04-نوفمبر-2019

كلمات مكتوبة على جدار داخل السجن المدني بمنوبة (أسماء البكوش/ألترا تونس)

 

وسط خيمة في قلب سجن النساء بمنوبة، فرشت السجادة الحمراء وزين مدخلها بورود بيضاء لاستقبال آخر عرض ضمن "أيام قرطاج السينمائية في السجون" لفيلم "فترية" للتونسي وليد الطايع بحضور بطلاته ريم الحمروني وصباح بوزويتة ونادية السايجي إلى جانب نجاة عياد منسقة هذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية وممثلي المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب.

استقبلت إدارة السجن بحفاوة حفل الاختتام وبعيون الأمل والبهجة، جلست السجينات بلا أغلال ولا قيود ينتظرن ضيوف الفيلم من الممثلين والصحفيين في ظل سعادة غامرة بـ"رؤية مواطنين أحرار"، تقول هكذا إحدى السجينات بعيون مكسورة وعبرة تخنق صوتها.

خيمة عرض الأفلام في السجن المدني بمنوبة ضمن فعاليات أيام قرطاج السينمائية (أسماء البكوش/ألترا تونس)

 

حلويات وعصائر وأطباق شاركت السجينات في إعدادها للضيوف فهن بلا حرية ولكن بأنامل ذهبية تحاول أن تصلحن ما ما أفسده الزمن فيهن في لحظة إثم أودت بهن إلى زنزانة بلا حرية.

عُرض الفيلم في خيمة جمعت تحت أوتادها حارسات السجن ببدلاتهن الأمنية الملتزمة لكن بعيون فيها رحمة وشفقة لم ينجح الالتزام المهني في إعدامها، وتجلت الإنسانية حين حملت إحداهن طفل سجينة كان يبكي يريد أن تقف به أمه الممنوعة من الوقوف داخل الخيمة ونجحت في إسكاته.

عُرض الفيلم في خيمة جمعت تحت أوتادها حارسات السجن ببدلاتهن الأمنية الملتزمة لكن بعيون فيها رحمة وشفقة لم ينجح الالتزام المهني في إعدامها

اقرأ/ي أيضًا: "فتح الله تي في".. ساعة الحقيقة بتوقيت جبل الجلود

فيلم "فترية" كوميديا سوداء على الشاشة الكبيرة يروي حكاية ثلاث نساء إبان انعقاد القمة العربية في تونس سنة 2004 كاشفًا عن وضع اقتصادي واجتماعي وفني فاسد ووسط الخيمة حكايات ومواقف ونظرات لسيناريوهات الحياة بكل ألمها وإخفاقتها.

ناقشت السجينات الفيلم مع بطلاته تحت أنظار المصورين والصحفيين وسرعان ما تحول النقاش من العطف إلى العناق وصولًا إلى الدموع خاصة حينما طلبت سجينة أن تقدم كلمات كتبتها بالعامية عبرت فيها عن اشتياقها للحرية خارج الأسوار.

بطلات فيلم "فترية" (أسماء البكوش/ألترا تونس)

 

أسوار اخترقتها السينما في فعاليات هي الخامسة منذ تأسيسها وتهدف حسب منسقة هذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية نجاة عياد إلى ضمان حق السجين في الثقافة، مؤكدة لـ"ألترا تونس" أن المنتج المرحوم نجيب عياد كان من أشد الداعمين لهذه الفئة التي تحتاج إلى السينما حتى تحلم بغد أفضل، وفق تعبيرها.

أيام قرطاج السينمائية حلت ضيفة على سجون كل ولايات تونس في إطار مشروع تأهيل شامل بحسب ما صرح به الناطق الرسمي باسم السجون والإصلاح سفيان مزغيش لـ"ألترا تونس" مبينًا أن الثقافة قادرة على تقويم المساجين فكريًا والسينما كما المسرح والموسيقى تمثل علاجًا للنفس وتهذيبًا للسلوك.

سفيان مزغيش لـ"ألترا تونس": سننجز في المستقبل أفلامًا سينمائية من وراء القضبان بعد نجاح إنتاج مسرحيات داخل السجون

وكشف لنا مزغيش عن النية في إحداث ورشات للتصوير والكتابة السينمائية داخل السجون، مبينًا أنه بعد تجربة المسرح التي نجحت في إنتاج وتمثيل أعمال مسرحية في السجن سيتم في المستقبل إنجاز أفلام سينمائية من وراء القضبان.

أيام قرطاج السينمائية اخترقت، بالنهاية، السجون وتابعها أكثر من 8 ألاف سجين في إطار شراكة بين وزارة الثقافة وإدارة السجون والإصلاح وبالتعاون مع منظمة الدولية لمناهضة التعذيب في محاول للخروج بالمؤسسة السجنية من صورة القمع إلى صور الإصلاح والتثقيف والتنوير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"قيرّة" للفاضل الجزيري: إسقاط غير محكم لـ"ثورة صاحب الحمار" على الواقع

"الرجل الذي أصبح متحفًا".. حينما تحتفي السينما بالتشكيلي علي عيسى