23-مارس-2020

تؤمن شيماء العمدوني المعلومات حول "كورونا" لفائدة قرابة ألف تونسي فاقد للسمع

 

إذ كان التواصل عند البعض لا يكون إلاّ عبر اللغة الناطقة، فإنّ التواصل بين من لا يملكون لسانًا ناطقًا ولا أذنًا تسمع هي لغة الإشارات، هي لغة التواصل التي يتقنها بضع عشرات في تونس اختاروا أن يكونوا حلقة تواصل بين فاقدي السمع وغيرهم من الناطقين.

وتعتبر لغة الإشارات من أقدم وسائل التخاطب لفاقدي السمع، الإشارات فيها ليست اعتباطية بل هي ترجمة لكل حرف من الحروف الأبجدية بالحركات، ومن خلالها يمكن تكوين جمل تبلّغ المعنى. وتُعرَّف لغة الإشارة بأنّها نظام حسيّ بصريّ يدويّ، أساسه الربط بين الإشارة والمعنى.

تجندت شيماء عمدوني تطوعًا لترجمة الندوات الصحفية لوزارة الصحة بخصوص فيروس "كورونا" في تونس إلى لغة الإشارات

تُوظّف في هذه اللغة، التي قيل إنها لغة البدايات، حركات اليدين والأصابع لتوضيح الحروف والأرقام، وحركات الوجه لنقل المشاعر، وحركات الشفاه لتسهيل فهم المعنى على كلّ من يقرأ الكلمات من الشفاه إلى جانب وضع بعض الإشارات على الأكتاف أو الرأس أو الصدر لتوضيح المعاني.

اقرأ/ي أيضًا: لغة الإشارات في تونس.. مجتمع قاسٍ ودولة مُهملة

وتعدّ تونس سبّاقة في الاعتراف بهذه اللغة باعتبارها أول بلد عربي خصّها باختصاص جامعي يُدرّس بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية (ابن شرف) ليتخرّج سنويًا حوالي عشرة مختصين من حاملي شهادة "الإجازة الأساسيّة في لغة الإشارات".

ومن بين هؤلاء الخريجين شيماء عمدوني، الفتاة التي نجدها متجنّدة اليوم تطوعًا في كلّ الندوات الصحفية التي تعقدها وزارة الصحة بشكل يومي للإعلام بخصوص آخر المستجدات حول انتشار فيروس "كورونا" في تونس، وذلك لتقدم المعلومة لقرابة 200 ألف تونسي فاقد للسمع.

تقول شيماء لـ" الترا تونس" إنّها درست لغة الإشارات في معهد "ابن شرف" واشتغلت بصفة تطوعية في عديد التظاهرات الوطنية، وهي ناشطة منذ سنة 2016 في الجمعية التونسية لمترجمي لغة الإشارات.

اشتغلت شيماء عمدوني مع زملائها تطوعًا ليكونوا حلقة تواصل بين فاقدي السمع وغيرهم

اشتغلت وعشرات الخريجين ونشطاء الجمعية في ترجمة اللقاءات خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمناظرات بين المترشحين، وهي تؤكد أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي من أكثر الهيئات التي اهتمت بضرورة وجود مختصين في لغة الإشارات لتوضيح إجراءات الانتخابات لفئة كبيرة من التونسيين فاقدي السمع.

توضّح شيماء أنها اشتغلت مع العديد من زملائها بصفة تطوعية ليكونوا حلقة تواصل بين فاقدي السمع وغيرهم، مبينة أنه يوجد من اختار ترجمة الأخبار التي تبث على التلفزة الوطنية بلغة الإشارات، فيما اختار بعضهم ترجمة بعض الأحداث ونشرها على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي لتبليغ المعلومات لكلّ من يحتاجها من الصمّ.

اقرأ/ي أيضًا: شباب يبادر وجمعيات تتجنّد في مواجهة "كورونا"

خلال تصفّح صفحة شيماء على فيسبوك، تلاحظ ترجمتها لكلّ الأخبار اليومية حول فيروس "كورونا" في تونس، فهي حتى وإن ترجمت بصفة حينية المؤتمر الصحفي لوزارة الصحة، تنشر دوريًا فيديو آخر تفصيلي بعد الندوة بلغة الإشارات يتضمن كلّ المعلومات المحيّنة حتى يتسنى لفاقدي السمع الاطلاع على أهم المعلومات أو الإجراءات المُعلنة.

إذ نشرت مثلًا فيديو بلغة الإشارات تضمن القرارات المُعلنة في الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، ثم ترجمت بذات اللغة أهم الإجراءات الواردة في خطاب رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.

تخبرنا شيماء أيضًا أنها نشرت أيضًا مقاطع فيديو على صفحتها على فيسبوك ترجمت فيها العديد من البلاغات والمعلومات بخصوص وباء "كورونا" لتوعية فئة كبيرة من الأفراد عددهم ليس بسيط في المجتمع التونسي ممن يجب توعيتهم وإعلامهم بكلّ ما يحصل حول هذا الوباء، وفق قولها.

استغربت شيماء عمدوني عدم وجود أي ومضات تحسيسية في مختلف القنوات التلفزية خاصة بفاقدي السمع

وانتقدت، في حديثها لـ"ألترا تونس"، تغييب مختصي لغة الإشارات في خطابات رئيسي الجمهورية والحكومة "وهو أمر غريب يجب أن يُتدارك"، متسائلة عن سبب تجاهل ضرورة وجود مترجم بلغة الإشارات لفئة هامة من التونسيين لهم الحق في الحصول على المعلومة.

كما استغربت أيضًا عدم وجود أي ومضات تحسيسية في مختلف القنوات التلفزية خاصة بفاقدي السمع.

تختم شيماء حديثها قائلة: "أنا وزملائي نقوم بترجمة الخطابات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لأننا نعتقد أنه من المهم توعية وإعلام هذه الفئة بوباء يهدد البشرية جمعاء".



 

اقرأ/ي أيضًا:

طبيبة تونسية في إيطاليا تروي لـ"ألترا تونس" تجربتها في مواجهة كورونا

فتح بيته للحجر الصحي.. أحمد بن مسعود يتحدث لـ"ألترا تونس" عن هذه المبادرة