26-أغسطس-2019

تم إيقاف نبيل القروي يوم الجمعة 23 أوت 2019 (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

لا يزال إيقاف مرشح حزب قلب تونس للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها نبيل القروي، يوم الجمعة 23 أوت/أغسطس 2019، بعد إصدار بطاقتي إيداع بالسجن في حقه وحق شقيقه غازي القروي في القضية التي رفعتها ضدّه منظمة "أنا يقظ"، يثير جدلًا كبيرًا وردود أفعال متباينة بين الأحزاب السياسية والفاعلين المدنيين.

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على الخط

وفي هذا السياق، اعتبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان لها، أن ما حصل يوم الجمعة 23 أوت/ آب الجاري، وتونس على أبواب انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية، وفي ظروف عطلة قضائية صيفي، من "إيقاف مستعجل في زمن قياسي لأحد المرشحين للرئاسة يثير الكثير من الريبة والشك ويسيء إلى السلطة القضائية لما يوحي به من توظيف سياسي بغاية إقصاء أحد الخصوم في المنافسة على الرئاسة" حسب تعبيرها.

ودعت رابطة حقوق الإنسان، في بيان أصدرته السبت 24 أوت/أغسطس، المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل إلى فتح تحقيق جدي في ملابسات هذا القرار ومدى مطابقته للقانون مطالبة الأطراف المتنافسة باحترام القوانين وضمان شفافية الانتخابات ومصداقيتها.

وذكرت الرابطة أنها كانت قد نبهت في العديد من المناسبات والأحداث إلى أن "الزج بالمؤسستين الأمنية والقضائية في النزعات السياسية وفي تصفية الخصوم وتلفيق التهم وفبركة الملفات فيه انحراف وإساءة لمصداقية مؤسسات الدولة وضرب لمسار الانتقال الديمقراطي برمته".

عبد الكريم الزبيدي: تزامن إيقاف نبيل القروي مع قرب الحملة الانتخابية من شأنه أن يؤثر سلبًا على المناخ الانتخابي

وفي الإطار ذاته، دعا المترشح للانتخابات الرئاسية عبد الكريم الزبيدي المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل إلى تحمل كامل المسؤوليات لحماية استقلالية القضاء وحياد القضاة وفقا للمبادئ المكرسة في الدستور وفي المواثيق الدولية.

واعتبر الزبيدي، في بيان صادر عن مكتب حملته الانتخابية، "أن تزامن إيقاف رجل الأعمال والمترشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، مع قرب الحملة الانتخابية من شأنه أن يؤثر سلبًا على المناخ الانتخابي ويهدد المسار الديمقراطي، خاصة وأن قرر الإيقاف جاء في ظروف مسترابة وهو ما من شأنه الإساءة لسمعة القضاة وصورة تونس كدولة ديمقراطية".

من جهته، ندّد حزب بني وطني، في بيان له، بطريقة عملية إيقاف نبيل القروي وعدم استنادها على أسس قانونية سليمة وكذلك طريقة معاملة المدير التنفيذي لحركة نداء تونس "المخزية" بمطار تونس قرطاج معتبرًا أنه في الحالتين لم يتم احترام حرمة وحقوق الفرد ومشيرًا إلى التوقيت الذي وصفه بـ"المريب" الذي يضع عليها أكثر من نقطة استفهام.

وعبّر الحزب من استغرابه من غياب نفس الصرامة في متابعة المتهمين في ملف الجهاز السري مطالبًا رئيس الجمهورية بضرورة الدفع نحو استقالة الحكومة كاملة على أن تتحول إلى حكومة تصريف أعمال مع صلوحيات محدودة حتى يتم تفادي استعمال أحد المترشحين للرئاسية استعمال نفوذ السلطة للتخلص من منافسيه.

ودعا كافة المترشحين للرئاسية والأحزاب السياسية إلى التحلي بأخلاقيات المنافسة الشريفة والتصدي إلى محاولة ضرب المسار الانتخابي ومقاومة نزعة الديكتاتورية العائدة بقوة، حسب نصّ البيان.

دعوات إلى توضيح ملابسات القضية

بدوره، عبّر حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، في بيان له، عن تخوفه من تداعيات إيقاف نبيل القروي على المسار الانتخابي وبالخصوص على مصداقية الانتخابات التي ستتأثر حتمًا بتطور هذه القضية مطالبًا الجهات القضائية بالتحلي بالشفافية التامة أمام الرأي العام وبتقديم كلّ الحيثيات التي أدت إلى أخذ قرار الإيقاف في هذا الظرف الدقيق.

الحزب الجمهوري: أي مواطن تونسي ولو كان مترشحًا للانتخابات الرئاسية لا يتمتع بأي نوع من الحصانة في وجه القرارات القضائية

أما حركة مشروع تونس فطالبت في بلاغ مقتضب الجهات المسؤولة المتمثلة في المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل باعتماد أقصى درجات الشفافية وإعلام الرأي العام بحيثيات صدور القرار وإجراءاته وإجراءات تنفيذه حتى لا تتداخل الأزمنة القضائية والسياسية وتتوفر الظروف الديمقراطية السليمة للاستحقاقات الانتخابية القريبة.

في المقابل، اعتبر الحزب الجمهوري، في بيان له، أن "أي مواطن تونسي ولو كان مترشحًا للانتخابات الرئاسية لا يتمتع بأي نوع من الحصانة في وجه القرارات القضائية التي تتخذ في إطار الاستقلالية التامة وبعيدًا عن التوظيف أو الضغوطات مهما كانت، مؤكدًا أن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية يجب أن يتمّ بعيدًا عن كلّ انتقائية أو توظيف من طرف السلطة التنفيذية".

