10-نوفمبر-2018

فرصة لخلق دفعة إيجابية لدى السجين

"من يحبّ الحياة يذهب إلى السينما" تُقال حال الاحتفاء بفن السينما باعتباره فنًا رديفًا لجمال وبهاء الحياة وترجمانًا للحرية كجوهر لهذه الحياة. لكننا هذه المرة سنخاتل هذه المقولة ونحدث فيها بعض التغيير لتصبح "من يحب الحياة يحمل السينما للمساجين"، وهذا ما أقدمت عليه تظاهرة أيام قرطاج السينمائية، باعتبارها مساحة للفكر الحر وأداة فنية راقية للدفاع عن حقوق الإنسان وشرفة للفن الذي يدافع عن الحرية والحياة، كما طالما اعتبرها مؤسسوها.

إذ استضافت السجون التونسية أشرطة الأفلام وصانعيها في لقاءات نادرة مفعمة بالحياة، فكانت "أيام قرطاج في السجون" حدثًا ثقافيًا وإنسانيًا موازيًا لأنشطة الأيام المختلفة في دورتها التاسعة والعشرين. وهو حدث نظمته بصفة تشاركية كل من وزارة الشؤون الثقافية والإدارة العامة للسجون والاصلاح والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (مكتب تونس).

استضافت السجون التونسية أشرطة الأفلام وصانعيها في لقاءات نادرة مفعمة بالحياة، فكانت "أيام قرطاج في السجون" حدثًا ثقافيًا وإنسانيًا موازيًا لأنشطة الأيام المختلفة 

والسجون التونسية التي احتضنت العروض السينمائية هي سجون المرناقية، والرومي، ومرناق، والمسعدين، والمهدية وإصلاحية سيدي الهاني. وقد أُختيرت للعروض مجموعة من الأشرطة الطويلة والقصيرة التي تطرح قضايا مختلفة، وتمنح السجين أحاسيس الحرية المغايرة لأحاسيس السجن.

عُرضت هذه الأفلام بحضور صانعيها من مخرجين وممثلين وتقنيين، والبعض منها موجود في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة مثل شريط "في عينيا" للمخرج نجيب بلقاضي الذي احتضنه سجن الرومي الشهير.

يمكن أن نقرأ هذا الحدث الثقافي في اتجاهين إثنين، يتمثل الاتجاه الأول في أهمية المدة الزمنية المخصصة للعروض السينمائية في السجون خلال هذه الدورة، والممتدة من 4 إلى 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وذلك على خلاف الدورات السابقة حينما كان عدد العروض محتشمًا ويقتصر على سجن واحد أو إثنين.

اقرأ/ي أيضًا: أيام قرطاج السينمائية.. وديكتاتورية السجّاد الأحمر

كما حرصت الدورة الحالية على حضور صانعي الأفلام للقاء نزلاء المؤسسات السجنية التونسية. فمثلت هذه اللقاءات مناسبة لتمرير الرسائل الايجابية وخلق دافعية داخلية إيجابية لدى السجين نفسه حتى يعود للحياة حاملًا للأمل.

[[{"fid":"102227","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"صانعو الأفلام يحضرون العروض داخل السجون","field_file_image_title_text[und][0][value]":"صانعو الأفلام يحضرون العروض داخل السجون"},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"صانعو الأفلام يحضرون العروض داخل السجون","field_file_image_title_text[und][0][value]":"صانعو الأفلام يحضرون العروض داخل السجون"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"صانعو الأفلام يحضرون العروض داخل السجون","title":"صانعو الأفلام يحضرون العروض داخل السجون","height":349,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

حضر صانعو الأفلام للقاء نزلاء المؤسسات السجنية التونسية

ومثلت أيضًا فرصة للمخرجين والممثلين حتى يقتنصون القصص الحية ويلتقطون مشاعر أخرى عادة ما تكون مدهشة، وفي ذلك التزام بالمبادئ العامة لأيام قرطاج السينمائية التي تدافع على قضايا الشعوب وتساندها بتعرضها للانتهاكات التي يتعرض لها الانسان داخل المجتمع أو داخل السجون. ومن هذا الجانب، فإن أيام قرطاج السينمائية في السجون هي في صميم المهرجان بالرغم من وجودها على هامش البرمجة وعلى تخوم المسابقات.

أما الاتجاه الثاني الذي يمكن أن تحمله تظاهرة أيام قرطاج في السجون، فهو يتعلق بالمؤسسة السجنية التونسية سيئة السمعة زمن العهدين البورقيبي والنوفمبري، بالنظر لدورها في انتهاكات حقوق الإنسان من تعذيب وقتل استهدف سجناء الرأي والمعارضين السياسيين والنقابيين.

حرصت الدورة الحالية على حضور صانعي الأفلام للقاء نزلاء المؤسسات السجنية فمثلت هذه اللقاءات مناسبة لخلق دافعية داخلية إيجابية لدى السجين 

انطلقت هذه المؤسسة في السنوات الأخيرة في القيام بعديد الإصلاحات لمعالجة إرث الماضي، وذلك على غرار خيارها نحو فتح السجون أمام المنظمات والهيئات الوطنية والدولية المهتمة بحقوق الإنسان من أجل رصد الانتهاكات التي يمكن أن يتعرض لها السجين.

ولكن من أدوات الإصلاح أيضًا اللجوء نحو الثقافة والفنون من خلال فتح المكتبات وفضاءات التنشيط الثقافي، وبرمجة اللقاءات مع الفنانين والكتاب والرسامين، وإنشاء الورشات الفنية وخاصة بعث أنشطة سينمائية مختلفة لعل أهمها هذه الشراكة الرمزية مع أيام قرطاج السينمائية.

إن أيام قرطاج السينمائية في السجون فسحة فنية وفكرية للسجين الذي يعيش بعيدًا عن حياته الطبيعية ومسلوبًا من الحرية، فالسينما تستطيع أن تكون جرعة للحرية ومصلًا يداوي الأعطاب المترسبة في شخصية السجين.

[[{"fid":"102222","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":605,"width":450,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

معلقة لأيام قرطاج السينمائية في السجون

 

اقرأ/ي أيضًا:

قراءة في الشريط الوثائقي الروائي "غزالة ".. هشاشة ناصعة

"أجمل الذّنوب".. جدل حول جنس المؤلف وتغريبة للطلبة التونسيين