21-مارس-2024
الأحزاب التونسية علم

لجنة العدالة بجنيف: هناك نية مبيتة من السلطات التنفيذية في تونس للعصف بالمجتمع المدني في البلاد (فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبرت لجنة العدالة (منظمة مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان، مقرها في جنيف، وتأسست في 2015، على يد مجموعة متنوعة من المدافعين عن حقوق الإنسان)، الأربعاء 21 مارس/آذار 2024، أنّ "هناك نية مبيتة من السلطات التنفيذية في تونس للعصف بالمجتمع المدني في البلاد، وتحجيم دوره الفعال في حراسة الديمقراطية والدفاع عنها"، وفق تقديرها.

وذكرت، في بيان لها، أنّ الرئيس التونسي كان قد دعا بتاريخ 8 مارس/ آذار 2024، بقصر قرطاج، محافظ البنك المركزي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة على مستوى لجنة التحاليل المالية لمراقبة مصادر الأموال التي تتدفق على الجمعيات من الخارج من "دوائر مشبوهة"، على حد زعمه، بحجة أن "الشعب التونسي لن يقبل بأن يتدخل في شأنه أحد بأي شكل من الأشكال؛ لا بصفة صريحة ولا تحت جنح الظلام"، كما قال.

لجنة العدالة: "هناك نية مبيتة من السلطات التنفيذية في تونس للعصف بالمجتمع المدني في البلاد، وتحجيم دوره الفعال في حراسة الديمقراطية والدفاع عنها"

كما ذكّرت بأنّه كان سبق ذلك الاجتماع انتقادات وجهها الرئيس التونسي إلى لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي. قبل أن يبادر في "زيارة فجئية" إلى مقر البنك المركزي، قبل أسابيع، بتغيير المدير العام للجنة "التحاليل المالية"، ثم محافظ البنك المركزي. 

كما أشارت لجنة العدالة إلى أنّ قيس سعيّد وجّه انتقادات بوضوح لبعض كبار السياسيين ونشطاء الجمعيات، وبعض النقابيين، متهمًا إياهم بـ"الفساد المالي والتعامل المشبوه" مع أطراف معادية للبلاد، بينها "لوبيات صهيونية واستعمارية"، حسب تعبير الرئيس.

لجنة العدالة: تصريحات قيس سعيّد في علاقة بتمويل المنظمات تأتي  بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وسط تكهنات بأنها جاءت للضغط على المجتمع المدني لعدم التركيز على الخروقات المتوقعة لتلك الانتخابات التي ستُجرى في مناخ قمعي وسلطوي

وأكدت المنظمة أنّ "تلك التصريحات والإجراءات تأتي بالتزامن مع اقتراب موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة الخريف المقبل، وسط تكهنات بأنها جاءت للضغط على منظمات المجتمع المدني لعدم التركيز على الخروقات المتوقعة لتلك الانتخابات، والتي ستُجرى في ظل مناخ قمعي وسلطوي يسيطر على الحياة السياسية والمجتمعية في تونس، وتركز للسلطات في قبضة رئيس الجمهورية"، على حد ما جاء في نص البيان.

وقال المدير التنفيذي للجنة العدالة، أحمد مفرح، إن تصريحات الرئيس التونسي، والإجراءات المتوقعة كنتيجة لها، هي "تمهيد واضح وصريح منه لتوجيه ضربة قمعية للمجتمع المدني في البلاد، خوفًا من التعاطي الفعال للمنظمات مع الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها قريبًا"، مؤكدًا أنها "ستكون بمثابة ضربة قاصمة للتجربة الديمقراطية الناشئة في تونس بعد ثورة الياسمين يجب التصدي لها بكل قوة وحزم".

المدير التنفيذي للجنة العدالة: تصريحات سعيّد في علاقة بتمويل المنظمات هي تمهيد واضح وصريح منه لتوجيه ضربة قمعية للمجتمع المدني خوفًا من التعاطي الفعال للمنظمات مع الانتخابات الرئاسية

كما اعتبرت لجنة العدالة أن تلك الخطوة، بالإضافة إلى محاولة تغيير قانون الجمعيات وإنشائها وتمويلها أو إدخال تعديلات عليه، تأتي "في إطار الحملة ضد المجتمع المدني في تونس، والذي يعد الرئة الأخيرة التي تتنفس منها الديمقراطية بعد تغول السلطة التنفيذية وهيمنتها على كل السلطات في البلاد"، حسب نص البيان.

وفي هذا الصدد، شددت المنظمة الحقوقية على رفضها تصريحات الرئيس التونسي الأخيرة حول التمويل الأجنبي، ووصفه لتلقي منظمات تمويلات أجنبية بأنه "خيانة وطنية" و "تآمر على أمن الدولة"، مشيرة إلى أن كل تلك التصريحات تؤكد "وجود نية مبيتة من السلطات التنفيذية في تونس للعصف بالمجتمع المدني في البلاد، وتحجيم دوره الفعال في حراسة الديمقراطية والدفاع عنها".

كما اعتبرت أيضًا أنها تمثل "تعديًا سافرًا على حرية عمل منظمات المجتمع المدني وتدخلًا في شؤونها المالية والإدارية؛ التي صانها المرسوم عدد 88 لسنة 2011، والخاص بعمل المنظمات المدنية في البلاد".

لجنة العدالة: ندعو المجتمع المدني التونسي للتكاتف أمام الهجمة الصريحة من قبل مؤسسة الرئاسة ونطالب الدولة التونسية باحترام الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات الدولية المختصة في دعم المجتمع المدني

ودعت اللجنة "المجتمع المدني التونسي للتكاتف أمام الهجمة الصريحة من قبل مؤسسة الرئاسة، وإعلان منظماته رفض أي تدخلات في عملها، سواء من الناحية التنظيمية أو التمويلية"، مطالبة الدولة التونسية بـ"احترام الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات الدولية المختصة في دعم المجتمع المدني ونشر ثقافة التعدد والتسامح ودعم الحريات، والتي تصونها وتحفظها العهود والمواثيق الدولية الموقعة عليها تونس".

كما أكدت لجنة العدالة أنّ وجود مجتمع مدني فعال ونشط هو دليل على حيوية ومتانة النظام المجتمعي والبنية التنظيمية لأي دولة حديثة، فالحفاظ عليه يعني الحفاظ على العمود الفقري للمجتمع؛ وذلك لدوره الحاسم في تعزيز الديمقراطية، وتحقيق التنمية المستدامة، وضمان مشاركة المواطنين في صنع القرار وتحقيق الشفافية والمساءلة، وتعزيز التسامح والتعايش السلمي.

 

 

يذكر أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد كان قد دعا، في 9 مارس/آذار 2024، المحافظ الجديد للبنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة في مستوى لجنة التحاليل المالية لمراقبة مصادر الأموال التي تتدفق على الجمعيات من الخارج من دوائر وصفها بـ"المشبوهة". 

وسبق أن وجه الرئيس التونسي انتقادات إلى لجنة التحاليل المالية، وأكد، في لقاء جمعه برئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني المنقضي، أنّ على لجنة التحاليل المالية أن تقوم بدورها وتتعهد بصفة آلية بالتمويل الأجنبي، معقبًا: "يجب ألّا ينسى البنك المركزي التونسي ومن يقوم عليه أنّه مؤسسة عمومية وليس مستقلًا عن الدولة، وأنه لا بدّ من وضع حد لهذا الانفلات"، حسب تعبيره.


صورة