20-مارس-2020

أزمة "كورونا" دفعت المرضى إلى تفادي زيارة العيادات الخاصة (Getty)

 

بدأت أزمة "كورونا" تؤثر على عديد القطاعات الاقتصادية، بمختلف تنوعاتها، خاصة على أصحاب الأعمال الصغرى والمتوسطة مثل أصحاب المطاعم والمقاهي مع تراجع عدد الحرفاء إثر الإجراءات المُعلنة لتفادي الإصابة بعدوى "كورونا". لكن اللافت أنّ المخاوف من هذا الفيروس طالت أيضًا العيادات الطبية الخاصة المخصصة التي يتوجه إليها المرضى عادة لأمراض عديدة.

في إحدى العيادات الخاصة بطبّ العيون في تونس العاصمة، وبعد أن كان أخذ موعد مبكر تحديًا صعبًا نظرًا للإقبال الكبير على العيادة يوميًا، إلا أنّها أمكن اليوم تحصيل موعد بسهولة، إذ باتت لا تشهد هذه العيادة سوى إقبال شخصين أو ثلاثة فقط يوميًا. الأمر يبدو غريبًا باعتبار أن أمراض العيون أو الإصابة ببعضها لا دخل لها من قريب أو بعيد بالفيروس الجديد، لكن يبدو التفسير الوحيد هو الخوف من العدوى بهذا الفيروس في ظل التواجد مع أشخاص آخرين في قاعة انتظار صغيرة.

طبيب أسنان لـ"ألترا تونس": القطاع الصحي الخاص كغيره من القطاعات الخاصة الأخرى ليس بمنأى عن الضرر بسبب وباء "كورونا"

لم يكن الأمر يخصّ هذه العيادة فقط، إذ باتت قاعات الانتظار في العيادات الطبية الخاصة مكانًا يثير مخاوف المرضى رغم أن أغلب أصحاب العيادات أفقه الناس، على الأقل نظريًا، بسبل الوقاية والتعقيم والنظافة لحماية مرضاهم من الفيروس الجديد.

يؤكد أحد أطباء الأسنان، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"ألترا تونس" تسجيل تراجع كبير لعدد الوافدين على عيادته خلال الأيام الأخيرة مشيرًا إلى أن الأمر يعدّ متوقعًا بسبب تخوف الناس من تفشي "كورونا"، معتبرًا أن القطاع الصحي الخاص في نهاية الأمر كغيره من القطاعات الخاصة الأخرى ليس بمنأى عن الضرر بسبب هذا الوباء.

اقرأ/ي أيضًا: شباب يبادر وجمعيات تتجنّد في مواجهة "كورونا"

وأوضح أن بعض المرضى باتوا يفضلون حجز موعد عبر الهاتف تفاديًا للتواجد في مقر العيادة خلال وجود بقية المرضى، مؤكدًا أن هذه عادة جيّدة بالنسبة للمريض والطبيب على حدّ سواء باعتبار مساهمتها في تخفيف الاكتظاظ في العيادات.

من جهته، زوّد نبيل سعد، إخصائي طب عام، عيادته بمعقم اليدين قبل دخول العيادة كإجراء وقائي مع توزيع المرضى في أوقات متباعدة تفاديًا للازدحام، مؤكدًا أيضًا، في حديثه معنا، تراجع عدد الوافدين على عيادته بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة نتيجة التخوّف من عدوى كورونا.

وقال إن أغلب الأطباء كانوا متوقعين تأثير انتشار هذا الوباء على الطب في القطاع الخاص على غرار تراجع عدد الوافدين على العيادات في القطاع العام.

هل قضت الكورونا على بقية الأمراض؟

يتساءل أحد أطباء الأمراض الباطنية لـ"ألترا تونس" بأسلوب ساخر "هل قضت الكورونا على بقية الأمراض؟ وهل تماثل الجميع للشفاء؟ أم أنّ بقية الأمراض لا تقارن بخطر هذا الفيروس؟"، يقول محدثنا إنه كان يستقبل يوميًا ما بين 10 و30 مريضًا ولكنه بات يستقبل فقط في حدود 3 أو 4 مرضى فقط طيلة اليوم.

طبيب أمراض باطنية لـ"ألترا تونس": كنت أستقبل يوميًا ما بين 10 و30 مريضًا ولكن بتّ أستقبل فقط في حدود 3 أو 4 مرضى فقط طيلة اليوم

ويشير الطبيب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إلى أن هذا التغيير كان منتظرًا نتيجة تخوف الناس من الإصابة بالعدوى بتفادي أغلب الأماكن التي تشهد الاكتظاظ عدا عن التخوف من تواجدهم مع مرضى مصابين بالوباء الجديد.

ويبيّن أن العيادات اليومية في المستشفيات تراجعت بدورها بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة، ولم تعد بعض الأقسام الاستعجالية تشهد حالة من الاكتظاظ كما السابق وكأنّ جميع الأمراض اختفت فجأة، وفق تعبيره.

اقرأ/ي أيضًا: هل ينقل "الفريب" فيروس كورونا؟

مرضى يؤجلون مواعيد العلاج

محمّد المقدمي، أحد مرضى ضغط الدم، يقول لـ"ألترا تونس" إنه بصفته يعاني بمرض مزمن وهو معني أكثر من غيره بخطورة فيروس "كورونا"، قرّر البقاء في البيت وتأجيل موعد إجراء فحوصات مراقبة روتينية يقوم بها كل ثلاثة أشهر تفاديًا للخروج أو التواجد في أماكن قد تشهد اكتظاظًا. وأوضح أنّه اتصل بطبيبه وطلب تأجيل الموعد بعد تأكده أن هذا التأجيل لا يشكل أي خطر على حياته.

قرّر محمد المقدمي، المريض بضغط الدم، تأجيل موعده مع الطبيب لإجراء فحص روتيني خشية من الإصابة بعدوى فيروس "كورونا"

وقال محدثنا إنه ربّما من الأفضل للأشخاص غير المضطرين للذهاب إلى العيادات تأجيل مواعيدهم والإبقاء فقط على الحالات الاستعجالية خاصة بالنسبة لمرضى الأمراض المزمنة.

الأمر ذاته بالنسبة لخديجة رباحي التي التجأت إلى تأجيل موعد إجراء صورة بالأشعة على كاحلها وتأجيل موعد إجراء فحص لدى أخصائي العظام خاصة لتفادي مغادرة منزلها خاصة وأنها تعاني من مرض السكري منذ عشر سنوات.

تؤكد لـ"ألترا تونس" أنه طالما أنّ التأجيل لن يؤثر على صحتها وعلى سير العلاج فلا ضرر في ذلك في ظل الأزمة التي تمرّ بها البلاد والمخاوف من انتشار العدوى وذلك بتفادي التواجد في مكان ضيق مع أناس ربّما مصابين بالفيروس دون دراية منهم، وفق قولها.

بعض العيادات الأخرى أغلقت أبوابها نتيجة تراجع عدد المرضى أو تخوّف أصحابها من الإصابة بالعدوى من أحد الوافدين على العيادة. وعبثًا تحاول الحصول على تصريح من بعض أصحاب هذه العيادات الذين فضلوا غلق عياداتهم رغم حاجة البعض إلى العلاج من بعض الأمراض الأخرى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف تفاعلت الأسر التونسية مع قرار غلق رياض ومحاضن الأطفال؟

حينما يكشف فيروس "كورونا" هنات المنظومة التربوية في تونس