الترا تونس - فريق التحرير
أصدرت المنظمة العربية للقانون الدستوري، الثلاثاء 16 أفريل/نيسان 2024، تقرير مجموعة عمل تونس، حـول المنظومـة الدستورية والتشريعية للحقـوق والحريات في البلاد، في هذه المرحلة بالذات التي قالت إنها تعرف "تحديًا حقيقيًا".
المنظمة العربية للقانون الدستوري تصدر مقترحات عامة لتعديل المواد الدستورية التـي تطرح إشكالات بالنسبة لحماية الحقوق والحريات
وخلُص التقرير إلى جملة من التوصيات، تتراوح بيـن اقتـراح تأويلات معينة لبعض المفاهيم المستعملة في النص الدستوري تلافيًا للالتباس علـى المستوى المفاهيمي (فـي الحد الأدنى) وبيـن ومقترحات عامة لتعديـل المـواد الدسـتورية التـي تطرح إشكالات بالنسبة لحماية الحقـوق والحريـات (في الحـد الاقصـى) مـرورًا باقتـراح خيارات يمكـن الاسـتئناس بها على مسـتوى النصـوص التشـريعية التـي سـتصدر في إطـار عملية تنزيل دستور 2022 خصوصًا لتنظيـم حالة الطوارئ والمحكمة الدستورية.
وكتوصية عامة، دعا تقرير المنظمة العربية للقانون الدستوري في:
الخيار الأول:
- إلى تأويل الحقوق والحريات الواردة في الدستور باعتبارها ليست على سبيل الحصر، وهو ما يفتح المجال للمشرّع والقاضي لتنظيم حقوق وحريات لم ينص عليها الدستور بشرط أن تكون متلائمة معه.
الخيار الثاني:
- إلى تنقيح الدستور وإضافة فقرة أو مادة جديدة تنص على أن الحقوق والحريات الواردة في الدستور ليست على سبيل الحصر، وأن ذلك لا يحول بالتالي دون تمتع الإنسان بحقوق أخرى غير واردة في الدستور شريطة عدم تضاربها مع الدستور.
المنظمة العربية للقانون الدستوري: ندعو إلى تنقيح الدستور وإضافة فقرة أو مادة جديدة تنص على أن الحقوق والحريات الواردة في الدستور ليست على سبيل الحصر
أما فيما يتعلق بالتوصيات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، فقد دعا تقرير المنظمة العربية للقانون الدستوري أيضًا، إلى:
- تنقيح الفصل 28 الذي يتضمن تقييدًا خاصًا على الحقوق وحرية إقامة الشعائر الدينية ما لم تمس بالأمن العام والاكتفاء بالضوابط الواردة في الفصل 55 باعتباره الفصل الجامع في مجال تقييد الحقوق.
- تنقيح الفصلين 58 و89 من دستور 2022 وحذف مختلف أوجه التمييز الذي يستهدف جزءًا من التونسيين، وفق مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان.
المنظمة العربية للقانون الدستوري تدعو إلى تنقيح الفصلين 58 و89 من دستور 2022 وحذف مختلف أوجه التمييز الذي يستهدف جزءًا من التونسيين
أما فيما يخصّ توصيات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، فقد دعت المنظمة كذلك إلى:
- تأويل التزامات الدولة الواردة في الدستور بشكل يتماشى مع تفسير اللجنة الأممية للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمادة 2 1- من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث يقوم التزام الدولة على ثلاث عناصر وهي التحقيق التدريجي، الالتزامات الفورية والمحتوى الأساسي الأدنى.
يشار إلى أنّ هذا التقرير قد صدر في وقت تعيش فيه البلاد علـى "وقـع مرحلـة انتقاليـة جديـدة تـدور فـي ظـل حالـة الاسـتثناء التـي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيّد منـذ 25 جويلية/يوليو 2021 بالاسـتناد علـى الفصل 80 مـن دسـتور 2014"، وفق التقرير.
ورغـم تعدد الضوابـط المنصوص عليهـا فـي هـذا الفصـل، فإن "التدابير الاستثنائية لـم تحتـرم عمومًا الشـروط الماديـة والإجرائيـة للفصـل 80 فخلافًا لمقتضيات النـص الدستوري، تولـى الرئيس إقالة الحكومة وتعيين حكوـة جدـدة كمــا قام بتعليق أعمال البرلمان التونسي فـي مرحلـة أولـى قبـل أن يتولـى فـي 30 مـارس/آذار 2022 حـلّ المجلس تمهيدًا لانتخاب مجلس نـواب جديد بنـاء علـى قانون انتخابي جديد تـم وضعه بمقتضى مرسوم رئاسي" وفق المنظمة.
المنظمة العربية للقانون الدستوري: اعتماد دستور جديد، يضع على المحك تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، حيث أن القيـود التـي تمليها التدابيـر الاستثنائية تتعارض مـع مقومات العمليـة التأسيسية الديمقراطية
وأشارت المنظمة إلى أنّ "اعتماد دســتور جديد، يضع على المحك تجربة الانتقال الديمقراطي فــي تونس، حيث أن القيـود التـي تمليها التدابيـر الاستثنائية تتعارض مـع مقومات العمليـة التأسيسـية الديمقراطية ومـا تقتضيه من نقاش عام وتداول حر ومقاربة إدماجية لأجل وضع عقد مجتمعي جديد" وفقها.
يشار إلى أنّ هـذا التقرير قد يتنـاول بالتحليل والتقييم المنظومة القانونة للحقـوق والحريات في تونس وذلـك خلال الزمـن الدستوري العـادي وأثنـاء إعمال القانون الدستوري للأزمـة، لا سيما خـلال حالـة الاستثناء. كمــا سلط الضوء على الإمكانات المؤسساتية المتاحة للمواطنين لحماية حقوقهم الدستورية، وأهمها آلية الدفع بعدم دسـتورية القوانيـن أمـام المحكمة الدستورية باعتبارها وسـيلة لتنقيـة المنظومـة القانونية مـن النصـوص غيـر الدسـتورية وللدفـاع عـن حقوقهـم وحرياتهـم.