26-مارس-2020

يواجه الجيش الأبيض بأطبائه وممرّضيه وعامليه ومختصّيه فيروس "كورونا" (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

في زمن الحرب الصامتة ضدّ فيروس "كورونا"، وقع إغلاق المطارات والموانئ وإغلاق المدارس والجامعات والملاعب والمسارح ودور السينما وحتّى دور العبادة ولكن ظلت المستشفيات والمصحات والعيادات الطبية مفتوحة ولن تغلق، فالطبيب هو الوحيد الذي يقف اليوم وجهًا لوجه متحدّيًا هذا الوباء يستقبل المخاطر ويعرّض حياته للخطر لكنه يثق أن ما يفعله من أجل حياة الآخرين هو أنبل الأعمال.

د.منذر الونيسي لـ"ألترا تونس": خطاب التطمين والتهوين أدّى دوره وحان الوقت لخطاب الواقعيّة والقوّة والصرامة

"أنا مرابط بالمستشفى لأجلك فالزم بيتك لأجلي"، رسالة وجّهها عديد الأطباء عبر العالم لتشجيع الناس على المكوث في منازلهم كي لا يعرّضوا أنفسهم وعائلاتهم للخطر.

اقرأ/ي أيضًا: طبيبة تونسية في إيطاليا تروي لـ"ألترا تونس" تجربتها في مواجهة كورونا

هو الجيش الأبيض بأطبائه وممرّضيه بعامليه ومختصّيه، جيش يواجه الفيروس بأسلحة بسيطة لا تضاهي تلك الموجودة في العالم المتقدّم، لكنّه بكفاءاته وإصرار إطاراته وشجاعتهم يستبسل يومًا بعد يوم للإحاطة بهذا الوباء قدر الإمكان بهدف علاج مصابيه والقضاء عليه.

"ألترا تونس" التقى بعض أبطال هذا الجيش ليحدثونا عن تجاربهم ويومياتهم في زمن مواجهة الكورونا.

د.منذر الونيسي: حان وقت خطاب القوّة والصرامة

يعمل الدكتور منذر الونيسي بقسم الطب الباطني بمستشفى شارل نيكول بتونس وهو أستاذ مبرز في طب الكلى يدرّس بكلية الطب بتونس. يحدثنا عن تقييمه للمعلومات اليومية المتعلّقة بأخبار الفيروس إذ يعتبرها جيدة ولكن تنقصها الدقة فضلًا على تداخل الشخصي بالموضوعي في الظهور الإعلامي عند بعض مسؤولي وزارة الصحة إذ يعتقد أنّ بعضهم يبالغ في طمأنة الناس، وهو خطأ اتصالي كبير على حدّ تعبيره.

وعن الوضعيّة داخل المستشفى، يؤكّد أنه ليس هناك لا واقيات ولا ملابس خاصّة ولا سوائل معقّمة كافية ويتساءل محدّثنا إن كان الأمر خاصًا فقط بمستشفى شارل نيكول أو في باقي المستشفيات.

د. منصف حمزة: ما لاحظته كطبيب قطاع خاص عدم أخذ السلط الصحية بزمام الأمور من حيث تشريك وتجنيد القطاع الخاص للتوقي ومقاومة هذا المرض

"للأسف في عملي بالمستشفى ليس هناك جدية في التعامل مع خطر الفيروس والإدارة، فهل تنتظر وصول أول حالة للمستشفى لاتخاذ قرارات؟"، هكذا عبّر الدكتور منذر عن قلقه من حالة عدم التأهّب والاستعداد الكافي في المستشفى.

وأضاف أنّهم يتعاملون مع الوافدين من مرضى وغيرهم كالعادة وهناك تخوف، ولكن هناك أيضًا نوع من قبول الأمر الواقع على حدّ تعبيره. يواصل:"لا أدري شخصيًا إن كان عليّ اتخاذ احتياطات معينة أم لا، ربما ننتظر أن نجد أنفسنا أمام الأمر الواقع للأسف".

يعمل الدكتور منذر الونيسي بقسم الطب الباطني بمستشفى شارل نيكول بتونس

 

عن حياته بعد الدوام، يؤكّد محدثنا أنّه يتّخذ إجراءات بسيطة كالاستعمال السائل المعقم وعدم لمس أو تقبيل الأبناء واستعمال الكمامة في بعض الأحيان.

وختم حديثه، لـ"ألترا تونس"، معتبرًا أنّ خطاب التطمين والتهوين أدّى دوره وحان الوقت لخطاب الواقعيّة والقوّة والصرامة، وفق تعبيره.

يُشار إلى أن منذر الونيسي من الأطباء الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويتفاعل بصفة يوميّة مع اجراءات وزارة الصحّة إمّا ناقدًا أو مقدّمًا لمقترح. وقد دعا، في تدوينة منذ أيام، إخلاء أحد المستشفيات في تونس الكبرى وتجهيزه بالكامل وتحضيره للطوارئ وعزل المرضى مقترحًا مستشفى محمود الماطري بأريانة أو الياسمينات ببن عروس، مع القيام نفس الأمر في داخل البلاد عبر خمس أقطاب بسوسة وصفاقس وقابس والكاف. واقترح تحويل ميزانيات وزارات الثقافة والشؤون الدينيّة وبعض من وزارة السياحة لفائدة وزارة الصحّة.