وأضاف الحزب أن "تسخير قنوات تلفزية تسيطر عليها لوبيات ودوائر فساد للحشد لفائدة المترشح الموقوف فيه تجاوز للقانون ولمقتضيات التعاطي الإعلامي خلال الفترة الانتخابية ولا يزيد المناخ الانتخابي إلا تعفنًا"، داعيًا السلط العمومية كل في مجال اختصاصه إلى إنارة الرأي العام دون تأخير والكشف عن كلّ ملابسات التتبع وإصدار بطاقات الإيداع بالسجن وتنفيذها.

وأكد أن أهم خطر يهدد المسار الانتخابي والانتقال الديمقراطي برمته هو تفشي النزعات الشعبوية وتعاظم سيطرة لوبيات الفساد التي تعمل على إضعاف الدولة والسيطرة عليها عبر تسخير وسائل الإعلام وضخ أموال مشبوهة المصدر لتحقيق أهدافها، وفق ما جاء في البيان.

وزارة الداخلية: ماجاء على لسان المحامي فيصل الجدلاوي يمثل محاولة للمساس بنزاهة وحيادية المؤسسة الأمنية

من ناحيتها، أبدت حركة تحيا تونس، في بيان لها، استغرابها من الزج بها وبمرشحها للانتخابات الرئاسية في قضية لا علاقة لها بأي شكل من الأشكال مستنكرة "توظيف هذه القضية باستغلال بعض المنابر الإعلامية للقيام بحملات تشويه وافتراء على الحركة ورئيسها".

ودعت الحركة "بعض الإعلاميين إلى الالتزام بالحياد وبأخلاقيات المهنة والوقوف على نفس المسافة من جميع المتنافسين" مدينة "حملات التشكيك في نزاهة واستقلالية القضاء ومحاولات ابتزازه والتأثير على قراراته" ومؤكدة تمسكها بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون دون استثناء أو تمييز وحقهم جميعًا في التقاضي وفقًا لما يضمنه الدستور. وأهابت بجميع الأحزاب والمترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية العمل على توفير مناخ انتخابي ملائم لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

فرقة أمنية قايضت شفيق الجراية؟!

على صعيد آخر، نفت وزارة الداخلية، في بيان أصدرته الأحد 25 أوت/أغسطس الجاري، تحوّل فرقة أمنية مختصة إلى السجن الذي يوجد به رجل الأعمال شفيق الجراية ومقايضته بشأن معلومات تدين نبيل القروي ورئيس اللجنة المركزية لنداء تونس حافظ قائد السبسي.

وأكدت أن كلّ ما تمّ القيام به في إطار قضية المترشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي يعدّ تنفيذًا فقط لبطاقة صادرة عن هياكل قضائية مختصة وتحت إمرأتها.

يشار إلى أن فيصل الجدلاوي، محامي شفيق الجراية، قد صرّح للقناة التلفزية الخاصة "نسمة"، أن فرقة أمنية مختصة تحولت إلى السجن الذي يوجد به منوبه وطلبت منه إن كانت لديه أي معلومات أو ملفات أو تسجيلات ضد نبيل القروي وحافظ قائد السبسي تدينهما مقابل تسوية وضعيته.

واعتبرت وزارة الداخلية في بيانها أن ما جاء على لسان الجدلاوي يمثل محاولة للمساس بنزاهة وحيادية المؤسسة الأمنية مضيفة أن مثل هذه التصريحات تدخل في إطار محاولات بعض الأطراف الزج بالمؤسسة الأمنية في التجاذبات السياسية.

وشددت على رفضها القطعي الاصطفاف مع أي طرف دون غيره وعلى أنها تتعهد بمهامها الأمنية الصرفة في الحفاظ على أمن تونس ومواطنيها في إطار القانون والالتزام الصارم بالإجراءات والتراتيب الجاري بها العمل، مطالبة النيابة العمومية بفتح تحقيق في فحوى تصريحات الجدلاوي.

إدارة السجون والإصلاح: آخر زيارة تلقاها شفيق الجراية من قبل فرقة أمنية مختصة تعود إلى تاريخ 27 مارس 2019

ومن جهتها، نفت الإدارة العامة للسجون والإصلاح، في بلاغ توضيحي أصدرته مساء الأحد، "نفيًا قطعيًا" تحول فرقة أمنية مختصة مؤخرًا لمقابلة السجين شفيق الجراية المتهم في قضية تآمر على أمن الدولة، معتبرة أن ما جاء على لسان محاميه في هذا الخصوص، "افتراء محض، الغاية منه لفت نظر الرأي العام للسجين المعني".

وأكدت إدارة السجون أنه بعد القيام بالتحريات اللازمة والمتابعة الدقيقة للموضوع من قبل فريق من سامي الإطارات، تبين أن آخر زيارة تلقاها السجين المشار إليه من قبل فرقة أمنية مختصة تعود إلى تاريخ 27 مارس/ آذار 2019، وتم خلالها سماعه داخل وحدة إيقافه بموجب إذن صادر عن السلطة القضائية ذات النظر.

ودعت المحامي فيصل الجدلاوي إلى التوجه للقضاء لإثبات حقيقة ما يدعيه، معبّرة عن استيائها الشديد لما صدر عنه، ومؤكدة تمسكها بحقها في تتبع كل من يتعمد الإساءة للمؤسسة السجنية ويمس من معنويات العاملين فيها.

كما طالبت جميع الأطراف بعدم الزج بالمؤسسة السجينة في أية تجاذبات سياسية أو جدل إعلامي من شأنه أن يؤثر سلبًا على السير العادي للمؤسسة وعلى عزيمة وجهود العاملين فيها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إثر الجدل الذي أثارته الإجراءات بحق الأخوين القروي: وزارة العدل تتدخل

الوكالة العامة بمحكمة الاستئناف: إيقاف القروي قانوني