسلسلة من الإيقافات والتتبعات والتضييقات ضد نشطاء حقوقيين وسياسيين معارضين وصحفيين وغيرهم في تونس، في عدد من القضايا أغلبها تتعلق بحرية الرأي والتعبير والتظاهر. 


صورة