د.منصف حمزة: كنا نتوقّع المرور بجميع المراحل الوبائيّة

دور أطبّاء القطاع الخاصّ لا يقلّ أهمية عن أطباء القطاع العمومي، ويخبرنا الدكتور منصف حمزة طبيب أنه كان يتابع مرض كورونا المستجد (كوفيد-19) منذ ظهوره في الصين، ولم يتفاجأ بتطوره كوباء عالمي قائلًا: "كنا نتوقع قدومه إلى تونس ولا مفر من المرور بجميع المراحل الوبائية".

اقرأ/ي أيضًا: الحجر الصحي الإجباري للعائدين من بؤر "كورونا".. القصة الكاملة

ويضيف، في حديثه لـ"ألترا تونس"، أنّه كان يتحدث منذ المرحلة الصفر عن هذا المرض، ثم أصبح التساؤل من الحرفاء في المرحلة الوبائية مبينًا أنه كان يحاول التقليل من التهويل ويخفّف أحيانًا شيئًا من الذعر المبالغ فيه عند بعض المرضى، وفق قوله.

ومع تقدّم مراحل تفشي الفيروس في البلاد، أصبح الدكتور منصف حمزة هو من يطرح الموضوع لتقييم مدى معرفة الحرفاء بالوباء وكيفية التوقي منه ثم يقدّم التوصيات اللازمة للوقاية ويشدّد على وقاية المتقدمين في السن.

يقول محدّثنا: "ما لاحظته كطبيب قطاع خاص عدم أخذ السلط الصحية بزمام الأمور من حيث تشريك وتجنيد القطاع الخاص للتوقي ومقاومة تفشي هذا المرض بتشريكهم في اللجان والتواصل معهم ومدهم بالمعطيات والإحداثيات أولًا بأول".

سليم العجرة (ممرض): تطمينات حول مستلزمات الوقاية

سليم العجرة، 27 سنة، هو ممرض منذ 2015 بقسم التخدير والإنعاش بمستشفى شارل نيكول يخبرنا أنّه يتابع أخبار الكورونا من خلال الندوات الصحفية لوزارة الصحة كمصدر رسمي وجب الوثوق به، ويتابع، من جهة أخرى، عبر مواقع الأنترنت تفشي الوباء وأعداد المصابين والوفيات في كافّة أنحاء العالم.

سليم العجرة هو ممرض بقسم التخدير والإنعاش بمستشفى شارل نيكول 

 

ويؤكّد محدثنا أنّه في القسم الذي يشتغل فيه وقع تجهيز غرف عزل جاهزة لاستقبال المرضى الذين يحتاجون عناية مركّزة.

وفي علاقة بالإجراءات داخل المستشفى، يقول إنه توجد تطمينات بخصوص وجود مستلزمات الوقاية لحماية أعوان الصحة المباشرين لمريض الكورونا مضيفًا أنهم يتفاعلون مع المستجدّات بطريقة حينيّة.

أن تكون ممرضًا في ميناء بترولي

يعمل حسان الغريبي في منطقة حدوديّة حيث مستوى الحيطة والحذر أكثر من بقيّة المناطق فهو ممرض رئيس وعون مراقبة صحية للحدود في الميناء البترولي في الصخيرة. يؤكّد لنا أنّ أغلب العاملين يعيشون في حالة خوف وتوتّر رغم أخذ الاحتياطات اللازمة للحماية من الفيروس إلّا أنّ معدّات الحماية محدودة وعلى وشك النفاذ.

حسان الغريبي: نسق العمل كأعوان حماية تغيّر وزاد مستوى الحيطة والحذر

يقول لـ"ألترا تونس" إن نسق العمل كأعوان حماية تغيّر وزاد مستوى الحيطة والحذر، مضيفًا أنهم يتعاملون منذ أسابيع مع كل سفينة كأنّ بها شبهة بمعنى أنّه قبل أن تبدأ اجراءات الإرساء يقع فحص كل عامل فيها على حدة لإعطاء الاذن بإرساء السفينة.

وخلافا لعمله، ينشط حسان في المجتمع المدني وهو رئيس للغرفة الفتية الاقتصادية بسيدي منصور لذلك فهو يشارك اليوم في عديد الحملات التحسيسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

حينما يقتل الظلم

في الختام، يقول الطبيب عادل صادق أنه بعد ربع قرن من ممارسة مهنة الطب "أستطيع أن أضيف أحد الاسباب الطبيّة لموت الانسان ألا وهو الظلم".

يضيف: "ظلم التونسي اليوم بسبب منظومة صحيّة مهترئة على امتداد عصور وجدت نفسها اليوم أمام خطر وباء لا تملك أبسط الامكانيات لمواجهته".

 

اقرأ/ي أيضًا:

شيماء عمدوني.. جندية لغة الإشارات في مواجهة "كورونا"

أين ذوي الإعاقة من إجراءات مكافحة "كورونا"؟